لـ جيمس كوريير
أدرت أكبر موقع إلكتروني للاختبار النفسي في العالم – Tickle.com – بين عامي 2000 و 2006 حيث عمل لدينا خمس دكاترة في علم النفس والإحصاء، وكان هدفنا تطوير نظام لفهم الدّافع البشري وراء جعل المنتجات تنتشر بسرعة.
كان المشروع ناجحًا، فعلى مدار سنوات من دراسة البحوث النفسيّة والتجارب، قمنا برسم خريطة لـ 27 مجموعة تحفيزٍ بشري، حيث يمكن للعديد منها المساعدة عند محاولة إقناع الناس بمشاركة منتجك.
بوضع هذه المعلومات موضع التنفيذ، تمكنا من توسيع قاعدة مستخدمينا بشكل سريع إلى أكثر من 150 مليون شخص عندما كان عدد مستخدمي الإنترنت لا يفوق المليار. لقد كانت حقًا إحدى قصص النجاح الكبرى على وسائل التواصل الاجتماعي.
ومنذ ذلك الحين، واصلنا تطبيق ما تعلّمناه لمساعدة الشركات الناشئة على النموّ. ساعدنا الآن 12 شركة في الوصول إلى ما لا يقل عن 10 ملايين مستخدم لكل منها، بما في ذلك شركات مثل Poshmark و Goodreads.
وما خلصت إليه هو أنّ أساس النمو السّريع متجذّرٌ في علم النفس التحفيزي واللغة أيضًا.
نريد اليوم مشاركة ثمانية من مجموعات التحفيز التي وجدنا أنها تجعل الناس يشاركون بضاعة ما بطريقة تسمح لك باستخدامها لتصميم منتجك لجعله أكثر قابلية للمشاركة وأوسع انتشارًا.
وعلى الرغم من أنّ الانتشار السّريع وتأثير الشّبكة عاملان مختلفان، إلا أنّ تطوير الميزات والدوافع التي تجعل منتجك كلعبة متعدّدة اللاعبين يمكن أن يؤدي إلى تأثيرات الشبكة. وبالتالي، فإن التفكير في كيفية جعل منتجك سريع الانتشار يساعدك غالبًا على التخطيط لمنحه تأثيرات شبكة من مختلف الأنواع.
يكمن أحد أهدافنا في NFX في تشجيع المزيد من المؤسسين على بناء أعمال ذات تأثير شبكي، ونأمل أن يساعدك التفكير في سبب مشاركة الأشخاص للأشياء في توجيهك إلى هذا الطريق.
التفكير الأساسي في الشيوع السّريع للأشياء
قد تنطبق كل من الدوافع التي سنناقشها أدناه على منتجك وقد لا تنطبق، غير أنّ هناك العديد من الأشياء التي دائمًا ما تنطبق.
سنتحدّث عن علم نفس القطيع الحيواني (pack animal psychology) لدينا في المقام الأوّل. دائمًا ما نفكّر باستمرار في حالنا، كحيوانٍ في قطيع، وكيف يتشكّل إدراكنا، وما المكان الذي يلائمنا، وما إلى ذلك. إنّ هذه الحلقات الذهنيّة المستمرّة تعمل كأساس لدوافعنا للمشاركة، فنحن جميعًا قلقون بشأن الكيفيّة التي ستجعلنا المشاركة نبدو عليها.
ثانيًا، قلّل من الجهد الذي يجب بذله لمشاركة شيء ما. صمّم منتجك بطريقة تقلّل من الجهد والتفكير المطلوبين للمشاركة.
ثالثًا، فكّر في كيفية جعل منتجك بلا فائدة ما لم يشاركه الناس، فإذا لم يتمكنوا من الحصول على الأداة التي يريدونها، سيبحثون عن طرق للمشاركة.
رابعًا، اجعل لغتك حول المستخدم وليس عنك. إنّ هذا يمثل تحديًا كبيرًا لمعظم المنتجين الذين يفخرون بما قاموا ببنائه ويريدون أن يتم التعرف عليهم من قبل المستخدمين لإنجازاتهم، لكن هذا الأمر صبيانيٌّ بعض الشّيء. فبصفتك منتجًا ومسوّقًا، عليك أن تتجاوز مصلحتك الذاتيّة لصالح مصلحة مستخدميك الذاتية، فذلك أكثر إيثارًا وفعاليّة.
