كيف تعمل قوائم الكتب الأكثر مبيعًا وهل هي مجرد زُخرف تسويقي أو لها قيمة خارج التسويق؟

مساء السعادة،

اقترح عليّ الأستاذ خالد الصادق هذا الموضوع فشكَرَ الله له.

تغريدة الأستاذ خالد الصادق

لننقل سؤاله أو استفساره نصيًا هنا ونجيب عليه بعون الحيّ الذي لا يموت:

اذا لم يسبق ان تكلمت عن هذا الموضوع لازم تكرمنا بتدوينة عن ذلك: كثير ناس تشوف انه عبارة “NYC bestseller” ليست الا عبارة تسويقية يحصدها الكاتب / المؤلف للتسويق فقط هل هي بالفعل مهمة في بحثنا و تقييمنا للكتب و تدل على مدى تفرد المؤلف؟ او فقط تستخدم لاسباب ترويجية؟

قبل أن نجيبه لنتأمل كيف تعمل بعض أشهر قوائم الأكثر مبيعًا واحدةً تلو الأخرى وسنتناول ثلاثة فحسب.

كيف تعمل قائمة صحيفة نيويورك تايمز للكتب الأكثر مبيعًا [هي تعمل بوتيرة أسبوعية]

في مقال رائع كتبه تيم غراهل (Tim Grahl) عنوانه الحقيقة الكامنة حول قوائم الأكثر مبيعًا وفق صحيفة نيويورك وصحيفة وول ستريت جورنال نقرأ:

لدى صحيفة نيويورك تايمز مجموعة -لا تكشف أسمائهم علنًا- من تجار التجزئة ينتثرون في جميع أنحاء أمريكا حيث يبلّغون الصحيفة بمبيعاتهم.
كل أسبوع يتلقى هؤلاء التجار قائمة كتب تضع الصحيفة عليها عينها وكل قائمة مكونة من 50 إلى 70 كتابًا.
يوم الأحد، يبلّغ التجار الصحيفةَ بعدد ما باعوه من الكتب المندرجة في القائمة التي وصلتهم حيث يبلِّغون كم باعوا منها في الفترة من صباح الأحد الماضي حتى إغلاق محلاتهم يوم السبت.
عندئذ تقضي صحيفة نيويورك تايمز يومي الاثنين والثلاثاء في اختيار قائمة من الكتب بطريقة انتقاء سريّة تحتفظ بها لنفسها، والقائمة الناجمة عن هذا الانتقاء تكون جاهزة نحو الخامسة مساء يوم الأربعاء وتتيحها للمشتركين في الموجز الذي يلخص يوميًا ما تنشره الصحيفة واسمه تايمز دايجست (TimesDigest). ثم تتاح هذه القوائم للعامة على الإنترنت وفي النسخ الورقية للصحيفة بعد مضيّ أسبوعين.

ثم يعقب الكاتب تيم هذا في مقاله بنظريات مرجحة لكيف ترفع حظوظك ليدخل كتابك قائمة نيويورك تايمز للكتب الأكثر مبيعًا.

يقول تيم كذلك أن هناك من يغشّ ويوظف مسوقين يوظفون بدورهم أناسًا يذهبون للمتاجر ويشترون كتبك بالمال كي يتلاعبوا بالأرقام وبالفعل نجحت هذه الطريقة مع بعضهم. كما يقول تيم أن الشهرة وأن اسمك معروف أيضًا ضمن عوامل اختيارك في تلك القائمة.

ويقول أيضًا في المقال أن اندراج كتابك ضمن قوائم كتب صحيفة وول ستريت جورنال يمنحك قوّة في وظيفتك ومسارك المهني نظرًا لأن الصحيفة مصدر موثوق وهي ذات سمعة مرموقة.

كيف تختار صحيفة وول ستريت جورنال قائمتها للكتب الأكثر مبيعًا؟

من نفس مقال تيم أعلاه نعرف كيف تختار صحيفة وول ستريت جورنال قائمتها للكتب الأكثر مبيعًا:

تختار صحيفة وول ستريت جورنال قائمتها من أفضل الكتب مبيعًا بناء على بيانات المبيعات التي تستقيها من قاعدة بيانات مبيعات الكتب بوك سْكْان التي تديرها شركة نيلسُن (Nielson’s BookScan) وهي متاحة بالاشتراكات المدفوعة فقط.
عمومًا، إن بعت فعلًا أكثر من غيرك ضمن تصنيف معين وفق ما تسجّله قاعدة بيانات بوك سكان (BookScan) ستحتل الرتبة الأولى #1 في قائمة صحيفة وول ستريت جورنال في ذلك التصنيف (التصنيف المقصود به كتب المالية مثلًا أو الاقتصاد أو التاريخ..إلخ)

هذا منطقي صح؟

العيب الوحيد في هذه الطريقة أن قاعدة بيانات بوك سكان (BookScan) لا تتابع كل مبيعات الكتب…

لكن هذه القاعدة من البيانات عمومًا أدقّ مصدر بيانات لدينا بشأن مبيعات الكتب حيث تشمل نسبة تتراوح ما بين 75 إلى 85% من معلومات مبيعات الكتب.

