هذه التدوينة برعاية نشرة الأحد البريدية من إعداد الأستاذ علي عسيري وهي نشرة تشبه قرصات شاورمر لكنها للتسويق. اشتركوا فيها وشكرًا للدعم.
مساء الخير،
قبل أن نتناول موضوع اليوم، دعنا نتحدث قليلًا عن كلمة مقالة وكما تسمى في الإنجليزية essay.
كتبتُ من قبل في هذا المقال كيف تتعامل مع الكسل في الكتابة ومتلازمة الصفحة الفارغة؟ ما يلي:
تخلّص من عقدة “الكمالية” ليس نسبةً لكمال أتاتورك وإنما للسعي المحموم وراء أن تكون كل قطعة من المحتوى تصنعها ‘تحفة في مجالها’ هذا غير ممكن (حقيقة مُرّة) وكل ما عليك أن تفعله هو أن تحاول.. لذا ليس غريبًا أن ترى معظم مقالات الأقدمين تدعى essays ذلك أنها تعبّر عن حقيقتها الفعلية: مجرد محاولات… يا لتواضع أجدادنا!
وبالبحث اليسير سنجد أن كلمة essay الإنجليزية التي تعني مقالة أتت من الكلمة الفرنسية (essayer) والتي تعني “يحاول” أو “يجرّب”؛ وفي اللغة الإنجليزية عَنَت كلمة essay أول الأمر “محاولة” أو “تجربة” ولا زال هذا المعنى موجودًا ومُستخدمًا في بعض السياقات في الإنجليزية.
وهذه معلومة قيّمة ذلك أنها تجعلك تكتب المقالات بأريحية إذ أنت تحاول. ولا تدعي الكمال إذن اُكتب مقالات أحسن اُكتب محاولاتً أفضل.
لنعد لموضوعنا:
الفيديوهات-المقالات
قرأت هذا المقال طفرة الفيديوهات-المقالات: تزدهر حاليًا الآن في عصر تيك توك فيديوهات يوتيوب البالغة الطول ساعةً من الزمن وتعكس شعبية هذا النوع من المحتوى رغبتنا في محتوى رقميّ أكثر اهتمامًا بالتفاصيل الدقيقة [Vox Media]؛ وقد أعجبني المقال ومنه اقتطفت لكم هذه المعلومات عن الموضوع.
أولًا ما هي الفيديوهات-المقالات؟
تقول الكاتبة تيري إنغوين (Terry Nguyen):
إن الفيديوهات-المقالات ليست صيغة محتوى ثابتة (أو واضحة المعالم) وتطوّرها متأثر بشدّة بالمنصات التي تُنشر عليها.
لكن مما فهمته من المقال، والمصادر القيّمة التي أحالت لها الكاتبة استخلصتُ هذه المعايير للفيديوهات-المقالات:
الفيديوهات-المقالات هي ضربٌ من المحتوى المرئي الذي يتجاوز طوله 30 دقيقة، ويتمحور حول تحليل موضوع بذاته حيث يتعمّق في تفاصيل الموضوع لدرجة تُرضي فضول المتلقي وتشبعه معرفيًا؛ وحيثُ:
- تختلف الفيديوهات-المقالات عن الوثائقيات في أن الأولى غالبًا تصدر في وقت قريب من الحدث الذي تتحدث عنه (في حال كانت تحكي عن اتجاه رائج حديث)
- أنها تجيب عن تساؤل يجول في خواطر فئة كبيرة من الناس
- أن صانعها يجري بالفعل بحوثًا مكثّفة وما يشبه الصحافة الاستقصائية وتحرّيات رقمية وواقعية
- أنها غالبًا تضم وجهات النظر المتضاربة ولا تتجنب الأسئلة المنطقية وإن كانت مُحرجة
- أنها تأتي بجودة تعديلٍ وإنتاج لا بأس بها لحدٍ بعيد: صوتًا ومن ناحية مرئية ومن ناحية المضمون
أمثلة على الفيديوهات-المقالات
ضربت الكاتبة العديد من الأمثلة على الفيديوهات-المقالات لكني سأضرب هنا أمثلة من عندي.
ما أسباب انتشار الفيديوهات-المقالات؟
- تقول الكاتبة Terry Nguyen أن من أسباب انتشار هذا النوع من المحتوى وجود الجائحة والحجر
- الفيديوهات-المقالات وفق الكاتبة ليست جديدة بصفتها صيغة محتوى بل تعود لعَقد من الزمان على الأقل
- بعض الباحثين يرى أن الفيديوهات-المقالات سابقة أساسًا وجود يوتيوب وقد انبثقت مما يُعرف بـالأفلام-المقالات essay films وهو ضَربٌ من التصوير السنيمائي غير الخيالي.
