هل التنقل بين الوظائف ضارّ أو نافع بسيرتك الذاتية؟ وما قصّتي بشأنه؟

صباح الخير،

اقترح عليّ الأستاذ أحمد بارك الله فيه هذا الموضوع:

لننقل السؤال نصًا هنا ثم نجيب عليه بعون ذي الحَول والطَوْل لا إله إلا هو:

صباح النور يونس، هل يمكنك الحديث عن التحويل من مجال لآخر، ما يسمى بالCareer Switch وربما تضمين تجربتك في الانتقال من مترجم وكاتب إلى رائد أعمال؟

أولًا ما هو الكارير شيفت (Career Shift) أو التنقل بين الوظائف؟

هو واضح من اسمه وهو أنه الانتقال من وظيفة إلى أخرى.

هل التنقل بين الوظائف صحيّ لسيرتك الذاتية أم لا وما هي الفترة المعقولة في وظيفة واحدة؟

بدايةً ستجد تضاربًا كبيرًا في الإجابة عن هذا السؤال، فمثلًا. هل تنتقل بين الوظائف أم لا؟ هناك من يدعوك لذلك مثل هذا الكتاب الذي نقتبس منه ما يلي:

اليوم الثالث عشر
ابحث عن مهنتك المثالية
التنقل بين الوظائف سوف يلبي إحتياجاتك، ويجعلك تشعر أنك أكثر ثراءً وأن وظيفتك مطلوبة من عدة جهات. ويسمح ذلك بتدفق المزيد من المال إلى حياتك، في بعض المجتمعات لاحظت بعض الموظفين يتداولون مقولة (إذا وجدت وظيفة مناسبة إقعد وإلصق) وهذه المقولة خاطئة تماماً لأنها تجعل التفكير روتيني، كما تقفل الخيارات أمام الموظف وتجعل تفكيره في اتجاه واحد، حاول بين الفترة والأخرى البحث عن وظيفة أخرى عبر الإنترنت وضع السيرة الذاتية في كل مكان تراه مناسباً لك.

الكرّاسة العمليّة لخطّة الثّراء في 30 يوماً الكاتب بلال موسى شنّك دار المأمون للنشر والتوزيع ص 45

في حين هناك كتب أخرى غيره لا تنصحك بذلك:

إن تنقل صاحب السيرة الذاتية بين الوظائف بشكلٍ سريعٍ لا يعطي انطباعاً أولياً جيداً لمسؤول التوظيف عن صاحب السيرة الذاتية. لذا فمن المحتمل جداً أن يكون الاستبعاد مصير السيرة الذاتية التي يكثر صاحبها من التنقل السريع بين الوظائف.

سيرة ذاتية وانفتحت: الطريقة العلمية لكتابة السيرة الذاتية المهنية – خالد سالم السالم

ما الحل تسأل؟

الفكرة هنا أن لكل حالة ظروفها الخاصّة، بالتالي أنت بحاجة لاستشارة من خبير توظيف أو مختص في الموارد البشرية وأوصيك أن تستثمر في نفسك وتطلب حتى استشارة مدفوعة فتنفعك النصيحة من خبير.

أوصيك هنا أن تنزّل تطبيق منترني وتبحث فيه عن خبراء في الوظائف أو من له صلة بالموارد البشرية وتطلب استشارته ومن يدري لعل بعضهم يوفّر استشارة مجانية.

والآن ما هي الفترة المعقولة للبقاء في وظيفة؟ الإجابة النهائية كما قلنا تجدها عند خبير، لأنه سيعطيك الإجابة وفق حالتك تحديدًا ووفق تفاصيل حياتك المهنية. لكن عموما نرى في هذا المقال جوابًا معقولًا:

يرى خبراء أن ذلك ربما لا يزال صحيحا، نظرا لأن العوامل التي تستند إليها قاعدة العمل لمدة عام على الأقل لا تزال سارية، فصاحب العمل يعتبر الموظف الذي يبقى لمدة عام على الأقل استثمارًا أفضل من الموظف الذي يرحل قبل تلك المدة، كما يُنظر إلى ولائه للشركة بصورة إيجابية.

