مُلخَّص كُلِّ الكتب والمجلدات المتمحورة حول الكفاءة [Efficiency] في العمل والحياة⚗️📚️

صباح السعادة،

جدول المحتويات

  1. جدول المحتويات
  2. ⚗️ مُلخَّص كل الكتب والمجلدات المتمحورة حول الكفاءة (أو الفاعِليَّة Efficiency)
  3. 🥇 أعظم قاعدة نجاح لأي عمل تجاريٍّ وشأنٍ دنيوي
  4. 🗣️ لِمَ البناء علنًا لم يعد خيارًا بل إجبارًا في عصرنا؟
  5. 📜 لماذا أقرأ الكُتب القديمة؟ الجواب: لأنه لا تغيّر في الطينة البشرية مهما حدثت من تطورات تقنية

كما يعلم من يقرأ مدونتي فإني أتابع من فترة قناة جمعية مفتاح المفاتيح (Master Key Society) على يوتيوب وقد كتبتُ عن أحد كتبها من قبل في هذه التدوينة: مُلخَّص كتاب 10 قواعد أساسية لعيش حياةٍ أطيب للمؤلف مانلي بي. هول.

اليوم إن شاء الله سأتحدث -مع أمور كثيرة أخرى خرجت عن السيطرة عندما توكلت على الحي الذي لا يموت وبدأت بتأليف هذا المقال- عن كتابٍ قيّم آخر نَشَرَتْه صوتيًا نفس القناة وعنوانه سرّ العصور بقلم روبرت كولير (Robert Collier)، وهو كتاب نُشر العام 1925 أي قبل نحو مئة سنة. لكن العلم الذي فيه لا زال نافعًا حتى الآن.

يبدو أن الكتاب مُترجم للعربية وصادر عن مكتبة جرير، لكن كل النصوص أدناه مقتبسة مباشرة من النسخة الإنجليزية المنشورة في قناة جمعية مفتاح المفاتيح (Master Key Society) وهي من ترجمتي إذ أوقفت الشاشة وترجمت ما رأيته يتعلق بموضوع هذا المقال مع أني أدعوك لمطالعة الكتاب كله.

لاحظ أن النسخة العربية صادرة بشرح حديث من كارين ماكريدي لكن النسخة التي أعتمدها الآن في المقال هي النسخة الأصلية وليس بها أي شرح إضافيّ حديث.

الكتاب كلّه جدير بالاستماع أو القراءة أو كلاهما (أنا فعلت كلاهما ولله الحمد) وليس بالضرورة أن تتفق مع ما فيه كله، لكن فيه حكمة عظيمة، وهنا سنقتطف منه 3 نقاط أراها شديدة الأهمية وهي:

  • ملخص كل الكتب والمجلدات المتمحورة حول الكفاءة (أو الفعالية Efficiency).
  • أعظم قاعدة نجاح لأي عمل تجاريٍّ وشأن دنيوي.
  • لمَ البناء علنًا لم يعد خيارًا بل إجبارًا في عصرنا لا سيما إن رغبت في تكوين ثروة؟

فلنبدأ بسم الله الرحمن الرحيم.

⚗️ مُلخَّص كل الكتب والمجلدات المتمحورة حول الكفاءة (أو الفاعِليَّة Efficiency)

كُتبت أسفارٌ حول الكفاءة الشخصية والكفاءة العامة وكل نوعٍ يخطر لك ببال عن الكفاءة في الأعمال التجارية. لكن ملخصها وجوهرها يكمن فيما يلي:

  1. اِعرف ما تريده.
  2. اُدرس الشيء الذي عليك أن تفعله لتحصل على ما تريده.
  3. خطِّط لما ستفعله مُسبقًا.
  4. افعل شيئًا واحدًا فقط في الوقت الواحد.
  5. أكمل المهمة التي بين يديك واجعلها تمضي لحال سبيلها قبل الشروع في المهمة التي تليها.
  6. حالما تشرع في العمل، واصله دون توقف.
    وعندما تواجه مشكلةً تعرقلك امنح عقلك اللاواعي فرصةً كي يساعدك على حلِّها [بالتمشي أو الاسترخاء أو أخذ قسطٍ من النوم].