وباختصار، فإنّه عندما يفكّر أيٌّ منا في مشاركة شيء ما عبر الإنترنت أو دون اتصال بالإنترنت، فإننا نقوم دون وعي بالمقايضة بين الفوائد والتكاليف:
- كيف يمكن لمشاركة هذا (المشارك) أو أنت (الجمهور/المستلم) أن تفيدني عن طريق المنفعة أو عبر الحالة/السّمعة؟
- ما مقدار الوقت والجهد (الاحتكاك) الذي يجب أن أقضيه لمشاركة هذا؟
سيعطيك الفارق بين 1 و 2 تحويلاً أعلى للمشاركة، ويمكن أن يساعدك اختبار أ/ب في هذا الفارق، فغالبًا ما تركّز تكتيكات النمو على هذا.
يؤدي فهم الدوافع النفسيّة إلى توسيع مجموعة أدواتك لتعظيم التفاضل والتحدث مع المستخدمين عن حقيقة.
8 مجموعات من الحوافز التي تؤدي إلى المشاركة
فيما يلي 8 دوافع تؤدي إلى المشاركة… هناك المزيد، إلّا أنّ النقاط الحاليّة ستكون بمثابة نقطة بداية جيدة. إذا كنت ترغب في إجراء المزيد من البحث، فاطلع على كتابات فرويد وماسلو وماكليلاند وموراي وكوستا ومكراي وإيرهارد.
لقد اخترنا كلمة، لكل مجموعة، نعتقد أنها تمثل أفضل وصف لمجموعة من الكلمات التي تتحدث عن هذا الدافع الأساسي. وفي كل حالة، قمنا بإدراج المصطلحات الأخرى التي وجدناها متشابهة. تضمنّاهم جميعًا لأن كل كلمة يمكن أن تثير فكرة مختلفة في ذهنك عندما تفكّر في كيفية تطبيقها على منتجك.
1. المكانة
وهي أكبر مجموعة، كما يمكن أيضًا أن يطلق عليها اسماء “الانتماء” أو “الهيبة” أو “الاحترام” أو “الندرة” أو “المعرفة”. غالبًا ما يحاول الأشخاص إظهار هذه المجموعة من خلال ربط أنفسهم بأشخاص آخرين من ذوي المكانة العالية أو العقد المركزية في الشبكة. يفهم معظمنا بشكل بديهي أنّ العقد عالية المكانة في الشبكة تميل في الغالب إلى الارتباط بالعقد الأخرى صاحبة المكانة العالية.
كما يحاولون أيضًا إظهار ذلك من خلال الانضمام إلى منتجات حصرية، على غرار Facebook عندما كان في البداية محصورًا بطلبة الكليّات فقط، أو مثل Superhuman أو Clubhouse مؤخرًا.
ويحاول الأشخاص أيضًا إظهار مكانتهم في المنتجات، فعلى وسائل التواصل الاجتماعي، يشارك الناس إنجازات أصدقائهم: تهانينا على وصولك إلى سنّ الـ 30، وتهانينا على جمعك (رقم) مليون دولار من رأس المال الاستثماري… وتهانينا حصولك على وظيفة جديدة. لعلهم سعداء بأصدقائهم بالفعل، ولكن سبب قيامهم بذلك علنًا هو بسبب الطريقة التي سيجعلهم ذلك يظهرون بها. ينطبق نفس الشّيء على إدارة علاقات العملاء حيث تضع البيانات التي تجعلك ذا مكانة عالية بين فريق المبيعات.
إنّ المكانة نادرة بطبيعتها لأنها تشير إلى تسلسلنا الهرمي في الحزمة. لا يوجد سوى منصب علوي واحد، ومركز ثان واحد، وهكذا. إنّ الوصول إلى شيء نادر أو حصري يحفّز الأشخاص على المشاركة لأنهم يمكن أن يحصلوا على مكانة عالية من الأشخاص الذين سيشاركونه معهم. ولاحظوا أنّه على الرغم من الحالات البارزة التي نجح فيها ذلك، إلا أنّ عددًا قليلاً جدًا من المنتجات يمكن أن تحقّق مكانة عالية بما يكفي عند إطلاقها في السّوق لكي تنجح تكتيكات النّدرة. عادةً ما تنجح النّدرة بسهولة أكبر مع أشياء مثل الخصومات أو التذاكر المحدودة العدد أو الوقت.
