مساء السعادة،
اقترحت عليّ عُلا هذا الموضوع فشَكَر الله لها:
لننقل اقتراحها نصيًا هنا ونجيب عليه بعون ذي الحَول والطَوْل:
متى ينتقل صانع / كاتب المحتوى من العمل الفردي إلى بناء الشراكات وتكوين الفريق.
كتبتُ من قبل عن ضرورة انتقال الكاتب من العمل الفردي إلى إطلاق عمله الخاص -حيث يقدّم خدماته بصفة مؤسسة أو علامة تجارية أكبر من مجرد اسمه هو فحسب- في هذه المقالات:
- كيف تُنجح مشروعك الصغير على طريقة رائد الأعمال التقليلي؟
- كيف تنتقل بصفتك صانع محتوى من نمط الهواة إلى نمط المحترفين؟ وكيف تحفظُ حقوقك؟
لكني لم أكتب عن سؤال متى. يعني متى ينتقل الكاتب إلى هذا النمط المؤسساتي ما العلامات والأمارات التي لو رآها الكاتب فهذا يعني أنه جاهز لينتقل لنمط العمل المؤسساتي ولا يكتفي بنفسه فحسب؟
برأيي ووفق تجربتي في رديف وغيره من الأعمال التي تطلبت إدارة فرق لإنجازها. لا بدّ على الراغب في أن ينتقل من الفردية إلى المؤسساتية أن يتمتع بقوة كافية وإلمام بأساسيات هذه الجوانب:
- الجانب الإداري
- الجانب المالي
- الجانب النفسي
ولنفصّل فيهم واحدة واحدة بعون الله.
الجانب الإداري
هناك جُملة من المهارات الإدارية التي لا بد على كل صاحب فريق عمل أن يتمتع بها منها:
- قدرة ممتازة على التواصل وإدارة الحوار وتقبّل النقد وإدارة المحادثات لا سيما الصعبة منها
- قدرة جيدة على الشرح. أن تشرح المهمّة بوضوح وبأقل كلام للذي سينجزها
- مهارة حلّ النزاعات وتخفيفها والتخلّص منها في حال برزت (وستبرز لا محالة)
- تنظيم وترتيب سيرورة العمل. بحيث يكون لديك خطوات واضحة لعمليات مؤسستك لأبرز المهام مثلًا كيف تقسّم العمل وتحيله لمن سينجزه…
- خبرة سابقة ممتدة في العمل في المجال الذي سينشط فيه عملك التجاري. وها هنا أدعو كل من يريد أن يفتح عمله التجاري إلى العمل في مؤسسة حالية يطمح بالفعل أن يملك مثلها. وتكلمت عن ذلك في عدد نشرتي البريدية الذي صدر بعنوان لماذا على المستقلّ العربي العمل بصفة موظفٍ لدى الشركات لبعضِ الوقت؟
والإدارة مجال واسع. لكن لا بد أن تُلّم بما تيسّر منها. وذلك بـ4 طرق:
- اشترك في أهم مجلة إدارة باللغة العربية هارفارد بزنس ريفيو وهو استثمار ضروريّ
- اعمل بصفة موظف لدى مؤسسة تشبه المؤسسة التي ترغب بإطلاقها لفترة من الزمن
- ابدأ بتجريب مهاراتك الإدارية بإدارة أعمال بها شخص أو شخصان وزد العدد بالمدة يمكنك حتى أن تنشئ مشروعًا لنفسك وليس لعميل حتى وتجربة أن تدير شخصين أو 3 على إنجازه
- جِد مرشدًا في مجال تخصصك واطلب منه حصصًا استشارية مدفوعة يرافقك فيها دوريًا ويوجّهك – تصفّح موقع منترني
💡 إن كنت ترغب بفتح عمل تجاري في مجال المحتوى، يمكنك طلب استشارتي المدفوعة مباشرة بالتواصل معي على واتساب (اضغط الزر الأخضر آخر المقال). ستوفّر عليك الاستشارة كثيرًا من المال والوقت والجهد وتوجّهك إلى حيث تحقق مقصودك بإذن الله.
الجانب المالي
أهم نقطة في هذا الجانب ألا يكون لديك أمية مالية. في حال كنت (مثل كثير من الناس) أميًا ماليًا فلا بد أن ترفع هذه الأمية بدورة تنخرط بها وتعرف أساسيات تدبير المال على صعيد شخصي وعلى نطاق مؤسساتي صغير.
