كيف تدعم اللغة العربية وتغار عليها بطريقة صحيحة بصفتك كاتب محتوى؟

اقترح عليّ الأستاذ عدنان العجارمة والأستاذة فاطمة حداد هذا الموضوع فشَكَر الله لهما. فاطمة وعدنان مشتركان في رديف فماذا تنتظر؟ اشترك أنت الآن في رديف

فاطمة حداد: من الناحية التسويقية، ما رأيك بمن يكتب منشورات وإعلانات مليئة بالأخطاء الإملائية، ناهيك عن الأسلوب اللغوي بحد ذاته؟
تبريرهم بذلك أننا نستهدف جمهورا محددا بلغة عامية، علما أنه حتى العامية لم تكتب جيدا

عدنان العجارمة: من ناحية تسويقية لا يوجد مبرر للكتابة الاملائية الخاطئه لأنه من غير المنطقي ان ابرر ذلك بأن جمهوري بتحدث اللغة العامية

وانا من الاشخاص يستفزني إعلان مكتوب بشكل خاطئ مع وجود محرر للنصوص يعطيك تصحيح تلقائي دون عناء البحث والتدقيق عن ما تكتبه

فاطمة: أتمنى لو نقرأ مقال عن هذه النقطة لزيادة الوعي عنها. أرشحها كتدوينة @YounesTalkDZ

عدنان: هناك مشكلة ا.فاطمة كما ذكرتني في لقاء الأمس بخصوص المحتوى باللغة العربية الصحيح ..وهذه فعلا معضلة
تحتاج مقال منك ا. يونس

ولنبدأ بسم الله.

قبل أن تحكم: إما أن تستشهد ببيانات ودراسات موثوقة أو تصرّح بأن الرأي رأي شخصيّ غير مدعوم بأي أدلة

ليس لدينا كثير من البيانات حول مثلًا كم شخصًا يكتب بالعربية الصحيحة أو من هم أولئك الثلة من الحمقى الذين يصرفون ألوف الدولارات شهريًا على إعلانات غوغل لدى شركات الاتصالات وإعلاناتهم كلهم بالعامية ولم يخبرونا لمَ يكتبون بالعامية؟ ولم عامية العاصمة لتلك الدولة (أوريدو مثلًا ولسبب ما تكتب بالعامية الجزائرية العاصمية) وعلى أي أساس علمي قائم على البيانات يفعلون ذلك؟ وأيضًا هل تلك الآلاف من الدولارات الإعلانية تؤتي أكلها أم هي كبّ للمال وفقط؟

ليس لدينا كذلك أي إحصائيات بشأن مواضيع مثل هذه:

• كم عدد من يستمع للكتب التراثية العربية (مثل كليلة ودمنة وألف ليلة وليلة) على يوتيوب ولماذا يستمعون لها مع أنها غير مترجمة للعامية بعد؟
• كم عدد الهاشتاقات الداعمة للغة العربية في كل المنصات (تيك توك وتويتر وغيرها) وكم عدد المتفاعلين معها وما مدى أثرها؟
• كم عدد المبادرات اللغوية الفردية والمؤسساتية التي تستهدف دعم لغة العرب؟ وما مدى وصولها الجماهيري؟*

*وفق مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز الدولي لخدمة اللغة العربية هناك 205 مبادرات فردية على الشبكة و143 مبادرة مؤسساتية على الشبكة حتى كتابة هذه السطور مع العلم أن هذه القاعدة من البيانات مع الشكر الجزيل لمعدّيها غير محدّثة فهي لا تشمل مبادرات لغوية جديدة مثل الأمالي. على سبيل المثال.

بعد أن نعرف الوضع ندقّ ناقوس الخطر

بما أن التقارير والبيانات شحيحة فنحن فعليًا ودون مبالغة لا نعرف وضع اللغة العربية. تقارير اللغة العربية لم نسمع بها إلا مؤخرًا ومن ذلك:

• تقرير حالة اللغة العربية ومستقبلها..أول تقرير من نوعه يرصد حالة اللغة العربية ومستقبله – ديسمبر 2020
• التقرير الأول لحالة الشعر العربي – 2019
• أول دراسة لحركة النشر بالوطن العربى.. 70 ألف كتاب في 2019

لاحظ أن كل هذه التقارير هي الأولى من نوعها وفي أزمنة حديثة ونرجو أن تستمر لأنها أتت متأخرة وغير كافية.