هل هناك حد أدنى للفترة التي يمكن أن تقضيها في وظيفة واحدة؟ [بي بي سي]

ثم اعلم أن التنقل بين الوظائف طبيعيّ بين جيل الألفية. تسأل كيف ذلك؟

لو نأخذ الإحصائيات سنرى ما يلي:

إن متوسط مكوث جيل زد (الذي عمره حاليا يتراوح من 6 لـ24) في إحدى الوظائف هو عامين و3 أشهر، في حين متوسط مكوث جيل الألفية (من عمره يتراوح من 25 لـ40 سنة حاليًا) عامين وتسعة أشهر.
لاحظ أن الجيل الأكبر (من عمره 41-56) وهم جيل إكس كما يسمى متوسط مكوثهم في الوظائف 5 سنوات وشهرين أما جيل طفرة الموليد (البومرز) وأعمارهم تتراوح الآن بين 57-75 فإن متوسط بقائهم في الوظائف 8 سنوات و3 أشهر

جيل الألفية أم جيل زد: من يقفز أكثر ما بين الوظائف؟ [Yahoo Finance]

لا ريب أنك لاحظت اتجاهًا عامًا أنه كلما صغر سنّ الجيل قلّ مكوثه في وظيفة واحدة لفترة طويلة، فإن كنت من جيل الألفية أي عمرك ما بين 25 و40 فمن الطبيعي ألا تظل في مهنة واحدة لأكثر من عامين. فلا تقلق.

من الأمثلة على ذلك أني أذكر أن نبذة الأستاذ ماجد مؤسس وكـالة كَـوْن فيها:

كل سنتين اغير تخصصي

(هو يستحق المتابعة) ودون أن أعرف سنّه أؤكد لك أنه إما من جيل الألفية أو جيل زد.

نبذة الأستاذ ماجد على تويتر مؤسس وكـالة كَـوْن
نبذة الأستاذ ماجد على تويتر

تذكّر: طلبك استشارة مدفوعة لا يقدّر بثمن. لأنه مهما دفعت للخبير سيجنّبك آلامًا كبرى ويوفّر عليك ما لا قدر له من المال والوقت مستقبلًا.

تحكي عن التنقل بين الوظائف!! هو فيه وظائف أصلًا؟

قبل أن نتحدث عن التنقل ما بين الوظائف، لا بد أن نعرف أولًا بعض الأمور الأخرى:

  • أن نسبة البطالة مرتفعة في بلادنا العربية
  • أن مفهوم العمل ذاته بدأ يختلف ويتحوّل
  • أن العمل عن بعد انتشر وسيصبح السائد فيما بعد

نسبة البطالة المرتفعة

من يقرأ مثل هذا المقال وليس له وظيفة سيرى المقال بعيدًا عنه، إذ يتكلم عن شيء هو أساسًا لم يخطُ فيه خطوة ألا وهو مجال الوظائف.

ونظرة سريعة على الإحصائيات ستعرّفنا أن نسبة البطالة مثلًا في مصر 7.5 بالمئة وفي السعودية 11.3% وفي الجزائر تبلغ 11.5 بالمئة.

وهذه أرقام غير مُشرّفة، لكن الخبر المُسعد أن لها حلًا بوجود الإنترنت.

تغيُّر مفهوم العمل

المتأمل لمفهوم العمل وطبيعته يرى اتجاهًا يبتعد عن المفهوم التقليدي للأعمال الرتيبة من التاسعة للخامسة مساء، وكذا بحث الكثيرين الآن لا عمّا يقيم أودهم ويلبي حاجاتهم الأساسية فقط بل بحثهم عن عمل يؤدون من خلاله مهمة ترضي أنفسهم وتُشعرهم بأنهم أحدثوا فارقًا في هذا العالم.