المصدر: سرُّ العصور، روبرت كولير صفحات 449-450.

وكلامي الآن: ووفق الكتاب نفسه يمكنك أن تهنئ نفسك على إنهاء نصف العمل -أي عملٍ كان- بمجرد أن تشرع فيه (ص 241). ذلك أن أصعب الأشياء بدئُها والشروع فيها إذ كما يقول روبرت كولير أننا جميعًا “كسالى ذهنيًا” (ص 449).

قد تبدو لك أول خطوة هنا هي الأيسر. لكنها في الحقيقة هي أصعب الأمور فمعظم الناس وفق إيرل نايتنغل (Earl Nightingale) في شريطه التحفيزي الشهير “أغرب سرٍّ في الوجود” (أدعوك لاستماعه كاملًا وأكثر من مرّة) لا يعرفون حقًا ما يريدونه. كما يعلم ذلك أي مستقل سواء أكان كاتبًا أو مصممًا أو مبرمجًا عناء التعامل مع عميل لا يعرف ما يريده.

نفس الشيء يحدث مع “الكون” و”العالم” عندما يتعامل مع أناس لا يعرفون ما الذي يريدونه بالضبط.

الكتاب مليء بالحكمة ومنها هذه النقطة الثانية 👇🏼

🥇 أعظم قاعدة نجاح لأي عمل تجاريٍّ وشأنٍ دنيوي

أعظم قاعدة نجاح أعرفها بشأن الأعمال التجارية، وهي القاعدة التي ينبغي أن تطبع وتُعلّق فوق مكتب كل إنسان هي هذه القاعدة “إنني أفعلُ شيئًا واحدًا فحسب كلّ مرّة”.

أنجز مهمة من مهام العمل كلّ مرّة. مهمة لكلّ مرّة. أولِها كل اهتمامك وانتباهك ولا تلق بالًا لغيرها. ثُم أكملها! لا تُنجز نصفها فقط، وتتركها جانبًا لكي تتراكم مع غيرها من المهام فوق سطح مكتبك وتلقي بظلالها على ما ستنجزه من مهام مُقبلة. تخلَّص منها كليًا. أَنْهِها وألحقها بالمكان الذي ينبغي أن تُرسل إليه. أعطها حقّها من الإتقان وأتممها واِنسها!

هكذا يغدو ذهنك صافيًا وجاهزًا للتمعن في الشأن المُقبل.

سر العصور روبرت كولير ص 438. التغميق مني.

🗣️ لِمَ البناء علنًا لم يعد خيارًا بل إجبارًا في عصرنا؟

“حَلِّل معظم أصحاب الثروات العظيمة للجيل السابق من الأمريكيين وستجد أنها بُنيت على إيمان راسخ. أحدها إيمان رجل بالنفط والآخر بالعقار والآخر بالمعادن”. كَتبت “الدورية نصف الشهرية: الإعلان والمبيعات” وتواصل:

“ولا شك أن الثروات التي تُراكم اليوم قائمة هي كذلك ومبنية على إيمان عظيم يعتقده أصحابها لكن هناك فارقًا إضافيًا ألا وهو أن نقطة الإيمان تغيّرت بلزوم إضافة شيء آخر لها.

صحيح أنه لكي تجني لنفسك ثروة لا بد أن تؤمن بالمُنتج أو الفرصة التجارية كما كان الحال دائمًا، لكن لا بد في عصرنا من إظهار ذلك الإيمان علنًا، فوق مجرد الإيمان فحسب دون إعلانه.

فأولئك الذين سيظهرون إيمانهم (بمنتجاتهم أو خدماتهم أو رسالة شركاتهم) علنًا وبأجلى ما يكون ولا يكون في إيمانهم أدنى شكٍ مثل ذلك النوع من الإيمان الذي كان لدى هنري فورد وإتش جي هاينز وعبّروا عن ذلك الإيمان بأفصح عبارة وأجلى بيان سيجنون لأنفسهم أضخمَ الثروات”.

