مساء الخير والسعادة،
هذا المقال من اقتراح المترجمة القديرة دلال نـصـر اللّه، وهي مناسبة طيبة للتذكير للاستماع لحلقتي الصوتية معها: حوار مع المُترجمة دلال نصر اللّه: لا وجود للمترجم إذا لم يقرأ [يونس توك]
لما طلبتُ من عقلي كتابة مقال عن منافع التسويق أجابني أولًا بنكتة بايخة:
- تريدني أن أكتب مقالًا عن فضائل التسويف؟
- نعم يا طيب
- سوف أفعل
- [أنتظر…] ثم قلت: أين المقال؟
- سوّفت كتابته [ضحكة سمجة]
مع أن هذا يبدو غريبًا لحدٍ ما إلا أن هناك بالفعل منافع للتسويف. وهذا ما خطر لي منها:
انضمامك لنخبة مميزة من البشر المُسوّفين
أي انضمامك لكوكبة من صفوة ما أنجب العالَم، فلو تقرأ سيرة الفنانين لا سيما الرسامين والنحاتين من عصر النهضة، مثل دافنشي ومايكل أنجلو فستراهم من أكبر المسوّفين في إنجاز الأعمال الفنية التي أوكلت لهم.
لا يقتصر الأمر عليهم فحسب، فالكاتب دوستوفسكي وبوكوفسكي وفيكتو هوغو [تابع القراءة فأدناه قصة طريفة عنه] وغيرهم جميعهم من المسوّفين.
التسويف يساعدك على تفعيل نمط “البطل الخارق”
أعرف كثيرًا من المسوّفين الذين لا يفعلون شيئًا طيلة الوقت الذي من المفترض أن ينجزوا فيه المهمة المنوطة بهم، مع ذلك يفعلون نمط “البطل الخارق” قبل الموعد النهائي بأيام (وأحيانًا ساعات حسب المهمة) وينهون المهمة ويسلمونها. وهم كُثر. وهنا لولا التسويف لما كان هناك قدرة على تفعيل النمط الخارق.
مع أن الكثير منهم يشعرون بالحرج من هذا، أي إنجاز المهمة فقط عندما يلوح الموعد النهائي في الأفق، إلا أن معظم أعمال هؤلاء مُنجزة بهذه الطريقة.
رأيي: اعتنقوا هذا النمط وتصالحوا مع أنفسكم بشأنه فهو نعمة!
التسويف يُشعرك أن آخر يحتاج لك
طبعًا لسوء حظ (أو حسن حظ؟) ذلك الطرف الآخر، فأنت لما تسوّف لا شكّ أن هناك من ينتظر حضرتك لتُنجز المهمة. استمتع يا طيب بهذا الشعور اللذيذ من احتياجٍ شخص آخر لك. الأمر الذي يُشعرك بالنفع والجدوى في هذا الحياة وأن “عملك” مهمّ ومنتظر.
عام 1829، وَعَدَ الكاتب فكتور هوغو أحد الناشرين بكتاب جديد.
بعدها أمضى فكتور عامًا كاملًا لم يكتب فيه حرفًا من الكتاب.
هكذا منحه الناشر وهو يشعر بالإحباط موعدَ تسليم نهائيٍ جديد وقال أن الكتاب ينبغي أن يُنشر في غضون ستة أشهر.
لذا أوصى فكتور مساعده بأن يحتجز عنده كل ملابسه للخروج ولا يُبقى له إلا شالًا وملابس أخرى لا تصلح أن يخرج بها.
حبسَ فكتور نفسه في مكتبه بهذه الطريقة حيث لا خيار آخر أمامه يفعله سوى الكتابة.
بعد خمسة أشهر: رأت رواية “أحدب نوتردام” ضوء النهار.
———–
مصدر: نشرة جوش سبكتور اليومية نقلًا عن جيمس كلير.