2. إسقاط الهوية
تشمل الكلمات الأخرى في هذه المجموعة: “القَبَلية” و “الإثبات” و “الانحياز التأكيدي”. نريد أن نكون قادرين على إظهار من نحن وأن تكون هويتنا مبرّرة.
يظهر هذا الدافع مع مشاركة الغضب على وسائل التواصل الاجتماعي. فعندما نعبّر عن غضبنا بشأن شيء ما، فإننا نرسم خطًا واضحًا حول ما لا نفعله. إنّ هذا هو السّبب وراء وجود الكثير مما يشاركه الأشخاص عبر الإنترنت في جماعات “قلت لك” أو “هذا يثبت وجهة نظري”، “أنا على حق”، و “فريقي يفوز، لذلك أنا جدير بذلك.”
تساعدنا مشاركة مراجعة غاضبة على موقع Yelp أو منشور سياسي على Facebook في تحديد ما نقف أمامه، وما ندافع عنه ضمنيًا.
يمنحنا ذلك الفرصة للحصول على وجهة نظر – تصريحُ بمكن للناس الاتفاق أو الاختلاف معه. نسعى في الغالب إلى التحقق من صحة وجهة النظر هذه. وفي بعض الأحيان، من المثير للاهتمام أننا نتشارك لمساعدة أنفسنا في استكشاف هوياتنا الخاصة، أو لاستكشاف هويّة الآخرين، لنرى من لديه نفس طريقة التفكير. ومن الأمثلة على ذلك أشياء مثل لعبة Roblox أو امتلاك حسابات متعددة على Instagram.
لا شكّ أنّ “القبلية” دافعٌ بشري قوي مخبأ في أعماق نفسيّتنا، لا ينفكّ عن الهمس في أذننا بأننا على حق والآخرون على خطأ. سننجح ولن ينجحوا. نريد أن نكون جزءًا من الحزمة، وعندما نشارك، يكون ذلك في بعض الأحيان إما أ) إشارة إلى اننتمائنا أو ب) مساعدة في العثور على قبيلتنا.
تتضح المشاركة التي يقودها المجتمع والتي تشير إلى انتماء الإشارة في المجتمعات عبر الإنترنت في موقع مثل WallStreetBets، حيث يشير استخدام لغة مشتركة (“الأيدي الماسية” و “إلى القمر” و “تحمّل”) إلى الانتماء إلى القبيلة وتساعد على نموّها من خلال زيادة الوعي بها.
لا يقتصر الأمر على المجتمعات عبر الإنترنت التي يتم مشاركتها بدافع الانتماء، فيمكن للعديد من أنواع المنتجات بناء تأثيرات الشبكة القبلية. ستعتمد هذه المنتجات على علم النفس الأساسي الذي يحفز الناس على المشاركة، إما لتجنيد أشخاص جدد في قبيلتهم، أو للإشارة إلى عضويتهم فيها، أو الدفاع عن قبيلتهم – وبالتالي عن أنفسهم – من الآخرين.
3. النّفع
“جدوى.” “أن تكون أحسن.” “أرخص.” نحن مضطرون لمشاركة الأشياء التي نجدها مفيدة لأننا نريد أن يُنظر إلينا على أنها مفيدة وتغذي قبائلنا، فمن الجيد أن يُنظر إليك على أنك شخص كفء ويعرف ما يفعل.
سواء كان ذلك منتجًا جديدًا نشعر أنه سيحسّن من حياتنا حقًا من خلال إنتاج الكثير من القيمة أو شيئًا ينتج هذه القيمة بسعر أقل.
وعلى سبيل المثال، في الأيام الأولى لـ Airbnb، كان الناس متحمسين لمشاركة المنتج لأنه أنتج الكثير من القيمة الرخيصة لهم كمستخدمين، وأرادوا مشاركة هذه الأداة مع أصدقائهم. انطبق الأمر على Salesforce في الأيام الأولى كذلك، 50 دولارًا شهريًا من إدارة علاقات العملاء في شكل برنامجيّات كخدمة.
