كيف تستعيدُ تركيزك الذي سُرق منك وتودِّع التشتت وقلّة الانتباه والمُلهيات للأبد؟

اقترح عليّ الأستاذ أحمد صالح شَكَر الله له هذا الموضوع:

لننقل اقتراحه هنا نصيًا ونجيب عليه بعون الله:

نصائح للحد من التشتت الذي نعيشه اليوم

والموضوع هامّ للغاية بالفعل. فبعض الناس يظنّ أنه فَقَد تركيزه كليًا بسبب العصر وكثرة المشتتات، آخرون يقولون -معتذرين عن أنفسهم ومبررين كثرة تشتتهم- أنهم مصابون بـاضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط (ADHD).

لدي تحفظات شديدة على أن يقرأ المرء أعراض ذلك الاضطراب (اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط) ويجزم أنه مصاب به. مع ذلك إن كنت مصابًا به وفق تشخيص طبيّ معتمد فالذي شخصّك نفسه لديه حلول لها تخفف منها.

كما هناك الكثير في الإنترنت عن هذا الاضطراب وكيفية التعامل معه يكفي أن تكتب اسمه مع علاج أو تخفيف باللغة العربية أو الإنجليزية في محرك البحث.

لكن لكي أكون معك نزيهًا. عن نفسي لا أؤمن بوجود هذا الاضطراب كليًا. لا هو ولا المزاج. هذين المفهومان غير موجودان في العالَم الذي أعيش فيه، ربما هما موجودان في أكوان الآخرين لكن أؤكد لك أنه لا وجود لهما في كوني.

إذًا قد تسأل: لماذا ذهب تركيزنا في هذا العصر مع خبر كان؟

أبشر بالجواب. لكن قبل ذلك لنعرّج عمّا كُتب في هذا المجال أولًا أي التركيز وتجنب المُشتتات.

كَتَبَ -ولا زال يكتب- الكثيرون عن كيفية رفع الإنتاجية وجعل التركيز ليزريًا وإيقاف المشتتات وما إليه. من ذلك أنك إن تصفحت موقع تَرْيد بَاب (TradePub) -وأنصحك بذلك- وكتبتَ في خانة البحث هناك كلمة distraction ثم بحثت وكلمة Focus ثم بحثت لظهرت لك عدة ملّفات قيمة عن الموضوع أدناه 👇 صورة لبعض أغلفتها.

"كمشة" كتيبات وأدلة عن التركيز وإبعاد التشتت من موقع تَرْيد بَاب
“كمشة” كتيبات وأدلة عن التركيز وإبعاد التشتت من موقع تَرْيد بَاب

هذه الملفات ليست كما تُظهِر أغلفتها أنها كتب بل عدد صفحاتها قليل (فيها من عدد صفحاته 6 وأخرى 15 مثلًا) ويمكنك مطالعتها في جلسة.

ومع أنها نافعة إلا أنها غالبًا لن تفيدك إلا بالقليل في موضوع التركيز بالذات. (فيها فعلًا أُطر عمل ونصائح وبرامج وتطبيقات يَحسُن بك أن تعرفها).

وذكرت هذا لسبيين وجيهين:

  • لتعرف أني أنجزت واجباتي المنزلية (بحثت جيدًا) قبل أن أكتب في الموضوع
  • كي أعرّفك على موقع نافع التحميلُ منه شرعيٌّ وبه ملفات قيّمة معرفيًا

ستحتاج إلى بريد عمل للانتفاع من موقع تَرْيد بَاب وأدناه 👇 خدمة تقدّم لك حلًا لتحصل على بريد عمل. وهي مجانية.

💡 إن احتجت لبريد عمل (ليس شخصي) استخدم Atmarket التي تمنحك بريدًا إلكترونيًا مجانيًا يفي بالغرض.

لمحة عن مكتبتي الرقمية في موقع تَرْيد بَاب
لمحة عن مكتبتي الرقمية في موقع تَرْيد بَاب

ماذا عن الأجهزة القابلة للارتداء المخصصة لرفع التركيز؟

هناك أجهزة قابلة للارتداء الآن مثل FOCI وهي عبارة عن مُلحق صغير الحجم يُعلّق في الجيب يساعدك على التركيز والحفاظ عليه ورفع إنتاجيتك. لم أجرّبه لذا لا أستطيع الحكم عليه الآن. مع ذلك تخميني: أنه غيرُ مجدٍ هو أيضًا!

