ما الفرقُ بين كتابة المقالات العادية والمقالات الطبية والعلمية؟

مساء السعادة،

اقترحت عليّ الأستاذة إسراء هذا الموضوع فشَكَر الله لها.

تغريدة إسراء

لننقل اقتراحها نصًا ونجيب عليه بعون الحيّ الذي لا يموت:

نهارك جميل استاذ يونس🌸
الفروق بين كتابة المقالات و المقالات الطبية أو العلمية؟

قبل أن نكتب بشأن اقتراح الأستاذة إسراء لنتحدث عن أصل كلمة مقال ومعناها وتاريخ المقال طبيًا كان أو غيره. ثم في جدول سنخلص إلى الفرق بينها وبين غيرها من أنواع المقالات.

أصل كلمة مقال

مقال كلمة عربية من قال يقولُ قولًا وهي على وزن مَفْعَل وقد تعني:

  1. موضع القَيْلُولَة يعني مكانها
  2. مصدر للفعل: قَالَ (وهو ما نريده هنا)
  3. نومةُ نصف النَّهَار. أَو الاستراحة فيه وإِن لم يكن نومٌ.

مصدر: موقع المعجم.

انتبه لأن القول في العربية يعني أيضًا حكاية الفعل

شاهد هذا المقطع الوجيز ليتضح لك معنى القول والذي منه كلمتنا “مقال” التي نتحدث عنها في هذا “المقال”!

الفرق بين القول والكلام

وإن أردت الإستزادة وأن تعرف كليًا معنى الفرق بين الكلام والقول وحقيقة القول مع فوائد لغوية لا حصر لها فتابع سلسلة شرح كتاب الفرقان بين نسبتي القول والكلام في القرآن للعلامة المحدث محمد إبراهيم عبدالباعث.

فإن عرفت أن القول يأتي في العربية حكايةَ للفعل كذلك. أدركت أن حتى فيديوهات اليوتيوب جاز أن نقول عنها أنها مقالات. وكي نميّزها عن غيرها نسميها المقالات-الفيديوهات. طالع عنها هنا: ما هي الفيديوهات-المقالات، ولمَ هي مُهمة ولمَ تشهدُ طفرة وقتنا الحالي؟

فائدة إضافية: المقالات ليست إلا محاولات

المقالات في لغتنا العربية لم تبدأ مع الصحف بل قبلها بكثير

ودليل ذلك هذا المقطع. حيث نعرف أن المقالات بدأت في أدبنا العربي منذ القرن الثاني للهجرة.

ظهرت بذور المقالة في أدبنا منذ القرن الثاني للهجرة، وتمثلت على أحسن صورها في الرسائل، وخاصة الإخوانية والعلمية…ولولا [أي تلك الرسائل] أنها تطورت هذا التطور المرذول الذي طبعها بطابع الصنعة الثقيلة الممجوجة، في الأسلوب الإنشائي وفي الصور البديعية والبيانية، لكانت المثل المبكر لفن المقالة كما عرفتها الآداب الأوروبية الحديثة. وإذا تصفحنا كتب الأدب ومصادر التاريخ وجدنا أمثلة كثيرة تدعم هذا الرأي الذي نذهب إليه

الدكتور محمد يوسف نجم في كتابه فن المقالة 1957 عن مقال مراجعة كتاب “المقال وتطوره في الأدب المعاصر” في ضوء أوليات “المنهج” بقلم الدكتور علي جواد الطاهر – مجلة الفيصل العدد 139 ص 36

وفي نفس المقال يذكر المؤلف أمثلة على هذه النماذج الأولية للمقالات العربية مثل كتب الجاحظ وكتاب الإمتاع والمؤانسة للتوحيدي ومؤلفات إخوان الصفا وغيرها الكثير.

وأوصيك أن تقرأ المقال الذي أشرته له في مجلة الفيصل كاملًا لأنه محشّو بالفائدة العلمية وسيغذّي ذهنك ويرتقي بثقافتك.

