تذكير: شكرُ النِعم والحمد عليها يديمها عليك، ويُسعدك ويضخّ الرضا في قلبك…

مساء شُكر النِعم،

بين الحين والآخر أكتبُ تدوينات مثل هذه في مديح الحمد والشكر والامتنان غرضها الأول الحثّ على الحمد والشكر. وتذكيري نفسي وأنفسكم بهذه العادة الجليلة.

الكثيرون لا يحمدون ولا يشكرون إلا عند وقوع حوادث كبيرة في حياتهم، وهذا غير حسنٍ.

أستخدم برنامج Positivity Space المجاني منذ 7 سنوات -ولا زلت- وذلك لتسجيل ما أحمد الله عليه كل يوم وهو تطبيق على الويب يرسل لك تذكيرًا يوميًا بأن تفكّر في النعم التي تحفّ بك في التوقيت الذي يناسبك من كل يوم (يمكنك تغيير وتيرة التذكير كما تريد لكن أوصيك بجعلها يوميًا) وفي الصورة المتحركة أدناه صورة للوحة التحكم بحسابي في الموقع.

لوحة التحكم في حسابي على Positivity Space
لوحة التحكم في حسابي على Positivity Space

تسألني علامَ أحمدُ وأشكر؟

وأجيبك: ماذا لو نبدأ بالأكل والشرب؟

تعترض وتقول ما الفائدة من ذلك؟

الجواب: رضا الله.

إنَّ اللَّهَ لَيَرْضَى عَنِ العَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الأكْلَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا، أَوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا.

صحيح مسلم

فالحمد لله على صحة اليدين والنظر، والمشي، والجوارح كلّها وعلى أننا نسيغ الطعام وأننا لا نعاني في إخراجه ونحمده عزّ وجل على أنه بعث لنا رحمةً هي سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام فعلّمنا الحمد والشكر.

فنحمد تعالى على كل النعم التي منحنها إياها وسيمنحنا إياها ونحمده تعالى على النعم التي أعطاها لخلقه ولم يحمدوه عليها.

وأيّ دين أعظم من دين يُثيبك على الأكل والشرب والملذّات؟ ويعطيك نظيرها جائزةً هي من أعظم ما يريده الناس من الجوائز: رضا الحقّ سبحانه وتعالى.

إن إنسانًا غفل عن هذا الفضل لهو محروم فعلًا.

منافع حمد النِعم وفق العلم

ولن نطيل في منافع الحمد على آراء أهل العلم والتجارب. فهي مثبتةٌ مسطورة في كثير من المواقع وأهمها:

أن الحمد والشكر أو ما يسمى بلغة العصر “الامتنان” يعزز:

  • التكافل الاجتماعي
  • يبعد ممارسيه عن:
    • القلق و
    • الاكتئاب* و
  • يعزز الصحة العقلية والبدنية و
  • يقوّي مساهمة المرء في مجتمعه والعلاقات ما بين أفراد المجتمع
  • يزيد من رباطة الجأش والصمود/المرونة (Resilience)*** في نفس مُمارسه**

*مصدر

**مصدر

***ما هو الصمود/المرونة (Resilience)؟

هو مصطلح يُستخدم اليوم بكثرة في علم النفس الاجتماعيّ للإشارة إلى ظاهرة صمود فرد أو جماعة أمام صَدمة عنيفة تناولت حياته.

ولكن قبل أن نشرح هذا المفهوم في المجال الاجتماعيّ فلنُشِر إلى أنّه يشير أيضًا، في اللغات الغريبة حيث أبصر النور، إلى مقاومة المعادن للصدمة أو للضغط. وهنا يُقال مثلًا قدرة صخرة من الصوّان، أو من الحجر الرمليّ، أو من الطبشور على الصمود، بالكلغ/سم2.

أمّا في المجال الاجتماعيّ فمعنى الكلمة يشير إلى القدرة على الصمود، لكنّه يشير أيضًا إلى العمليّة المعاكسة التي يجريها الإنسان بعد تعرّضه للصدمة، حيث يقوم بمقاومة مفاعيلها.

وهنا غالبًا ما يشير علماء النفس الاجتماعي الغربيّين بإعجاب كبير إلى (مرونِيَّة resilience) أبناء الشعب اللبنانيّ الذين صمدوا طَوال سِتَّ عَشْرَةَ سنة متواصلة فقاوموا العمليّات الحربيّة بروح بنّاءة سمحت لهم، بعد مرور العاصفة، باستعادة بلادهم وإعادة إعمارها.

فما جرى في هذه العمليّة مزدوج:

– صَمَدَ الناس أمام أهوال الأعمال الحربيّة التي كانت تتناول حياتهم اليوميّة والعمليّة (قصف عشوائي، سيّارات مفخَّخة، تدهور قيمة العملة الوطنيّة، الخطف، اختفاء السِّلَع الأساسيّة، إلخ).
– كما أنّهم لم يتخلّوا عن وظائفهم الاجتماعيّة الأساسيّة على رغم الصدمات المتتالية: عدم تخلّي الناس عن المُؤسَّسات الرسميّة والجيش والشُّرطة على رغم سيادة الميليشيات الحزبيّة المسلَّحة، بقاء المدارس والجامعات مفتوحة، عدم تفكُّك الأسرة، إلخ.

لذلك فإنّ هذا المصطلح، بقدر ما يشير إلى سلبيّة تلقّي الصدمة (ككرة من الحديد تُرمى بقوّة في كتلة من المعجون)، حيث تضطر الضحيّة للتآلف مع مفاعيل الصدمة التي أعطبتها إلى حدّ ما، يشير بشكل متلازم إلى استعادة الضحيّة وظائفها الأساسيّة، بكل شجاعة، والانتقال إلى موقف إيجابي يستعيد بناء ما تهدَّم.

فلا الدفاع وحده يُعبِّر عن هذه الظاهرة الاجتماعيّة اللافتة، ولا الهجوم وحده يُعبِّر عنها أيضًا، بل إن الاثنين يعبّران عن عمليّة إنسانيّة مركَّبة وواحدة.

وتعمل حاليًّا مدارس علم النفس الاجتماعي على دراسة هذه الظاهرة على ضوء ثلاثة متغيّرات أساسيّة هي:

1- العناصر الفرديّة:


– القدرة الذاتيّة على التحمّل.
– طاقة التخطيط.
– المشاعر المساعدة.
– التفاؤل ومصادره.
– المهارة في إيجاد الحلول.

2- العناصر العائليّة:


– العلاقة البنّاءة بين الأطفال والأهل.
– دفء التضامن العائلي.
– مساندة أفراد العائلة.

3- العناصر المساندة:


– وجود أشخاص يؤمّنون المساندة.
– وجود هيئات ومُؤسَّسات تُؤمِّن المُساعَدة.
– وجود مناخ اجتماعيّ عامّ تضامنيّ.

الموسوعة الميسرة في العلوم الاجتماعية (إنكليزي-فرنسي-عربي)

الحمد لله.


أعجبك ما أصنعه من محتوى؟ تواصل معي الآن عبر واتساب. اضغط على الزرّ الأخضر


يونس يسأل: هل تمارس الحمد والشكر بما يكفي؟


حقوق الصورة البارزة: Photo by David Wirzba on Unsplash

شاركني أفكارك!

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s