لماذا يُنفق البشر ملايين الساعات على مشاهدة تحليلات الأفلام والمسلسلات والأنيمي؟

مرحبًا وأهلًا وبسم الله.

جدول المحتويات

  1. جدول المحتويات
  2. هذا الموضوع يثير جنون العمليين وعشاق الإنتاجية
  3. جواب آلان واتس هو أن عملية إضاعة الوقت عملية مستحيلة أصلًا
  4. جواب نظرية فضاء الاحتمالات
  5. ما العلوم إلا قصصٌ قال جاك دريدا
  6. الهوامش

هذا الموضوع يثير جنون العمليين وعشاق الإنتاجية

أحيانًا عندما نشاهد تحليلات مسلسلات مثل مسلسل FROM كتحليل إيمانول (يوتيوبر) للمسلسل نتسائل لِمَ كل هذه الطاقة المهدرة في تحليل خيالات بشري آخر وتخمين ما سيحدث؟ 

يثير هذا الموضوع الجنون في عقول العمليين وعشاق الإنتاجية؛ ويصرخون لِمَ يهدر الناس ساعات وطاقة في الخيال؟ ألا يكفي أنهم شاهدوا الفلم أو المسلسل أو الأنيمي حتى يذهبوا ويقضوا ساعات في مشاهدة تحليلاته؟ 

لماذا يتحدثون بالقول مثلًا دليل أن هذه الشخصية لن تفعل كذا هو وجود كذا. لماذا نُشغِّل الطاقة الذهنية ونُعمِل الاستنتاج والتحريّ والمنطق في أحداث مسلسل خيالي أو فلم خيالي؟ 

يمضي يوتيوبرز آخرون أبعد في التحليل لدرجة أنهم يحسبون رياضيًا وفيزيائيًا الكثير من أحداث الأفلام والمسلسلات. آخرون يحللون الأفلام و المسلسلات فلسفيًا ونفسيًا وميتافيزيقيًا. والجميع يحقق ملايين المشاهدات لهذه التحليلات. 

هناك مبدئيا 3 أجوبة وليس واحدًا فقط على هذا السؤال؛ وأنا لا أتبنى هذه الأجوبة وأنا أعرضها هنا تمرينًا عقليًا وفلسفيًا وحسب. وهذه الأجوبة: جواب من آلان واتس وجواب من فاديم زيلاند وجواب من نظرية ما بعد الحداثة. 

كل هذه الأجوبة. كل واحد على حدا يجيب على السؤال بما يكفي لو صدّقته؛ ويبقى أن تختار ما يعجبك.

لاحظ أني أفترض أن القارئ فَطِن بما يكفي لكي يعرف أن آلان واتس وفاديم وما بعد الحداثة لم يجيبوا عن هذا السؤال بالذات. بل أطلقوا تعميمات يندرج جواب هذا السؤال تحتها. فمثلًا لدى آلان واتس ليس هناك أي إضاعة للوقت. وإضاعة الوقت حدث مستحيل الوقوع في هذا العالم وغيره. وما يندرج تحت هذا: مشاهدة 130 ساعة من تحليلات كرتون سبونج بوب مثلًا. فإن فعلت ذلك فأنت لم تضيّع ولا ثانية واحدة أو أقل لدى آلان واتس. 

جواب آلان واتس هو أن عملية إضاعة الوقت عملية مستحيلة أصلًا

إذن جواب آلان واتس هو أن عملية إضاعة الوقت عملية مستحيلة أصلًا1؛ بمعنى لا يمكن أصلًا لأي كائن حي بما فيهم كل البشر أن يضيعوا ولو ثانية من الوقت. 

