جمعة طيبة،
أتابع من فترة قناة جمعية مفتاح المفاتيح (Master Key Society) على يوتيوب واختيارتها للكتب جيدة وإنتاجها الصوتي والمرئي ممتاز. ومن الكتب التي استمعت لها كاملةً قبل أيام كتاب 10 قواعد أساسية لعيش حياةٍ أطيب للمؤلف مانلي بي. هول وإليك تلخيصه أدناه مني بشرحي أنا. في حال اقتبست مباشرة من الكتب فسأنوّه بذلك.
لاحظ أني كتبت عن كتب مما نشرته قناة جمعية مفتاح المفاتيح من قبل في هذه التدوينة: كتاب نافع من حقبة كان الأمريكان فيها يتعاطون الشمّة ويبصقونها يُمنة ويسرة. بالتدوينة تكلمت عن كتب أخرى أيضًا قد تهمّك.
جدول المحتويات
- جدول المحتويات
- لا تقلق
- لا تفرض هيمنتك على غيرك
- لا ترفع سقف توقعاتك
- لا تجمع أكثر مما تحتاج
- تعلّم الراحة
- تحلَّ بحسّ الدعابة
- جِد سببًا لوجودك
- لا تؤذِ أبدًا أي إنسان عن قصد
- لا تغضب
- لا تلومّن إلا نفسك
لا تقلق
ما من منفعة للقلق. فهو لا يحل المشكلة التي أنت قلق بشأنها. بل ويزيد في كثير من الأحيان مفاقمتها. إنك حين لا تقلق توفّر مواردك من وقت وعقل وحكمة لحل المشكلة الماثلة أمام عينيك أو التي بين يديك إن كنت تستطيع حلها وقتها، أو تحدّ من أضرارها إن كانت قد وصلت لخطّ اللارجعة، وعلى الأقل في خضم زوبعة القلق تلك يجد من طالته المصيبة المقلقة تلك كتفًا يستند إليه وملاذًا يلجأ له.
لذا لا تقلق بشأن أشياء ليس لك فيها يد، ولا تقلق بشأن كل الأشياء التي لا تستطيع أن تحلّها، وركز فقط على ما تستطيع فعله وحلّه وأنفق فيه وقتك وفكرك.
القلق أيضًا مضرّ ضررًا شديدًا بالصحة ويكبّرك في السن بحيث لا ينفع معك أي مرهم أو مستحضر تجميل، كما أن القلق من أسباب ارتفاع ضغط الدم وهو الداء الذي يسبب 5-7 مليون وفاة كل عام مما يجعله السبب الأول للوفيات.
لا تفرض هيمنتك على غيرك
إن كنت تفعل ذلك أي تحاول أن تسيطر على حياة غيرك وتسيّرها مثل زوجتك أو ابنتك أو قريبك أو صديقك. فتوقّف عن ذلك فورًا. لأنك ستعيش وتُعيّشهم حياة ضنكة.
ستفشل قطعًا في محاولة فرض رأيك على الآخرين. وحتى لو تمكنت من فرض كلمتك على من لا حول لهم ولا قوة، فستتسبب بكوارث مجتمعية وحوادث فالبشر عندما تحصره ولا تتيح له أي خيار وعندما لا يوجد هناك ما يمكن أن يخسره يلجأ لفعل أشياء تُعدّ مصائب ستقضي سنين في التعافي منها أنت ومن طالته.
ما من خير سينجم عن حشر أنفك في حيوات الآخرين ومن حُسن إسلام المرء ترك ما لا يعنيه؛ حتى لو كنت تدعيّ أنك تهدف للأصلح لهم. دَع الخلق للخالق، واكتفِ بالنصح والإرشاد والتوجيه إن طُلب منك ذلك؛ فالمرء لما يكون جاهزًا سيأتي ويطلب نصحك وكما يقول أحد الأمثال عندما يجهز التلميذ يظهر المُعلّم في حياته. أما فرض رأيك فلن ينفعك ولن ينفع غيرك.
وأول قصة في ألف ليلة وليلة غير المهذّبة تدور حول الخيانة الزوجية. ومغزاها أن المرأة إن رغبت في شيء فلن تستطيع أن تفرض عليها شيئًا.
