مساء السعادة،
اقترح علي الأستاذ خالد صاحب حساب زول بزنس -وهي مناسبة طيبة لتذكيرك بالاستماع لحواري الصوتي معه حوار مع صاحب حساب زول بزنس عن المنتجات والمجتمعات الرقمية وإطلاق الأعمال التجارية– هذا الموضوع:
فأقول مستعينًا بالحي الذي لا يموت: أني لا زلت أذكرُ ذاك المقال الذي انتشر انتشارًا فيروسيًا، وتحوّل لكتاب بعد ذلك، وعنوانه كيف أصبح جيل الألفية جيلَ الاحتراق الوظيفي؟ ونُشر يوم 5 يناير 2019، وهو وفق متابعتي المقال الذي أطلق شرارة الحديث عن الاحتراق الوظيفي في مواقع لا حصر لها من الإنترنت مع ملاحظة أن المفهوم ذاته ليس جديدًا، وقد انتشر المقال لأنه أحدث صدىً حقيقيًا، لا سيما بين جيل الألفية وبعده بأشهر نلاحظ الآن موجةَ أصبحت تسمى موجة الاستقالات.
للعلم جيل الألفية هم الذين وُلدوا ما بين 1981 و1996.
تساءلت كاتبة المقال آن هيلين بيترسن (Anne Helen Petersen) في مقالها ذاك وأوصيك بمطالعته:
لم أستطع فهم لماذا أرى مهامًا صغيرة وواضحة على قائمة ما عليّ من المهام: مستحيلةَ التنفيذ كليًا. والإجابة على ذلك تتسم بأنها في آنٍ واحد: أعقد وأيسرَ مما توقعتُ.
أوصيكم بقراءة المقال لأنه نافع، وإن أردتم التعمّق في الموضوع طالعوا (استمعوا لـ؟) كتابها أيضًا الذي انبثق بعد النجاح المدويّ للمقال والذي لمس ما يعاني منه الكثيرون من جيل الألفية: الاحتراق الوظيفي.

قبل ذلك لنتحدث عن
الاحتراق الوظيفي وما هو؟
وفق الموقع الطبي المرموق مايو كلينك (Mayo Clinic) فإن الاحتراق الوظيفي أو الإنهاك الوظيفي:
نوع خاص من التوتر المرتبط بالعمل، فهو حالة من الإرهاق البدني أو النفسي تتضمن أيضًا إحساسًا بتراجع الإنتاجية وفقدان الهوية الشخصية.
ويُشار أنه لا يمكن تشخيص “الإنهاك” بالفحص الطبي. إذ يعتقد بعض الخبراء أن الحالات المرضية الأخرى، مثل الاكتئاب، هي المسؤولة عن الإنهاك. ويُشير الباحثون إلى وجود عوامل محددة، مثل السمات الشخصية والحياة الأسرية، يكون لها تأثير في تحديد الأشخاص المعرضين للإصابة بالإنهاك الوظيفي.
وأيًا كان السبب، فيمكن أن يؤثر الإنهاك الوظيفي على صحتك البدنية والنفسية. فكّر في كيفية معرفة ما إذا كنت مصابًا بالإنهاك الوظيفي وما يمكنك عمله في هذه الحالة.
الاحتراق الوظيفي: كيفية اكتشافه واتخاذ اللازم [Mayo Clinic]
مقال مايو كلينك أعلاه يقدّم لك بالفعل نصائح لكي تخفف هذا الإنهاك مع الأمل أن تتخلص منه. فأوصي به هو كذلك.
ما سببُ الاحتراق الوظيفي بنظري؟
سبب الاحتراق الوظيفي بنظري- لا سيما لجيل الألفية لأني منهم- متعددُ الأبعاد.
