مساء السعادة،
اقترح علي الأستاذ م.محمد هذا الموضوع فشَكَر الله له:
لننقل اقتراحه نصًا ونجيب عليه بعون الحيّ الذي لا يموت:
م.محمد: مواقع التواصل لماذا يستحوذ بعضها على متابعة ومتابعين أكثر من سواها !؟
يونس: أهلا أخي محمد ومساك سعيد تقصد لماذا لدى بعض الشبكات الاجتماعية عدد مستخدمين أكثر من غيرها؟
م.محمد: لا ليس العدد بالضرورة او لعل الانتساب مهم لكن الاقبال مثلا/ مايحصده التيك توك امام عمالقة غيره
لو أخبرتك أن هناك من أدار أكبر موقع إلكتروني للاختبار النفسي في العالم – Tickle.com – بين عامي 2000 و 2006 وتمكن من توسيع قاعدة مستخدميه بشكل سريع إلى أكثر من 150 مليون شخص عندما كان إجمالي عدد مستخدمي الإنترنت لا يفوق المليار. وكانت قصته حقًا إحدى قصص النجاح الكبرى على وسائل التواصل الاجتماعي.
ابق معي وتابع القراءة.
ولو أخبرتك كذلك أن نفس الشخص وفريقه ساعدوا 12 شركة في الوصول إلى ما لا يقل عن 10 ملايين مستخدم لكل منها، بما في ذلك شركات مثل Poshmark و Goodreads .
فلا ريب أنك ستقول أن هذا هو الشخصُ المؤهّل للإجابة على سؤال الأستاذ م.محمد أعلاه، وهذا الشخص اسمه جيمس كورييه وقد فعل ذلك بالضبط في مقاله الذي ترجمناه للعربية ونشرناه بإذنه هنا: دوافع المشاركة لدى النّاس: علم النفس وراء “الانتشار السّريع للأشياء” وعليك به لأن به جوابك بالضبط.
وقد خَلُص جيمس كورييه وفريقه لوجود 8 مجموعات من الأسباب تحت كل مجموعة عدة أسباب فرعية تؤدي لمشاركة الناس المنتجات ما يُحدِث انتشارها الفيروسي وهذه الأسباب الرئيسية هي:
- المكانة
- إسقاط الهوية
- النفع
- السلامة
- النظام
- الحداثة
- التأكيد
- التلصص
إن لم تفهم مجموعة الأسباب هذه التي تؤدي لانتشار المنتجات بين الناس وشيوعها بمجرد قرائتها فأبشر فهي مشروحة ومفسّرة كلها في المقال الذي أخبرتك عنه وها هو مجددًا: دوافع المشاركة لدى النّاس: علم النفس وراء “الانتشار السّريع للأشياء”.
وهذا هو جواب الأستاذ م.محمد. لكن لنضف للمقال معلومات نافعة أخرى ذات صلة.
مستقبل الشبكات الاجتماعية قد لا يكون الشبكات الاجتماعية أساسًا
يرى مايكل مينيانو (Michael Mignano) مؤسس منصة أنكور للبودكاست أن الشبكات الاجتماعية كما نعرفها ستنتهي وسيبزغ نجم ما سماه الإعلام وفق التوصيات (recommendation media) وهي الجيل المقبل من الشبكات الاجتماعية حيث الخوارزمية -لا المؤثرين- هي من تتحكم بتوزيع المحتوى.
ويتوقع مايكل مينيانو كذلك أن الشركات ستنشيء محتوى مرئيًا بالذكاء الاصطناعي يلبي رغبة المليارات بصورة مخصصة كلٌ حسب رغباته وميوله.
ويوافق مايكل مينيانو نسبيًا في اتجاه توقعه مؤسسةُ الاستشارات “كو ماتر” حيث نقتبس من تقريرها “إعلام ما بعد الشبكات الاجتماعية” هذا الجدول:

أيضًا لو تصفّحنا بعض التحليلات الأخرى سنجد مثلًا:
- تطبيق CapCut الذي لربّما لم تسمع به والذييكتسح قوائم الأعلى تحميلًا للتطبيقات الآن – وهو من تطوير نفس الشركة المطوّرة لتطبيق تيك توك حيث احتل تطبيق كَب كَت (CapCut) المُطوّر من قبل بايت دانس الرتبة الخامسة ضمن أكثر عشرة تطبيقات تحميلًا في النصف الأول من العام 2022 بعد تحميله من قبل الناس 169 مليون مرة.