كيف تصبح من المؤلفين الأكثر مبيعًا على أمازون بسهولة؟

في أحد أعداد نشرة خبيرة نشر الكتب والوكيلة الأدبية تيفاني هاوك (Tiffany Hawk) نقرأ ما أعدُّه جوابًا ممتازًا عن هذا السؤال، تقول تيفاني:

ذات يوم صادفت موقعًا يَعِد أنه سيعينك على أن تصير مؤلِّفا من المؤلفين الأكثر مبيعًا وكلّ ما عليك فعله لتصير كذلك أن تقضي بضعة أسابيع في تأليف الكتاب ثم تقتل نفسك (مجازيًا كناية عن بذل الجهد) في التسويق له وذلك وفق طريقتهم المعروضة في دورتهم التي يبلغ ثمنها 30 ألف دولار… أعتقد أنهم يتخذوننا هزؤًا!! إن هذا لأمر مهين لقرائك ولك بصفتك مؤلِّفًا.

أولًا ومع أني أكره أن أخرجك من فقاعة الأحلام التي تعيش فيها إلا أن لقب “الأكثر مبيعًا” الذي يحكون عنه تتمثل في أن تقضي بضع ساعات ضمن الأكثر مبيعًا في تصنيف غامض مبهم ومغمور على موقع أمازون (مثال: تصنيف الموسوعات العسكرية!! أي أنك ستصير مثلًا الأكثر مبيعًا في تصنيف الموسوعات العسكرية على أمازون)
إنه في مُكْنتك أن تتصدر بصفتك الأكثر مبيعًا بتحقيق مبيعات، أو أحيانًا حتى بمنح كتبك مجانًا في غضون ساعات في حال اخترت تصنيفًا ليس فيه كثير من الكتب المنافسة.
اطلب من 25 صديقًا لك أن يشتروا كتابك كلهم في وقت واحد وسيُدرج كتابك وإن لفترة وجيزة ضمن أفضل عشرة كتب مبيعًا في ذلك اليوم في صنف كتب صناعة اللُّبَّاد (ونعم هو تصنيف كُتُب موجود بالفعل!)

تهانينا الآن ها قد حملت لقب “مؤلّف كتاب من الكتب الأكثر مبيعًا” (bestselling author). هَاتِف والديك وكلّم مدرائك وكلّم معلمتك في الثانوية لكن الجميع يعلم حقيقة الأمر وما هو..

لا تفهمني خطأ أنا لا أقول أن لقب الأكثر مبيعًا على أمازون لا معنى له. ذلك أني احتفيت واحتفلت مع عملائي الذين حققت كتبهم بالفعل وبطريقة شرعية الرتبة الأولى في صنف كتبهم.
ما أعنيه أن تجعل نجاحك حقيقيًا وشرعيًا بتأليف كتاب جيد وقيّم يتحمس القراء الحقيقيون له ويحقق مبيعات مستمرة على المدى الطويل.

لا تكُ مثل أولئك المؤلفين الذين لم يتجاوزوا الثلاثين من عمرهم بعد والذين أراهم يزعمون أنهم كتبوا أكثر من مئة كتاب من الكتب الأكثر مبيعًا.
لأن ذلك في أحسن الأحوال مريب ولا يبعث على الارتياح. لأن هذا العدد من الكتب أكثر من كتب جيمس باتّرسون ( James Patterson ) الذي كتب لأكثر من 40 سنة ثم وظّف مجموعة من الكتّاب والمؤلفين ليكتبوا الكتب ثم يضع عليها اسمه هو.

أحد أعداد نشرة تيفاني هاوك (Tiffany Hawk) البريدية

من يقول أنه سيجعلك من المؤلِّفين الأكثر مبيعًا فهو محتال فاحذره

في مقال ماتع في موقع معدّ خصيصًا لحماية المؤلفين اسمه “احذروا يا كتّاب” (Writer Beware) نقرأ في مقال عنوانه كيف تكشف الاحتيالات في ميدان الكتابة الشبحية (استجئار من يكتب نيابة عنك وباسمك) أن من علامات المحتالين وعدهم إياك بأن تصير من المؤلِّفين الأكثر مبيعًا.

والآن عودةً لسؤال الأستاذ خالد الصادق.