سر العصور، روبرت كولير، 243-244؛ التغميق مني

لاحظ أن هذا الكلام المُقتبس عن مجلة “الدورية نصف الشهرية: الإعلان والمبيعات” مرّ عليه نحو 100 سنة، وقد رَصَدَت المجلة أن بناء المنتجات لا بد أن يكون علنًا وهذا ما كتبت عنه من قبل في نشرتي بما خلاصته هو عنوان عدد النشرة لكن أدعوك لمطالعته كله لأنه نافع: لماذا إن لم تنتهج نهج البناء علنًا فأنت تضيع وقتك في هذا العصر؟

وأنا في خضم مطالعة كتاب روبرت كولير ولما وصلت لهذا المقطع شدّت المجلة انتباهي لا سيما اسمها فبحثت عنها في أرشيف الإنترنت وطالعت بعض أعدادها وهي نافعة.

وما وجدته في بعض أعدادها إعلانٌ يثبت وجهة نظر النقطة التالية التي سنتوسع فيها وهي أن الطبيعة البشرية لا تتغير على مر العصور وأن المفاهيم غالبًا ليست جديدة وإن بدت لك أنها كذلك وأن الشخص يمكنه خلق فرصة لنفسه سواء في عام 1 هـ أو 1 ميلادي أو في 2023.

إن تسائلت عن فحوى الإعلان فهو:

اجن مالًا أكثر بالكتابة التجارية…كثيرٌ من الرجال والنساء يجدون في أنفسهم القدرة والقابلية لأن يكتبوا نصوصًا تجارية حسنة ويجنوا المال الوفير من ذلك…كُتُب إس. رولاند هُول المعنونة “الكتابة التجارية العملية” 4 مجلدات و1272 صفحة تعلّمك ذلك…يمكنك تقسيط ثمنها بالدفع دولارًا واحدًا في 10 أيام ودولارين كل شهر على مدى 5 أشهر للحصول على المجموعة الكاملة.

المجلة نصف الشهرية “الإعلانات والمبيعات” (Advertising and selling fortnightly) المصدر: أرشيف الإنترنت

اسأل نفسك: ما الفرق بينه وبين المنتجات الرقمية في عصرنا؟ لا فرق. وهو مواكب للعصر حتى من ناحية أنه يبيع الكتاب أو لنقل المحتوى القيّم وفق اشتراكات على عدة أشهر, طالع أيضًا بهذا الصدد: هذا الشاعر تمكّن من إنشاء عملٍ تجاريٍّ قائمٍ على الاشتراكات العام 1713.

إعلان ضمن المجلة نصف الشهرية "الإعلانات والمبيعات" (Advertising and selling fortnightly) المصدر: أرشيف الإنترنت
إعلان ضمن المجلة نصف الشهرية “الإعلانات والمبيعات” (Advertising and selling fortnightly) المصدر: أرشيف الإنترنت

📜 لماذا أقرأ الكُتب القديمة؟ الجواب: لأنه لا تغيّر في الطينة البشرية مهما حدثت من تطورات تقنية

ومن يدرك ذلك أي ما قلناه في العنوان الفرعي أعلاه سيختزل على نفسه الكثير من الجُهد والوقت. ودليل أن الطينة البشرية لم تتغير -وسبب ذلك أن البشر متأصل فيهم أنهم لا يتعلمون من دروس الماضي كما سترى أدناه في قول ألدوس هكسلي-

لم يتعلّم الإنسان إلا القليل من دروس التاريخ وهذه القضيّة (أي أن الإنسان لم يتعلّم إلا القليل من دروس التاريخ) هي أهمّ درس من دروس التاريخ

ألدوس هكسلي

طالع مثلًا النصوص أدناه المقتطفة من كتاب البحر المورود في المواثيق والعهود (العهود الصغرى) تأليف أبي المواهب عبدالوهاب الشعراني تح: محمد أديب الجادر طبعة دار الكتب العلمية، والمؤلف توفي عام 973 هـ أي نحو 1565م أي منذ 458 سنة مضت وغيره من الكتب التي نوهنا بها مع كل اقتباس وستجد:

  1. ضرورة نصح الناس بألا يتزوجوا وألا يحجوا إن لم يكن لديهم حرفة ولا مال لذلك. (صفحات 57-58 من كتاب البحر المورود) اسأل نفسك الآن كم تعرف من شخص تهوّر وتزوج دون مال ولا حرفة ودَخَل وأدخل معهم أبرياء لا ذنب لهم حائطًا إسمنتيًا؟ تستطيع أيضًا أن ترسل لي قائمة بمن تعرف ممن حج واعتمر وعليه لدى الناس ديون ومستحقات لم تُسدد ولا وجود لنية لسدادها.
  2. فقدان الأصحاب الصادقين وتغيّر الزمان إذ نقرأ ما كُتب قبل 450 سنة: “فإني في النصف الثاني من القرن العاشر الذي هو محل مظهر العجائب والغرائب والفتن، وقد فتشنا غالب الأصحاب اليوم فوجدنا الحامل لهم على صحبتنا إنما هي علل دنيوية”. (لطائف المنن والأخلاق (المنن الوسطى) للشعراني طبعة دار التقوى ص 175) وقبل ذلك بقرون قال الشاعرُ: ذهب الذين يعاش في أكنافهم…وقال آخر: عوى الذئب فاستأنست بالذئب إذ عوى وصوّت إنسان فكدتُ أطير!
  3. رد الخير بما هو شرّ حتى أن أهل زماننا -2023- أنجزوا تصاميم ولافتات في عصرنا نصّهاخيرًا تفعل زفتًا تلقى” (2023م) قارن ذلك بهذا النص من سنة 1565م: “حتى صار الناسُ يقولون: لا تعمل خيراً، فينقلب عليك في هذا الزمان شراً. وصاروا يكتبون على الحيطان: خيراً ما تعمل، شراً ما تلقى. وصاروا يكتبون عليها: اتَّقِ شرَّ من تحسن إليه. فالعارفُ من عرف زمانه”. صفحات 62-63 من كتاب البحر المورود.
  4. كتاب البحر المورود لو تقرأه مثلما فعلت ستهزّ رأسك كل صفحة أو صفحتين من ناحية أن الناس وأحوالهم لم تتغير ولم يتعلموا من الدروس التاريخية. لذا لم أًكْثر من الاستشهاد به هنا كي لا يطول المقال جدًا. من ذلك مثلًا أنه يتحدث في مواضع أخرى عن آداب الزيارة وقبول وتلقي الهدية بما ستحسبه أن يتحدث عن عصرنا تمامًا. قارن مثلًا كلامه عن الزيارة وقبول الهدايا وجبر خواطر الآخرين والتعامل معهم في عدة مواضع من الكتاب لا تحضرني الآن بهذا المقال الحديث المنشور 2023م: ثقافة الطلب مقابل ثقافة الضيف [Tech and Tea] ستجد أن الطينة البشرية لم تتغير قيد أنملة منذ 450 سنة. ناهيك عن حكايته عن ولع الناس بالكيمياء (أو الخيمياء أي محاولة تحويل المعادن الخسيسة لمعادن نفيسة) والسيمياء (فعل ما تحب بالحروف والأوفاق) وهي طرق الربح السريع في عصرهم التي يمكنك مقارنتها بالتسويق الهرمي ودروس الربح السريع الهرائية في عصرنا.
  5. اقرأ هذا المقال هذا “واقع الصحافة الثقافية العربية وسبل تعزيزها” ستجد فيه عبارة: موقع جهة الشعر: كان يعد أحد أعرق النوافذ الشعرية العربية وأقدمها، والذي قال في رسالته الأخيرة إن “التوقف عن البث كان لأسباب تتعلق بعدم توفر الدعم المالي”. والمقال صادر 2023. وقبله زمنيًا ستقرأ في كتاب “الفلاحة النبطية” (ص 5 فما بعد) لأبي بكر الكسداني المعروف بابن وحشية (كتاب يزيد عن 1700 ص تح: توفيق فهد وصدر عن المعهد العلمي الفرنسي للدراسات العربية بدمشق) من القرن الرابع هجري العاشر ميلادي ما يلي:
    “وكان الله تعالى عزّ وجل قد ترزّقني قبل ذلك من المعرفة بلغتهم التي هي السريانية القديمة…ومكّنني الله تعالى من المال والدنانير، فله الحمد فوصلت إلى ما أحببت من كتبهم… من أنني منهم وأنّي عارف بلغتهم وأنّني متمكّن من المال…” ومما سيضحكك في الكتاب وصف ابن وحشية القوم بـ“إذ كانت الكافة من هؤلاء القوم الذين هم بقاياهم كالبقر والحمير والعاجزين عن فهم شيء من علوم أسلافهم. إلا أن الإنسان الذي وجدت هذه الكتب مجموعة عنده يتميز عن هذه الجملة وينفصل عن حماريّة هذه الكافة….فأطاعني وأمكنني من الكتب…وابتدأت أنقل كتاباً بعد كتاب من كتب النبط… فلم أزل به حتى شكرني…وعرف صواب رأيي لكن لم يستوِ لي ذلك معه إلا ببذل الدراهم والدنانير له حتى انقاد لاجتماع الرغبة بالمال مع إلزام الحجّة له…فكان أوّلُ كتاب نقلته إلى العربية…” [التغميق مني].
    وملخص الاستشهاد بكتاب ابن وحشية هو أنه رجل لديه مشروع ثقافي. لم يتمكن من إنجازه إلا بالمال. والخلاصة التي لدينا منذ القرن العاشر الميلادي الذي عاش فيه ابن وحشية هو أنه إن كان لديك مشروع ثقافي وتبغي استمراره حلّ مشكلة المال أولًا. ووجه الاستشهاد هنا: هلّا أحد -بحقّ الله- فكّر مثل ابن وحشية ودبّر دعمًا وتدفقًا نقديًا لمشروعه الثقافي قبل أن يغلق (وهو نتيجة حتمية لأي مشروع لا إيرادات له؟) ولهذا الحقّ أقول لك كتاب ابن وحشية هذا سيكون متاحًا للملايين ولمئات السنوات المقبلة في حين قد لا تؤرشف رقميًا عدة مجلات ومشاريع ثقافية مع أنه لو فكّر عربي ذو 3 خلايا رمادية تعمل لأمكنه من رقمنتها –كما تفعل الآن إحدى الشركات الناشئة النيجيرية الساعية لرقمنة كل جرائد بلادها بإعلاناتها ببيانات نعيها بوفياتها منذ 1960- ثم أقترحُ بيع تراخيص [راجع الهامش 1 أدنى المقال] استخدامها لشركات الذكاء الاصطناعي إذ البيانات ليست مجانًا وطالع إن شئت ما فعلته حديثًا العديد من المجلات والمواقع من منع بوت تشات جي بي تي (اللعين؟) الذي يود التدرب (مجانًا) على بيانات متعوب عليها.
  6. هناك أمثال شعبية عربية كثيرة تعود لسنة 1294م وما قبلها أي قبل أزيد من 729 سنة وهي عن التشنيع على الحجاج ولؤمهم منها: (كلها من كتاب أمثال العوام في الأندلس لأبي يحيى عبيد الله بن أحمد القرطبي المتوفى 694 هـ أي نحو 1294م تح وشرح الدكتور محمد بن شريفة القسم 2 منشورات وزارة الدولة المكلفة بالشؤون الثقافية والتعليم الأصلي)
    • إذا حجّ جارك بع دارك، وإن حج مرتين بعها بالدين (وهو مثل أندلسي يشبه المثل المغربي الأحدث منه: ما أحيل (أي ما أكثر حيلة من) من حاج إلا حاجيّن أي من حج مرتين. (ص 1 من الكتاب الآنف الذكر)
    • حج مرَّ قليل الخير كثير المضرَّ
    • حج وزمزَمْ وجا للبلا متْحزَّمْ