وبنظري حدث هذا التغير بوجود حركات إنترنتية وواقعية مثل حركة ضد العمل (Antiwork) في ريديت، وظاهرة الاستقالة العظيمة، والاحتراق الوظيفي، ووجود نسبة قدرها 40 % من موظفي الدول الغنية يشعرون أن وظائفهم لا معنى لها.

حتى أن البعض وهو Sahil Lavingia يرى أن مستقبل العمل هو اللاعمل أي ألا يعمل الناس.

من جهته يرى إيلون ماسك -في فيديو شاهدته له وليس لدي رابطه الآن- أن الدخل الأساسي الشامل هو الحلّ بنهاية المطاف.

العمل عن بعد أصبح رائجًا

كما ولا بد ولاحظت قدمت الجائحة لاتجاه العمل عن بعد دَفعة قوية جدًا إذ أجبرت المؤسسات والشركات على تبنّيه قسرًا ومن ثَم أصبح هناك طلب كبير على الموظفين عن بعد، بل وحتى مبيعات تجهيزات المكاتب المنزلية زادت، وأصبح نمط حياة مقبولًا لحد بعيد بين الناس، مع أن البعض لا يزال يعاني في دفع عائلته لقبول هذا النمط من العمل: اُنظر الصورة أدناه.

عامل عن بعد يشتكي من طلب زوجته أن يعمل “خارج المنزل” المصدر: حسوب

لكن المجمل أن العمل عن بعد فرصة ممتازة للجيل الحالي كي يستغل هذه التوجه الآخذ بالزيادة والنمو ويجد وظيفة عن بعد يعيل بها نفسه ويحسّن بها من وضعه.

إن رغبت بالحصول على وظيفة عن بعد طالع إجابتي على هذا السؤال في كورا: ما هي خطوات الحصول على راتب من العمل عبر الإنترنت؟

البشرى: بإمكانك فعلًا صنعُ الوظيفة التي ترغب بها

تستطيع فعل ذلك، بالاستماع أكثر من مرة لهذه الحلقة وتطبيق ما فيها: كيف تُنشئ لنفسك الوظيفة التي تريد؟ حوار مع مؤسس شبكة انطلق للتوظيف الأستاذ رامي عيسى ومطالعة أحد إجابتي على كورا عن سؤال كيف حصلت على عملك الحالي؟ وسأنقلها هنا بنصها لتحصل الفائدة:

عملي الحالي هو إدارة مجتمع رديف وقد حكيت عن تفاصيل إنشائه من بداياته كمفهوم في هذا العدد من نشرتي البريدية: سأطلق مشروعي الخاصّ قريبًا إن شاء الله وحتى إطلاقه ومضيه قدمًا واستمراره حتى الآن. وآخر ما كتبت عنه من تفاصيل في هذا المقال:

إن كنت مهتمًا بصنع الوظيفة التي ترغب بها استمع للقائي مع الأستاذ رامي عيسى:

أدعوك إن لم تجد وظيفة أن تصنع الوظيفة التي تحلم بها. مثلي ومثل شارلوك هولمز.
أعلاه حكيتُ كيف أسست رديف. وفي هذا الفيديو يحكي شارلوك عن عمله مع واطسون:

مقتطف الحوار:

  • ماذا تعمل؟
  • ماذا تظن أني أعمل؟
  • سأقول أنك محقق خاصّ
  • لكن؟
  • الشرطة لا تلجأ للمحققين الخواصّ
  • أنا محقق مستشار، المحقق المستشار الوحيد في العالَم لأني أنا من اخترع هذه الوظيفة
  • ماذا تعني هذه الوظيفة؟
  • تعني أنه لما تقع الشرطة في مآزق لا يعرفون الخروج منها، الأمر الذي يحدث لهم كثيرًا: يستشيرونني
  • لكن الشرطة لا تستشير الهواة…

[هنا يحلل شارلوك واطسون ليُظهر له أنه ليس هاويًا]

قصتي في التنقل بين الوظائف

حكيت قصتي العامة والتي تتضمن قصة تنقلي بين الوظائف ويمكنك مطالعتها هنا إن فاتتك رحلتي من جحيم البطالة والتيه إلى فردوس العمل الحرّ ووضوح الرؤية – حمّل العدد بهيئة بي دي إف هنا.

