مساء السعادة،
اقترحت عليّ الأستاذة حنان هذا الموضوع فشَكَر الله لها:
لننقل سؤالها نصًا هنا ونجيب عليه بعون الحيّ الذي لا يموت:
في التعليم
اصبحت المدارس لاتواكب السرعة المعلوماتية مامقترحاتكم؟
قبل أن أدلي بمقترحاتي بشأن المدارس. علينا أولًا أن نلقي نظرة على بعض الأمور ومنها.
الحالة مستشرية: الجميع يرى أن المدارس بها خلل حاليًا
لاحظ الكثيرون من بينهم إيلون ماسك والعاملين معه فشل نظام المدارس الحالي، لذا أطلق مدرسة خاصة للأطفال اسمها آد أسترا (Ad Astra) وهي كلمة لاتينية تعني “حتى النجوم” وموقعها غير متاح للجميع فهي لأطفال عائلات شركة SpaceX فقط حاليًا.
وقد أسسها رائد الأعمال الجنوب إفريقي جوش دان (Josh Dahn) الذي أراد منح تجربة آد أسترا للجميع فتعاون مع غيره من خبراء التعليم التقنيين وأطلق شركة سنثسس (Synthesis) التي أطلقت نوفمبر 2020 وفي بضعة أشهر استقطبت الشركة حوالي ألف مشترك يدفع كل منهم 180 دولار كل شهر أي أن لديهم دخلًا شهريًا يفوق 180 ألف دولار.
تستطيع ضغط الروابط أعلاه لتطلع على تجربة آد أسترا وتبحث عنها باسمها في محركات البحث وتتصفح موقع سنثسس لكن الفائدة فيها قليلة لماذا؟
لسببين:
- أن مناهج المدرسة مبنية على أفكار المهرّج إيلون ماسك
- أن إيلون وأبوه غير مؤهلان لتربية أحد
- ليس إيلون مبتكرًا ولا مخترعًا إنما مكمن كل قوّته في أنه مسوّق بارع للهراء
بقول هذا لنأتي بالإثباتات:
- إيلون الذي يحاضر العالم بشأن كيفية إصلاح المدارس. تبرأ منه ابنه المتحوّل جنسيًا. تبرأ منه كليًا ولا يريد أي صلة به
- أب إيلون ماسك يقول أن غايتنا في العالم هو التكاثر وقد فعل ذلك بإنجاب طفل آخر من ربيبته (ابنة زوجته من رجل آخر)
- لم يبتكر إيلون ماسك أي شيء يذكر. بما فيها شركة باي بال نفسها. ناهيك أنه لم يخترع شيئًا ذو قيمة فعلية. وأدلة أن إيلون غير مخترع مرتّبة هنا وموثّقة فتصفحها ينجلي عنك الشكُّ
نصيحتي:
ما فعلته أعلاه هو التفكير الناقد وعدم قبول ما يقبله عموم الناس. وهو من أهم المهارات التي ينبغي أن نربي عليها أطفالنا.
من المهم ألا تحفّز ابنك أو أخوك أو نفسك بمقاطع من هذا المهرّج. أو تتخذه مثالًا إلا بتوضيح أنه شخص يؤخذ منه فقط قليل جدًا من المنفعة. لكن باقي ما يفعله ويبشّر به لا نفع فيه.
فكرة أن المدارس الحديثة مقتبسة من المصانع وحدثت بعد الثورة الصناعية فكرة خاطئة
يرى كثير من الناس أن نظام التدريس في المدارس الحديثة مُصمَّمٌ لتخريج عمّال مصانع “دقيقين في أوقاتهم ومواعيدهم، وطيّعون سلسي القياد، وغيرُ ثملين”.
لكن هذه الفكرة خاطئة كليًا. إذ أن نظام التدريس الجماعي الموحّد موجود من قبل الثورة الصناعية بل وحتى قبل الميلاد. ودليله نقطتان أولهما:
المعجم النادر في مكتشفات العالم، الذي اعتبر ثورة فكرية لغوية، تمثل أقدم المعاجم اللغوية القائمة بين لغتين على الاطلاق، في مسيرة المعرفة البشرية.