ذلك أن إحصائيات الأمية المالية في العالم لا تسرّ أحدًا اليوم:
33 بالمئة من البالغين في العالم أميّون ماليًا، وهذا يعني أن نحو 3.5 مليار شخص بالغ يحيا في هذا العالم -معظمهم يقطن في بلدان ذات اقتصادات نامية- مفتقرون لاستيعاب أساسيات المفاهيم الماليّة.
تقرير: الأمية المالية في أرجاء العالم مستقىً من Standard & Poor’s Ratings Services
ولا مناص من هذا. ولا أوصي بأن يفتح المرء شركة أو عملًا تجاريًا وهو أميّ ماليًا. ولو كان له خمسون سنة خبرة في مجاله.
الأمية المالية ليست عيبًا لكن بقاؤها فيك هو العيب.
لاحظ أن الإدارة المالية الشخصية تختلف عن الإدارة المالية لمشروعك التجاري. مع ذلك على الأقلّ اعرف كيف تدير مالك شخصيًا. ثم ثقّف نفسك كثيرًا في الإدارة المالية للمشاريع.
اكتب في محرك البحث “دورة في الإدارة المالية” وما شابه من كلمات مفتاحية، وما يخرج لك من نتائج قِسه وفق معياري لجودة الدورات ثم اختر ما يُنتج لك المعيار أنها جيّدة.
الجانب النفسي
هنا لا بد أن تكون متمتعًا بعدّة خصال أهمّها إطلاقًا هو “ألا تغضب”. لأن العصبي والذي يغضب كثيرًا غير مؤهل إطلاقًا لأن يدير أي شيء ناهيك عن أن يدير عملًا تجاريًا.
لا مانع أن تغضب مرّة مرتين في فترات متباعدة على أن يكون لديك شجاعة الاعتذار إن أخطأت والإقرار وإصلاح ما أفسدت في حال أفسدت علاقة أو شيئًا. لكن لو كنت تغضب كثيرًا فالمستحسن ألا تفتح عملًا تجاريًا.
لا يَحمِلُ الحِقدَ مَن تَعلو بِهِ الرُتَبُ · وَلا يَنالُ العُلا مَن طَبعُهُ الغَضَبُ
عنترة بن شداد
في هذا الجانب لا بد أن يكون لديك مطالعات (أو أخذت دورات) في علم النفس. ويكون لديك ذكاء عاطفي وذكاء اجتماعي.
سيساعدك علم النفس كذلك على احتواء المشاكل وإرضاء موظفيك ومن تتعاقد معهم وحلّ النزاعات وشعورك بالرضا والطمأنينة بما ييسّر عليك عملك. فإدارة العمل التجاري مهمة غير يسيرة لا نفسيًا ولا واقعيًا.
لا بد أن تكون أيضًا:
- سريع الرضا للغاية ومتقبلًا للأعذار لحدٍ بعيد
- لديك حسّ فكاهة وتعاطف وتفهّم وحُسن إصغاء ولست حجرًا صلدًا
- لديك صرامة وحزم في الحالات التي تقتضي ذلك
المختصر هنا كما لا بد وأن لاحظت: المطلوب أن تكون نسخة أجودَ من نفسك الحالية فأي خُلق حميد يجعل نفسك أفضل اكتسبه.
لكن متى بالتحديد أعرف أنني جاهز للعمل مؤسساتيًا وإدارة فريق؟
لتيسير الأمر عليك أنشأتُ لك معيارًا هو 20 سؤالًا تجيب عليها.
في حال كانت إجاباتك على 18 سؤالًا منها بـ نعم فأنت جاهز الآن. في حال كانت إجاباتك بنعم على أقلّ من 18 سؤالًا فلا بد أن تعزز الجوانب الثلاثة التي تحدثنا عنها أعلاه ثم تعيد إجراء الاختبار في وقت لاحق.