أما غربيًا ووفق ديفيد بيريل فإن مبتكر فن المقالة كما نعرفها حديثًا هو الفرنسي ميشيل دي مونتين (Michel de Montaigne) في القرن السادس عشر.

أمثلة عن المقالات الطبية في تراثنا

في الصور أدناه سترى ما يسمى الرسائل وهي كتب صغيرة وهي الشكل الأولي للمقالات الطبية كما نعرفها الآن.

سترى في الصور أدناه نماذج ممتازة عنها منها:

  • عناوين لرسائل الكندي ومنها:
    • رسالة في كيفية اسهال الأدوية وانجذاب الأخلاط
    • رسالة في علة نفث الدم
    • رسالة في أشفية السموم
    • رسالة في علة الجذام واشفيته
    • رسالة في الأعراض الحادثة من البلغم وعلة موت الفجأة
  • رسالة الحيلة في دفع الأحزان للكندي وتعدّ مقالًا في علم النفس غرضها تعزية من يحزن والتخفيف عنه
  • كتاب يعقوب بن إسحاق المحلي “مسائل أخرى في الطب وأجوبتها”. وهو يحتوي على ثلاث مقالات.

متى بدأت المقالات العلمية في الغرب؟

الجواب المختصر. بدأت العام 1665م.

منذ تأسيس أول مجلة علمية في عام 1665م، برزت دعوات للتخلص من الزخارف االأسلوبية والتركيز على الوضوح والإيجاز والدقّة.

في عام 1667، حثّ توماس سبرات (Thomas Sprat) أعضاء الجمعية الملكية على “رفض كل المبالغات والتهويلات والاستطرادات (الخروج عن الموضوع) والإسهاب في أسلوب الكتابة والعودة إلى النقاء الأول والاختصار كما كنّا نقرأ للمؤلفين الذين كانوا يمنحوننا الكثير من المعلومات بعدد كلمات مماثل لما يكتبه المؤلفون الآن لكن مع معلومات أقلّ نستفيدها من كتاباتهم” بعد نحو 200 عام من هذا، قال تشارلز داروين نفس الشيء: “أؤمن أنه في مُكنتنا تجنب الكثير جدًا من الآلام إن جعلنا أسلوب الكتابة العلميّ واضحًا بنزاهة وألقينا بالبلاغة والتزويق اللفظي للكلاب”

وقد تحقق الآن ما رغب داروين وسبرات في تحققه. ذلك أن الكتابة العلمية الحديثة الآن متجانسة، تُكتب وفق قوالب مُعدّة مسبقًا ومتفق عليها وخالية من الأسلوب الأدبي البلاغي. لكن الأوراق العلمية لم تكن دائمًا على هذه الشاكلة.

كان للأوراق البحثية أسلوب أدبي ما الذي حدث؟: تاريخ موجز للكتابة العلمية [نشرة New Science]
أول عدد من مجلة المداولات الفلسفية لأعضاء الجمعية الملكية والتي تعدّ من أوائل المقالات العلمية في الغرب. مصدر
أول عدد من مجلة المداولات الفلسفية لأعضاء الجمعية الملكية والتي تعدّ من أوائل المقالات العلمية في الغرب. مصدر

مصدر لتعلُّم كتابة المقالات الطبية باللغة العربية

نُعلِّم في مجتمع رديف كتابة المقالات الطبية. لكن إن كنت ترغب في كتابة المقالات الطبية والتخصص فيها حصرًا فإن نوصيك بشراء هذه الدورة كورس كتابة المقالات الطبية من أكاديمية ابن سينا.

صورة كورس كتابة المقالات الطبية في موقع أكاديمية ابن سينا
صورة كورس كتابة المقالات الطبية في موقع أكاديمية ابن سينا

لكن إن كنت ترغب بإتقان المقالات الطبية وغيرها من ضروب الكتابة مثل الكتابة الإعلانية وكتابة المقالات عامّةً. فاشترك في رديف.