- مع ذلك لا شك أن يوتيوب هي المنصة التي تستضيف نصيب الأسد من الفيديوهات المقالات في عصرنا.
- في عام 2021 عندما أصبحت يوتيوب تبجّل مدة المشاهدة على عدد المشاهدات، ازدهر هذا النوع من المحتوى.
- أصبحت الفيديوهات-المقالات جزءًا بالغ الأهمية من محتوى اليوتيوب سنة 2010 وما بعدها.
- تقول كاتبة المقال أنه ليس من المبالغة الادعاء أنها -وأترابها من جيل زد– نشأوا على مشاهدة الفيديوهات-المقالات، وذلك من ناحية علمية وثقافية.
- من أسباب حب جيل زد للفيديوهات-المقالات كونها مصادر نافعة للمشاهدة في وقت متأخر من الليل. وهذا الضرب من المحتوى هو المسؤول عن تعريف جيل كامل (جيل زد) بتحليلات مختلف صنّاع المحتوى لمختلف الظواهر الثقافية والسياسية وها هم الآن هؤلاء الأطفال الذي نشأوا على مشاهدة هذه الفيديوهات يصنعون بأنفسهم فيديوهات-مقالات.
اليوتيوبرز المحللون والفيديوهات-المقالات
تذكر الكاتبة اسم صانعة المحتوى تيفاني فيرغسُن (Tiffany Ferguson) التي تكلمنا عنها من قبل هنا في هذا المقال بزوغ نجم اليوتيوبرز المُحلِّلين وهو نافع فعليك به.
فترة انتباه الناس لم تقلّ ولم تقْصُر بفعل الإنترنت بل أضحوا أكثر انتقائية
نجد في المقال كذلك كلام جيسيكا مادُكس (Jessica Maddox) حيث تقول: أنه صحيح لربما غيّرت الإنترنت كيف نُلقي انتباهنا لكنها لم تقصّره بل “جعلتنا أكثر انتقائية فيمَ نرغب في مشاهدته وتكريس انتباهنا له؛ إن الناس الآن مستعدون لتكريس وقت للمحتوى إن وجدوه مثيرًا لانتباههم” وهو ما يوافق كلام جوليان شابيرو الذي ترجمت مقاله سابقًا هنا: إليك عشرة أكاذيب بارزة أخبروك بها عن العالم ومنه نقتطف
ليس لدى الناس فترات انتباهٍ وجيزة
لأن هؤلاء الناس الذي يُدّعى أن انتباههم قصير:
1. يستمعون لـ 3 ساعات كاملة من حلقات جو روغان الصوتية.
2. يشاهدونَ بشغف واهتمام مسلسلات وعروض مرئية طويلة.
الوجيزُ لدى الناس هو «فترةُ الأخذ بالحسبان» أي تلك الفترة الزمنية التي يقررون فيها ما إن كانوا سيستهلكون هذا المحتوى أو لا. لذا ينبغي أن تشدّ انتباههم أسرعَ ما يكون.
المغزى: لا تخشى صناعةَ محتوى عميقٍ وعظيمٍ. لكن تأكد أن تجعل أول دقيقة منه مُذهلةً.
هناك طلب متزايد على الفيديوهات-المقالات
- تقول مادلين بَكستون مديرة الاتجاهات والثقافة في يوتيوب “أن الفيديوهات-المقالات ضرب من المحتوى وجد حيزًا رفيعًا لنفسه في الثقافة الشعبية بسبب طبيعته التحليلية، وها نحن نشاهد عددًا أكبر وآخذًا في الزيادة من منشئي المحتوى الذين يستخدمون الفيديوهات-المقالات لتحليل الاتجاهات الناشئة على شبكات التواصل، إنهم بمثابة مؤرخين في الوقت الحقيقي للعالم الرقميّ حيث يساعدون المشاهدين في فهم ليس فحسب ما الاتجاه محلّ التناول بل السياق الثقافي الأشمل له كذلك”
- في هذه التغريدة التي حصلت على أكثر من 101 ألف إعجاب تقول كاتبتها:
أي فيديو يبدأ عنوانه بـ”صعود وسقوط كذا” سأنقر عليه أيًا كان موضوعه
انتهى المقال بحمد الله، إن أعجبك، شاركه ولك الأجر، أو اشترك في رديف ولك أجران.
أعجبك ما أصنعه من محتوى؟ تواصل معي الآن عبر واتساب. اضغط على الزرّ الأخضر
يونس يسأل: بعد أن عرفتَ ما هي الفيديوهات-المقالات: أعطني مثالًا عربيًا عليها.