ما هو الابتكار المُزعزِع؟ ومن سيزعزعُ المُزعزِعين [مارك زوكربرغ وصحبه]؟

حُدِّثت التدوينة بتاريخ 12 مايو 2021.

مساء سلاسل الكتل، والويب 3.0

يبدو المشهد الآن أن الشركات التقنية الكبرى (آبل، غوغل، فيسبوك، نتفلكس، أوبر وأضرابها…) التي زعزعت القطاعات تحتكر كل شيء الآن، وما من جديد سيأتي في الأفق وسيزيحها عن مكانتها.

لكن پاكي مكّورمِك صاحب نشرة نوت بورنق يرى أن ما يسميه الويب 3.00 القائم على سلسلة الكتل (بلوك تشين) سيزعزع من كانوا يومًا ما مزعزِعين للقطاعات.

ومقاله من سيزعزع المزعزِعين؟ طويل وماتع، ويستحق قرائته كله، لكني اقتبست لكم منه هذه المقاطع شديدة الأهمية:

الزعزعة الحقيقية

تدعيّ كل شركة ناشئة أنها “تزعزع” قطاعًا ما، تفقّد بنفسك عمليات البحث الرائجة (Google Trends) بكلمة “disrupt” (زعزعة) وستجد أنها في نمو مضطرد منذ أن شرعت غوغل “تزعزع” الإنترنت عام 2004.

عمليات البحث عن كلمة Disrupt على مر الزمن
عمليات البحث عن كلمة Disrupt على مر الزمن

إن أخذنا بتعريف القاموس (الإنجليزي) لمعنى الزعزعة (disruption) وهو “أن تُغيّر شيئًا ما جذريًا أو تدمّر هيكله” سنجد أن العديد من الشركات التي تدعي أنها زعزعت هذا القطاع أو ذاك زعزعته حقًا.
ذلك أن تلك الشركات دخلت تلك القطاعات وفعلت الأمور بصورة مختلفة وغيّرت وجهًا أو بضعة أوجه من القطاع الذي تنشط فيه. وهذا ما نسميه زعزعة خفيفة أي disruption بحرف d صغير.
أما بلسان حقل استراتيجية الأعمال التجارية، فإن الزعزعة لها تعريف أدقّ. وهذا ما نسميه زعزعة حقيقية أي Disruption بحرف D كبير.
في عام 1995، اجترح أستاذان بكلية هارفارد للأعمال هما كلايتون كرستنسن (Clayton Christensen) وجوزف باور (Joseph Bower) مصطلح «الابتكار المُزعزِع» في مقال نشرته مجلة هارفارد بزنس ريفيو في التسعينيات عنوانه التكنولوجيات المُزعزِعة: إدراك الموجة.
ومنذئذ، أسيء استخدام المصطلح لدرجة أن كرستنسن حبّر مقالًا تاليًا لمقاله الأول نشرته نفس المجلة عام 2015 وذلك ليعيد سكة المصطلح لمسارها الصحيح.

ومنه سنقتطف اقتباسًا لأخذ نظرة شاملة عن الموضوع [التغميق مني]

لنُذكِّر، بادئ ذي بدء بالفكرة بسرعة: تصف “الزعزعة” عملية تستطيع فيها شركة صغيرة بموارد ضئيلة تحدي شركات حاليّة راسخة وتنجح في ذلك.
وعلى وجه التحديد، عندما تركّز الشركات الحالية على تحسين منتجاتها وخدماتها لعملائها الأكثر تطلبًا (والذين في الغالب ينجم عنهم أعظم ربح لتلك الشركات) تمنح الشركات بعض شرائح عملائها أكثر مما يحتاجون، وتتجاهل حاجات بعض الشرائح الأخرى.
هنا يصبح الوافدون الجدد (الشركات الداخلة حديثًا للقطاع) مزعزعين باستهدافهم الناجح لتلك الشرائح من العملاء التي تم تجاهلها، مما يمنح الوافدين الجدد موضع قدم في السوق من خلال توفير جملة من الخدمات/المنتجات الأنسب من تلك التي توفرها الشركات الحالية، وفي الغالب بسعرٍ أقلّ.
وبما أن الشركات الحالية منهمكة بتلبية حاجيات الشرائح التي تحقق أعظم ربح لها، لا تردُ الشركات الحالية على الشركات الجديدة بشدّة.
عندئذ تتحرك الشركات الجديدة أعلى السوق (مستهدفة الشرائح الأثرى) مقدمة نفس الأداء والجودة التي يطلبها غالبية عملاء الشركات الحالية ومحافظةً في ذات الوقت على الميزات التي حققت لها ذلك النجاح المبكر.
عندما يشرع غالبيةُ عملاء الشركات الحالية بتبني خدمات/منتجات الشركات الجديدة بكثرة، تحدث الزعزعة.

تكمن الزعزعة في قدرة شركات ناشئة صغيرة بموارد محدودة على مقارعةَ شركات عملاقة مهيمنة لديها خزائنٌ من الأموال والسيولة: حيث تجد تلك الشركات الناشئة شرائح أهملتها الشركات الحالية أو أثقلتها بالخدمات والمنتجات(والسعر المرتفع)، فتبني الشركات الناشئة منتجات جيدة بما يكفي لتلك الشرائح، ثم تتوسع للجمهور وأغلبية الناس مع تطوير منتجاتهم بمرور الزمن.

