تدوينة اليوم مرئية بامتياز، فاستمتعوا.
ذات عشيّة طلب مني عقلي أن نعيد مشاهدة مقطع من أحد الأفلام، فسألته:
- لماذا ستعيد مشاهدته؟
- تنتابني حكة ذهنية لن تزول إلا بمشاهدته
- طيب هل تعرف اسم الفلم؟
- لا.. قال عقلي…
سألته مرة أخرى: هل تتذكر المقطع عمّا يدور أو أي عبارة تسهّل البحث؟ قال لا أتذكر اسم الفلم؛ ولكن المقطع كما يلي رجل جالس فوق كرسي في مبنى مهجور أو طور البناء وهو يرفض الاعتراف ويستجوبه ناس وهو يرفض ثم يقترب منه المستجوِب فيهمس الرجل المقيد في مقعد: إنهم يسمعوننا. أو يشاهدوننا لا أتذكر العبارة بالضبط…فيُقتلع من الكرسي ويطير حرفيًا للسماء.
قلت متعجبًا: هذا هو المشهد الذي سبب لك حكة ذهنية؟
قال عقلي: نعم إنه لبّ الفلم ككل بالنسبة لي وأهم ما فيه.
بما أن عقلي لا يتذكر عنوان الفلم ولا العبارة بدقة فكتبت في غوغل بالإنجليزية ذاي آر وتشنق (وهي في الأصل ذاي آر لسسنغ وليس وتشنق لكني اكتشفت ذلك فيما بعد ولا عجب إذًا أني لم أجده في البحوث الأولية)، دون أي جدوى، أضفت لها كلمة فلم خيالي علمي وأيضًا لم يظهر المطلوب.
ولأن عقلي يريد بالفعل التخلص من هذه الحكة قال: دعنا نذهب للطريقة الصعبة.
- ما هي؟ سألته
قال اذهب إلى لائحة قائمة الأفلام التي تضم كائنات غير أرضية في ويكيبيديا ونتفحصها واحدة واحدة حتى نجده.
قلتُ بهلع: واو.. تمهل يا رفيق هذا عمل شاق..
أجاب عقلي: ليست كذلك تمامًا. يمكننا بسرعة استبعاد قدر كبير من الأفلام. فالفلم خيال علمي ولا شك وفيه فضائيين. وليس مسلسلا وقطعًا ليس من مارفل ولا هو متعلق بغَدزيلا!
وهذا ما فعلناه. مررت بالقائمة بأقصى سرعة ممكنة أدخل كل فلم وأرى قصته، وأستبعد من لا ينطبق عليه الوصف الأولي مثل أفلام إكس مان وغدزيلا وغيرها. حتى وجدناه وهو فلم المنسيّ The Forgotten إنتاج 2004.
هل شاهدتُ الفلم مرة أخرى بعدها؟ لا فقط المشهد وذهبت الحكة الذهنية ولله الحمد. بالمناسبة الفلم لا بأس به إن رغبت بمشاهدته.
الفلسفة والمسلسلات
كما هو معروف، من الصعوبة بمكان في وقتنا الحالي أن تعثر على شيء يناسب ميولك وأذواقك لتشاهده. فبحثت بعبارة Sci-Fi Series في imdb ووجدت عدة مسلسلات خيال علمي كنت قد تابعت عددًا منها من قبل ومعظمها جيد وأفضلها فايرفلاي بنظري لكن سأذكر بعضها الآخر الذي شاهدت عددًا من حلقاتها وأعجبني:
- الماندالوري وكتبت عنه من قبل.
- تائهون في الفضاء
- فيوتشراما (كرتونية)
- ربيب الذئاب
- حب وموت وروبوتات
- منطقة الشفق
- اُنظر أو رِ
- ملفات إكس
- ذا فرنج
- ذا أورفيل
وغيرها الكثير ووجدت هذا المسلسل حياة أخرى وقد تابعت الموسم الأول وأعجبني. ووجدت أيضًا سلسلة قديمة هي بنفسها إعادة تجسيد لسلسلة أقدم اسمها التخوم القصوى (أوتر ليمتس) وهي التي أتابعها حاليًا وسنتحدث عنها بعد قليل.
المهم إلى جانب هذا أتابع قناتين في يوتيوب واحدة متخصصة في الخيال العلمي واسمها دَست وأخرى في الرعب واسمها ألتر.
وهنا بدأت بعض الصدف. ففلم قصير من دست مثلًا كان إعادة في الحقيقة (لم أكتشف ذلك إلا لاحقا) لحلقة من مسلسل التخوم القصوى (أوتر ليمتس) وهذه هي الحلقة المعادة: (تمثيل جديد ونفس القصة):
لكن الحلقة الأصلية (إن كانت كذلك لأننا قلنا أن أوتر ليمتس ذاته بعثٌ لمسلسل أقدم) أفضل وهي هذه:
المهم ما أعجبني في مسلسل أوتر ليمتس:
- المقدمة (مدخل المسلسل أو الإنترو) ممتازة جدًا وأعتبرها درسًا في كتابة السكريبتات أو المقدمات الجيدة للمسلسلات. وهي تبدأ بـ تلفزيونك لا بأس به.. لا تحاول تعديل الشاشة…
- صوت المعلق الصوتي في البداية والختام ممتاز والنصوص التي يقولها عميقة ومختارة بعناية.