وهذه الفكرة قوية وعميقة وليست سهلة الفهم على من لديه ميزان صارم ومسطرة دقيقة ويرى أنه من دون شك أن:

  1. قضاء 14 ساعة في لعب كاندي كراش ولا شك تضيبع وقت مقابل
  2. الدراسة 14 ساعة لامتحان طب

لكن آلان واتس وكريشنامورتي والفلسفة الهندية وما اُشتقّ عنها من بوذية وزِنْ من ورائهما لا ترى فرقًا بين الأمرين فكلا البشريين: من يلعب كاندي كراش ومن يدرس للطب لا يضيعان أي وقت. ولو لم يفعلا شيئًا أصلًا فهما لا يضيعان أي وقت كذلك. 

السبب؟ أن كل ما يحدث “يحدث الآن” وهو يحدث سواء أحب عمرو أو زيد ذلك أو لا. وحبهما وكرههما لما يحدث هو من ضمن “ما يحدث” كذلك، وهذا “الذي يحدث” مقصود لِذاته ولا ثمرة منه. 

استطراد 1: لدي ملاحظات بشأن الفلسفة الشرقية الهندوسية وما يتفرع عنها من بوذية وزِن وما تضمّه من فلسفة فيدانتا. سأكتبها إن شاء الله في مقال أو مقالات مستقلة لمّا يأذن الحق بذلك ويشاء. وها هنا رؤوس أقلام. بما فيها ملاحظات هامة هي: أنهم لا يعرفون مصدر معرفتهم. وبالتالي غاب عنهم أن ينسبوا ما حصّلوه من معارف إلى المصدر الصحيح وهو الله ثم رُسله وأنبيائه فمن والاهم. برهمن عندهم آت من الجذر اللغوي “بر” والذي يعني التوسع والنمو فمن هذا المنطلق ما عرفوا غير اسم واحد من أسماء الله وهو الواسع وبذا فاز حكماء المسلمين بأسماء إلهية أخرى وعرفوها ونهلوا من عطائها وفوق ذلك عرفوا المصدر وهو من أعظم النعم ومن أعزّ المعارف وأثمنها.
الملاحظة الثانية: لا-عمليّةُ هذه الفلسفة. عكس الدين الإسلامي الذي هو أُسّ العملية وأسّ الروحانية في ذات الوقت مع ما يبدو ذلك من تناقض لأول وهلة وهو عين التناغم.
الملاحظة الثالثة: لا حقيقة للتناسخ كما يطرحه الهندوس. مع أنه يحلّ معضلة الشرّ في أذهان الناس لكنه ليس حقيقة. كذلك لا بد أن نؤكد على وجود آخرة وحساب وعقاب ونهاية لهذا العالم الدنيوي. وحتى إن كان لدى بعض الهندوس حياة أخروية ونهاية لهذا العالم فهي ليست نسخة دقيقة عما هو عليه الأمر في نفسه. إننا لو أنصفنا لقلنا أن كل فلسفة الهند والزن والبوذية بكل تفرعاتها لا تساوي شطر بيت شعريّ واحد من شعر العارف بالله أبو مدين رضي الله عنه.

فالمُراد من الكون أن “يكون” وهو يكون الآن. فقد تحقق المطلوب. وهذا الغرض والغاية من كون العالم لدى براهمن. فبراهمن مبتهج بذاته. لأن ما يريده متحقق دومًا وأبدًا. فلا شيء أسعد من براهمن وأكثر منه بهجة2. وقولنا “أسعد” مجاز هنا لأن “أسعد” تشي بأن هناك غيره. لكن ذلك محض مجاز لأنه ما من شيء موجود غيره أساسًا. وفي هذه النقطة يوافقهم العارفون المسلمون.

أما طبيعة “ما يكون” فغير مهمة. وهنا يخالفهم الحكماء المسلمون وغيرهم.

فمن يبحث ليعالج مرضًا مزمنًا ومن يحاول أن يفرغ المحيط بأخذ كوب منه كل مرة. كلاهما سواء. ومن يحاول إفراغ المحيط لا يضيع وقته. 