ووجه الاستشهاد بها هنا هو أن تجلس مع نفسك وتقارن أخلاق بعض الحجاج قبل أكثر من 700 سنة (المتجلية في الأمثال الأندلسية العامية) والحجاج الذين تعرفم في مدينتك الآن في 2023 وما تخرج به من استنتاجات سيدلك على أنه ما من زمن جميل، وأن الطينة البشرية غير قابلة للتغير إلا برحمة من الرحمن.

الكتاب المذكور أعلاه أي أمثال العوام فيه أمثال +18 إباحية لا تُكنّي ولا تستر شيئًا ولم أضع هنا مثلًا يسب الحجاج رأسًا بلفظ سوقيّ مع أني شخصيًا لا أرى أن أحذف الألفاظ إن كان لإيرادها وجهٌ في السياق لكن لأنه بلغ علمي متابعة مدونتي من قبل ممن لم يبلغوا سن الرشد لم أضعها.

وفيها الألفاظ التي تسمعها في الشوارع وما هو أعظم منها بمراحل وأنا أشكرُ الدكتور المحقق للكتاب لأنه لم يهذّب الكتاب ويتدخل فيه بإخفاء البذاءة ذلك أنه كوّة ونافذة رائعة تخبر -من كان ولا زال- يؤمن بالزمن الجميل عن مدى رقيّ وجمال ذلك الزمان (حرق أحداث: الكتاب فيه من الأمثال البذيئة ما لا يخطر لك على بال!). وما ستخرج منه بقراءة الكتاب هو أنه إن كنت تظن أن بروز مغنيّ المهرجانات وأضرابهم في زماننا إنما هو نتيجة انحدار أخلاقي مريع فهو خاطئ لأنه ما من انحدار أخلاقي في عصرنا يفوق ما هو كان موجودًا بالأساس؛ وأنا شخصيًا أؤمن إيمانًا جازمًا أنه لا ينتج من العنب إلا عنب ومن التين إلا تين وأنه إن زرعت تينًا وطلبت تفاحًا فما أنت إلا أحمق فلو كان الزمن القديم مثلما قالوا لما نَتج عنه الردئ فإن الناتج الآن إنما هو حاصلُ الأعمال السوداء التي راكمها الجيل السابق -إلا من رحم ربي- على مدار حياته فخرجت من هذه المراكمة العاهات الفكرية التي تملأ عصرنا الجميل حاليًا.

الحقّ أقول لك الأمثال الشعبية أكثر إبداعية وأغرقُ في البذاءة من كل ما يمكنك سماعه وقتنا الحالي.

وأيضًا قبل أن نختم المقال لنمرّ مرة أخرى على الكاتب هكسلي فنقول: لمّا تسأل مثلًا لِمَ المشتتات مستولية على عقول الناس الآن وتمنعهم من فعل ما يريدون فعله وتعطّلهم عما فيه صلاح دنياهم وأُخراهم؟ ستجد الجواب ليس عند محلل مستثمر في شركات وادي السيليكون العام 2023 بل لدى الأديب (المتوفى 1963 أي منذ 60 سنة) حيث لاحظ ومن ذلك العصر وفرة المعلومات والمشتتات.

أما بشأن الدعاية فإن المنافحين الأوائل والداعين لتعميم مَعْرِفة القراءة والكتابة لدى الجميع وتوفير صِحافة حُرّة لهم …غاب عنهم أن يضعوا بالحسبان شهية الإنسان المفتوحة وشبه اللامحدودة ليُشتت أفكاره (باتباع المُلهيات)

ألدوس هكسلي

ويقول ألدوس أن سبب ذلك أن الناس -وحتى قبل توفر سيل معلومات لديهم- لطالما سعوا للمُلهيات واللهو وما يلهيهم عن التفكير. وبعد ما توفّر الأمر فإن ما يحصل الآن: شيء طبيعي للغاية ولا ينبغي للمطلع التعجّب منه.

