كيف تُدرِّس الناس عبر الإنترنت دون أن تضربهم بالسكاكين؟

نقل الصخور من مواضعها أهون من تفهيم من لا يفهم.

منسوب إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه
  1. 🧠 العقلية الصحيحة للتعليم
  2. 🎯 استهداف الجمهور الصحيح
  3. 🌱 من أسباب الشعور بالإحباط واليأس بعد تقديمك العلم والمعرفة لفترة من الزمن
  4. 🤝 شبكة دعم نفسي قويّة
  5. 🗂️ بناء مكتبة محتوى لئلا تشرح ما شرحته بالفعل: اِستهدف المحتوى دائم الخضرة وليس الهبّات العابرة
    1. ♻️ *ما هو المحتوى دائم الخضرة؟
    2. 🗄️ الأرشفة ليست خيارًا أو ترفًا بل واجب وهي تقيك الانهيارات العصبية المفاجئة
  6. 💖 رفاهك النفسيّ والبدني أولوياتك العليا
  7. 📝 الهوامش

بسم الله. وفق واقع خبرتي الممتدة حاليًا لأكثر من أربع سنوات في التعليم عبر الإنترنت، وتقديم أكثر من 832 جلسة تعليم وتقييم بحمد الله وعونه (منذ تأسيس مجتمع رديف)، أتفهم شخصًا يُقرِّب المفاهيم للناس مثل حالة الذي كتب التعليق أدناه (أخفيت الاسم حفظًا للخصوصيات).

عييت نشرح، تعبت ، مليت ، كرهت، افكر في غلق السوشل ميديا، دين ربي علاش عندكم قصر كبير فالفهم ؟ واش راكم تاكلوا؟

تأثير غير مباشر ، يعني لا نتأثر بالرسوم تأثير مباشر بل نتأثر تأثير غير مباشر عن طريق تراجع اسعار البترول ، لان التأثير المباشر هو تراجع صادراتنا نحو امريكا، والله نشرح فيها وحاشم.

علاش عندكم الحماس بزاف وقلة التفكير والتركيز؟

أحد الجزائريين الذين يقرّبون المفاهيم الاقتصادية لجمهورهم. بارك الله في جهده. أخفيت الاسم حفظًا للخصوصية. وضعت التعليق نصًا هنا لأن أحيانا الصور تذهب في المواقع. التغميق والتلوين مني.
أحد الجزائريين الذين يقرّبون المفاهيم الاقتصادية لجمهورهم. بارك الله في جهده. أخفيت الاسم حفظًا للخصوصية. المصدر: فيسبوك.
أحد الجزائريين الذين يقرّبون المفاهيم الاقتصادية لجمهورهم. بارك الله في جهده. أخفيت الاسم حفظًا للخصوصية. المصدر: فيسبوك.

هذا المقال مُوجَّهٌ لمن يُدرِّس عبر الإنترنت وليس الواقع. مع أنه مفيد ونافع لأي مُعلِّم تقريبًا لكني كتبته خصيصًا لمن يُدرِّس عبر الإنترنت. أدناه 6 توصيات تُسهِم في جعلك تُدرِّس الناس عبر الإنترنت وفي ذات الوقع لا تضربهم بالسكاكين أو تسبّهم هُم ومن خلّفوهم أو تغني لهم ما تقوله هذه المرأة: «حريقة تحرقكم كلكم».

🧠 العقلية الصحيحة للتعليم

يشعر الكثير ممن ينشر علمه عبر الإنترنت بأنه ينطح حائطًا لعدة أسباب معظمها نابعة من عقلية المُعلِّم نفسه، ومن أهم هذه الأسباب الغفلة عن النقاط التالية:

  • افتراضه أن الناس/المُتلقِّين يعرفون ما يعرفه. وهذا غير صحيح في معظم الحالات1. لذا تَكرار البديهيات هامّ. في واقع الأمر حتى في العلوم التجريبية نفسها لم يتفق العلماء على مُسلّماتها2. كل علم ينطلق من مُسلَّمات ينبغي أن يصدقها المرء كي يبني عليها. لذا تَكرار تلك البديهيات وشرحها لازم كلما سنحت الفرصة.
  • كلّ جلسة تفاعل ما بين الطالب والمُعلّم؛ أو صانع المحتوى والمتلقيّ للمحتوى هي جلسة تعلُّمٍ لكليهما الصانع/المعلّم والطالب/المتلقيّ. وغفلة المُعلّم عن هذا من النقائص التي تطاله، إذ لو كان يعتقد حقًا أن كل جلسة تعليم ستُعلِّمه هو نفسه شيئًا جديدًا لما رأى تعليمه غير مجدٍ لأنه حتى إن لم يفهم الطالب شيئًا سيخرج المُعلِّم بشيء نافع لنفسه ينقله لغيره في وقت لاحق.
  • معرفة الشيء لا تعني أبدًا إجادتك لنقل تلك المعرفة. قد تكون أعظم خبير في مجالك، لكن ليس لديك براعةُ نقلِ خبرتك. فبراعةُ نقلِ الخبرة هي ذاتها مجال. وينبغي للمُعلّم أن يتعلمه. وممارسة التعليم وتقنياته تُعلِّم المعلّم أكثر، وتُحسِّن طريقته في نقل المعلومات/المعارف/الخبرات.

🎯 استهداف الجمهور الصحيح

من البداية إن أردت المضي قُدُمًا في تدريس الناس عبر الإنترنت. حَدِّد بوضوح من هم فئتك المستهدفة صحيح أنه سيظل عدد ممن يتابعك ليس من فئتك المستهدفة من المحبين لك وغيرهم. لكن لا بد أن يكون لديك تصوّر عن الفئة التي تريد نفعها. مثلًا لربما تُعلِّم مجال التربية المالية (محو الأمية المالية)، أو تحسين محركات البحث، أو الترجمة من وإلى لغات معينة، فهنا الفئة واضحة لكن زدها وضوحها من خلال محتواك بالإشارة لذلك في:

  • نصوصك في تصاميم الأغلفة (الكوفر) في حساباتك على الشبكات الاجتماعية.
  • في صفحة من نحن في موقعك. إن كان لديك موقع وإن لم يكن لديك فلا بد أن يكون لديك موقع لأن الشبكات قد تغلق حساباتك وتفقد محتواك دون سابق إنذار.
  • في نصوص نُبَذِ حساباتك الاجتماعية (البايو).
  • في محتواك البارز في الشبكات الاجتماعية مثل: المنشور المُثبّت X (تويتر سابقًا) أو أبرز القصص في Instagram، أو المحتوى البارز في LinkedIn.

وإن كنت تتكلم في أي هبّة (ترند/موضوع متداول) فلا تتحسر لما يأتيك من هبّ ودبّ ويعلق على محتواك. فلو كان لديك رأي في كل موضوع فرأيك غالبًا غير مهم. حتى وإن غرّك عدد من يتابعونك. وظننت أن آرائك “مهمة” لأن لديك “3” مليون مشترك مثلًا. تذكّر دومًا أن بعض القطط وحيوانات الهامستر التي تختار أسهمًا من أسواق الأسهم لديها من المتابعين أكثر منك. فعدد المتابعين لا يعني الصدق أو الأهمية.

🌱 من أسباب الشعور بالإحباط واليأس بعد تقديمك العلم والمعرفة لفترة من الزمن

من أسباب الشعور بالإحباط واليأس بعد تقديمك العلم والمعرفة لفترة من الزمن هو الشعور بالغُبن واللاجدوى. لأنك ستُحِسّ أنك تملأ غربالًا بالماء أو تنفخ في قربة مثقوبة. وهذه كلها مشاعر حقيقية لكنها عابرة ولن تدوم ولا بد عليك من التصدّي لها؛ والحلّ في نقاط:

  1. تجديد النية وإخلاصها لله عز وجلّ. وهي من أهمّ النقاط لأنها إن صحّت لك هذه النقطة لم تحتج لقراءة هذا المقال ولا غيره.
  2. قِس أثرك بصورة صحيحة. وشَارِك نتائج ذلك القياس مع عائلتك وجمهورك ونفسك بتذكيركَ نفسكَ مرة تلو الأخرى بما حققته من أثر طيب. وذلك كي تشجع نفسك وجمهورك. وعندما نقول قِس الأثر لا تقسه بالمعايير الزائفة للشبكات مثل عدد المشاهدات بل بشهادات حقيقية من الناس: اُنشر قصصهم ومراجعاتهم لما نفعهم من محتواك/تدريبك. نعم أرقام الشبكات مغرية كي تستخدمها لقياس الأثر لكن لا يُعوّل عليها.
  3. لا بد أن تستديم عملك تجاريًا وماليًا بعدم تقديم كل وقتك ومحتواك مجانًا. لا تكن شهيدَ المعرفة، لستَ وزير التعليم في بلادك ومهمتك ليست سد ثغرات من يأخذ أجرًا لإنجاز ما عليه إنجازه مثل الوزارات والدول والهيئات. هناك مثل تونسيّ وفي ذات الوقت ينتشر في وادي سوف وهو يقول “مكانش قطّ يصيّد لله” (ما من قطّ يصطاد لوجه الله)، بمعنى لكلِّ متصدّر غرض وغاية. وقيل من ألَّف [أي كتابًا] فقد اُستهدِف [أي صار عُرضة للنقد]. اِجعل قصدك واضحًا شفافًا، مثلي وأنا أكتب هذا المقال وهو لله فعلًا لكنه للترويج لخدماتي ومنتجاتي ومجتمعي كذلك. وأنا لا أخفي ذلك ولا أخجل منه بل أعتز به، وما سبق من أمثالٍ صالحةٌ لكل صانع محتوى نافع في هذا العصر. الخبر السعيد أنه يمكنك أن تنوي عملك لله وتربح منه حلالًا طيبًا في ذات الوقت.

🤝 شبكة دعم نفسي قويّة

سواءً أكنت شخصيةً عامّة أو وجهًا معروفًا أو ذا تأثير أو معلِّما ناقلًا للمعرفة مُقرّبًا لها فلا بد أن يكون لديك مجموعة أشخاص تركن إليهم عندما تمرّ بك الشدائد من ضوائق مالية أو نكبات نفسية أو مصائب أو حملات تشهير بك ودعوات لشيطنتك. وهذا -أي إحاطة نفسك بمن يدعمك- مع أنه خارج مجال تخصصك وما تُعلِّمه إلا أنه ضروري إن أردت الاستمرار في العطاء لأطول فترة ممكنة. قد يسأل السائل الآن كيف أُكوِّن لنفسي شبكة دعم؟ الجواب: كنت أنت في البداية دعمًا لغيرك. وكوِّن مُجتمعًا/أو انضم لمجتمع موجود بالفعل. فالانتماء قوّة عظيمة تتيح للمرء الاستمرار. ولهذا الديانات والطوائف والجمعيات ذات حسّ الانتماءِ القويّ لها أعمار أطول بكثير من بعض الدول.

🗂️ بناء مكتبة محتوى لئلا تشرح ما شرحته بالفعل: اِستهدف المحتوى دائم الخضرة وليس الهبّات العابرة

لديّ ملفات PDF في مكتبة مجتمع رديف وفيديوهات هناك وفّرت علي فعليًا ألوف الساعات. ولو لم أصنعها لكانت سنوات من عمري ذهبت دون رجعة. لذا اِجمع الأسئلة المتكررة وأنفق وقتًا في قتلها بحثًا وشرحًا من نواحيها كافة. صحيح أن فعل ذلك مُرهق ومُستنزِف للوقت لكن إن نظرت لعدد الساعات الذي ستوفره لاحقًا هان الخطبُ.

رَتِّب تلك الملفات/المقاطع في مكتبة رقمية واضحة ويسهل الوصول إليها سواء وفّرتها مجانًا أو مقابل المال. ثم أشر لقطعة المحتوى المعنية لما يأتيك سؤال عنها أو يُثار موضوعها في تعليق من التعليقات.

اِستهدف مواضيع دائمة الخضرة*، وليس مواضيع عابرة. هكذا يكون لديك مكتبة محتوى تدوم للأجيال وليس للمدى القصير.

♻️ *ما هو المحتوى دائم الخضرة؟

المحتوى دائم الخُضرة هو محتوى تظل فائدته ونفعه قائمان لفترات طويلة من الزمن، مثل تلك الأشجار التي لا تسقط أوراقها على مر الفصول، ومن علامة أن محتواك دائم الخضرة وصول تساؤلات حوله حتى بعد مرور سنوات على نشره.

