كيف تعودُ لكتابة المحتوى وصناعته بعد انقطاعٍ دام شهورًا؟

جمعة مباركة،

اقترح الأستاذ موفق وفّقه الله علي هذا الموضوع:

لننقل سؤاله هنا نصيًا ونجيب عليه بإذن الحيّ القيّوم:

بعد الانقطاع والانشغال لشهور ، كيف تعود لعادة الكتابه متجاوزا الكسل والتكاسل

بدايةً أسباب الانقطاع والانشغال تنقسم لقسمين كبيرين، أحدهما مُبرّر والآخر غير مبرر. ووفق هذين القسمين سنقدم النصائح.

في حال كان انقطاعك وانشغالك لشهور مبررًا

وهذه حالة نادرة، إذ معظم انقطاعات الناس وانشغالهم غير مبررة للأسف لكن هناك من انقطاعه وانشغاله مبرر. مثل الإصابة بمرض خطير يُقعد المرء أو الاختطاف أو الهجرة والنزوح أو الإفلاس والتعرض للفقر المدقع أو الانهيار العصبي أو إدمان المخدرات وما شابه عافانا الله وإياكم.

إن كان انقطاع بسبب حالة مثل هذه الحالات. فالواجب هنا ألا تفكر كثيرًا في الكتابة وتصبّ تركيزك على التعافي والراحة و إزاحة ما تبقى من آثار المرحلة الصعبة التي كنت فيها.

كما أنه لو كان مبررك أحد تلك الحالات فالعودة للكتابة أو صنع المحتوى سهل:

اُكتب بأكبر قدرٍ ممكن من التفاصيل تجربتك وما مررت به.

ومن هناك بعد كتابة تجربتك مثل ما فعل هذا الكاتب الذي عجز عن التكلم لفترة أو لنقل لا قدر الله أجريت عملية على عينك لم تمكنك من التحديق في الشاشات لفترة طويلة.

غلاف كتاب ونطق الصمت: حياتي لمدة ثلاث أشهر دون كلام للمؤلف محمد بن عبدالعزيز الداود
غلاف كتاب ونطق الصمت: حياتي لمدة ثلاث أشهر دون كلام للمؤلف محمد بن عبدالعزيز الداود

ستستطيع بعد كتابة تجربتك أن تواصل الكتابة وصنع المحتوى بوتيرة طبيعية.

فهذا إذن كيف تعود للكتابة وصنع المحتوى لو كان سبب انقطاع مبررًا وكما قلنا هذه الحالات نادرة جدًا.

في حال كان انقطاعك وانشغالك لشهور غير مبرر

وهذه معظم حالات الناس. ومن الأعذار غير المبررة للانقطاع عن الكتابة وصنع المحتوى:

  • المزاجية، بقول “ليس لدي مزاج للكتابة اليوم ولا غدُا ولا هذا الأسبوع”
  • الدراسة الجامعية
  • الكسل والتكاسل
  • متابعة الأفلام والأنيمي ومباريات التنس والمصارعة
  • السفر والتسكع مع الأصدقاء
  • جلسات الغيبة والنميمة
  • وظيفة بدوام كامل
  • عدم وجود قراء لما أنتجه من محتوى
  • لا يوجد مردود مادي لما أنتجه من محتوى

وهذا الانقطاع ولأنه غير مبرر. فلا حجة لصاحبه في وضع الأعذار لعدم الكتابة. من هنا سيصعب عليه العودة للكتابة إن كان يكتب فيما سبق.

ولنأخذ هذه الأعذار ونقصفها. لكي يتبين أنها واهية. فأما المزاجية فقد كتبت عنها هذا المقال هذا الأمر ينبغي أن تُميته موتة بشعة… والآن..

من جانب آخر، فإن الدراسة الجامعية ومهما كانت صعوبتها فليست مبررًا لئلا تكتب أو تنتج المحتوى وهناك أمثلة عربية على هذا كثيرة جدًا منها طالبة الطب خديجة يطو؛ والطبيبة شروق بن مبارك ومثلهما الكثير.

أما الكسل والتكاسل، فسببه غالبًا وجود المرء في منطقة راحة. حيث هناك سقف فوق رأسه وأكل فوق الطاولة وشخص يعيله. احذف هذه الأشياء من حياة أي كسول وسيصير نشطًا.

ولهذا شجعتُ الشباب العربي على أن يستقلوا مكانيًا عن آبائهم لكنهم لا يفعلون ثم يقولون لك نريد أن نؤسس مشاريع ونصنع محتوى.

أبشروا: لن يحدث ذلك البتة. وحتى لو بدأوا في صناعة المحتوى فسيكونون بحماس كبير في البداية ثم ينطفئ سريعًا ذلك الحماس.

أتعرف لماذا؟

لأن نتفلكس موجودة والرجلُ يذهب يطهو الفشار ويأكله ويشاهد. مع أنه لم يدفع بنفسه اشتراك نتفلكس ولا فاتورة الغاز ولا باقة الإنترنت ولا حتى يعرف كم ثمن الوعاء الذي يُطهى فيه الفشار.

أتعرف لماذا لا يستطيعون صنع المحتوى؟

لأنهم غير مُهددين.

سواءً أكتبتَ المقال أو التغريدة أو لا فلن تبيت في العراء، وسواءً أعملت أم لم تعمل ففطور الصباح موجود في المنزل وأمك أو أختك تعدّه لك.

وهذه وصفة مضمونة لمَن لن ينجز شيئًا في حياته أبدًا.