طبعا ينجر عن هذه الفكرة نتائج خطيرة هي لا أهمية الحياة ومعناها -وإن كانت لا معنوية الحياة (عدم وجود معنى لها) ليست أمرًا باعثًا على الأسى لدى آلان وصحبه- وأنت محقّ فآلان يحكي أنه لما يقول له شخص سأنتحر يقول له لك الحقّ في كل ذلك؛ وفي مكنتك تسجيل خروجك من لعبة الحياة. ويبرر آلان كلامه للراغب في الانتحار أن تنبيه من يرغب في الانتحار على أنه مختار وفي مُكْنته أن يخرج من هذا العالم يقلل من قلقه وتفكيره في الانتحار.3 وهذه الفكرة فكرة الخروج من الحياة موجودة كذلك لدى الرواقيين وإن كان الناس لا يسلطون عليها الضوء لأن الانتحار محظور من المحظورات على الإنترنت.

لكنك لو قلت أين العدل في أن نسوي بين يلعب كاندي كراش أو يشاهد 15 ساعة تحليلات أنمي؛ وبين من يدرس الطب أو الأمن السيبراني. الجواب أنه ينبغي ألا تدرس الطب إلا إن كنت من الحب له حيث تنسى مرور الوقت إن درست 15 ساعة. من غير ذلك أنت تغبن نفسك. وغُبن نفسك ليس تضييعًا للوقت. لأنه كذلك مقصود. والمقصود هو “ما يحدث” وهو يحدث الآن. 

طبعًا أنا أعلاه أحاول أن أعرض الفكرة أوضح ما يكون. كأنني من أشد المدافعين عنها. وينجر عن جواب آلان واتس إشكاليات أخرى أجاب عنها في محاضراته الكثيرة.

يجدر التذكير أن نظرية آلان هذه تعني أنه لا وجود إطلاقًا للمستقبل ولا الماضي. وأنه -مثلما يرى ديباك شوبرا من جهته الذي يقول بلا وجود الزمان أيضًا- لا أسماء في هذا الكون. الكون كله فعل وأفعال وبالذات: فعل مضارع وأفعال مضارعة. فالكون ليس كائنًا إنما “يكون” وهو “يحدث الآن” وخارج الآن ما ثمة شيء أصلًا. فثَبَت عندهم أن عملية إضاعة الوقت عملية مستحيلة

جواب نظرية فضاء الاحتمالات

الجواب الثاني نستقيه من فلسفة الكاتب الروسي مؤلِّف كتب تنمية الذات فاديم زيلاند. ونظريته هو أن هناك ما يسمى بفضاء الاحتمالات وهذا الفضاء فيه كل شيء كان وكائن وسيكون وما لم يكن لو كان كيف سيكون. وهذا الفضاء لا مكان فيزيائي له. مع أنه حقيقي فليس هذا الفضاء في مكان ثلاثي الأبعاد. بل هو خارج الأبعاد. ومع ذلك فهو حقيقي وواقعي. 

وكل يوم نزور نحن البشر بأرواحنا هذا الفضاء: فضاء الاحتمالات؛ في المنام. ومن هنا الأحلام لدى زيلاند ليست وهمًا أو خيالات بل هي حقيقة في قطاع من قطاعات فضاء الاحتمالات. 

فإن رأيت مثلًا أينشتاين في منامك وأنت تعرف أنه أينشتاين لكنه في حلمك أسمر ويلبس برنوسًا جزائريًا فهو أينشتاين حقيقي في نسخة حقيقية من عالم واقعي في فضاء الاحتمالات. فهو موجود هناك ويتنفس ويعيش حياته وأنت رأيته لأن روحك كل ليلة تسرح وتمرح في فضاء الاحتمالات. وعقلك لا يخترع ذلك من نفسه. ولا ينبغي له أن يخترع ذلك من نفسه بل لا يستطيع. 