صورة تمثّل جهاز FOCI لرفع الإنتاجية وزيادة التركيز؛ مصدر: موقع FOCI
صورة تمثّل جهاز FOCI لرفع الإنتاجية وزيادة التركيز؛ مصدر: موقع FOCI

إذًا ما المشكلة مع التركيز في وقتنا الحالي؟

مشكلة التركيز بنظري في هذا العصر لا علاقة لها بالهاتف أو الأجهزة اللوحية أو الحاسوب. فالمشكلة أعمق من ذلك إذ هي مشكلة هدف وغايات وقيم.

اسأل نفسك: لمَ تريد أن تركز بالأساس؟

على سبيل المثال اسأل نفسك هذا السؤال: لماذا بدل أن “أركّز” وأكتب لك ما أكتبه الآن في هذا المقال وأفتح تبويبات المتصفح وأنزّل أغلفة وأصمم صورة بمنصة كانفا وأعدّل وأنسّق ولا أفتح تيك توك وأغرق في 45 د من الفيديوهات الموجزة؟

السبب ليس لأني أستخدم موانع المشتتات أو تطبيقات أو حيل نفسية بل لأن لدي قيمة أمضي وفقها وهي إحداث أكبر نفع ممكن للناس وذلك بصنع المحتوى النافع أساسًا. وإخلاص النية لله عز وجل في ذلك وأيضًا بغرض كسب القوت وعفّ النفس عن طلب معونة الآخرين أو احتياجهم.

هذا كل شيء ومع أنه واضح ومباشر كما ترى إلا أن معظم الناس لا يدركون أن مشكلة التركيز أساسها ذهنيّ فإن تغيّرت الذهنية ركّزت وإن كان العالم يعجّ بالمشتتات.

الكثير من الناس يأتون لي ويقولون انتباهنا فُقِد بل أقول لهم سُرق. ومن سرقه؟ مارك وصحبه. لا تدع مارك زوكربيرغ ولا غيره يسرق منك انتباهك لأنك لست إلا مجموعة وقتٍ تمشي. إن لم يكن لديك مال فوقتك مال فلا تنفقه على من لا يستحق.

مع ذلك ينفق الناس أوقاتهم على أصحاب بثٍّ مباشر لا يساوون فلسًا ثم يقولون لك تركيزنا فُقد.

السؤال: لمَ التركيز لمْ يُفقد في استهلاك محتواهم ولم تفقده إلا عندما شرعت في إنجاز ما هو أهمّ لنفسك ولحياتك؟

تبيّن إذًا أن المشكلة مشكلة أولويات ومصفوفة قيم.

⚠️ لا تظنن أن التطبيقات التي تنفق المليارات في توفير تجربة مستخدم سريعة لا بطء فيها وتمنحك حلويات للدماغ (دوبامين) بالتقطير وتسلّيك فلا تملّ أبدًا وفيها الجديد الذي لا ينضب تفعل ذلك لوجه الله؛ لدينا مثل شعبي في وادي سوف يقول “ماكانش ڤُطْ يْصيّد لله” ومعناه “القِطُ لا يصطاد فرائسه لوجه الله بل لمصلحته الذاتية” ونفس المَثَل ينطبق على تلك التطبيقات. هي لا تفعل ذلك لسواد عيونك. هي لا تهتم للبشر من ناحية كونهم بشرًا. لذا لا تعطها ما تريد ألا وهو: استغلالك.

وكي تكره الشبكات الاجتماعية وتعرف حقًا أنها تسرق وقتك وتدمّر تركيزك ولا تلقي لصحتك النفسية ولا رفاهك المادي أي بال:

  • طالع كتاب استراتيجية التعلُّق كيف تبني منتَجاتٍ تولّد عاداتٍ في المستهلِك تأليف نير إيال وريان هوڤر و
  • شاهد الفلم الوثائقي ‎المعضلة الاجتماعية فالناس تكره أن تُستغل. ألا فاعلم أنه يستغلونك فما أنت فاعل؟
  • لاحظ معي أنه لا منفعة من التركيز في عمل لا ترى له قيمة (ونحن لا نتحدث على أن تحبه قد تنظّف ولا تحب التنظيف لكن ترى للتنظيف قيمة فتفعله) أو دراسة في الجامعة لا ترى في آخر نفقها بصيص ضوء. عقلك لن يعمل هناك وما تفعله مضيعة للوقت
  • إن لم يكن لديك وجهة واضحة محددة المعالم (بوصلة لأين تمضي وما ستفعل وما هي قيمك؟) فلا أهمية لأن تركّز ولتدع المشتتات تشتتك لأنه كما كتب لويس كارول في قصته أليس في بلاد العجائب عندما سألت أليس إحدى شخصيات القصة: وجّهني للطريق..فسألها: إلى أين تريدين الذهاب؟ فقالت أليس: لا أدري. فأجابها: إذًا لا يهم أي درب تسلكين. وهذا صحيح في الحياة.