أما إن كنت مثلي مثلًا تدفع 30 يورو شهريًا للأدوات الرقمية وحوالي 60 يورو كراء المحل ولديك مصاريف ولا أحد سيستقبلك لو فقدت عملك؛ فإن عقلك وقتها سيعمل جيدًا ولن تتكاسل. لأن التكاسل يعني وقتها أنه لا وجود لمكان يأويك ولا طعام تأكله ولا لباس ترتديه.

أنا أشجعك أن تصنع هذه الحالة صنعًا لنفسك. بمعنى أن تُخرج نفسك قسرًا من منطقة الراحة. فعلى الأقل:

  • تعمل عملًا يكفي مصروفاتك الشخصية
  • تساهم في ميزانية المنزل من حيث الطعام والحاجيات
  • ترفض أي معونات مادية من عائلتك لأنها ستعزز منطقة راحتك
  • تكتري محلًا للعمل كي لا تقع في إزعاجات المنزل يمكنك أيضًا أن تكتري من عائلتك وإن كنت لا أنصحك بذلك لأنها ضمن منطقة الراحة

أما السفر والتسكع مع الأصدقاء دون حاجة فلا داعي له. أما جلسات الغيبة والنميمة فهي منهي عنها شرعًا وثبت عدم جدواها عقلًا.

تبقى من الأعذار:

  • وظيفة بدوام كامل
  • عدم وجود قراء لما أنتجه من محتوى
  • لا يوجد مردود مادي لما أنتجه من محتوى

والأولى أي شغل وظيفة بدوام كامل ليست عذرًا لأن هناك من يشغل وظيفة بدوام كامل وينتج محتوى نافعًا والأمثلة على ذلك كثير مثل الدكتور أحمد شكري والأستاذة عائشة تاتي.

أما عدم وجود قراء فالقراء يأتون بعد أن تنتج لفترة طويلة وبوتيرة منتظمة وليس أن تطلّ عليهم في الشهر مرة كما يفعل القمرُ. سينفعك أن تطالع في هذه النقطة كذلك هذا المقال: لا أحد يقرأ ما أكتبه، ما الحلّ؟

وبشأن المردود المالي. فمثل النقطة السابقة هو يأتي بعد الإنتاج والعطاء لفترة طويلة وبوتيرة منتظمة وليس قبل ذلك. كما أن إنتاج المحتوى ليس بالضرورة أن يرتبط دومًا بالمال؛ فإن كانت لديك خبرة ولا تنتج المحتوى وكنت مسلمًا فاسأل نفسك لماذا تحرم نفسك من الحسنات والأجر؟

يؤسفني أن أخلٌص في هذا المقال إلى أن معظم أعذار الناس لعدم صنع المحتوى بانتظام واهية ولا مبرر لها. وأن المانع الذي يمنعهم من الاستمرار في إنتاج المحتوى ليس إلا “أنفسهم” هم.

بالتالي أدعو قارئ هذا المقال ممن يرغب في إنتاج محتوى بوتيرة منتظمة أن يطلّق قنوات التسلية والمحتوى الترفيهي لفترة من الزمن، وأن ينضج ويصنع المحتوى فالعمر قصير وعمل الخير سهل في عصرنا والتزود للآخرة من آكد الأولويات.

جمعة مباركة مرة أخرى، شارك المقال ولك الأجر، أو اشترك في رديف ولك أجران.


يونس يسأل: وأنت كيف تتجاوز الكسل والتكاسل في صناعتك للمحتوى؟

6 رأي حول “كيف تعودُ لكتابة المحتوى وصناعته بعد انقطاعٍ دام شهورًا؟

  1. بالتعلم والقراءة المستمرة.. هذا يملؤك مما يتيح لك القدرة على الكتابة..

    للأسف توقفت منذ فترة عن الكتابة في المدونة وأرجو العودة لها قريبا.. وعندي مقال جاهز ويحتاج فقط القليل من التنقيح لكن للأسف أنا منتظر لتحقق شيء معين لكي أنشر المقال..

    وأرجو أن تكون معظم تدويناتي تقنية بحتة في صميم عملي وأنا أتعلم يوميا.. وعندما أرى أن لدي شيء أقوله سأكتبه..

    Liked by 1 person

  2. شكراً لإدراج اسمي في المقال أستاذ
    المقال جاء في وقته، لأني أحس أنني أقبع في منطقة راحة الكتابة حاليا، لا أعلم لماذا لا أستطيع التوفيق بين الدراسة والكتابة كما كنت أفعل ذلك بسهولة سابقا🤔
    بالمناسبة الانفراد عن الأهل أراه مهما جدا خاصة بالنسبة للشاب، وشخصيا تعلمت أمورا كثيرة من إقامتي بعيدا عن أهلي للدراسة وأولها تحمل المسؤولية الشخصية، وصرت أستطيع الاعتماد على نفسي في المعاملات وخاصة ما يتعلق بالأوراق الادارية، بعدما كنت أعتمد في ذلك على إخوتي وأبي..
    مقال رائع، نفعزا الله بك أستاذ🙏

    Liked by 1 person

    1. جميل أنك فهمت الاستقلالية المكانية التي أدعو لها بصورة صحيحة البعض لا يفهمني للأسف جرّبت أنا كذلك الإقامة الجامعية وكانت جامعة حياتية علمتني دروسًا لا يمكن لمكان آخر أن يمنحني إياها

      Liked by 1 person

شاركني أفكارك!

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s