كيف تكون كاتبًا ماهرًا ومترجمًا بارعًا في آن واحدٍ؟

طرحت عليّ الأستاذة نورة بارك الله فيها هذا السؤال:

قبل أن نجيب على السؤال دعنا أولًا نأخذ تعريفات الموضوعين محّل التناول وهما الترجمة والكتابة.

جدول المحتويات

  1. جدول المحتويات
  2. تعريف الكتابة والترجمة
    1. تعريف الكتابة
      1. تعريفات تقليدية للكتابة
      2. تعريفات أخرى للكتابة [تتجاوز التعاريف الأكاديمية]
      3. تعريف جديد للكتابة مني
    2. تعريف الترجمة
  3. القواسم المشتركة بين الكتابة والترجمة؟
  4. كيف تكون كاتبًا ماهرًا ومترجمًا بارعًا في آن واحدٍ؟
    1. كيف تكون كاتبًا ماهرًا؟
    2. كيف تكون مُترجمًا بارعًا؟

تعريف الكتابة والترجمة

تعريف الكتابة

تعريفات تقليدية للكتابة

من أجمل (وأدقّ) البحوث التي ستقرأها عن تعريف الكتابة وأقسامها وما إلى ذلك هذا البحث: الكتابة: مفهومها وخصائصها ونشأتها وأنواعها فعليك به لأنه شامل وموثّق جيدًا بالمراجع.

وما يندرج ضمن التعريفات التقليدية للكتابة أيضًا ما كتبه إبراهيم علي ربابعة في موقع الألوكة في نصه القصير المعنون بـتعريف الكتابة ومفهومها.

تعريفات أخرى للكتابة [تتجاوز التعاريف الأكاديمية]

في حواره مع جريدة “المنعطف” يعرّف الأستاذ محمد المصباحي الكتابة بأنها “تكاد تكون كل شيء في الوجود، فالكون كتاب مفتوح، والكائنات والظواهر والحركات هي كتابة جارية في كتاب مفتوح”. إننا إذن، أولا أمام تعريف استعاري للكتابة يتجاوز الكتابة في مدلولها الضيق، أي الكتابة الأبجدية أو الفونيتيقية، نحو الكتابة بمفهومها الواسع، كما يتحدث عنها ابن عربي وكذا جاك ديريدا، والتي يطلق عليها هذا الأخير اسم “الكتابة الأصلية” وذلك باعتبارها هنا ترادف بين الكتابة وفعل الوجود الذي تجسده الموجودات. فالكتابة عند هذين المفكرين ترتبط بكل ما يخط ويرسم ويترك أثرا.

من أجل رؤية برزخية للعالم تأليف محمد بنحماني 2014 مكتبة حسن العصرية ص ص 19-20

تعريف جديد للكتابة مني

إننا بحاجة لتعريف الكتابة، لأن العصر تغيّر ولأن تعريفها لا زال يشكّل أزمة في بعض النصوص القانونية كما نقرأ هنا وهو نصّ مهم:

كان الدليل الكتابي التقليدي يتألف من عنصرين أساسيين، هما: الكتابة الخطية، والتوقيع اليدوي، فإن الأمر لا يخرج عن ذلك الدليل الإلكتروني المستخرج من شبكة المعلومات الدولية فهو يتكون من عنصرين جوهريين، هما: الكتابة الإلكترونية، والتوقيع الإلكتروني، فالمحرر الإلكتروني هو أفضل وسيلة لإثبات التعاقدات الإلكترونية المبرمة عبر شبكة المعلومات الدولية، ولذا فهو يشمل الكتابة الإلكترونية، بوصفها رموزاً تُعبّر عن الفكر والقول، وتتجسد بها الإرادات التعاقدية في شكل مكتوب إلكتروني.
لقد توصلت الأنظمة القانونية المختلفة إلى [أن] الكتابة باليد هي أقوى الأدلة التي تساعد في إثبات الحق أو الالتزام، غير أن مفهوم الكتابة لم يبق على صورته التقليدية، بل شهد معنى الكتابة تقدماً حتى توصلت للكتابة على الأوراق، ومن ثَم ظهرت الكتابة الإلكترونية على أجهزة الحاسب الآلي، وغيره من الأجهزة الحديثة، كما صار مصطلح الكتابة الإلكترونية من المصطلحات ذائعة الانتشار بين الأفراد بشكل واضح وكبير، وتُعد الكتابة أحد المفاهيم الأسلوبية في القانون بصفة عامة وفي مجال الإثبات بصفة خاصة، إلا أنه لم يكن يوجد لها تعريف قانوني صريح يضبط هذا المصطلح، فعلى سبيل المثال، في القانون الفرنسي، تطلب تعريف الكتابة بوجه عام انتظار إقرار القانون الصادر في 13/3/2000، بشأن تطويع قانون الإثبات لتكنولوجيا المعلومات والتوقيع الإلكتروني…كما أن غياب تعريف الكتابة في القانون يوضح حقيقة أن القواعد القانونية المتعلقة بالكتابة قد تم صياغتها وإعدادها بالسياق الورقي…

التحكيم الإلكتروني ووسائل إثباته في عقود التجارة الدولية، تأليف المستشار: سعد غائب علي الشمري 2018

ولهذا صنعتُ هذا التعريف وهو ما يلي:

الكتابة هي اجتراح رموزٌ بقصدٍ أو بغير قصدٍ لغرض أو بدون غرض، سواء اجترحها بشري أو حاسب أو روبوت.

وقلنا في التعريف “اجتراح” ولم نقل خطّ: لتدخل كل طُرق الكتابة مثل:

  • الكتابة باليد والقلم العادية
  • الكتابة بالأصبع في الشاشات
  • الكتابة بلوحة المفاتيح
  • الكتابة بالتلويح في الهواء (في الميتافيرس)

وقلنا في التعريف “رموز” كي تدخل كل الأبجديات المعروفة للبشر في التعريف فهي رموز وأيضًا:

  • تدخل في التعريف كل الأبجديات المخترعة في الأدب والسينما
  • تدخل في التعريف كل أبجدية موجودة حتى لو ابتكرتها أنت الآن
  • تدخل في التعريف أبجدية الفضائيين إن وُجدوا وكان لهم أبجدية

وقلنا في التعريف “بقصدٍ” كي تدخل كل مقاصد الكتابة مثل:

  • أنت تكتب رسالة قصيرة بها رمز لبنكك كي تعرف رصيدك فهي كتابة
  • المبرمج يكتب رموزًا كي يجعل الحاسوب يؤدي مهمة ما فهي كتابة
  • الشاعر يكتب قصيدة ليمتع بها قرّائه أو مستمعيه
  • الكاتب يكتب مقالًا كي يجيب عن تساؤل أو يشارك أفكاره

وقلت “من غير قصدٍ” لأن هناك حالة مرضية قد تجبر المصاب بها أن يكتب حتى لو لم يكن له غرض أو قصد واضح حيث ترجمتُ من كتاب (أنثروبولوجي على المريخ) لأوليفر ساكس -وأوصيك بشراء نسخة ورقية من كتاب أنثربولوجي على المريخ فهو ماتع ومثرٍ للثقافة-:

…وفي عام 1961 تحدث واحد من أكثر أطباء الأعصاب الأمريكيين موهبة نورمان جيسون عن الدور المحتمل لصرع الفص الصدغي في حياة دوستويفسكي وكتاباته وبحلول أوائل السبعينيات أصبح مقتنعا أن عددا من المرضى الذين يعانون من صرع الفص الصدغي يظهرون حِدة مميزة (لكنها ضيّقة أيضا) للحياة النفسية و”اهتمام متزايد بالمسائل الفلسفية والدينية والكونيّة” كما تمت ملاحظة خصوبة وغزارة ابداعٍ معتبرة في العديد من المرضى: من كتابة السير الذاتية وملء يوميات لا نهاية لها والرسم الهوسي (عند الذين يميلون إلى الرسم) وشعور عام من التنوير، واحساس بأنهم في “مهمة” ما و”مصير قدريّ” ما وقد كان هذا يحدث حتى لدى أولئك الذين تلقوا قدرا ضئيلا من التعليم والأشخاص “غير المثقفين” الذين لم يُبدوا أية ميول نحو هذه التوجهات من قبل.

التغميق منيّ
صورة تمثّل روبوتًا يكتب مصدر: TechnoCrazed
صورة تمثّل روبوتًا يكتب مصدر: TechnoCrazed

وتعريفي هنا يشمل كل ما تنطبق عليه الكتابة. فطلبك كما قلنا أعلاه لكشف رصيدٍ برسالة قصيرة لرقم هاتف البنك الذي تتعامل معه يشمله التعريف، وشات بوت (روبوت دردشة) تلقائي يجيبك ويكتب أجوبتك على سعر سلعة تطلبها من صفحة فيسبوك مشمول هو كذلك في التعريف. ناهيك عن كل أنواع الكتابة المعروفة من الإبداعية إلى البرمجية وغيرهما.

تعريف الترجمة

والترجمة كذلك تختلف تعريفاتها وتتفاوت، بل أن البعض يرى الترجمةَ عملية مستحيلة أساسًا ولا يؤمن أن البشر قادرون عليها، حيث نقرأ:

يفترض همبولدت أن اللسان هو مستودع ثقافة الأمة وتصورها للعالم، وأن اختلاف الألسن يعكس اختلاف تصوراتنا لهذا العالم، حتى إنه قال باستحالة الترجمة

الأسس الإبستمولوجية للنظرية اللسانية “البنيوية والتوليدية” تأليف الدكتور محمد محمد العمري هامش 1 ص 52

لكننا مثلما فعلنا أعلاه سنأخذ تعريفًا للترجمة من مصادر سابقة وأجترح للترجمة تعريفًا من عندي وإليكم تعريفًا للترجمة من مصدر جيد:

ما هي الترجمة
هَيمَن جدلٌ حادٌ، ولم يزل إلى درجة كبيرة، حول مكانة الترجمة أهي فنّ أم علم، ولذلك فإننا سنبدأ بهذا [كذا في الأصل] الفكرة.
مما لا شك فيه أن اللغوي يدنو من دراسة الترجمة من وجهة نظر علمية، محاولاً إيجاد نوع من الموضوعية في وصفة [كذا في الأصل] للظاهرة، وسيمثل ذلك أيضاً التوجه الأساسي لهذا الكتاب. ويمكن القول، على أية حال، إن الترجمة هي «فن» أو «حرفة» وبالتالي لا تخضع للوصف «العلمي» الموضوعي وشرحه، وبالتالي فإن البحث عن نظرية للترجمة محكوم عليه بالفشل منذ البداية والأولى عدم القيام به….لقد عُرّفت «الترجمة» بصور مختلفة في معاجم اللغويات…
«الترجمة هي التعبير بلغة أخرى (أو اللغة الهدف) عما عبر عنه بأخرى، لغة المصدر، مع الاحتفاظ بالتكافؤات الدلالية والأسلوبية (ترجمة المؤلف)».

الترجمة وعملياتها النظرية والتطبيق تأليف الأستاذ الدكتور روجر .ت. بيل ترجمة الدكتور محيي الدين حميدي مكتبة العبيكان ص 40 فما بعد -التغميق مني

والكتاب جيّد فعليك به إن كنت مهتمًا بموضوع الترجمة.