أيضًا 👇

مقاطعة الشبكات الاجتماعية ليس الحلّ

كما تقول النكتة عن المدخنين:

قال مدخن: الإقلاع عن التدخين سهل جدًا فقد أقلعت عنه آلاف المرات 😂

طبعًا يقصد أقلع وعاد وأقلع وعاد… وهكذا لعب بالمفهوم فهو يظن أن فعل الشيء بتكرار يعني أنه سهل على المرء أن يفعله!

بالمثل: إقلاعك عن الشبكات الاجتماعية لن يحلّ مشكلة التركيز. قد يقول لك من أوقفها لفترة في حياته أن تركيزنا تحسّن بعد إيقافها. لكن السؤال: ماذا أنتجتم وقتها؟ معظم من رأيتهم يقلعون عن الشبكات استكانوا للراحة -وهم محقون تمامًا في ذلك إذ هم في أمسّ الحاجة لها – إذ شعروا بالاحتراق النفسي من استخدامها لكن ما ثَمة إنتاجية ذات بال تُذكر من الإقلاع عنها نهائيًا.

لذا برأيي قد ينفع أن تأخذ عطلات مؤقتة من الشبكات بين الحين والآخر لكن لا أدعو لمقاطعتها والسبب أن ذلك صعب جدًا في عصرنا وشبه مستحيل على البعض ومستحيل كليًا على آخرين (مثل مدراء الشبكات الاجتماعية).

كيف أستخدم الشبكات الاجتماعية بحيث لا تؤثر على إنتاجيتي ولا حالتي النفسية؟

دون أساس عقليّ أو مبدأ ذهني لن تنفع ولا أداة أو تطبيق ولا إضافة. ينبغي على المبدأ أن يكون في قلبك ومبدأي هو…

كل التطبيقات والحيل الإنتاجية لن تعمل حتى تُصلح أساسات الذهنية التي سيُبنى فوقها التركيز

لن أضيّع وقتك بأُطر عمل وبرامج حساب الوقت وتطبيقات وإضافات تحجب التطبيقات الاجتماعية وما شابه لأنها غير فعّالة لوحدها. هي مُساعدة فعلًا وُمكمّلة لكن بعد أن تؤسس الذهنية المناسبة وهذه الأخيرة تُؤسس كما يلي:

  • إن لم تكن تعرف -ولم تحدد بعد وهذا أفدح- قيمك وإلى أين أنت ذاهب؟ أي بوصلتك فلا داعي لإزعاج نفسك فعليًا وشغل نفسك بالتركيز. لأنه لا منفعة من ذلك. الحلّ هنا أن تتقبل أنك مشتت وتمضي وفق ذلك وتدعو الله ألا تغفل في حياتك فلا تركز فتسبب الأذى لنفسك أو للآخرين كأن تنسى مثلًا إقفال الغاز في المطبخ وما شابه

كيف تحدد القيم والبوصلة؟ كتبت عن ذلك هنا: هناك بالفعل زرّ تضغطه للتوقف عن القلق، وهو موجود في هذا المقال [زرّ أحمر كبير]

وأنا هنا لا أتهكّم بل جادّ. فعليًا ليس الجميع له هدف أسمى ولا قيمة عليا. ولا عيب في ذلك في وجهة نظري. فابن عربي الطائي الحاتمي يقول أن الجميع بنهاية المطاف على الطريق المستقيم ودليله على ذلك أن الحقّ قابض على نواصي جميع المخلوقات وبما أن “رَبِّي عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ” فالجميع مآله السعادة لا يحيد عن الطريق الذي رُسم له قيد أنملة.

أما إن كان لك هدف ومصفوفة قيم فيا مرحبًا بذلك أيضًا. إن كانت قِيَمك حقيقية وليست ملّفقة فستركز من نفسك لأنك ستلاحظ أنك تركز في بعض المهام (مثل عدّ نقود راتب قبضته، أو معرفة كم شريحة في البيتزا التي طلبتها للتو، أو معرفة أسماء كل شخصيات مسلسل الأنيمي المفضّل لديك..)