ولاحظ أنّ اللغة مهمة، خاصة إذا كان منتجك يوفر بعض الأدوات الجديدة أو غير المسبوقة. إذا كان بإمكانك إعطاء المستخدمين اللغة للتعبير عن فائدة منتجك بطريقة واضحة وجذّابة وساحرة، فستكون هذه اللغة بـ 10 أضعاف الكلام الشفهي. إنّه فرق بين قول “ولوج إلى سوق مشاركة الرحلات عبر الإنترنت” و “الحصول على توصيلة في 3 دقائق”.
4. السّلامة
“الخوف” أو “الامتثال” أو “منع الضرر” أو “الحماية.” إنّ الخوف جزء لا يتجزّأ من نظامنا الأساسي لعلم النفس. إذا شعرنا بالخطر، فإن عقولنا مرّت بتجارب جعلتها تتمكّن من التعرّف على ذلك.
يمكن لأي تهديد محتمل للسلامة – سواء كان جسديًا أو ماليًا أو عاطفيًا – أن يكون سببًا قويًا لمشاركة النّاس. لقد أدركت وسائل الإعلام الإخبارية هذا منذ فترة طويلة، فكما يقولون في عالم الأعمال، “الخطرُ مطرٌ”. والسّبب في أنّ الطريقة المبتذلة التي تقدّم بها أخبار السّاعة السّادسة مساءً هو لجعلك تشاهد أخبار الساعة الـ 11، وتتأّكّد “هل أطفالك بأمان؟”
تتم مشاركة المنتجاتِ التي توفر الأمن أو الأمان بسبب نفس المشاعر. على سبيل المثال، جاء الصعود المبكّر لشركة Nextdoor من الأشخاص الذين يريدون معرفة ما كان يجري في منطقتهم وما نوع التهديدات التي قد يواجهونها. ونمت شعبيّة تطبيق Citizen لسبب مشابه، وهذا هو السبب أيضًا في أنّ خريطة جريمة Trulia ساعدتهم على النمو.
ينطبق الأمر نفسه على منتجات السلامة الرقمية مثل Norton Antivirus أو أدوات حماية كلمة المرور مثل 1Password. يشارك المستخدمون مثل هذه المنتجات مع أصدقائهم وعائلاتهم للمساعدة في حمايتهم من الخطر.
إنّ الامتثال يتعلّق بالسلامة، فالناس لديهم دوافع عالية لمنع الضرر والحفاظ على الاستقرار. إنّ عملاء برامج البرمجيّات كخدمة للامتثال، على سبيل المثال، لديهم الدّافع للمشاركة مع الآخرين حتى يبدون على أنّهم يريدون منع الضّرر وأنّهم قوّة حماية واستقرار.
إنّ ذلك يمنحنا فرصة للحصول على وجهة نظر – بيانٌ يمكن للناس الاتفاق معه أو الاختلاف. نسعى في الغالب إلى التحقق من صحّة وجهة النظر تلك، وفي بعض الأحيان، من المثير للاهتمام أننا نتشارك لمساعدتنا في استكشاف هوياتنا الخاصة، أو لاكتشاف هويّة الآخرين، لنرى من لديه نفس طريقة التفكير. ومن الأمثلة على ذلك لعبة Roblox أو امتلاك حسابات متعدّدة على Instagram.
تعتبر “القبلية” دافعًا بشريًّا قويًّا ومتأصّلًا بعمق في نفسيتنا والتي تقول إننا على حق وهم على خطأ، سننجح ولن ينجحوا. نريد أن نكون جزءًا من الحزمة، وعندما نشارك، يكون ذلك في بعض الأحيان إما أ) إشارة على انتمائنا أو ب) للعثور على قبيلتنا.
تتضح المشاركة التي يقودها المجتمع والتي تشير إلى انتماء الإشارة في المجتمعات عبر الإنترنت مثل WallStreetBets، حيث يشير استخدام لغة مشتركة (“الأيدي الماسية” و “إلى القمر” و “استعد”) إلى الانتماء إلى القبيلة وتساعد على نموّها من خلال زيادة الوعي بها.
لا يقتصر الأمر على المجتمعات عبر الإنترنت التي يتم مشاركتها بدافع الانتماء، إذ يمكن للعديد من أنواع المنتجات بناء تأثيرات الشبكة القبلية. تعتمد هذه المنتجات على علم النفس الأساسي الذي يحفّز الناس على المشاركة، إما لتجنيد أشخاص جدد في قبيلتهم، للإشارة إلى عضويتهم فيها، أو الدفاع عن قبيلتهم – وبالتالي عن أنفسهم – من الآخرين.
