صباح الخير،
طرح عليّ الأستاذ أحمد مكاوي هذه الأسئلة. أحمد مشترك في رديف فاشترك أنت أيضًا في رديف.
لنضع السؤال هنا ثم نجيب عليه مستعينين بالحي الذي لا يموت:
لماذا تنفع الناس؟ وهل تستمتع في ذلك؟ وإن كان نعم فماهي المتعة في فعلك؟
وإلى الشقّ الأول من السؤال:
لماذا تنفع الناس؟
وجوابه سببان:
- السبب الأول هو تحريّ أن أكون ممن قال فيهم سيد الخلق عليه الصلاة والسلام: أحبُّ الناس إلى الله أنفعهم للناس، وقوله الآخر خير الناس أنفعهم للناس.
- السبب الثاني هو كسب رزقي ونفع نفسي من خلال تعزيز علامتي التجارية الشخصية وجذب العملاء لخدماتي والمشتركين لمجتمع رديف. وهو كذلك وارد في حديث المصطفى عليه الصلاة والسلام حيث قال: على كل مسلم صدقة، فقالوا : يا نبي الله فمن لم يجد؟ قال: يعمل بيده فينفع نفسه ويتصدق، قالوا : فإن لم يجد؟ قال: يعين ذا الحاجة الملهوف، قالوا: فإن لم يجد؟ قال: فليعمل بالمعروف وليمسك عن الشر، فإنها له صدقة اهـ والشاهد هنا يعمل بيده فينفع نفسه ويتصدق وهذا ما أفعله بفضل الله.
والثمرة المتوقعة من الجانب الروحي أن تحصل المحبوبية من الله لي، إذ أنا ساعٍ في نفع الخلق بمعونته فكل شيء منه سبحانه.
والثمرة المتوقعة من الجانب العملي: أن يصبح رديف القِبلة الأولى لكل راغب في أن تحسّن الكتابة بأنواعها حياته مهنيًا ومعنويًا وماليًا. وأن يكون مجتمع رديف بيتًا يخرّج أحسن صنّاع المحتوى النصيّ وأبرعهم فينفعوا الخلق أكثر فأكثر وينفعوا أنفسهم كذلك، ومن ثَم تزداد حصة المحتوى العربي جودةً وكميةً من مُجمل محتوى الإنترنت.
وها هنا ملاحظة. أن ما أفعله من:
- مشاركة المعرفة وما أعلمه وأتعلّمه
- مساعدة الآخرين بما أقدر عليه
- تسخير نفسي لنفع الخلق ونفع نفسي وإعفافها وكفايتها ماليًا
هو ما المفترض أن يفعله الجميع أساسًا من أبناء الأمة العربية.
بعض الناس عذرهم أنهم لا يعرفون كيف يشاركون معارفهم ونرفع عنهم العذر والحجة بما يلي:
- إن كنت تستطيع إجراء مكالمة بالهاتف فأنت مؤهل لأن تطلق بودكاست. سجّل معارفك وارفعها في أي مكان مناسب لك. يمكنك استخدام أسهل الحلول هنا. مثل أنكور دوت إف إم.
- إن كنت تستطيع الكتابة اكتب على أي منصة تروق لك: تويتر، فيسبوك…
- إن كنت تستطيع الظهور والحديث سجّل فيديوهات يوتيوب أو أجر بثًا مباشرًا في أي منصة ترغبها.
شاهد هذا المصمم الذي ينفع الناس بقدرٍ غير معقول من الجودة: (تابعه فهو يستحق)
وبعض الناس لديهم حجج أخرى مثل:
الحجة 1: لا أحد يدعمنا ماليًا لو شاركنا المعرفة
والجواب: ماذا عن الأجر من الله؟
قد يقولون: نحن نتصدق ونعتمر.
والإجابة هي: أن العلم مثل الوقف عمره أطول في توليد الحسنات فلمَ لا نزيد الخير خيران وتنفع نفسك أكثر ولا أحد يكره الزيادة في الخير؟
وأضيف لك: إضافة للأجر وهو هدف لوحده يكفي. لو استمريت لما يكفي من زمن ستأتيك فرص عمل وشراكات لم تكن لتحلم بها.
الحجة 2: ما نعرفه هو سرّ مهنتنا فإن شاركناه بَطُل ما نسترزق به
الرد على هذه الحجة بكلمة واحدة هي أن الرزق على الله فهو الرزاق ذو القوة المتين. لكن لنفصّل ونقول: فلنفترض أن قائل هذا يسترزق من إتمام أوراق من يريد الدراسة بالخارج مقابل عمولة. فيقول لي: أنه لو عمل فيديوهات أو مقالات عن الموضوع لفقد كثيرًا من عملائه.