هناك بالفعل أيام أحسن من أخرى وأوقات أنسب لإنجاز العمل
أحيانًا تكون محقًا في تأجيلك إنجاز عمل ما ليوم آخر، فلعل الطقس في ذلك اليوم المُؤجّل ومزاجك فيه وظروفه (سفر العائلة مثلًا، ودراسة الأطفال، وانفضاض الأقاربِ العقاربِ…) تُسعفك على إنجاز عمل أسبوع في بضع سويعات فقط.
وهنا تكون محقًا في تأجيلك إنجاز العمل عندما يحين الوقت المناسب.
لعل ذلك العمل بالفعل لا نفع منه
أحيانًا تسوّف شيئًا ويَصدُق ظنّك، وتنتفي الحاجة من العمل أساسًا إما كليًا أو لفترة مؤقتة.
- كليًا مثل رغبتك في الانخراط في جمعية مثلًا، ثم تخرج الأخبار أن رئيسها محتال ويبيض الأموال، وهكذا انتفت الحاجة للانخراط بها و”الله سلّم”، أو
- تنتفي الحاجة مؤقتًا كأن تسوّف التحضير لاختبار ما، وغدًا يُجرى، لتكتشف أنه أُجّل لأسبوع أو شهر آخر.
إن أفضل مقال يُكتب عن فضائل التسويف هو مقال لم يرَ النور أبدًا
حكيم إفريقي – أي أنه مقال سوّف كاتبه أن يكتبه!
قد تستجدّ أشياء تساعدك على إخراج العمل أفضل
هنا سنأخذ أمثلة لتوضيح هذه النقطة:
- لو كنت مترجمًا مثلًا وسوّفت تسليم ترجمتك للناشر، واستجدت الأخبار أن الكاتب الذي ترجمت له فاز بجائزة مرموقة أو حُوِّل عمله لفلم أو مسلسل، سيكون إصدارك للترجمة وقتها متوافقًا مع هذا الحدث الذي سيساعدك للغاية على ترويج الترجمة وتسويقها.
- أيضًا لو سوّفت إطلاقك لدورتك المدفوعة كثيرًا، فلعل أحدهم أطلق أداةَ أو تطبيقًا تيسّر عليك جدًا إطلاق دورتك بصورة تجعل إطلاقها ليس عملًا شاقًا (هذه الأداة Classcamp مثلًا الحديثة تتيح لك عمل دورة إنطلاقًا من هاتفك فحسب) أو لحظة لتنفقد موقعها أولًا لأن آخر عهدي به أنه كان يعمل:
سبحان الله كانت تعمل لمّا تفحصتها من قبل، والآن هي لا تعمل وأدناه صورة عن موقع Classcamp من أرشيف الإنترنت، لكن يا الله لعلهم سوّفوا تطوير التطبيق أو تجديد اسم النطاق!



انتهى المقال،
شاركوا المقال ولكم أجر، أو اشتركوا في رديف [أضفتُ في صفحة الشراء إمكانية إهداء اشتراك لمن تحب] ولكم أجران!
أعجبك ما أصنعه من محتوى؟ تواصل معي الآن عبر واتساب. اضغط على الزرّ الأخضر
يونس يسأل: وأنت ما منافع التسويف والمماطلة بنظرك؟
حقوق الصورة البارزة: Photo by JESHOOTS.COM on Unsplash
العمل بمزاج ويكون عملًا فائق المستوى.. قرأت أن صاحب ملحمة “أغنية الجليد والنار” يسوّف ولا يكتب إلا قليلا لكن جاء بهذه الملحمة..
إعجابLiked by 1 person
كذلك: تسويف المعاصي والإثم والعدوان والانتقام.. والأفعال ذات الانفعال الشديد فقد تهدأ النفس وتعمل الصح في اليوم الثاني أو بعده..
إعجابLiked by 1 person
صحيح جدا
إعجابLiked by 1 person
أشكرك لهذه الإضافة
إعجابLiked by 1 person