وتطبيق كَب كَت (CapCut) تطبيق لمَنتجة الفيديوهات ولذلك قلت أن مستقبل الشبكات قد لا يكون الشبكات الاجتماعية كما نعرفها.
كما نقرأ أيضًا تحليلًا من كوشان شاه (Kushaan Shah) عن تطبيق بي ريل (BeReal). حيث يستكشف كوشان إجابات للأسئلة من قبيل: هل سيوفي تطبيق بي ريل (BeReal) بوعده؟: رُوِّج لهذا التطبيق الاجتماعي الجديد والآخذ في الانتشار على أنه المضادُّ لأنستقرام. لكن هل ستدوم الضجّة المثارة حول تطبيق بي ريل؟ وأيضًا في نفس المقال ستقرأ قسمًا عنوانه ما سبب شعبية تطبيق بي ريل؟ وهو مهم لك بما أنك تبحث عن لماذا تنتشر تطبيقات وتجتذب متابعين وتفشل أخرى ذلك أن دراسة ما يجتذب الناس الآن لتطبيق بي ريل بتحليل مميز من كوشان نافع للغاية لك.
وقد ذكر كوشان من الأسباب خلّو تطبيق بي ريل من الإعلانات والمنشورات الممولة وكونه مملًا عن عمد فبعث الممل في النفوس أثناء استخدامه مقصود بنظر كوشان ثم يسكتشف كوشان مستقبل التطبيق.
في سياق آخر لكن ذو صلة تكتب الكاتبة والمحللة الفرنسية ماري دولي (Marie Dollé) عددًا رائعًا من نشرتها البريدية عنوانه الشبكات الاجتماعية: ماذا بعدها؟ فيه الكثير من التطبيقات الاجتماعية التي أجزم أنك لم تسمع بها قط؛ إضافة إلى تحليل مميز عن مستقبل الشبكات الاجتماعية.
بالإشارة لهذه المصادر القيّمة النافعة لمن يرغب بالاستزادة سأبدي وجهة نظري الآن في الموضوع.
لماذا تنتشر بعض التطبيقات ولا تنتشر أخرى؟
إليك بعض الأسباب.
- التوقيت: مثال: السوق غير ناضج بعد للمنتج لذا لا عجب أن أقدم شبكة اجتماعية تاريخها هو 1997 واسمها Six Degrees وطوّرها أندرو واينرايخ (Andrew Weinreich) وهي كما تعرف لم تنتشر انتشار تيك توك أو فيسبوك – طالع الاقتباس أدناه.
- كاريزما المؤسس: وهي مجموعة السمات الشخصية للمؤسس سواء كانت خيرًا أو شرًا. مثل كاريزما آدم نيومان مؤسس وي ورك.
- عدد الاستحواذات وطبيعتها: تيك توك وفيسبوك وسناب شات وكل شبكة اجتماعية تستحوذ ودون إبطاء على الكثير من التطبيقات الصغيرة لإخلاء الساحة من المنافسين.
- العلاقات مع المستثمرين: هل لدى التطبيق تدفق لا ينقطع من الأموال الجريئة التي تضخ بالملايين في كل جولة؟ إن كان الجواب لا غالبًا سيفشل التطبيق الاجتماعي.
حلَّل بيل غروس (Bill Gross)، مؤسس حاضنة الشركات الناشئة إيديا لاب (Idealab)، أكثر من مئتي شركة ناشئة لفهم العوامل التي تؤدي لنجاح الشركات.
ووجد أن “التوقيت” هو العامل الأهمّ وله ما نسبته 42% من قوّة تحديد ما إن كانت الشركة الناشئة ستفشل أو ستنجح. وتأتي قدرات الفريق وتنفيذ الفكرة في المرتبة الثانية، في حين أتى عامل تفرّد الفكرة (أصالتها وجِدّتها) الثالث على سُلّم أهمية العوامل المؤدية للفشل أو النجاح. أما نموذج العمل التجاري للشركة الناشئة (أي كيف ستجني المال) والتمويل فقد كان آخر العوامل أهمية وراء نجاح الشركات.