استطراد 2: مع أن فضاء الاحتمالات فيه كل شيء. إلا أن ليس كل قطاعاته متحققة ففيه المتحقق وفيه غير المتحقق وفيه ما يستحيل تحققه. فالقطاع الذي فيه نبي بعد سيدنا محمد عليه السلام لن يشرق عليه نور الوجود أبدًا حتى مع القدرة الإلهية على إخراجه للواقع. من هذا المنطلق يستحيلُ بعض الأمور واستحالة هذه الأمور لن تتغير بمرور الزمن واكتشاف الأشياء الجديدة على فرض إمكان اكتشاف شيء جديد؛ من هذه المستحيلات:

  1. إبطال الموت ورفعه من هذا العالم.
  2. خلق الحياة من الجمادات غير الحية.
  3. إمكانية العودة في الزمن أي السفر نحو الماضي.

مرّة قرأت لدى لاهوتي مسيحي نسيت اسمه أن الله القدير يغفر لكنه لن يمحو ما حدث من أفعالٍ يعني لن يلغي ما حدث كأنه لم يحدث قط. يعني ما وقع سيظل هناك في الماضي لكنه تعالى يغفر ويصفح. وهذا عين الحق. بالتالي مسلسل لوكي (Loki) مثلًا لن يقع في هذا العالم الذي نعيش فيه أبد الدهر. ولن يقع أي عودة للزمن وآلة الزمن مستحيلة عقلًا وواقعًا. وسبب استحالة آلة زمن أن هذه الآلة لو وُجدت لرُفعت أحكام أسماء الغفّار والتوّاب والغفور من هذا الكون -ذلك أن الآلة لو وجدت لن يكون لهذه الأسماء أثر والله خلق العالم كما يعرف العارفون كي يرى أسمائه فيه- فثَبَت أن صنع آلة زمن لا يكون ولا يحدث أبدًا.

بالمناسبة فضاء الاحتمالات ومفهوم “الأعيان الثابتة” في التراث الفلسفي الإسلامي هما نفس الشيء فقط المصطلحات مختلفة. يؤمن فاديم بالله لكنه يقول أن فضاء الاحتمالات لم يخلقه أحد. في ذات الوقت الكثير من الحكماء المسلمين مثل ابن العربي يقول بأن الأعيان الثابتة أيضًا لم تخلق. السبب؟ أنها عدم ولا تخرج من العدم أصلًا4 فهي غير محتاجة للخلق. إن سألت فما شأن العالم الذي نراه الآن؟ الجواب: أنه يوجد في كل آنٍ إيجادًا جديدًا مستمرًا فهو مفتقر دومًا لمُوجِد لكنه في عدميته لا شيء ولا يحتاج لجعل ولا لخلق. وهو يوجد وفق ما عَلِمه الله ويخرجه الحق من العدم كما هو بلا زيادة ولا نقصان كل آن والآن هنا ليس ثانية أو أقلّ منها بل زمن إلهي لا يعلمه إلا الحق. وهذه الفكرة تنفي أي ذرة ظلم عن الأكوان فكل ما حدث فمن نفس الشيء حدث. ويلخِّصها قول المعصوم عليه السلام الذي ينطبق على كل شيء “يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي…فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه“.

من هذا المنطلق كل القصص الخيالية لدى البشر قادمة من فضاء الاحتمالات. فبالتالي هناك عالم حقيقي وواقعي فيه سوبرمان فعلًا، وهناك عالم فيه باتمان وهناك عالم فيه كل بطل خارق وهناك عالم يجمعهم كلهم. ومن يكتب عنهم وتُحوّل كتاباته لأفلام ليس إلا أنه رأى نُسخًا من تلك العوالم في فضاء الاحتمالات ونقلها إلى عالمنا هذا. ولم يخترع شيئًا من عنده. ولهذا يثبتُ وفق هذه النظرية أن حتى كتّاب هذه القصص لا يعرفون هم أنفسهم ماذا سيحدث. فهم من هذا الوجه فنّانون مُلهَمون ومصدر إلهامهم فضاء الاحتمالات.