- هل أنت مستعد للاستثمار في نفسك. بمعنى أنك تعرف أنك تجهل الكثير من المعارف الضرورية لعملك وتقرّ بذلك ومستعد للتعلم والاستثمار في ذلك مالًا ووقتًا؟
- هل تجيد التفريق بين الشؤون الشخصية وأمور العمل؟ بمعنى أنه لن تكون ردّة فعلك دومًا تجاه الأمور أنك تحملها على أنها موجّهة لشخصك؟
- هل تجيد كتابة فاتورة وإرسالها عبر باي بال ومختلف الخدمات المالية؟
- هل تجيد كتابة/إنشاء عقود عملٍ ووثائق عدم إفصاح وما إليه من وثائق؟
- هل لديك صمودٌ نفسيّ يمكّنك من تحمّل الإهانات والكلام الجارح والمراجعات السلبية والتعليقات الرديئة في حال حصلت لك (وستحصل لك لا محالة)؟
- هل إن اعتذر فرد من فريق عملك لسبب طارئ أو عذر واهٍ -لا يهم- استطعت تعويضه بآخر أو بنفسك وإنجاز العمل؟
- هل لديك القدرة على الرؤية أبعد؟ بمعنى أن تستثمر مبلغًا لتجني آخر لاحقًا بعد فترة طويلة مثلًا، أو أن تفعل شيئًا الآن سواء أكان محتوى تنشئه أو مال تستثمره أو شراكة تبرمها لتجني ثمارها لاحقًا؟
- هل لديك قدرة على العمل لساعات طويلة وتحت ضغط للسنوات الأولى من عملك التجاريّ؟
- هل لديك تصوّر واقعي غير رومانسي ولا من عالم الأحلام عمّا ستحققه من عملك التجاريّ؟
- هل أنت متقبّل لوقوع الأخطاء منك ومن غيرك ولا تمانع أن تتعلّم منها ولا تُمرضك الأخطاء نفسيًا؟
- هل تتمتع بالصبر والحِلم ولست سريع الغضب؟
- هل أنت مستعدّ لتحسين مهاراتك القيادية واكتساب المهارات التي يتمتع بها القادة (Leaders) مثل القدرة على التحفيز (لموظفيك وفريق عملك) والاحتواء (في حال النزاعات وغيرها) والإقناع (لعملائك والمستثمرين…) وغيرها من الصفات القيادية؟ [ليس بالضرورة أن تتمتع بها الآن بل نسأل عن الاستعداد الصادق منك لاكتسابها وبذل الجهد في ذلك]
- هل لديك قدرة على تجاوز تقلّبات المزاج وإنجاز المهام أيًا كانت الظروف؟
- هل لك رغبة وقدرة على الإبحار بسفينة عملك التجاري في محيط متلاطم الأمواج اقتصاديًا ونفسيًا؟
- هل لديك شبكة دعمٍ نفسيّة (شريك متفهم، مستثمر ملائكي، صديق حميم…) ترفدك لما تُحبط؟ وفي حال لم يكن لديك هل أنت مستعدّ لإنشاء واحدة؟
- هل أنت منفتح على عقد شراكات وصداقات جديدة في حال كانت في صالح عملك؟
- هل أنت حازم وتتخذ القرارات بعزم ولا تتردد كثيرًا في اتخاذ القرارات؟
- هل لديك قدرة على تحمّل الأخطاء والقدرة على الاعتذار بإخلاص وإصلاح الأمور والمضيّ قُدمًا؟
- هل تؤمن حقًا أن التعلّم رحلة لا خط وصول لها ومستعد أن تظل متعلمًا للجديد طول حياتك؟
- هل أنت مستعد لأن تكون منضبطًا في وقتك مُنظمًا لحياتك متحمّلًا للمصاعب والعقبات التي ستستجد للخمس سنوات المقبلة من عمر عملك التجاري؟
مرة أخرى، كيف تستخدم هذا المعيار؟
- إن كانت إجابتك على 18 سؤالًا من الأسئلة العشرين بـنعم فأنت مؤهل وتستطيع الآن أن تطلق عملك التجاري
- إن كانت أقلّ من ذلك مثلًا إجاباتك بنعم على 17 سؤالًا فحسب أو أقلّ فلست مستعدًا بعد
وفّقكم المولى عزّ شأنه.
إن أعجبك المقال شاركه ولك أجر؛ أو شاركه واشترك في رديف ولك أجران.
يونس يسأل: ما الذي يحول بينك وبين إطلاق عملك التجاري؟
أعجبك ما أصنعه من محتوى؟ تواصل معي الآن عبر واتساب. اضغط على الزرّ الأخضر
حقوق الصورة البارزة: Photo by Campaign Creators on Unsplash