- القصص ممتازة بل ورائعة جدًا: الشخصيات مكتوبة بشكل ممتاز والحبكة والحوارات جميلة.
- هناك إقحام لا داعي له حتى فنيًا للمشاهد الجنسية وأتصور أن ذلك بسبب أن المسلسل عُرض في قنوات الكيبل ذات الاشتراكات المدفوعة وهذه الأخيرة غالبًا ما تُقحم المشاهد الجنسية حتى عند عدم الحاجة لها.
من كتّاب بعض حلقات المسلسل:
في حلقة ملوك الرمال (وهي حشرات من الفضاء) نجد اسم جورج آر آر مارتن (كاتب صراع العروش):
وفي حلقة إلهامات بيكا بولسون نجدها مبنية على قصة قصيرة كتبها ستيفن كينغ:
ما علاقة هذا بالفلسفة؟
النقطة 1
في إحدى حلقات أوتر ليمتس المعنونة بفاليري 23. يسأل المُقعد معالجته الطبيعية: لقد أخذتِ صفًا في الفلسفة ماذا تقول ألمع العقول عن كون الشيء حيًا؟
قالت له المعالجة: لم أتعمق كثيرًا في الدراسة لكن أحد الأساتذة في الصف قال كلمة شدّتني هي أن معيار كون الشيء حيًا خوفه من الموت.
والحقّ أقول لكم قدر مطالعتي للنصوص الفلسفية لم أصادف مثل روعة هذه المقولة ولو تقلّبها في ذهنك ستجده بالفعل معيارًا لا بأس به. في حقيقة الأمر الحلقة كلها مبنية على هذه المقولة الفلسفية بشكل أو بآخر مع أن من لا يحب الفلسفة لن يجد مشكلة لأن القصة جاذبة وليست أكاديمية.
النقطة 2
أيضًا في حلقة أزمة هوية تنتهي الحلقة بقول المعلّق الصوتي:
a great philosopher once said the endeavor to persist in its own is the essence of the individual thing
فبحثت عن العبارة ووجدت أن الفيلسوف المعني هو باروخ سبينوزا، والمقولة من كتابه علم الأخلاق وهو مترجم أكثر من مرة للعربية وهذا المقتطف بالعربية:
القضية 20
علم الأخلاق، باروخ سبينوزا، ترجمة جلال الدين سعيد المنظمة العربية للترجمة ص250
بقدر ما نجدّ في البحث عما ينفعنا، أي بقدر ما نجدّ في حفظ كياننا وبقدر استطاعتنا عليه، نكون فضلاء، وعلى العكس، إذا أهملنا ما ينفعنا، أعني حفظ كياننا، كنا عاجزين.
البرهان
الفضيلة عين قوة الإنسان التي تحددها ماهيته وحدها… أعني… التي يحددها فقط جهد الإنسان الذي يبذله من أجل الاستمرار في وجوده، وعليه فبقدر ما يجدّ المرء في حفظ كيانه وبقدر ما تكون له القدرة على ذلك، يكون فاضلًا…
وقد قررت بالفعل بعدها قراءة الكتاب على مهل.
آمل أن التدوينة أعطيتم اقتراحات ممتازة لما ستشاهدونه لاحقًا.
يونس يسأل: ماذا تشاهد هذه الأيام؟
دمتم بخير.
أعجبك ما أصنعه من محتوى؟ تواصل معي الآن عبر واتساب. اضغط على الزرّ الأخضر
حقوق الصورة البارزة: Photo by Sandro Katalina on Unsplash
أشاهد مسلسل Seinfeld، وهو مسل وطريف وخفيف..
بالمناسبة، أنا أسجل كل ما أشاهده من مسلسلات وأفلام في imdb، ولذلك أعود لها بسهولة..
إعجابLiked by 2 people
فكرة جيدة سمعت كثيرا عن سنفيلد لا سيما أنه يـُستشهد به كثيراً في نصائح الكتابة الإبداعية. على ذكره هل ترى أن الطُرف يمكن أن تُنقل للغتنا دون ضياع طرافتها؟
إعجابLiked by 1 person
فيه كثير من الخصوصية الأمريكية خصوصا في جيل التسعينات.. والفرق كان أكبر من الآن بسبب الإنترنت، وكذلك أنه يعتمد على الموقف في النكتة، يمكن أن يكون هناك نمط معين من أساليب الطرف لكن للمؤلف الحاذق.. والله أعلم.
إعجابLiked by 1 person
مسلسل مرايا لياسر العظمة جميع أجزائه متوفرة عاليوتوب اختار منها عشوائيا واستمتع.
يعتبر خيار جيد لغير المشتركين بنتفلكس أو شاهد نت
إعجابLiked by 1 person
وعدم الاشتراك بهما نافع للإنتاجية
إعجابLiked by 1 person