وها هنا تعريفي للترجمة:

الترجمة هي عملية نقل للمعاني والأسلوب والهيئة والطريقة -قدرَ الاستطاعة- من نظام رموزٍ أو وضعٍ واقعيٍ أ إلى نظام رموز أو وضع واقعي ب

وهذا التعريف شامل لدرجة أنه يشمل حتى الترجمة ما بين اللغات البرمجية وترجمة لغة الحيوانات المختلفة حتى لو كان نظامها اللغوي كيميائيًا مثل النمل.

بل حتى لو قلتَ

ترجمَ الأميرُ وعوده إلى مشاريعَ على أرض الواقع

لشَمِلها التعريف أعلاه.

القواسم المشتركة بين الكتابة والترجمة؟

بعد أن عرفنا المفهومين، يسهل الآن علينا استخراجُ القواسم المشتركة بين المفهومين.

فكلاهما:

  1. عملية يقوم بها كيان (بشر، حاسب، حيوان -نعم الحيوانات يمكن أن تكتب لحدٍ ما وفق تعريفي للكتابة-)
  2. هي عميلة نقلٍ من نظام لنظام آخر
  3. له صلة باللغة من ناحية المعاني (المضمون) والأبجدية (الرموز)

كيف تكون كاتبًا ماهرًا ومترجمًا بارعًا في آن واحدٍ؟

كيف تكون كاتبًا ماهرًا؟

بعد أن عرفنا أن الكاتب ما هو إلا مُترجم لأفكاره حيث يترجم ما يجول في باله من حركة كهربائية في دماغه إلى نصوص على الورق أو الشاشة، وأن المترجم ينقل المعاني من لغة لأخرى؛ فإنه لكي تكون كاتبًا ماهرًا عليك أن:

  1. تعرف أكبر قدر ممكن من المعارف والمعلومات عن نفسك فتعرف نفسك فإنك إن لم تعرف نفسك ومشاعرك وما تحسّ به وما تشعر به فشلت في نقله حروفًا لقرّائك، يمكنك تعزيز معرفتك لنفسك بـ
    • الصلاة أو التأمل أو كلاهما
    • الاهتمام بالفلسفة والنظريات العلمية
    • قراءة كتب علم النفس وكتب علوم الأعصاب الميسّرة (أو مشاهدة فيديوهات/وثائقيات عن هذه المواضيع)
  2. الكتابة يوميًا (الحد الأدنى 250 كلمة)
  3. المطالعة يوميًا (بقدر 3000 آلاف كلمة في الحد الأدنى)
  4. الاشتراك في رديف

كيف تكون مُترجمًا بارعًا؟

لكي تكون مترجمًا بارعًا عليك بأن:

  1. تُترجم يوميًا (الحدّ الأدنى 250 كلمة)
  2. تكون باحثًا ممتازًا أي تتقن مهارات البحث. لا تتقنها؟ أبشر وطالع:
  3. اعتمد المراجع الموثوقة في ترجمة المصطلحات. وإليك هنا أفضل مصادر الترجمة التي أعتمدها شخصيًا
  4. تطالع بلغتك الأم يوميًا (حد الأدنى لما تطالعه 3000 كلمة)
  5. تطالع باللغة التي تترجم منها يوميًا (الحد الأدنى لما تطالعه 3000 كلمة)
  6. تطالع في مجالات متنوعة وتشترك في النشرات البريدية خارج مجال الترجمة بل المنوّعة
  7. تتقن أحد أدوات الترجمة بمساعدة الحاسوب (نعلّمها في رديف فاشترك معنا)
  8. تشترك في رديف

أرجو أن المقال أجاب عن سؤالك، شاركوا المقال ولكم أجر أو اشتركوا في رديف ولكم أجران.


أعجبك ما أصنعه من محتوى؟ تواصل معي الآن عبر واتساب. اضغط على الزرّ الأخضر


يونس يسأل: ما هي تجاربك في الترجمة والكتابة؟

شاركني أفكارك!

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s