ونحتاج المزيد من ذلك تفعيل مرصد رقمي يتابع التطورات والمستجدات عبر محركات البحث ومنشورات وهاشتاقات منصات التواصل في وقت شبه حقيقي، ومع أن بعض الهيئات مثل مجمع الملك سلمان تؤدي جهدًا تشكر عليه إلا أنه ليس بالقدر ولا السرعة الكافيتين.

إذن لا داعي لأن ندق ناقوس الخطر ونحن لا نعرف. لأنه غالبًا النتائج ستكون مبشّرة لا العكس ولنأخذ أمثلة على ذلك.

• المثال الأول: كم مرة قرأتَ في متجر تطبيقات غوغل تحت التطبيق تعليقًا يقول: وفّروا لنا العربية؟ حاول أن تعدّهم واسأل نفسك: لم يحدث ذلك؟
• المثال الثاني: مبادرات القراءة (مثل أصبوحة وتحدي القراءة العربي وغيرها الكثير) لماذا تحصل على ملايين التفاعلات؟
• المثال الثالث: مع أن بعض المجلات تموت إلا أني شخصيًا (ودون تتبع وثيق) أشهد ولادة العشرات من المجلات العربية الجديدة مع أعداد كثيرة كل عام. اُنظر الصورة أدناه في تعليقاتي على تغريدة للمترجم يزن الحاج
• المثال الرابع: لماذا لديّ 2.1 مليون مشاهدة لمحتواي المكتوب بالفصحى قدر الإمكان؟ على منصة كورا؟ ساءل نفسك.
• المثال الخامس: ننتظر تقريرًا من شركة غوغل تكشف لنا فيه كم ترسل من دولارات خضراء لأصحاب المدونات العربية المفعّلين لإعلانات أدسنس وينشرون محتواهم بالعربية وأخمّن أنه مبلغ كبير وعدد هائل من المواقع
• المثال السادس: أجزم أنه لو تُجرى دراسة عن اختيار العرب للغة في آلات الصرافة والمطارات والأجهزة الإلكترونية والتطبيقات ستكون العربية متفوقة تفوقًا كاسحًا ومن مؤشرات ذلك: منذ إطلاق تطبيق المنصة (Pinterest) على أندرويد والويب، شهدنا زيادة نسبتها 48% في عدد المستخدمين الذين يختارون اللغة العربية كلغتهم المُفضلة، وتعدّ اللغة العربية أحد أسرع اللغات نموًا على منصة پنترست بواقع أكثر من 3.5 مليون بحث يُجرى باللغة العربية على المنصة كلّ يوم.