5. النّظام
“نظّم” أو “جمّع.” إنّ الوعي هو إحدى سمات الشخصية الخمس الكبرى – يصنّف الناس على سلسلة من أنواع الشخصيّات التي تحبّذ أن تكون منظمة للغاية وفعالة وتلك الأكثر فوضوية بشكل طبيعي.
إنّ الأشخاص الذين يحاولون تنظيم عالمهم بسبب شخصيّتهم لديهم حافز كبير لمشاركة الأدوات التي تساعدهم على التحسّن والتنظيم.
إنّ هذا هو أحد الدوافع الكبيرة بين النمو السريع لتطبيقات تدوين الملاحظات المشابهة لتطبيقات تدوين الملاحظات مثلRoam Research و Notion، والتي كانت تنمو بسرعة خلال السنوات القليلة الماضية. إنه نفس الشيء الذي دفع النمو لبرامج الإنتاجية مثل Asana و Airtable في الأيّام الأولى.
يشاركها الناس لا لأنها تجعل الآخرين ينظرون إليهم على أنّهم أكثر تنظيماً وفعالية فقط، بل أيضًا لأنها تساعدهم على جلب أشخاص آخرين إلى نفس بروتوكول النّظام – سواء أكانوا زملاء عمل أو أصدقاء ومعارف.
6. الحداثة
“الترفيه” و “الجِدّة.” إنّ جانبًا آخر من جوانب الشخصيّة التي تم تحديدها كجزء من الخمسة الكبار هو الانفتاح على تجربة الجديد، حيث نقع في سلسلة من الرّغبة في البحث عن التجديد والفضول على حساب توخي الحذر والألفة.
تم التعرّف على الانجذاب نحو الحداثة في وقت مبكر من قبل فيلهلم وندت، أحد مؤسسي علم النفس الحديث الذي توصّل إلى ما يسمى بمنحنى وندت (Wundt Curve)، منحنى في أحد طرفيه الحداثة، والألفة على الطرف الآخر.
ولعلّ النّقطة الأكثر إثارة للاهتمام هي تلك التي في المنتصف، والتي مفادها أنّنا ننجذب إلى الأشياء الجديدة بما يكفي حتى لا تكون قديمة، ولكنها في نفس الوقت ليست جديدة لدرجة تكون فيها غريبة.
يمكن رؤية هذه البقعة الجديدة ” في الميمات على الإنترنت، حيث يشارك النّاس تحديثًا لنفس الصيغ التي تحتوي على عناصر مألوفة وجديدة. إنّ بعض صيغ عام 2020 تشمل “كيف بدأ الحال… كيف هو الآن” و “لا أحد: … “لا أحد على الإطلاق:”
في مرحلة ما، ينتقل الميم إلى ما وراء النّقطة التي في الوسط ويصبح قديمًا، وبعد ذلك يتوقف الناس عن مشاركته لأنهم سيتعرّضون للسخرية لكونهم خلف المنحنى.
وفي الوقت نفسه، دائمًا ما نبحث عن الشّيء الجديد التالي، فنتحمّس لمشاركة المنتجات الجديدة والمعلومات الجديدة لأنها تجعلنا نبدو وكأنّنا في صدارة المنحنى.
يشارك الناس الأشياء المسلّية لأن المخاطر منخفضة وتسمح لهم بالتفاعل مع البعض بطريقة تشعرهم بالأمان والدّفء.
ينخفض حدّي الأقصى من الحذر لإرسال شيء ما لك لو علمت أنّه سيكون مسليًا أو ممتعًا، فدائمًا ما يكون الخطر المتصوّر لمشاركة شيء ترفيهي منخفضًا، في حين توجد إمكانيّة بأن يُنظر إليك على أنّك تتمتّع بذوق جيّد للترفيه.
تجعل المنافسة من انتشار الترفيه دافعًا صعبٌ الحصول عليه، ولعل الأسوأ من ذلك كله أنها مسألة حظّ وسرعان ما ستزول حتى لو كان حظّك جيّدًا. غالبًا ما تحتاج إلى إنشاء 50 قطعة جديدة من المحتوى الترفيهي قبل تحقيق “نجاحٍ” واحد، لتستمر عادةً لبضعة أيام أو أسابيع قبل أن تنسى في السّوق وسط سيلٍ من النكات الجديدة.