الفكرة -بنظري الآن- أنه إن كان “أَكْثَر النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ” فالحكمة تقتضي ألا تكون منهم. والحكمة أن تشكر الناس والله وكل من يستحق الشكر؛ ومعنى ذلك أنه إن كنت ذا عجلة بحكم طبيعتك البشرية فليس الأمر مريعًا بحد ذاته إذ يمكن تنمية مَلكة الصبر والحِلم مثلها مثل أي مهارة أخرى يكتسبها الإنسان.

إذن توقُ البشرية من القدم نحو تسلية نفسها والغرق في اللهو بدلًا عن التفكير في أمور ذات شأن ما هو إلا طبيعة بشرية يمكن تقليل أضرارها بالمِران وتنمية مَلَكات ومهارات ذات قيمة. بقول ذلك يمكنك إنماء مهارات مطلوبة في السوق بالاشتراك في رديف.

هكذا تمّ المقال بحمد الله.


حقوق الصورة البارزة: Photo by Thomas Kelley on Unsplash


أعجبك ما أصنعه من محتوى؟ تواصل معي الآن عبر واتساب. اضغط على الزرّ الأخضر


[1] قد تسألني ولمَ يحتاج الذكاء الاصطناعي للتغذي على المحتوى البشري ليستمرّ؟

والجواب من نقطتين وجمعهما هو السبب.

النقطة الأولى: أننا وفق ما يقوله إيثن مولِّك (Ethan Mollick) [رابط بديل] شارفنا على استنفاد ما لدينا من محتوى ذو جودة نغذّي به الذكاء الاصطناعي حيث يقول “تحتاج نُظم الذكاء الاصطناعي للتغذي على كلماتنا لكن ليس هناك إلا ما يتراوح من 5 إلى 10 تريليونات كلمة من المحتوى القيّم من الكلمات من الأوراق البحثية والكتب والأكواد البرمجية على الإنترنت. وستستخدم نُظم الذكاء كل ذلك في التدريب بحلول 2026م وستظل بعدها البيانات منخفضة الجودة باقية حتى 2040م. لعل الذكاء بحاجتنا فكل امرئ ينتج ما قدره يتراوح من 140 ألف إلى 2.6 مليون كلمة في العام”. اهـ كلامه. ولو تسأل ماذا عن تغذيته بما ينتجه هو؟ أي الذكاء نفسه. وأجيبك: سيجن لو تفعل ذلك لذلك لا تفعل ذلك، وإن رغبت في التغلب على ذكاء اصطناعي أطعمه ما ينتجه وسيجن وفي هذا المقال برهان ذلك وقد أعجبتني صورة المقال البارزة إذ فيها ذكاء اصطناعي يمسك رأسه من الجنون وفيها إثبات ما قلناه من أن إطعام الذكاء الاصطناعي ما ينتجه هو يصيبه بالجنون لذا ثبت حاجته المستمرة للمحتوى البشريّ.

النقطة الثانية: أن بعض الهيئات بالفعل بدأت تبرم الصفقات لترخيص استخدام أرشيفها وجني المال منها إبرام شركة أوبن إيه آي، مالكة ChatGPT، ووكالة “أسوشييتد برس” للأنباء، اتفاقاً يمنح شركة الذكاء الاصطناعي وصولاً إلى أرشيف التقارير الإخبارية للوكالة.

من النقطة 1 و2. سيستنفد الذكاء الاصطناعي قريبًا جدًا ما لدينا من محتوى بشري على الإنترنت ويتبقى المحتوى غير المؤرشف والمرقمن بعد وهو كثير والذي يمكن التربّح منه من قبل الجهات المشرفة عليه ببيع تراخيص له للوصول إليه من قبل شركات الذكاء الاصطناعي.

4 رأي حول “مُلخَّص كُلِّ الكتب والمجلدات المتمحورة حول الكفاءة [Efficiency] في العمل والحياة⚗️📚️

شاركني أفكارك!