كيف تدعم اللغة العربية وتغار عليها بصورة صحيحة وغير مُنفّرة للآخرين؟

1. افعل ما تدعو إليه: قدر الإمكان والمستطاع اُكتب واُنشر محتواك بالفصحى وأقرّ بالأخطاء إن وقعت ولا تستحي من التعلّم فكلنا نتعلّم المهم ألا تمانع تعلّم لغتك الأم
2. لا تدعيّ رجاءً أن العامية أقرب للعرب من الفصحى فلا دراسة موثوقة حتى الآن تدعم هذا وأنت لست خبيرًا لغويًا
3. اعترف بأهمية الكتابة الصحيحة باللغة العربية لغتك الأم وقل أنك تودّ التعلم وأنك تخطئ ولست مرجعًا ولا يجب أن تحتذى في كتابتك بالعامية
4. اللغة ليست مجرد وسيلة تواصل. تجاوز الناس من خبراء اللسانيات ذلك من زمن طويل. تشومسكي أدناه وبالدليل (الكتاب+الصفحة) يقول أنها ليست مجرد أداة تواصل* (وهو أي تشومسكي ووفق أحد التقارير أكثر البشر الأحياء على وجه المعمورة يُستشهد باسمه في الأوراق البحثية)
5. قلّل الآراء الشخصية وأجرِ تصرفات وفق البيانات لا الحدس والتخمين لا تقل العامية أقرب من الفصحى أو الناس لا يقرأون أو العرب لا يشترون المنتجات الفكرية أو أن أمرًا كذا أو على هذا النحو دون إثبات بذلك – تستطيع التعبير عن آرائك الشخصية مع التوضيح أنها رأي شخصي ليس إلا
6. لن توظفك أبدًا أي هيئة كبرى بصفتك كاتبًا (حتى لو لم تكن متعلقة باللغة مثل أرامكو) وأنت لا تحسن التعبير الصحيح بلغتك الأم ولهذا أصدرت أرامكو دليل تحرير لهم وهم مجرد مثال. فالعامية لن تؤديك إلى مراتب عالية مشرّفة. واسأل مدراء أرامكو: لم لا تصدرون مجلة القافلة بالعامية السعودية؟
7. اللغة هوية وثقافة ومنهج تفكير** والإنجليزي والفرنسي والألماني لا يقبل أن تكتب نصوصًا غير صحيحة بلغته. الإنجليزي مثلًا لا يقبل أن تكتب له رسالة إلكترونية مليئة بالأغلاط وبها لغته كما تُنطق وسينتقص منك لو فعلت ذلك فلماذا تقبل الدنية في لغتك وقد نطق بها خير بني آدم عليه الصلاة والسلام؟
8. لا تسخر ممن يتحدث بالفصحى. فقد تحدّث بها والله رجال لو أقسموا على الله لأبرّهم. والسخرية من العربية خلق رديء ويدلّ على سخافة وجهل منك. قد تسألني: ماذا عن بعض الممثلين الذين يفعلون ذلك؟ هم حمقى كذلك لا تكُ مثلهم
9. مأفونو ما بعد الحداثة يستهدفون لغتك. سيقولون لك أولًا اُكتب كما تنطق ثم ها هم يأتون لروائع كتب لغتك فيترجمونها بالعامية ثم (ولتسمعها مني أفضل) سيقولون لك لا أحد الآن يعرف ما ضيزى وغسلين لنقرّب النصوص المقدسة للناس ولنترجم كتابك المقدس للعامية لأنها أقرب لقلوب الناس وأفهامهم صح؟ ستقول لن أصل لتلك المرحلة أبدًا لكن أجبني برأيك: لم هناك كثير من الملحدين/مؤيدي قوس قزح/النسويين العرب على يوتيوب وغيره الآن؟ هذه الدعوى ستتسرب وتنتشر وواجبك بصفتك كاتب محتوى أنت تكون أحد المرابطين الذين ينافحون عن لغتك لأنها هويتك ونمط تفكيرك الحرّ والأصيل
10. لا أحد يحيط باللغة وكما قال الإمام الشافعي لا يحيط باللغة العربية إلا نبيّ. واعلم أن كثيرًا مما تظنه عاميّ هو فصيح أساسًا ويجوز لك استخدامه وتابع إن شئت صفحة التدقيق اللغوي على فيسبوك واسأل نفسك لو صدق أولئك الذين يدقون ناقوس الخطر فلم هذه الصفحة صفحة التدقيق اللغوي لديها 1.2 مليون متابع؟ وغيرها كثير.
11. تخلّ رجاء عن أسطورة اُكتب كما تتحدث فهي سخيفة وليست صحيحة ولا صائبة***

هوامش وأدلة النقاط أعلاه

*طالع إجابتي على كورا عن سؤال نصّه هل اللُّغة مُجرد وسيلة تواصل؟

**اُنظر أدناه

***اُنظر الدليل على ذلك هنا اكتب بعفوية كما تتحدث؟… أو لا تفعل ذلك أحسن والصورة أدناه

اقرأ أيضًا في هذا السياق

• 10 أسبابٍ للتفاؤل بمُستقبل المحتوى العربي
• 18 طريقةً تدعمُ بها اللغة العربية في يومها العالمي
• حمّل سلسلة تغريدات لماذا لا أكتب بالعامية؟
• الأدوات والمنصات والتقنيات المُساعدة على إنتاج المحتوى باللغة العربية

---

أعجبك ما أصنعه من محتوى؟ تواصل معي الآن عبر واتساب. اضغط على الزرّ الأخضر

---

يونس يسأل: كيف تساهم في دعم اللغة العربية؟

---

حقوق الصورة البارزة: Photo by Shalvi Raj on Unsplash