ففي أول قصة لألف ليلة وليلة، هناك أميرة سرقها جنيّ وضعها في تابوت بأغلال مُحكمة وضعها في أعماق البحر حيث لا أحد يصل لها كي ينفرد بها وحده. ومع ذلك خانته مع 77 رجلًا آخر (اقرأ ألف ليلة وليلة كي تعرف كيف فعلت ذلك).
يروي كذلك الفقهاء المسلمون في كتب الجنس العربية التراثية (نسيت أيها تحديدًا) عن امرأة شدد عليها زوجها كي لا تخونه فكانت تخونه أمام عينيه. حيث كان الجزء العلوي من جسدها في الخيمة والسفلي خارجه حيث يزني بها رجل آخر أثناء حديثها مع زوجها الأعرابي الغيور داخل الخيمة.
💡 الملخص: لن تُسيّر إنسانًا على رأيك إذ الحق تعالى لا يتيح لك ذلك لأنه خلق الجميع متمتعًا بحرية الإرادة. وكائن عاجز مثلك ليس في مُكْنته سلب تلك الإرادة منهم.
والحلّ وفق ما يقول الكتاب أن تسعى لأن تكون إنسانًا متحليًا بالأخلاق الحميدة قدر المستطاع لدرجة أن غيرك سيريد انتهاج ما انتهجته وحده من نفسه دون قسر ولا إكراه منك.
لا ترفع سقف توقعاتك
دواء الإحباط كما قلتُ مرارًا في مقالات سابقة لي. هو خفض التوقعات. والحلّ المثالي بنظري ما يلي: أحسن ظنك بالكريم سبحانه إلى أعلى مدى. وخفّض (والأفضل أن تُلغي) توقعاتك من البشر.
إنك لو توقعت من كل شخص يعدك ألا يفي بوعده، وحضّرت لما ستفعله لو لم يفِ به. عشت سعادة الدارين.
لا تجمع أكثر مما تحتاج
يعرف كل مالك منزل كبير، لا سيما ذلك الذي به ثريات وأثاث كثير أن صيانة هذا العقار مُكلفة جدًا. هناك منازل تُكلّف صيانتها سنويًا مئات الألوف من العملة المحلية في المكان الذي يوجد به ذلك العقار، ويمكنك أن تسأل صاحب أي ممتلكات من سيارات وعقارات يحسده عليها الناس ولا يعرفون فواتير صيانتها وإصلاحها.
لا تجمع إذًا أكثر مما تحتاج. والكتاب الذي نحكي عليه ليس كتابًا دينيًا وليس مسيحيًا مع أنه يستشهد في تنظيم الوقت بسيدنا محمد عليه السلام وفي موضع منه يستشهد بمثل من الإنجيل: “هَلْ يَجْتَنُونَ مِنَ الشَّوْكِ عِنَبًا، أَوْ مِنَ الْحَسَكِ تِينًا؟” (مت 7: 16). بمعنى أنك تجني ما تزرعه.
أقلع عن عادة الهوس بجمع الكراكيب. تكُ خفيفًا ظريفًا.
تعلّم الراحة
جد لك هواية لا غاية مالية لها. بعض الناس يفكّر بكل شيء وفق قيمته المالية وهذا خطأ ويقول الكتاب أنه لو كلّفتك هواية مثلًا لنقل كل شهر 30 دولارًا أو حتى أكثر فهي مبررة فهذه المبالغ ولو كانت قيمتها المالية مُكلّفة لو تحسبها سنويًا أفضل وخير لك من فواتير الأطباء. ذلك أن الهواية تتيح لك الراحة وتخفيف القلق وتُجنِبك الكرب النفسي. ومن ثَم تُسهم في إبقائك مُعافى فوجودها مُبرر حتى وإن لم تكن تثمر أي ثمار مالية.
لهذا ينفق العقلاء على الهوايات حتى التي لا تأتي بعوائد. ذلك أنها صيانة للصحة النفسية والعقلية والبدنية.