ملخص الكثير من أفلام هوليوود الحمقاء هو أنه ما من إله؛ ولو وُجد سنصعد إليه ونقتله. وما من شيء مقدّس في هذا العالم بما في ذلك الزمن نفسه الذي سنصل لوقت نطوّعه فيه ويكون بين أيدينا كالعجينة. جوابي على هذا هو: حظًا موفقًا في هذا المسعى العبثي. فذلك لا يكون.
لكن هوليوود مع شرورها فإن لها حسنة وهي أن تمثيلها لمدراء الشركات التقنية واقعيّ، فهي غالبًا ما تصوّر رؤساء الشركات التقنية أناسًا لا خلاق لهم يضعون دومًا مصالحهم الذاتية فوق مصالح البشرية.

من هذا المنطلق فإن قضاء 150 سا في مشاهدة تحليلات أفلام باتمان ليست تضييعًا كبيرًا للوقت. مع ذلك فاديم ليس مثل آلان فهناك فعلًا تضييع للوقت في نظرية فاديم. فكون الخيالات البشرية بث شبه مباشر لشيء حقيقي في فضاء الاحتمالات لا يمنع البتة أن هناك فعلًا شيءٌ أنفع من آخر في هذا العالم؛ ولذا إن اخترت جواب فاديم ينبغي أن تحرص على إنفاق وقتك وفق الأولويات. 

الفكرة التي يعطيها فاديم هنا أن مشاهدة التحليلات ليست “محض تضييع للوقت لأنها تحليل لخيالات بشر لا حقيقة لها” لأن تلك الخيالات حقيقة لكنها في فضاء الاحتمالات. مع ذلك نصائح زيلاند عمومًا تسير (بالسين) إلى أنه هناك فعلًا أفعال أخرى أجدى لك في حياتك من إنفاق وقتك في مشاهدة تحليلات لنسخ من فضاء الاحتمالات التي قد لا تأتي لعالمنا هذا أبدًا. 

ما العلوم إلا قصصٌ قال جاك دريدا

الجواب الأخير من نظرية ما بعد الحداثة وهو نابع من قول أحد آبائها وهو الإرهابي الفكري “جاك دريدا”: ما العلوم إلا قصص. والتسلسل المنطقي للإجابة عن سؤال المقال يمضي وفق ما يلي لدى أنصار هذه النظرية5:

بما أن كل شيء قصصٌ وسرديات. فحجة ما بعد الحداثة هي: لماذا تقول أن قصتك أجمل وأحلى من قصتي؟

وفق ما بعد الحداثة: أوتناپشتم وقصة نوح وفق التوراة وقصة دورا كلها قصص لا مزية لأحدها عن الأخرى كذلك تلسكوب “جيمس ويب” واكتشاف الذرة والبنسلين. الحقيقة قصة هي كذلك. وغير موجودة في أي مكان. ولا أحد لديه حقيقة واقعية ليست قصة. 

نظرية داروين. وكل دساتير أمم الأرض بما فيها كتاب الياسه من وضع جنكيز خان كلها قصص. 

كل ما هنالك قصص. حِزم من القصص بعضها فوق بعض. 

من هنا القاعدة بسيطة. صدّق ما تشاء من القصص. لأنه ما ثمة إلا قصص. 

الأديان كذلك قصص. لذا من هذا المنطلق عندما يسألك أبوك لماذا تلعب Minecraft لساعات بدل الدراسة. فهو يحكي لك قصة. ويسرد لك سردية المجتمع بشأن ما ينبغي أن يكون عليه شاب في مثل سنك. 