الفرق بين كتابة المقالات والمقالات الطبية أو العلمية

بعد كلّ ما سبق نستطيع الآن الحديث عن الفرق.

فنقول بعون الله أن أنواع المقالات كثيرة جدًا منها عدد طيّب من الأنواع تجده في هذا المقال ما هي أنواع المقالات على الإنترنت؟ وهو مقال ممتاز عليك به لتفهم الفروق بين عدّة أنواع من المقالات.

والجواب عن الفرق بين كتابة المقالات والمقالات الطبية أو العلمية.

هو أن الفرق نعرفه باعتبارات هي:

  1. مضمون النص أي جواب سؤال: عمّا يحكي المقال؟ إن كان يحكي عن موضوع علميّ أو طبي فهو مقال علمي أو طبي.
  2. الإحالات التي في النص. هل يستشهد الكاتب بدراسات طبية وكلام أطباء وجهات طبية؟وبخصوص المقال العلمي هل يستشهد الكاتب بدراسات علمية وكلام علماء وجهات علمية؟ إن كان الجواب نعم فهو مقال علمي أو طبي.

أما بخصوص أسلوب الكتابة العلمية والطبية. فكما رأينا أعلاه في العدد الإنجليزي الذي يحكي عن تاريخ الكتابة العلمية ومنه نستخرج هذا الجدول:

كتابة المقالات العاديةكتابة المقالات الطبية أو العلمية
تتسم هذه المقالات بطابع شخصي يبدي فيها كاتبها رأيه الذي يؤمن بهتتحرى الدقة في الوصف والتعبير عن الموضوع المتناول في المقال
لا تتجنب هذه المقالات تزويق الألفاظ واستخدام المحسنات البديعية والاهتمام باللفظ وحُسنه والبلاغة وما شابهتستشهد بمراجع موثوقة ومعتمدة في المجال
غالبًا ما تنقل إحساسًا شخصيًا لكاتبها وتنقل مشاعره وما يختلج في وجدانه من دون التحقق من مصداقية ذلك في الواقعترجع لرأي الخبراء أصحاب شهادات وتراخيص واعتمادات في المجال محلّ موضوع المقال
لا يكلف إنتاج هذه المقالات كثيرَ وقت ولا جهد فهي بمثابة تفريغ انفعالي أي تحويل ما يختلج في الوجدان إلى كلمات وحروف ثم تنسيق ذلك ليخرج بشكل مقال نهائيتتجنب تزويق الكلام والتنميق اللفظي والمحسّنات البديعية والسجع وما إليه
لا يجري الكاتب غالبًا أي بحث ولا يسأل أي خبير قبل أن يكتب مقالهتصبّ تركيزها على الحقائق المرصودة في الواقع لا الإحساسات والمشاعر الشخصية
تظهر التحيزات واضحة بينة في هذا النوع من المقالات فتعرف موقف الكاتب من كثير من القضايا من خلال أسلوبهلن تعرف مذهب الكاتب السياسي ولا الديني ولا آرائه غالبًا في المقالات الطبية أو العلمية
الفرق بين كتابة المقالات عمومًا وكتابة المقالات الطبية أو العلمية

هكذا تمّ المقال بحمد الله، وصلى الله وسلّم على سيدنا محمد وآله وصحبه، إن أعجبكم المقال صلّوا على النبي عليه السلام وشاركوه ولكم أجر أو شاركوه واشتركوا في رديف ولكم أجران.


يونس يسأل: ما الموقع الطبي العربي الذي تعود إليه عندما تبحث عن مسألة طبية؟


أعجبك ما أصنعه من محتوى؟ تواصل معي الآن عبر واتساب. اضغط على الزرّ الأخضر


حقوق الصورة البارزة: Photo by Ibrahim Boran on Unsplash

رأيان حول “ما الفرقُ بين كتابة المقالات العادية والمقالات الطبية والعلمية؟

شاركني أفكارك!

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s