تحلَّ بحسّ الدعابة
لا يوصي الكتاب بالسخرية من الآخرين والضحك عليهم ويقول أن أعظم فن للدعابة والفكاهة أن يضحك المرء على نفسه وأفعاله بطريقة تزيح عنه همّ التفكير والحساب المفرط، حتى لو كنت مع الآخرين وفعلت أو حدث لك شيء طريف (مثل انسكاب قهوة على ملابسك) اضحك على نفسك مع الآخرين وكن طيّب المعشر. يصعب على الكثيرين التمتع بحس الدعابة بسبب أنه يأخذون الحياة بجديّة مبالغ فيها. وبصفتها معلومة خارج الكتاب. أقول من نفسي أن آلان واتس يقول أن خالق الأكوان يتمتع قطعًا بحس من الدعابة.
من جانبه، وفي أحد كتبه يصف ابن سينا الحق تعالى بأنه مبتهج بذاته؛ والأدبيات الإسلامية سخية بوصف الله تعالى بألفاظ بشرية مثل: يتبشبش ويضحك.
💡 المغزى: ليس كل شيء في الحياة جديًا، ولا أحسن من ضحكة صادقة تخفف بها شدّة نياط قلبك المتوتر. أرخ فكّك ولا تصرّ أسنانك وابتسم فالحياة أقلّ قيمة من جناح بعوضة.
على ذكر الدعابة. إليك صورة أنشأتها بالذكاء الصناعي بالوصف التالي: “فنك يلبس عمامة يلقي محاضرة على الجمهور في الأمم المتحدة”.
جِد سببًا لوجودك
الأحسن هنا أن نقتبس من الكتاب مباشرة.
دعنا نستكشف أولًا ما حاجة المرء إلى النمو. أي لمَ يحتاجه أساسًا. وجواب هذا وجدته في كتاب استمعت له حديثًا عنوانه: 10 قواعد أساسية لعيش حياةٍ أطيب للمؤلف مانلي بي. هول – 1953 ص ص 6-5 (في فيديو يوتيوب من الدقيقة 7:17)
7. جِد سببًا لوجودك. لأنه ما لم تؤمن بشيء أكبر من نفسك، ويكون لديك غاية أكثر أهمية وأساسية من مراكمة الممتلكات وإحراز التقدم في عملك التجاري وتعزيز مكانتك الاجتماعية، فلست إلا كائنًا موجودًا، لكنك لا تحيا.
ولمعرفة صدق ذلك إليك هذا النمطَ اليسير إدراكه وهو أن قوانين الطبيعة التي أتت بك إلى هذا العالم تبدو أنه تولي في الأساس عنايتها بالنموّ.
بالمثل أنت ناجحٌ بالقدر الذي تنمو فيه، وأنت تنمو بالقدر الذي تصبح في أحكم (أكثر حكمة) وأكثر نفعًا لغيرك وأكثر استقرارًا.بعبارات أخرى، إننا نعيش لنتعلّم، وبهذه العملية ذاتها، نتعلّم لنعيش.
وسّع آفاقك، وأولِ اهتمامًا بكل ما هو رفيع وراقٍ، وجميل، وذو غاية ومغزى.
ينبع أعظمُ تجلٍ لجمالك وخيرك الداخليّ من حبّ الموسيقى والفن والأدب العظيم، والفلسفة العامة، ومجرّد الإيمان.
قوِّ دواخل طبيعتكَ وسيكون الخارج أجملَ.التغميق مني
التغميق مني
لا تؤذِ أبدًا أي إنسان عن قصد
عندما يقع علينا الأذى نغضب وتدعونا أنفسنا إلى أن نَوقع بالمتسبب أذى مباشرًا مثلما أذانا. لكن الدخول في حلقة آذاني وسأؤذيه يجعلها تتوسع لتشمل آخرين. ولا نهاية لها فهي حلقة مفرغة عبثية. والحلّ هو الصفح. وبرأيي ووفق ما أفهمه من القرآن في آية: وَلَا تَسْتَوِى ٱلْحَسَنَةُ وَلَا ٱلسَّيِّئَةُ ۚٱدْفَعْ بِٱلَّتِى هِىَ أَحْسَنُ فَإِذَا ٱلَّذِى بَيْنَكَ وَبَيْنَهُۥ عَدَٰوَةٌۭ كَأَنَّهُۥ وَلِىٌّ حَمِيمٌۭ ﴿٣٤﴾ وَمَا يُلَقَّىٰهَآ إِلَّا ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ وَمَا يُلَقَّىٰهَآ إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍۢ ﴿٣٥﴾ فإن الحظ يمكن أن يُصنع صنعًا باتباع هذه القاعدة وهي مُجرّبة مني.