يمكن أن ترد عليه أن ما يحكيه من شأن وجوب الدراسة قصة من قصص المجتمع وأنك تفضل قصة Minecraft أكثر. لكن لا أضمن لك ما سيحدث بعدها. وحتى إن حدث شيء لك من أبيك فهو كذلك قصة. 

في الختام شخصيًا أرى أن الخير يحف بهذه المناقشات لمواضيع الخيال مع ذلك هناك ما هو أنفع وأجدى وفق حالة كل شخص. فغير معقول ترك المهم وهدر الوقت في كل الأحيان لكن لا ضرر من الترويح عن النفس بتوازن وعقلانية.

وأرى هذه المناقشات عمومًا تقوّي اللُحمة بين البشر فحديثهم عن شيء مشترك وإن كان خياليًا خير من ألا يتحدثوا مع بعض إطلاقًا، كذلك إعمال العقل والتحليل والاستنتاج والمنطق في هذه التحليلات يقوّي هذه المَلَكات أكثر في أذهان البشر وهي تمارين عقلية نافعة بذاتها.

وربما هذا كله تمهيد لأن يتوحّد البشر مستقبلًا ويتخلوا عن فكرة الدول الأممية الحالية ويصنعوا مؤسسات وحكومات عالمية أفضل من الموجود حاليًا تعمل لصالح البشرية جمعاء.

إذن هذه هي 3 أجوبة لم يطلبها أحد مني عن سؤال قد يُطرح عليك: لماذا وبعد مشاهدة 150 حلقة من مسلسل The Mentalist شاهدتَ 200 فيديو عن تحليلات تلك الحلقات؟ إن سألوك هذا أرسل لهم هذا المقال. 


أعجبك ما أصنعه من محتوى؟ تواصل معي الآن عبر واتساب. اضغط على الزرّ الأخضر


الهوامش

  1. ذَكَر ذلك في محاضرته “خارج عقلك” الجزء 6. رابط للنصّ. رابط للمحاضرة الصوتية. ↩︎
  2. راجع كذلك نظرية الابتهاج في كتاب “غاية الله من خلق العالم” للشيخ باسم الحلي، العتبة الحسينية المقدسة 2021. ↩︎
  3. ذَكَر ذلك في محاضرته “خارج عقلك” الجزء 3. رابط للنص. رابط للمحاضرة الصوتية. ↩︎
  4. إن أعجبك هذا الموضوع طالع رسالة “الدرة البيضاء” لابن العربي بتحقيق الدكتور محمد علي حاج يوسف وليس غيره لأن شرحه ممتاز بارك الله فيه والكتيّب قصير يُقرأ في جلسة. ↩︎
  5. مع العلم أن ما بعد الحداثيين لا يؤمنون بأنهم أنصار لشيء؛ ولا يقرّون بأي انتماء بما في ذلك الانتماء لما بعد الحداثة نفسها لأن هذا الانتماء والتصنيف -وفقهم- هو كذلك قصة يقولها غيرهم عنهم. ↩︎

حقوق الصورة البارزة: مكتبة الصور المجانية من ووردبريس.


اكتشاف المزيد من يونس بن عمارة

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

رأيان حول “لماذا يُنفق البشر ملايين الساعات على مشاهدة تحليلات الأفلام والمسلسلات والأنيمي؟

  1. مقال عجيب.. يتقاطع مع اهتماماتي عن سرديات الخيال والفانتازيا.. ويذكرني بمراجعتك التي قرأتها عن نوفال هراري “عليه وعلى قومه اللعنة” فهو يستخدم سرديات تشبع الخيال البشري وتدفعه للإيمان بأشياء هناك ما هو أولى بالإيمان منها.

    قال أحدهم “لا أذكر اسمه”: الإنسان ميتافيزيقي التطلعات بطبعه. وهو جواب قد يشرح -من وجهة نظري- أسباب الاحتكام للاستنتاجات الثلاثة التي نقلتها في المقال.

    شكرًا على المقال.

    إعجاب

شاركني أفكارك!