والأساس كان فيها أني كنت أعمل ما أجده مناسبًا لي في الفترة التي كنت أمرّ بها، لم يكن لدي خيار حتى الآن. أنا الآن فقط يمكن أن أختار. يعني في الفترة الحالية أستطيع أن أختار أن أكون موظفًا بمنصب مدير محتوى أو مترجم أو كاتب.

لكني لم أفعل ذلك لأني وجدتُ أن الأنفع لي الآن وللناس كذلك أن أفتح مشروعي الخاص. وأوصي كل مستقل أو حتى موظف قادر على ذلك أن يفتح مشروعه الخاصّ إن رغب بذلك.

  • وخيار الاستقلالية أنفع لي لأن مهاراتي غالبًا أكثر تنوعًا مما تطلبه الوظيفة المحددة، وأنا أرغب أن أشغّل كل إمكانياتي في عملي. وهذه النقطة: تشغيل كل إمكاناتي وإطلاق كل طاقاتي لا يوفرها إلا أن أدير عملي التجاري.
  • وهذا الخيارُ أنفع للناس لأنه بدل أن أكتفي بالاستفادة وحدي مما أعرفه وأجيده وأوظفه لصالح مؤسسة واحدة فقط؛ أسخّر ذلك لينفع أكبر قدر ممكن من الناس مما سينفع المؤسسات ذاتها لأن من أدرّبه وأؤهله للعمل سيكون موظفًا مطلوبًا في سوق العمل.

ولا مشكلة لدي أن تكون موظفًا، بل التوظّف أمر ممتاز للكل حتى للمستقلين وقد كتبت عددًا كاملًا من نشرتي البريدية عن الموضوع لماذا على المستقلّ العربي العمل بصفة موظفٍ لدى الشركات لبعضِ الوقت؟، فإن بقيت هناك وسَرَّك الأمر فهذا ممتاز، وإن قررت أنه حان الوقت لفتح مشروعك الخاص فافعل ذلك إن قدرت عليه.

لذا بدايتي بصفتي كاتب ثم مترجم ثم أصبحت ما يسمى رائد أعمال محتوى. في البداية كانت الوجهة هي التعلّم والتدرّب وعمل أي شيء كي لا أبقى في خانة عدم اتخاذ الأسباب. بعد الاستقرار الوظيفي وتعلّم الكثير أدركت أن مجمل مهاراتي وطاقتي لا يصلح لها إلا عمل تجاري خاص بي فهكذا أطلقت رديف وحكيت قصته من البداية بالتفصيل في كثير من المواضع منها:

انتهى المقال بحمد الله، إن أعجبك شاركه ولك الأجر، أو اشترك في رديف ولك أجران.


أعجبك ما أصنعه من محتوى؟ تواصل معي الآن عبر واتساب. اضغط على الزرّ الأخضر


يونس يسأل: وأنت ما قصّتك مع التنقل بين الوظائف؟

رأيان حول “هل التنقل بين الوظائف ضارّ أو نافع بسيرتك الذاتية؟ وما قصّتي بشأنه؟

  1. عملت سابقًا في إدارة وتشغيل متجر صغير لبيع الأقمشة كان يمتلكه والدي، ثم كعامل في مقهى محلّي وكذلك في مصنع خياطة. وأثناء فترة كورونا 2020 حاولت دخول التجارة الإلكترونية وبناء متجر خاص بي، لكن فشلت ولم يدوم طويلًا. وقبل عامين تقريبًا بدأت بالعمل ككاتب. والآن أسعى نحو العمل كمبرمج 🤷‍♂️

    Liked by 1 person

شاركني أفكارك!

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s