بعض الناس يظن أن الصفح يعني عودة الأمور لمجاريها وهذا لا يكون، يمكنك أن تصفح وفي ذات الوقت تقطع علاقتك مع من آذاك فالصفح عملٌ قلبيٌّ. يمكنك أن تصفح وتسامح مع ذلك ألا ترى الشخص الذي آذاك مرة أخرى في حياتك، ولا حتى في الآخرة إن أردت. كما حدث مع سيدنا المصطفى عليه السلام وقاتل سيدنا حمزة رضي الله تعالى عنه.
وعندما تصفح عن الآخرين تفهم كثيرًا من حكمة الربّ ويصحّ بدنك. لأنه خارج القرآن يقول ساد غورو (حكيم هندي) أن حسد الآخرين والتغيظ منهم وإرادة الانتقام منهم مثله مثل شخص أراد قتل آخر فشرب هو السمّ فهذه الأمراض القلبية المعنوية سمّ يسري في البدن فتخرج منه أمراض مزمنة عافانا الله وإياكم.
وصفحك عن الآخرين يجعلك أنت الفائز على أي حال ويوفّر وقتك وجهدك كيما تنفقهما في وجوه أولى وأنفع لك.
وأنا تكلمت عن الصفح لأن معظم أسباب إيذاء الآخرين عن قصد هو التغيظ منهم والغضب منهم وقد قال المصطفى عليه السلام: لا تغضب ولك الجنة. مما يؤدينا للقاعدة الموالية 👇
لا تغضب
تأملتُ في أسباب الغضب فوجدتها كلها تافهة. فإن تصرّفت وفق الغضب لاحظتُ أنك ستُحدِث سوءًا في حياتك يتطلب إصلاحه أشهرًا بل وسنوات في بعض الأحيان. لذا لا تغضب والأهم أنه حتى إن غضبت لا تتصرف وفق غضبك. فالأمر لا يستحق. وهكذا ستوفر على نفسك أشهرًا وسنوات.
فإن غضبت وتصرفت وفق غضبك وكسرت قلبًا أو شيئًا فسارع وثُب إلى رشدك عن قريب وأصلح ما أفسدته. لا سيما والنفوس ما زالت ساخنةً.
لا تلومّن إلا نفسك
إن حدث لك ما لا ترغب بحدوثه. لا تلم غيرك. فإن ديدن الفاشلين في هذا العالم أن لا يفعلوا شيئًا ويلقون باللوم على الآخرين. وإن اشترك الناجحون في شيء فلن يكون في الاستيقاظ صباحًا بل في تولي زمام حياتهم بأنفسهم والتوقف عن إلقاء اللوم عن الآخرين.
ولن تغلب الحقّ تعالى أبدًا في الحجة. فلو سوّلت لك نفسك وقلت: أنا أعيش في بلد متخلف لا حلول بنكية له كي أسترزق مثلًا ولم توفر لي دولتي الفاشلة عملًا. أراك الحق نماذج في نفس دولتك ووضعك ونجحوا فيما تريد أن تفعله. والحق تعالى لا يظلم أحدًا أبدًا وأفعاله حكيمة سبحانه.
الفكرةُ أنك ركنت للراحة لأن لوم الظروف والآخرين أيسر من العمل والكدح وغيرك عمل وكدح فرزقه الحق تعالى.
جرّب أن تتوقف عن لوم الآخرين أيًا كانوا لمدة شهر واحد فقط وستتغير حياتك نحو الأحسن بما سيدهشك أنت نفسك. وهو أمر ليس سهلًا وليس يسيرًا لكنه نافع وفعّال للغاية.
جمعة مباركة مرة أخرى. وهذا هو شرحي الشخصي مني للقواعد وأدعوك للاستماع للكتاب كله فهو سيقوي مَلَكة الاستماع لديك في لغتك الإنجليزية وينفعك نفعًا جليلًا.
أعجبك ما أصنعه من محتوى؟ تواصل معي الآن عبر واتساب. اضغط على الزرّ الأخضر
يونس يسأل: ما آخر كتاب صوتي استمعت له؟
حقوق الصورة البارزة: Photo by Microsoft 365 on Unsplash
يونس بن عمارة 