لكن العكس هو ما سيحدث وفق التجارب. أولًا: لأن المحتوى الذي يقول الناس أنه سر المهنة متاح فعلًا في الإنترنت. مع ذلك كل عميل له حالة خاصة تتطلب شخصًا خبيرًا بالفعل ولا تكفي فيها الإرشادات العامّة بل وحتى التفصيلية لأنها قد لا تنطبق كليًا على حالته.
اُنظر مثلًا للفيديوهات التي تحكي عن قطع غيار المعدّات والأجهزة وستجد أن سر مهنة الميكانيكيين ومصلحي الهواتف وغيرهم كلها متاحة في الإنترنت ومع ذلك لا زال الناس بحاجتهم.
كما أنني لا أطالب أن تشارك “كل” ما تعرفه إذ أن مشاركة نسبة كبيرة مما تعرفه كافية مثل 80 بالمئة فما فوق وتتربح مما تبقى أي من 20 بالمئة.
إن كنت في شكٍ من جدوى هذا فأنا أضع 99 بالمئة بالفعل مما أعرفه متاحًا مجانًا مع ذلك لكل مشترك متطلباته وهنا أتربّح من 1 بالمئة التي أخصص فيها للمشترك الحل بما يناسبه. وأبشّرك أن الوضع طيّب.
الـ1 بالمئة هو مكتبة رديف ومجتمعه وقد تبدو النسبة ضئيلة لكن القيمة والنفع المقدّم لا يضاهى بفضل الله. وهنا يكون المحتوى المجانيّ الذي أقدمه تسويقًا لمجتمع رديف وتعزيزًا لعلامتي التجارية الشخصية.
وهذه الطريقة تعمل لأربعة أسباب:
- يتفاوت الناس في سرعة الفهم. فقد يفهمون المحتوى المجاني المتاح في الإنترنت وقد لا يفهمون البعض يفضّل مثلا أن تشاركه الشاشة وترافقه عمليًا وهذا ما نوفّره في رديف.
- إمكانية طرح الأسئلة: غالب ما ينشر من المحتوى لو كان للشخص سؤال فغالبًا لن يجيبه منشئ المحتوى لانشغاله أو لكثرة الأسئلة وما شابه وها هنا سبب فشل كثير من الدورات المسجلة مسبقًا لأن دعمها الفني سيء والمتابعة منعدمة.
- المتابعة والاستمرارية والمسائلة: يحب الناس الانتماء وأن يكونوا بقرب أشخاص يفهمونهم ويتحدثون لغتهم (المقصود أن يكونوا في نفس الصفحة) وأن يتابعهم شخص يرى مقدار ما أحرزوه من تقدّمٍ، ويقدم ما يبحث الملايين عنه الآن دون أن يحظوا به ألا وهو الفيدباك (الرأي البنّاء الخبير لأعمالهم)
- الوصول لمكتبة بشرية متنقلة (وهي أنا العبدُ الضعيف) تتكلم العربية وتجيب على أسئلتك -شاهد الصورة أدناه:

ولأني أكشفُ دومًا مصادري. أقول أن النص الإعلاني أعلاه مقتبس في جزء منه مما يروّج به الكاتب دانيال ميسلر لنفسه في نشرته البريدية التي أوصيك بالاشتراك بها:

ومما يحثّك كذلك على مشاركة المعرفة ما يسميه الكاتب رمزي الغزوي نظرية الصمصامة فما هي يا ترى؟
نظرية الصمصامة
ونظرية الصمصامة وهي سيف عربي مشهور، تنفع هنا في موضوع مشاركة المعارف والتربّح منها فيما يسمى اقتصاد المعرفة: أي بيع خبرتك وجني المال.
وقصة السيف كما يلي:
لو كنت مكان التاجر الجوال لأجبت الحكيم جواباً مفخماً، ولقلت له كما قال (عمرو بن معدي كرب الزبيدي)، فهو فارس مشهور كان يملك سيفاً يُلقب (الصمصامة)، وذات مرة أراد أعرابي أن يجرب السيف ويختبر قوته، التي راجت في الصحراء، فأمسك به وضرب جذع شجرة، فلم يترك فيها أثراً، فقال لعمرو ساخراً: يقولون إن سيفك قاطع، وها هو لم يفعل شيئاً. فقال عمر: قوة السيف في قوة اليد التي تحمله. وأنت أخذت السيف، ولم تأخذ اليد التي تضرب به.