يونس بن عمارة

🗄️ الأرشفة ليست خيارًا أو ترفًا بل واجب وهي تقيك الانهيارات العصبية المفاجئة

وها هنا نقطة مهمة. وهو أن الكثير من المُعلِّمين يمرضون وتذهب صحتهم فعلًا بسبب أن محتواهم الذي تعبوا فيه ضاع. وهذا أصبح شائعًا أكثر في عصرنا. لذا أرشفة المحتوى وحفظه في الخدمات السحابية وغيرها من حافظات البيانات ضرورة وليس خيارًا. إنّ تعويلك مثلًا على يوتيوب وأنه سيظلّ وأنه لن يحذف لك محتواك لأنك تتحدث مثلًا عن “المحركات الهيدروليكية” ولا دخل لك بالسياسة وصراع العروش على القفطان أهو مغربي أو جزائري، لا تكفي لضمان ألا يحدث ذلك. فأخطاء الشركات في الحذف ووقوع الأعطاب وضياع البيانات أكثر من أن تُحصى. وهي لا تتعلق فقط بطبيعة ما تنشره ومواضيعه. قد تنشر موضوعًا لا ريبة فيه ومع ذلك يضلّ احتمال ضياع البيانات واردًا. لا تضع بيضك في سلة واحدة. لا تعهد ببياناتك لخدمة سحابية تملكها شركة واحدة. ضع مثلًا فيديوهات يوتيوب في مجموعة تيليجرام و/أو حسابك في الخدمة السحابية دروبوكس.

هذا المقال نفسه مؤرشف في بريدي الإلكتروني لأنه يصلني كاملًا هناك فلو -لا قدّر الله- اختفى هذا الموقع غدًا يمكنني نشر هذا المقال دون ضياع ولا حرف منه بصورة بي دي إف ونصّ مع كامل صوره في أي مكان أحبّ. ومرة أخرى نُكرّر: منصات مارك زوكربيرغ لا تؤتمن. والأرشفة وحفظ البيانات واجب.

💖 رفاهك النفسيّ والبدني أولوياتك العليا

لا قيمة للمال والشهرة وغيرها من زخرف الدنيا إن لم يك لديك لا صحة ولا عافية في البدن. فإن كنت تحرم نفسك النوم الكافي ولا تعتني بنفسك ولا ترحمها فغالبًا أنت في طريق منحدر بسيارة لا مكابح لها نحو الاحتراق النفسي الوظيفي. لا بد أن تفهم أن راحتك تعني استمرارك في العطاء أكثر. ويعني نفعك للناس أكثر ويعني كذلك استمتاعك بزهرة الحياة الدنيا وما كُتب لك من رزق فيها. أما احتراقك وظيفيًا فيعني أنه إن وقعت فيه -لا قدّر الله- ستكون طريح الفراش لمدة طويلة جدًا، وهذا ما سيبلبل حياتك ويقلقل وجدانك وتصير لا نفع منك وعبئًا على غيرك.

لذا الراحة والاعتناء بالنفس ضروريان. إن لم يكن في مُكْنتك أخذ عُطَل ممتدة خُذ عُطلًا قصيرة جدًا.


🛎️ تذكّروا: نشرة “صيد الشابكة” وبودكاست “يونس توك” لم يتوقفا ولم يختفيا. بل صارا من المحتوى المدفوع. لا تُفوِّت الأعداد القادمة من “صيد الشابكة” وبودكاست “يونس توك” واشترك الآن.


تواصل معي واتساب الآن: اضغط الزر الأخضر أدناه 👇


حقوق الصورة البارزة: أنشأتها بواسطة ChatGPT.

📝 الهوامش

  1. رَاجِع مثلًا ما كتبته المدربة: مريم الهاجري على X. (الصورة 2 أدناه). ↩︎
  2. مثلًا في حالة صاحب التعليق الذي استشهدنا به أول المقال هو مختصّ في الاقتصاد. ويتحدث كثيرًا في الاقتصاد الكلّي؛ مع ذلك كما ترى في التغريدة أدناه أن أخطاء هذا العلم وتوقعاته غير الصائبة أكثرُ مما تُعدّ. لذا التماس العذر لمن لا يفهمها أو يعارضها مُبرَّر بل واجب. ↩︎
رفقًا بالمبتدئين. المدربة: مريم الهاجري على X.
رفقًا بالمبتدئين. المدربة: مريم الهاجري على X.

اكتشاف المزيد من يونس بن عمارة

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

3 رأي حول “كيف تُدرِّس الناس عبر الإنترنت دون أن تضربهم بالسكاكين؟

اترك رداً على يونس بن عمارة إلغاء الرد