من سيزعزع المزعزعين؟

أحيانًا تفتح تكنولوجيا جديدة بابًا لم يكن موجودًا من قبل.
في هذا السياق، نقرأ في مقال نشرته مجلة هارفارد بزنس ريفيو العام 2016 عنوانه ماذا ستحتاج لتزعزع منصة مثل فيسبوك؟ كتبه جوشوا غانس (Joshua Gans) ما يلي:

تحدث الزعزعة من ناحية الطلب عندما تقدم تكنولوجيا جديدة أو ابتكار جديد طريقة لمدّ العملاء بالقيمة أحسن مما تفعله التكنولوجيا القديمة.

إن سلاسل الكتل وعالم المنتجات والخدمات المشفرة [وهو ما يسميه پاكي الويب 3.00] هي التكنولوجيا الجديدة التي تمد العملاء بالقيمة أحسن مما تفعله التكنولوجيا القديمة…
تُمكّن سلاسل الكتل «الشركات الصغيرة بموارد محدودة» من بناء منتجات تنمو وتتطور بوتيرة سريعة.
وهكذا تتيح سلاسل الكتل والنُظُم القائمة عليها لرواد الأعمال أن يُشيّدوا مشاريع ضخمة يديرها فريق عمل رشيق [إداريًا] للغاية.

مكمن قوّة الويب 3.0

ومن مقال رائدة الأعمال ساري آزوت (بالاشتراك مع جاد إسبر) والمعنون من مبدأ «الفائز يأخذ كل شيء» إلى مبدأ «اربح وساعد الغير على الربح»: الرؤية الأصلية التي بُنيت على أساسها الإنترنت تعود بقوة نقتبس هذه الفقرة التي تلخص قوة الويب 3.0 وجدولًا يوضح الفرق ما بين النسخ المختلفة لاقتصاد صنّاع المحتوى:

تتجلى القوة الحقيقية لتقنيات الويب 3.0 في قدرتها على إعادة تشكيل كيف تخلق القيمة، وتُشارك، وتوزّع عبر الإنترنت. ما يجعل عملية توزيع القيمة بسهولة إرسال أو استقبال رسالة إلكترونية عبر البريد.
وهذا تقانة أساسية تفتح الأبواب وتوسع الآفاق وتمكّن صناع المحتوى على الإنترنت من جني عائدات أكبر نظير القيمة التي يقدمونها.

من مبدأ «الفائز يأخذ كل شيء» إلى مبدأ «اربح وساعد الغير على الربح»: الرؤية الأصلية التي بُنيت على أساسها الإنترنت تعود بقوة. [Mirror.xyz]

الفرق بين النسخ المختلفة لاقتصاد صنّاع المحتوى

السمات اقتصاد صناع المحتوى 1.0 اقتصاد صناع المحتوى 2.0 اقتصاد صناع المحتوى 3.0
العلاقة من المنصة للمستخدم (صانع المحتوى ينشر محتواه بصفته طرفًا ثالثًا) من المستخدم لصانع المحتوى (المنصة وسيط بينهما) من المستخدم لصانع المحتوى وعودة للمستخدم (رعايات، المنصات يملكها المستخدمون)
طريقة التربح الإعلانات، المشتريات داخل التطبيق، الاشتراكات صانع المحتوى يدفع للمنصة (نسبة من الأرباح أو مبلغ مقطوع) الشبكات الاقتصادية المشفرة، التذكارات غير المثلية (NTFs)، رسوم التحويل، البرمجيات كخدمة (SaaS)
أمثلة يوتيوب، فيسبوك، أنستغرام، سبوتيفاي، تويتش، روبلُكس (Roblox) منصة باتريون، أونلي فانس، كاميو، صبستاك، باندكامب (bandcamp) منصة ميرُر (mirror.xyz) أو زورا (zora)
مؤشرات الأداء الرئيسية عدد المشاهدات حجم الجمهور (عدد المعجبين) جودة الجمهور (كثافة المعجبين)
الفلسفة التي بنُي وفقها اعتماد كلي على المنصة (اتكالية) استقلالية (تعويل على النفس) تكافل (اعتماد متبادل)

ادعم استمرارية هذه اليوميّات برعاية المحتوى الذي أصنعه، طالع تفاصيل الرعاية في هذا الملف؛ أو تصفّح هذا الرابط.

يونس يسأل: ماذا سيأتي بعد الشبكات الاجتماعية (فيسبوك، أنستغرام، تويتر، يوتيوب، سناب شات…)؟


أعجبك ما أصنعه من محتوى؟ تواصل معي الآن عبر واتساب. اضغط على الزرّ الأخضر


حقوق الصورة البارزة: Photo by Eden Constantino on Unsplash

رأيان حول “ما هو الابتكار المُزعزِع؟ ومن سيزعزعُ المُزعزِعين [مارك زوكربرغ وصحبه]؟

    1. هذا ما يراهن عليه مارك زوكربرغ أيضًا في أحاديثه الأخيرة لكن مشكلة الواقع الافتراضي والمعزز غلاء الثمن وتأخر التكنولوجيا الموائمة له في حين موقع مثل يوتيوب لامركزي قائم على سلسلة الكتل لا يحتاج لأثمان مرتفعة أو تكنولوجيا غير موجودة بعد.

      Liked by 1 person

شاركني أفكارك!

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s