عن العلاقة مع الأهل واقعيًا وافتراضيًا والاستثمار زمن الأزمات والتناقضُ

جمعة مباركة،

طرح عليّ الأستاذ رياض فالحي بارك الله فيه هذا الموضوع. رياض فالحي مشترك في رديف فاشترك أنت أيضًا في رديف اليومَ قبل الغد.

وإلى المواضيع:

قرأت لك مقولة بعدم الاعتماد على دعم الأهل، نفس الشيء البارحة صديقي كرر نفس فكرتك «قال اعتبر نفسك يتيم»

تكلمت كثيرًا عن أهمية الاستقلالية المالية والأدبية (أي المعنوية) عن الأهل في كثير من كتاباتي. وهذا لا يعني أن تحرمهم من صلة الرحم.

بعض الناس لا يفهم أن الجمع بين هذه الأمور ممكن التطبيق جدًا:

  • يمكنك أن تكون قنوعًا وراضيًا وفي ذات الوقع تطمع في المزيد من فضل الله
  • يمكنك أن تستقل ماديًا ومعنويًا على أهلك وفي ذات الوقت يصنّفونك على أنك أبرّ أولادهم

ومن بين الأماكن التي تكلمت فيها عن الموضوع ولدي عدة تعليقات هناك موقع حسوب آي أو. شاهد الصور واضغط عليها لتذهب للنقاش ففيه كثير من تعليقاتي الإضافية.

توصيات بخصوص عدم الاعتماد على الأهل

  • في أقرب فرصة تتاح لك لا سيما إن بلغت سن 18 اعمل على أن تستقل مكانيًا وماديًا عن أهلك
  • سواء علمتَ هذا أو لم تعلم: آراؤك ومفاهيمك يحددها من يصرف عليك وفق المَثَل الشائع: إن أردت أن يكون رأيك من رأسك فليكن طعامك من فأسك
  • إن كنتِ أنثى في الوطن العربي: اعملي جاهدة على تحقيق استقلاليتك المالية فالجميع بمن فيهم أهلك سيبتزونك عاطفيًا ومعنويًا إن لم تكوني مستقلة ماديًا
  • استقلاليتك المكانية والمادية عن أهلك لا تعني عدواتهم أو عدم برّهم. كل ما تعنيه أنك فرد لكَ حياتك وشؤونك الخاصّة وحرّ بنفسك
  • لا حرية هناك تحت سقف شخص آخر يعولك ويصرف عليك
  • طالع عن الذكاء الاجتماعي هنا كيف تستخدم الذكاء الاجتماعي كأداة نافعة لعيش حياة طيبة كمستقل عربي؟ وطبّقه سينفعك كثيرًا
  • الخبر السعيد: الاستقلالية المادية والمكانية في عصرنا متاحة أكثر مما سبق. فيمكنك العمل عن بعد من أي مكان، والعيش حيثما تريد

العلاقات العائلية في زمن شبكات التواصل الاجتماعي

من الخطأ هنا أن تضيف -أو تقبل- أقاربك وعائلتك ضمن حساباتك على منصات التواصل الاجتماعي. ليس لأنهم يملكون “سيديهاتك”:

ميم من صنعي يعبّر عن ضرر إضافة الأقارب في حساباتك على قنوات التواصل الاجتماعي
ميم من صنعي يعبّر عن ضرر إضافة الأقارب في حساباتك على قنوات التواصل الاجتماعي

قواعد التعامل مع الأهل والأقارب في الشبكات الاجتماعية:

  • في حسابك الاحترافي: الذي تعمل به، لا تضف أي قريب أو فرد من العائلة لأن “البزنس بزنس” والعائلة عائلة
  • يمكنك فتح أكثر من حسابين واحد عاديّ للعائلة والأقارب والآخر احترافي للعمل
  • أهمل حسابك للعائلة والأقارب فما ستجده هناك سيضيع وقتك ليس إلا

كن مثل محمد الفضل: ليس بالضرورة أن تعرف العائلة عن نجاحك.

الاستثمار زمن الأزمات

أفضل استثمار في نظري في زمن الأزمات هو استثمارك في نفسك ثم في البشر من حولك بما يلي:

  • أن تتعاطف مع نفسك وتمنحها الراحة البدنية والذهنية فأنت بشر. تصالح مع نفسك وارتح لكن لا تكف عن ملاحقة أحلامك حتى تحققها
  • زمن الأزمات امتحان يظهر مدى نجاحك في استثمارك من قبل في العلاقات:
    • هل كوّنت شبكة دعم من الأهل والأصدقاء تتكأ بعد الله عليها إن احتجت كتفًا تسند إليه رأسك؟
    • هل استثمرت في البشر ممن حولك واقعيًا وافتراضيًا أو استثمرت فقط في بتكوين ودوج كوين؟
    • إن لم تشرع في النقطتين أعلاه اشرع فيهما الآن

واعلم أن كل زمن له وجهان، وللعالم ربّ واحد وليس كما قال النبيّ الزائف ماني أن له إلهين. مع ذلك عالمنا مبني كليًا على الثنائية (سنتكلم عنها بعد قليل في النقطة الثانية) لذا كل زمن هو زمن فُرص لأشياء وزمن أزمات لأشياء. فتحمّل الأزمات وانتهز الفرص تعش سعيدًا.