نظرية الصمصامة * رمزي الغزوي
نفس الشيء هنا: اتبع هذا الإطار من العمل
- شارك المعرفة والروابط والمصادر صباح مساءَ
- تلك المعرفة والروابط والمصادر تنفع الخلق فعلا
- لكن من يطالعها يحتاج متابعة وتوجيه وتعليمه “كيف يفعل” واقعيًا
- المتابعة والتوجيه والتدريب العمليّ دعه في مُنتج مدفوع
أظن أن الفكرة اتضحت الآن. لنواصل الإجابة على السؤال.
وهل تستمتع في ذلك؟ وإن كان نعم فماهي المتعة في فعلك؟
في بداية مشاركتك للمحتوى لن تستمتع كثيرًا لأنه إن لم تكن أهدافك واضحة ستشعر بالإحباط لقلة من يهتم. لكن لو أخلصت العمل لله فستستمتع لأنك تعمل لربٍ لا يضيّع أجر من أحسن عملًا. وهذا هو سرّ الاستمتاع في فعل الخير.
فضلًا عن ذلك عبارات السعادة والشكر والمديح ممتعة ولذيذة كذلك عندما تنفع الخلق ويكتبونها لك علنًا أو يرسلونها لك في الخاصّ. وأهمها دعوات الخير التي لا شك أنها ستجلب لك نصيبًا وافرًا من الخير والابتهاج.
لذا أوصيك في بداية مشاركتك المعرفة ونفع الخلق أن تقاوم مشاعر الإحباط واللا جدوى وتتوكّل على الله ولا تعجز.
انتهى المقال. شارك المقال ولك أجر، أو اشترك في رديف ولك أجران.
أعجبك ما أصنعه من محتوى؟ تواصل معي الآن عبر واتساب. اضغط على الزرّ الأخضر
يونس يسأل: كم تُخصص يوميًا من الوقت لمشاركة معارفك ونفع الخلق على الإنترنت؟
بالفعل ، إن مشاركة الناس المعرفة لشيء عظيم الشأن والأثر ، وهذا ما بدأت به أخيراً الحمد لله بعد مدة من مطالعة مدونتك ومدونات أناس آخرين اقترحتهم أنت.
وأنوي في مدونتي مشاركة ما أقدر عليه من تجارب وأحداث مررت بها وأيضا كل المعرفة التي حصلتها ولازلت أحصلها.
شكراً لك ولهم.
إعجابLiked by 1 person
الله يقويك أستاذ حسان وسنسعد أكثر بأن تلتحق برديف ونتبادل معك الخبرات وتفيد وتستفيد
إعجابLiked by 1 person
مقال كامل مكمل تبارك الرحمن👌
بالنسبة لي ربما لا أخصص وقتا يوميا معينا لنشر الفائدة ولكني في نفس الوقت لا أتوانى عن نشرها متى سمحت لي الفرصة لفعل ذلك ولا أتوانى كذلك عن الاجابة على أسئلة من يطلب معلومات تخص مجالي ولله الحمد أن وفقني لهذا، وما يأخذ وقتي مؤخرا لجوء بعض الطالبات في السنة الأولى لأشرح لهن درسا ما، كمية السعادة التي أشعر بها من خلال هذا الفعل لا توصف، وفي نفس السياق لا أنكر أن ابتعادي عن كورا مؤخرا صار يقلقني لأني من خلاله كنت آخذ جرعتي اليومية من الامتنان تجاه تقديم المعلومة لمن يحتاجها آمل أن تكون عودتي قريبة جدا.
عموما شكراً جزيلا على المقال القيم أستاذ🙏
إعجابLiked by 1 person
أهلا خديجة
أنت غير مقصّرة أبدا في مشاركة المعرفة بارك الله في وقتك وجهدك.
وفعلًا محتواك مميز لا غبار عليه ومما أفتخر بوجوده في الويب العربي.
ساعفي روحك كما نقول بالعامية، وكلما سنحت لك فرصة واصلي صناعة المحتوى النافع 💪
إعجابLiked by 1 person
ربي يحفظك أستاذ يونس ويبارك لك في وقتك وجهدك أنت كذلك وينفعنا بك🙏
إعجابLiked by 1 person
لك الدعاء في ظهر الغيب أستاذ يونس.
أكرمك الرحمن بخيري الدنيا والآخرة.
إعجابLiked by 1 person
أجمعين أختي ندى بارك الله فيك على دعائك الجميل
إعجابإعجاب