ما نفع عبارات المديح ولقب الأكثر مبيعًا هل هي مجرد تسويق أم لها عمقٌ غير ذلك؟

وفق البحث أعلاه وبعد قراءة الكثير من المقالات عن الموضوع نقول بعون الله أن لقب الأكثر مبيعًا ليس مجرّد حيلة تسويقية. مع أن البعض يستغلّها لهذا الغرض. مع ذلك هي لا تعبّر عن عمق الكتاب وجودته. بالتالي وفي نقاط موجزة هذا هو الجواب:

  1. إن استطعت أن تجعل كتابك ضمن أي قائمة من قائمة الأكثر مبيعًا فافعل ذلك؛ فالتسويق لا يضرّ وينفع كثيرًا
  2. دخول كتاب قائمة الأكثر مبيعًا أيًا كانت الجهة (حتى لو كانت وول ستريت جورنال) لا يعني أن الكتاب نافع أو يستحق تلك المكانة
  3. لا تغفل عن حقيقة أن كثيرًا من الكتب التي خارج قوائم الأكثر مبيعًا ذات نفع عظيم فلا تقتصر فقط في استهلاكك المعرفي على قوائم الأكثر مبيعًا لأنه كما يقول هاروكي موراكامي “إن اكتفيت فحسب بقراءة الكتب التي يقرأها جلّ الناس فكّرتَ كما يفكّرون”. وأضيفُ من عندي: وذاب كيانك المعرفي وانحلت عُقَد تفرّد شخصيتك وأصبح تفكيرك ضحلًا
  4. هذه العبارات (الأكثر مبيعًا…إلخ) لها وقع وتأثير حقيقيّ لاعتماد كثير من الناس والمؤسسات والبرامج عليها (على سبيل المثال ستتيح ويكيبيديا لك أن يحرر قارئ عنك صفحة خاصة بك وعن كتابك إن دخل كتابك قائمة نيويورك تايمز أو غيرها من القوائم ذات الصيت ذلك أن نيويورك تايمز عندما تختار كتابك فبالأساس حققت شرط الملحوظية لدى مدراء ويكي المأفونين الذين يسمحون لصينية أن تزوِّر التاريخ الروسي لعشر سنوات دون ردعها إلا مؤخرًا وتحذف صفحة عنك وعن كتبك لأنك لست ملحوظًا كفاية!!)

طالع أيضًا عن الكتب الأكثر مبيعًا…

أين تجد الكتب الأكثر مبيعًا وتعرف جديد الكتب وتقرأ عن التاريخ العربي وتفضح نفاق الغرب؟

افتح التدوينة لتعرف مصادر معرفية قد لم تسمع عنها من قبل

انتهى المقال بحمد الله، إن أعجبك شاركه ولك أجر؛ أو شاركه واشترك في رديف ولك أجران


أعجبك ما أصنعه من محتوى؟ تواصل معي الآن عبر واتساب. اضغط على الزرّ الأخضر

مصادر رائعة للاستزادة حول موضوع الأكثر مبيعًا

إن رغبت في الاستزادة في هذا الموضوع طالع ما يلي:

*ما هو التقريظ (Blurb ) في عالم النشر؟

Blurb مُصطلَح دخل عالم الدعاية السينمائية قادمًا من عالم النشر، إذ يُقصد بالتقدمة أو التعريف الكلمة الموجزة التي غالبًا ما يضعها الناشر على ظهر غلاف الكتاب، أو على ما يُعرف بباطن جاكيت الغلاف المقوّى. وكما تتضمَّن التقدمة أو التعريف بالكتاب إشادة كتبها أحد المتخصصين في مراجعة الإصدارات الحديثة، تتضمَّن تقدمة الفيلم إشادة به، ومدحًا يتجاهل ما به من سلبيات وعيوب. تأخذ تلك التقدمة أشكالًا كثيرة، بدءًامن جملة صغيرة في نهاية عمود يومي أو أسبوعي لكاتب شهير، مرورًا بمقال كامل لكاتب آخر، وانتهاء بإعلان تحريري مدفوع الأجر، يُنشر في الصفحات المخصصة للتحقيقات أو المقالات، دون إشارة إلى أنه في الأصل مادّة إعلانية مدفوعة، وهي مسألة يرى فيها نقّاد كثيرون مخالفة لأخلاقيات العمل الصحافي وتضليلًا للقارئ.

موسوعة الشاشة الكبيرة (إنجليزي/عربي) – معجم الصائغ

(1) كمُصطلَح دارج خاصّ بالإعلان يعني: أيّة عِبارة مُختصَرة، ولكنّها فعّالة، تُستعمَل في ترويج البضاعة المُعلَن عنها، كفقرة مأخوذة من وصف مطبوع على غِلاف كتاب مثلًا. (2) بشكل أوسع يَعني المُصطلَح: المدح والإطراءَ المُفرِط إذا استُعمِل في مَوضوع مُتعلِّق بترويج البضاعة أو الإعلان عنها.

موسوعة المصطلحات الإدارية والاجتماعية الاقتصادية والتجارية (إنجليزي/عربي) – معجم الصائغ

يونس يسأل: هل تصدّق المقالات المراجِعة للكتب والتي تكتفي بمدحها ومدح مؤلِّفها؟ وكيف تختار ما ستقرأه في الفترة المقبلة؟


حقوق الصورة البارزة: Photo by Peter Ivey-Hansen on Unsplash

شاركني أفكارك!

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s