التناقضات بين مبادئنا والحياة الواقعية لمن ننحاز؟

البشرُ ضعفاء والتناقض من شيمهم، لكن يمكن أن تظل مبادئك راسخة، مع ذلك لا تطلب أبدًا من الله أن يمتحن قوة تمسكك بالمبادئ لأنك في 99 بالمئة ستفشل وفي المرة الواحدة التي تنجح فيها في تمسكك بمبادئك رغم الصعوبة فهي رحمة وفضل من الله.

لذا من أجمل الأدعية في نظري الدعاء المسيحي الذي يقول

وَلاَ تُدْخِلْنَا فِي تَجْرِبَةٍ، لكِنْ نَجِّنَا مِنَ الشِّرِّيرِ

إنجيل متى 6: 13

لذا اعمل قائمة مبادئ خاصّة بك حتى وإن كان لديك دين. والتزم بها ما استطعت وإن فشلت سامح نفسك فالله يسامح وعُدْ للالتزام بها. مثلًا لو أكلت الحرام مرّة. تُب إلى الله وأقلع ولو نهرت سائلًا في يوم عصيب وأنت غضبان، تب إلى الله وتصدّق وإن قلت شيئًا سيئًا لأحدهم تشجع في الاعتذار له كما كنت شجاعًا في الإساءة إليه وتُب إلى الله.

التزم بمبادئك لكن لا تطلب من الله أن يمتحن مدى قوّة التزامك بها فأنت ضعيفٌ عاجزٌ عبدٌ له. عندما تعرف هذه الحقيقة يقينًا تعرف أن قوّتك بصفتك إنسانًا إنما هي في عبوديتك وضعفك لربّ عظيم.

العالمُ كذلك مبنيّ على الثنائية والظهور والخفاء والباطن والظاهر والحسن والقبيح. لذا مهما كان عقلك ألمعيًا ستعجز عن حشر العالم في صندوق المنطق. فما من عقل استطاع ذلك وقد أنجبت البشرية عقولًا لامعة كثيرة.

وسبب ذلك أن العالَم خلقٌ لله وهو من تدبيره فالإحاطة بالعالم كليًا تعني في جزء منها: أن تحيط بعلم الله بشأن العالم. وهذا مستحيل إذ لا يحيط بعلمه أحد.

وجميعُ الخلق مُمكنات يعني لها احتمالان: كان يمكن أن تُوجد وكان يمكن ألا تُوجد. فوجودك مُرجّح فمن ها هنا جاءت الثنائية. فكل الموجودات في العالم ممكنات. والبعضُ يقول أنه -ومع أن بعض الناس يظن أن موجودات العالم موجودة- إلا أنها في حقيقتها عدم لا وجود لها.

أيًا يكن ليست فقط الحواسيب من تعمل وفق الثنائية. كل العالم كذلك. الفكرة أن براعة الحواسيب وروعتها الآن سببه أنها قائمة على ثنائية العدم والوجود: عدم الكهرباء ووجودها.

بالنسبة للموجودات فثنائيتها هي أنها كانت ستظل عدمًا لكنها وُجدت مع ذلك عدمها أصليّ ووجودها طارئ. فالله وحده فقط من له الثبات والبقاء سبحانه.

وتذكّر جيدًا:

ذنوبك وضعفك وأخطائك -ما دمت متواصلَ التوبة ومقرّ بها- لا تجعلك منافقًا ذو وجهين ولا أنك بعت مبادئك. حتى لو كنت كثير الذنوب والأخطاء.

ما المعيار؟

ما معيار أننا نرى أن شخصًا يقول شيء ويفعل آخر لكنه لا يدخل حزب المنافقين؟

المعيار: استعدادهُ للتوبة والتراجع وتوبته علنًا إن أخطأ علنًا وتوبته سرًا إن أخطأ سرًا.

أما المصرّ فهو لا ينفك عن حزب المنافقين.

والآن لسؤال التدوينة:

حدثت أزمة للاعب التنس الصربي الذي رفض أن يُلقّح، ثم اُكتشف أنه مستثمر في شركة تطوّر اللقاح؛ فما رأيك بتصرفاته هل باع مبادئه؟ هل هو منافق؟

جمعة مباركة والسلام


رأيان حول “عن العلاقة مع الأهل واقعيًا وافتراضيًا والاستثمار زمن الأزمات والتناقضُ

شاركني أفكارك!

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s