الفكرة أنك خُلقت حرًا ومنحت آخرين أن يستعبدوا تركيزك. والجميع حرّ. هم وفروا المحتوى والتطبيق وأنت وفّرت وقتك. وأنا لا أتحدث عن شخص الأستاذ أحمد مقترح الموضوع بل لقارئ مُتخيّل أوجّه له الكلام فلا خطاب شخصي في هذا المقال. فخذ المنفعة بارك الله فيك.

وقد كان في مُكْنتي -عَلِم الله- أن أقترح عليك توصيات عامة هرائية. لكني لا أقترح -ولم أقترح من قبل- توصيات هرائية لم تعمل معي.

وحاليًا دون تطبيقات ولا أطر عمل أركّز -وركزت الآن- بحمد الله وأنتجت كثيرًا من المحتوى والعمل المدفوع للعملاء بفضل المولى عز وجل. وهذه ليست قدرة خارقة ولا شيء عجائبي فيها وجذره أن لي قِيمًا.

فما يجعلني أخصص 45 د للإجابة عن سؤال اليوم في تدوينة هو نفس السبب (أن لدي قيمة متجذرة في الكيان) الذي يجعلني لا أمنح هذه 45 د نفسها لتيك توك أو يوتيوب شورتس أو تويتر.

ملخص المقال

  1. دون ذهنية ينبني عليها التركيز لن تنفعك حيلة إنتاجية ولا تطبيق ولا إضافة
  2. الذهنية مكوّنة من مصفوفة قيمك + أهدافك وفق منهجية سمارت + معرفة شغفك وما يدرّ لك دخلًا وفق طريقة إيكيغاي (كلها يتوفّر عنها محتوى جمٌّ غفير الأجدر بك أن تستهلكه)
  3. بعد تكوين الذهنية المساعدة على التركيز نعم سينفعك كل ما في النقطة 1 من هجر الشبكات والأجهزة القابلة للارتداء والتطبيقات والإضافات والحيل الإنتاجية وغيرها

انتهى بحمد الله،

إن أعجبك المقال شاركه ولك أجر؛ أو شاركه واشترك في رديف ولك أجران.


يونس يسأل: كيف تحافظ على تركيزك؟


حقوق الصورة البارزة: Photo by Michal Vrba on Unsplash

7 رأي حول “كيف تستعيدُ تركيزك الذي سُرق منك وتودِّع التشتت وقلّة الانتباه والمُلهيات للأبد؟

  1. أفضل طريقة هي التخلص من المغريات من حولك وأن تصنع البيئة التي تعينك على التركز.. وأن تعمل شيء واحد في كل مرة.. والتدريب على الشيء يرفع مستوي التركيز فيه..

    Liked by 2 people

    1. مثلا.. لاحظت أنني أقرأ القرآن أفضل بما لا يقارن عندما أكون بالمسجد.. لا مشتتات ولا إنترنت ولا أعمال منزلية ولا شيء..
      أنا أستخدم برنامج. Self Control لمنع بعض المواقع مثل فيس بوك وتويتر.. وغيرها أثناء مدة العمل المتطلب للتركيز..

      المشكلة أن الأعمال المهمة والتي تتطلب التركيز.. هي مهام مملة في الأعم الغالب ويجب التعايش مع هذا .. التشتت هو رغبة للتسلية وضعف مهارة احتمال الملل للحصول على نتيجة مفيدة.. وهناك مرحلة هي مرحلة التدفق flow وهي شدة التركيز التي تنسى من حولك .. وهي من أهم الأمور للإنجاز العظيم.. ولكن لا يصل لها المرء إلا بعد مران طويل..

      أذكر أن إبعاد جهاز الحاسوب في مرحلة الثانوية كان سببا للتركيز على مذاكرة الدروس .. تحتاج أحيانا للتضحية بالتسلية مقابل الشيء الأهم..

      وبالمناسبة أعتقد بوجود مرض فرط الانتباه فهي حالة مرضية وإنكارها ليس حلا مثل الاكتئاب وغيرها من الأمراض العضوية والنفسية التي تصيب بعض الناس.. لكن الكثير من الناس يدّعون الإصابة بها لمجرد الاشتباه .. وهي لم تقع بالفعل..

      Liked by 1 person

  2. Sorry man, ADHD really is real. I and thousands of adults I know from the groups I manage in Egypt have been diagnosed and are being treated for it. Medication, tools, tips, nutrition, exercise and strategies HELP – but they do not eliminate symptoms completely or their effect on us. Promoting that ADHD is not real or used as an excuse is
    .incredibly offensive to me and people like me. You have no idea how hard we try to just get through the day.

    إعجاب

شاركني أفكارك!

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s