مساء الصداقة،
كتبتُ عن الصداقة من قبل هنا في مدونتي، فطالع المقال وشاركه مشكورًا ماذا تعني لك كلمة صديق؟ وكيف تفرقه عن غيره من الأشخاص من محيطك؟ [مدونة يونس بن عمارة]
واليوم سنعرف المستويات الثلاثة للصداقة وفق العم أرسطوطاليس…
المستويات الثلاثة المختلفة للصداقة، وفقًا لأرسطو منذ أكثر من 2000 عام
- صداقة المنفعة. يستند هذا الضرب من الصداقة على ما يستطيع المرء فعله لصالحك، أو ما تستطيع فعله لصالحه. من أمثلة هذا الضرب من الصداقة: أن تزكي شخصًا بكلامك، فيبتاع لك مشروبًا مقابل هذا. لا تتعلق مثل هذه العلاقة كثيرًا بشخصية المعني بها، ويمكن أن تنتهي بمجرد أن تتلاشى المنفعة المحتملة التي تستطيع أنت أو الطرف الآخر تقديمها.
- صداقة اللذة ينبني هذا الضرب من الصداقة على المتعة الناجمة عن نشاط مشترك أو جراء السعي وراء ملذات وعواطف عابرة. من أمثلة هذا اللون: شخص تتناول معه المشروبات، لكنك لن تدعوه أبدًا لمأدبة عشاء معك مثلًا، وهو مستوى ارتباطٍ شائع بين الشباب، كما صرّح أرسطو.
وهذا الضرب من الصداقة عرضة دائمًا للانتهاء والتلاشي مثل سابقه، ويعتمد ذلك على ما يحبه الناس ويكرهونه وهي شؤون (ما يحبونه وما يبغضونه) تتغير على الدوام. - صداقة الفضيلة. تُحبّ في هذا الضرب من الصداقة، أصدقائكَ بسبب أنفسهم. يعني تحبّهم لأنهم ما هم عليه؛ وعادة ما يؤثر هذا الضرب من الأصدقاء عليك إيجابًا ويحثّونك على أن تكون نسخةً أفضل من نفسك.
وينبني هذا اللون من الصداقة على السمات التي تميز شخصية الصديق، وهو لون من الصداقة أكثر رسوخًا واستقرارًا من اللونين السابقين.
ومع أن الفيلسوف أرسطو يتحسّر على ندرة هذا النوع من العلاقات النقية القائمة على التقدير المتبادل بين طرفيها، إلا أنه يؤمن أنه يمكن لهذا الضرب من الصداقة أن يحدث بين إنسانين فاضلين مستعدان لاستثمار الوقت والطاقة المطلوبين لتكوين مثل هذه الصلة.
صاغ أرسطو هذه المستويات المتعددة للصداقة في كتابه علم الأخلاق إلى نيقوماخوس، الذي دبّجه حوالي العام 350 قبل الميلاد. (تعليقي: نقله للعربية باقتدار الأستاذ أحمد لطفي السيد وغلاف ترجمته أدناه فعليك به إن رغبت أن تكتسب الفضيلة)
وهذا الكتاب تحفة في فلسفة الأخلاق، ويحتوي كتاب علم الأخلاق إلى نيقوماخوس فلسفة أرسطو بشأن كيف يستطيع البشر بلوغ الازدهار الإنساني والرفاهية (eudaimonia)*، وكلمة يودايمونيا لفظة اختلف المترجمون (عربًا وإنجليز) في ترجمتها عن اليونانية فترجمها البعض “رفاه” والآخرون “سعادة”، والآخرون “طُوبى”، وفي سياق الأخلاق الفاضلة رجّح أرسطو أنا معناها هو “الازدهار الإنساني”.
مع أن صداقات المنفعة واللذة لها مكانها في حيوات الناس، إلا أن العمل على ترقية هذه الضروب من الصداقة لتكون صداقات فضيلة ينشدها العقلاء، جزء هام من رحلة السعي لبلوغ الازدهار الإنساني في حيواتنا نحن. وفق ما يعتقد أرسطو.
والآن ما هي علامة الصداقة “الحقّة” وفق رأيك؟
*ما هي يودايمونيا Eudaimonia؟
يودايمونيا Eudaimonia كلمة يونانية تُترجم عادة إلى السعادة أو الرخاء. اقترح المترجمون ترجمة أكثر دقة لها، هي «الازدهار الإنساني والرفاهية». تتكوَّن الكلمة من مقطعين «يو eu» بمعنى طيب و «دايمون daimōn» بمعنى روح (المترجمة)
كيف تُعاش الحياة، أو حياة مونتاني في سؤال واحد وعشرين محاولة للإجابة ترجمة: سهام بنت سنية وعبد السلام – دار التنوير 121
المصدر: رسالة إلكترونية من موقع Philosophy Break
ما يجب على الصديق وفق أبي العتاهية

يونس يسأل: نفس السؤال الذي طرحه موقع أعلاه: ما هي علامة الصداقة “الحقّة” وفق رأيك؟
أعجبك ما أصنعه من محتوى؟ تواصل معي الآن عبر واتساب. اضغط على الزرّ الأخضر
حقوق الصورة البارزة: Photo by Harli Marten on Unsplash
أتفق مع أرسطو كثير في التقسيم. و اختلف معاه في تسمية صداقة الفضيلة. أفضل أسميها الصداقة الروحية. و هي نادرة لأنه تتطلب تشابه و تناغم بين الأرواح. كل أنواع الصداقة ضرورية في حياة الإنسان إذا كان يحب التوسع و النمو. لازم يستوعب كل الأنواع الثلاثة و يعطيها حقها من الوقت و الطاقة. و كلما زادت روحانية الصداقة كلما قلت الشروط و الاعتبارات المتعارف عليها. يعني صداقة الروح ممكن الأشخاص يبعدوا بالسنوات و ممكن ما يكون في بينهم تواصل. و لكن الرابط موجود و فيه طاقة جميلة متبادلة في الأثير..
إعجابLiked by 1 person
ما شاء الله عليك. تعليق ممتاز
إعجابإعجاب