ولأني أحب الجداول سأسبر الأبعاد المتعددة للاحتراق الوظيفي مقابلها الحلول المقترحة في جدول:
عناصر مساهمة في الاحتراق الوظيفي | كيفية التصديّ لها |
الإفراط في العمل | سواءً أكنت في بيئة ذات ضغط عالٍ ومتطلبة للغاية مثل العمل مع الشركات الناشئة والمنشآت سريعة النمو، أو أنك تعمل لساعات أطول لحاجة في نفسك وهروبًا من أمور أخرى في حياتك كما تقول أحلام مستغانمي: «قرأَت يومًا أنّ راحة القلب في العمل، وأنّ السعادة هي أن تكون مشغولاً، إلى حدّ لا تنتبه معه أنّك تعيس. فهجمت على العمل طمعًا في نسيانه» كلا الحالتين سيئتان. ويجب أن تنتبه وتأخذ ما يكفي من أقساط الراحة. وإلا فسيعاقبك جسدك أشدّ العقاب. |
إدمان استهلاك الأخبار السيئة أو تمرير الشاشة المهلك (Doomscrolling) | هذه العادة الرديئة مدمّرة وحلّها هو: 1. إجراء حملة تنظيف رقمي شاملة كاملة بحذف وحظر واستبعاد وإلغاء متابعة كل ما سبب لك أذى نفسيًا 2. حذف بعض الحسابات في الشبكات إن استطعت ذلك والتركيز على واحدة فقط في البداية 3. تدريب خوارزميات حساباتك المُنظَّفة والمُطّهَرة على إظهار ما ينفع فحسب. طالع: كيف أستخدم الشبكات الاجتماعية بحيث لا تؤثر على إنتاجيتي ولا حالتي النفسية؟ |
السهر الانتقامي (وهو من أعراض الإفراط في العمل كذلك) | السهر الانتقامي جذرهُ هو العمل في وظيفة غير مراعية للبشر. حاول تغيير ظروف عملك (أو الاستقالة حتى) والتخلي عن السهر الانتقامي لأن تلك الحلقات من نتفلكس لن تضيف لك شيئًا في حياتك فأنت لا تشاهدها لتستمتع بل لتنتقم والانتقام مرّ الطعم وسمّ يسري في الروح والبدن. والسهر الانتقامي مدمّر للصحة البدنية والنفسية على حدٍ سواء. |
إهمال الصحة العقلية/النفسية | ما من عيب أن تستشير أطباء نفسيين، بل وتجدول معهم مواعيد منتظمة. لا بد أن تستثمر وقتك ومالك في هذا المجال. |
الخوف من الإفلاس والأمية المالية | خذ دورات في محو الأمية المالية، أو اشترك في مجتمعات متخصصة في موضوع تنظيم الشؤون المالية مثل المجتمع الذي سيطلقه الأستاذ طالب بن طالب قريبًا جدًا. |
الضبابية: تشتت الأهداف، عدم وضوح الرؤية، قلة التركيز | لا بد أن: 1. تكتب أهدافك وفق منهجية سمارت 2. تصنع مصفوفة قيم لنفسك تمضي وفقها طالع قسم التشتت والتوهان من مقالي: كيف تتجاوز الكسل والتشتت والمماطلة في مسيرتك بصفتك كاتب محتوى؟ |
نظام غذائي رديء | لا بد أن: 1. تتبع نظامًا غذائيًا مناسبًا لك 2. تراقب ما تأكل وتشرب وتستهلك |
قلة الحركة وممارسة التمارين الرياضية | لا بد أن: 1. تمارس التمارين الرياضية المناسبة لك ولو مرة في الأسبوع 2. تشترك في صالة ألعاب رياضية وتكافئ نفسك على كل حضور فهذا أجدى ليجعلك تلتزم. طالع هنا: «درس فريق من العلماء 53 طريقة لحثِّ الأشخاص على المواظبة على الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية، منها على سبيل المثال إرسال رسائل نصية تعرض نقاطًا قابلة للاسترداد أو منح مبالغ نقدية. وكانت الطريقة الأكثر فاعلية إعطاء مكافأة نقدية صغيرة جدًا (بقيمة 9 سنتات) مقابل الحضور.» التغميق مني – مصدر: دراسة ضخمة عن الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية [نشرة العلوم من نيتشر الطبعة العربية.] |
عدم وجود رافد روحي معنوي: الانتماء لدين أو مجتمع أو أيدولوجيا | لا بد أن تؤمن بدينٍ أو طائفة أيًا كانت وأن تنتمي لها. لا بد أن تلبي الحاجة للانتماء في نفسك وألا تكونَ وحيدًا، وكما يقول كورت فينغوت بهذا الصدد: (ترجمة بتصرف) «أوصي الجميع هنا أن يلتحق بالمنظمات والتنظيمات والجماعات بأنواعها شتى، مهما كانت سخافتها، وذلك كي يُدخل المرء عددًا أكبر من الناس في حياته أو حياتها. لا يهم كثيرًا إن كان كل أعضاء ذلك التنظيم أو الجماعة حمقى، إن ما يحتاج البشر احتياجًا ماسًا هو أكبر عدد ممكن من الصلات (أيا كان نوعها) مع البشر الآخرين» – مصدر مقولة كورت فينغوت عن الانتماء. ونعم للانتماء للقطيع فوائد كذلك طالعها هنا: في مديح الوادعين الطيّعين: لماذا لا ينبغي علينا أن نفكّر يأنفسنا على الدوام؟ [The Ruffian] تذكّر: تستطيع الاشتراك في رديف والانضمام لنا فنحن مجتمع مرحّب وودود وغير سخيف. |
انتهى المقال بحمد الله،
أرجو لكم دوام الصحة والعافية بدنيًا ونفسيًا وعقليًا.
شاركوا المقال ولكم الأجر أو اشتركوا في رديف ولكم أجران.
يونس يسأل: هل سبق وتعرضت للاحتراق الوظيفي وكيف تخلصت منه؟
أعجبك ما أصنعه من محتوى؟ تواصل معي الآن عبر واتساب. اضغط على الزرّ الأخضر
حقوق الصورة البارزة: Photo by Devin Avery on Unsplash