إليك سبب نجاح بعض الشركات الناشئة وفشل بعضها الآخر
أسباب انتشار تيك توك
بالنسبة لي شخصيًا أسباب انتشار تيك توك يمكن تلخيصها في تسعة عوامل هي:
- كونه فرصة جديدة لملايين من صنّاع المحتوى للتصدّر وإنشاء علامات تجارية لهم كون الشبكات الأخرى أصبحت صعبة جدًا في التصدّر وخلق مكانة هناك والجميع يعرف هذا لأنك ستحصل على مشاهدات في تيك توك أكثر من يوتيوب ولو بدأت اليوم
- إدارة بايت دانس (المالكة لتطبيق تيك توك وغيره) ليست شركة وليدة الأمس بل تأسست عام 2012 (يعني مرّ عليها 10 سنوات الآن في 2022) ومؤسس الشركة تشانغ يمينغ (Zhang Yiming) عمره 38 سنة الآن (مواليد 1983) ولديها في الصين تطبيقات ناجحة من قبل ولذا فإن الخبرة المسبقة مهمة جدًا
- تحليل جيا توليمنتو بشأن أن “فيديوهات تيك توك غالبًا تتمحور حول الموسيقى لذا فإن اللغة ليست حاجزًا أمام مستخدميه” صحيح ولذا لا عجب أن تيك توك تخطو نحو الموسيقى الآن “تيك توك” تعمل على تطبيق للموسيقى… هل تنافس “سبوتيفاي”؟ وأوصيك بمقال جيا توليمنتو الماتع في ذا نيويوركز وعنوانه: كيف تمكن تيك توك من شدّ انتباهنا؟
- استثمارات ضخمة في الذكاء الاصطناعي والإعلام. على الأقل أنفقت الشركة 1.45 مليار دولار بهذا الصدد.
- تجربة مستخدم ممتازة للغاية والشركة تحسّنها باستمرار لتجنب أي إزعاج لدى المستخدمين. طالع مثلًا: طوّرت تيك توك خيار Clear Mode، الذي يتيح للمستخدمين مشاهدة مقطع الفيديو دون تراكب واجهة المستخدم التي تعرض عادةً أشياء مثل المفضلة وأزرار التعليق ومعلومات أخرى حول الفيديو.
- تشجيع الاتجاه الخام دون رتوشات (Raw): وأقصد به، البث المباشر دون تحسينات للواقع، وتصالح عدد أكبر من الناس مع البشعين والمشوهين والمعطوبين وتصالح قادة قطاع الأزياء مع الملابس غير رفيعة الطراز.
- قصر المحتوى وإبداع الكثير من أصحاب حسابات تيك توك.
- استثمارات مهولة في الإعلانات في الشبكات الاجتماعية الأخرى – نعرف الآن أن الشركة أنفقت حوالي 1 مليار دولار للإعلان عن تيك توك العام 2019 لوحده.
- خوارزمية ممتازة ومختلفة عن خوارزميات الشبكات الحالية، والمدهش أنها ليست سريّة بل مفتوحة متاحة أمام الجميع: كيف تعمل خوارزمية تيك توك؟
ماذا نعني عندما نقول “موت الشبكات الاجتماعية” أو “حقبة ما بعد الشبكات”؟
بالنسبة لي شخصيًا لا أؤمن بموت المفاهيم والأشياء. فهي أي المفاهيم والأشياء حتى لو اختفت لفترة ستعود. وهو من المبادئ التي أؤمن بها.
ومبدأ الجديد لن يمحي القديم شرحته باستفاضة في مقالي: 5 أفكار جوهرية أؤمن بها في الحياة إجمالًا. فعليك به.
لذا حتى مع انتشار تيك توك لن يختفي فيسبوك، ومع وجود الطائرة لن تختفي الدراجات الهوائية ومع وجود الكتب الرقمية لن تختفي الكتب الورقية.
انتهى المقال بحمد الله؛ إن أعجبك شاركه ولك أجر؛ أو شاركه واشترك في رديف ولك أجران.
أعجبك ما أصنعه من محتوى؟ تواصل معي الآن عبر واتساب. اضغط على الزرّ الأخضر
يونس يسأل: هل سمعت بتطبيق بي ريل (BeReal) من قبل؟ وهل ترى له فرصة في سوق الشبكات الاجتماعية؟
حقوق الصورة البارزة: Photo by Rami Al-zayat on Unsplash