7. التأكيد
“إيجابي.” “سعيد.” “ذكي.” يتعلق الكثير مما نشاركه عبر الإنترنت بحقيقة أنّنا نريد الحصول على دفعة معنويّة، أو لاعتقادنا أنّنا جيدون أو أذكياء، فنحن نريد أن نشعر بالإيجابية تجاه أنفسنا ومكاننا في العالم.
لاحظنا هذا كثيرًا من خلال اختبارات الشخصية في Tickle. شارك الناس نتائجهم لأنهم أرادوا أن يتم التأكّد من صحتهم وتعزيز احترامهم لذاتهم. وحتى اليوم، غالبًا ما يتوق النّاس إلى مشاركة نتائج اختبارات شخصية مايرز بريجز أو عناصر الشخصيّة الخمسة مع أصدقائهم لأنهم يسعون إلى هذا النّوع من التأكيد.
تريد أن تعرف ما رأي النّاس فيك، وسوف تشارك المنتجات التي تساعدك على القيام بذلك. أنت أيضًا تريد أن تشعر بالإيجابية والارتقاء. أصبح موقع Upworthy، على سبيل المثال، واسع الانتشار لأنه ساعد الناس على الشّعور بالرضا عن هويّتهم والتحقق من وجهات نظرهم الإيجابية عن أنفسهم والعالم.
8. التلصّص
“نافذة.” “مستمتعٌ بآلام الآخرين.” “الولوج.” هناك نوعان من الدّوافع ذات الصلة التي تجعل الناس يشاركون بدافع التلصّص.
هناك متعة غير مباشرة من ناحية، إذ يشارك الأشخاص الأشياء التي تسمح للآخرين بالعيش من خلالهم بشكل غير مباشر، سواء كان ذلك من خلال مشاركة طعامهم وإجازاتهم على Instagram أو مشاركة منتج على YouTube.
ومن ناحية أخرى، هناك المتعة في ألم الآخرين (schadenfreude). يتحمّس الأشخاص بشدة لمشاركة أشياء مثل فضائح المشاهير، والنّميمة عن الأشخاص البارزين أو الأشخاص الذين لا يحبونهم لأنها تساعدهم على توحيد رأيهم مع آخرين في الحكم على/ازدراء الآخرين.
وعلى الرّغم من أن هذا ليس جميلًا، إلا أنهما وجهان لعملة واحدة. إنّ التلصّص دافع قوي لمشاركة الناس الأشياء.
الجواب لدى علم النفس
كمؤسّس، فإن فهم علم النفس الذي يفسر سبب مشاركة الناس هو أحد مفاتيح إطلاق العنان للنمو. إنّ اختبار اللغة للتواصل مع هذه الدوافع هو ما يتعيّن القيام به.
في كثير من الأحيان، نفقد تركيزنا على الهدف فنحن نركز بشكل مفرط على اختبارات أ / ب، وتحسين مسارات التحويل وتصميم الصفحات الرئيسيّة والتطبيقات، مع عدم التركيز بشكل كافٍ على الأساسيات النفسية واللغوية التي تحفّز مستخدمينا على مشاركة منتجنا أو العكس.
إنّ فهم علم النفس وتطبيقه حول سبب مشاركة الأشخاص هو مبدأ باريتو للتسويق – إنّ الـ 20٪ مما تفعله في تسويق المنتجات وتصميمها هو الذي سيؤدي في النهاية إلى الـ 80٪ من النمو الباقية.
عن الكاتب
جيمس كورييه، شريك عام لدى إن إف إكس (NFX)، وهي شركة استثمار جريء في الشركات الناشئة في مراحلها الأولى، يقع مقرها في سان فرانسيسكو.
تُرجمت هذه القطعة من المحتوى بإذن كاتبها الأصلي: جيمس كورييه.
ترجمها للعربية: عبد القادر علي خوجة.
نُشرت لأول مرة بالعربية في مدونة يونس بن عمارة.
حقوق الصورة البارزة: Photo by Luis Cortés on Unsplash
رأي واحد حول “دوافع المشاركة لدى النّاس: علم النفس وراء “الانتشار السّريع للأشياء””