هذا المعجم (نحو 2300 سنة قبل الميلاد) يبين مدى تطور الثقافة في إبلا….ومما يدل على وجود هذه المؤسسة في إبلا (دفاتر) التمارين التي كان التلاميذ يستعملونها نماذج لتقليدها أملًا في تحسين خطوطهم، وقد كانت ثمة عناية دقيقة بالحفاظ على هذه الوثائق وترتيبها…
من إجابة لي على سؤال في كورا: ما هو أول قاموس في العالم؟
إذًا كان لدينا مدارس يدرس فيها التلاميذ اللغات الأجنبية منذ 2300 قبل الميلاد.
والشاهد الثاني هو كتاب تاريخي يفصّل في تاريخ المدارس في الحضارة الإسلامية وعنوانه الدارس في تاريخ المدارس للمؤلف عبد القادر النعيمي وصورة غلافه أدناه.
بالتالي حجة أن الرأسمالية صممت المدارس لتوليد عمّال مصانع طيعين يعملون ليل نهار ليزيدوا ثروة الشجعين من حمقى الناس. ليست صحيحة. ولا مشكلة في توحيد المناهج إلى حد بعيد. إنما المشكلة في المناهج نفسها.
سبب الحيرة والتذبذب معروف وحلّه موجود لكن لا تطبيق له
إن سبب فشل المدارس في نظري ونظر البعض يكمن في فشلها في تحصين أبنائنا من:
- إنكار الاكتشافات الحديثة والعلوم الدقيقة مثل الطب وعلم الأحياء والفيزياء
- الانضمام للطوائف الغريبة مثل الرائيلية وغيرها
- الإلحاد
- الإيمان بأفكار لا أساس لها
- الانضمام للمتطرفين والجماعات الإرهابية
- القتل والاغتصاب والعنف
- الإيمان بأن الأديان كلها سواء وبروز ظاهرة “المسلم الكيوت”
- إساءة فهم معظم الأفكار والمعتقدات والتسرّع في إلقاء الأحكام
وسبب هذا الفشل سببٌ ذو أبعاد أهمها:
- انتشار خبيث لفكر ما بعد الحداثة الذي ينكر مركزية العقل ويقضي على المنطق البشريّ
- عدم وجود تأسيس عقلي صحيح للأطفال
إن الأطفال والناشئة والمراهقين والشباب عمومًا الآن يتخبطون لأنهم فاقدون لنظام التشغيل الأساسيّ الذي من المفترض أن يُثّبت في عقل كل بشريّ.
الخبر السعيد؟
أن نظام التشغيل هذا ليس بحجم 1 ميغا حتى ناهيك أن يكون جيغا أو أكثر بل هو بيتان من الشعر وحسب.
وها هنا نسختان من نظام التشغيل وهي التي تعرف باسم Operating System (OS) لدى المبرمجين. وكلاهما يؤديان إلى نتيجة واحدة وهي:
أن يكون تفكيرك صحيحًا. حيث ما تثبت فوقه من برامج (أفكار وأُطر ونماذج فكرية أخرى) يكون راسخًا دون أعطاب ولا خلل ولا سقم.
نظام التشغيل العقلي الصحيح وفق أحمد الدردير
أقسام حكم العقل لا محالة *** هي الوجوب ثم الاستحالة
أبو البركات الدردير المالكي في الخريدة البهية
ثم الجواز ثالث الأقسام *** فافهم منحت لذة الأفهام
نظام التشغيل العقلي الصحيح وفق عبد الواحد بن عاشر
وَحُكْمُنَا العَقْلِي قَضِيَّةٌ بِلاَ *** وَقْفٍ عَلَى عَادَةٍ أَوْ وَضْعٍ جَلاَ
أَقْسَامُ مُقْتَضَاهُ بِالْحَصْرِ تُمَازْ *** وَهْيَ الْوُجُوبُ الاِسْتِحَالَةُ الْجَوَازْ
متن ابن عاشر
إن فهم هذه البرمجة الأولية التي لا بد ألا يسبقها شيء حتى أحكام الطهارة والدين نفسه هو السبيل لتصحيح كل ما بعدها من فكر وتحصينه من الآفات والأفكار الشاذة الغريبة التي هي مثابة فيروسات.
إن لم تفهمها فلا بأس. ذلك أن الخلل ليس فيك بل الخلل أنها هُجرت. والحلّ؟ العودة إليها والجميل أنها مشروحة بمئات الشروح نصًا وصوتًا وصورة. فابحث عنها تجد خيرًا كثيرًا لأننا هنا نُنبه على النافع لا غير.
لذا اتضح الآن أنه لا بد من العودة لهذه النُظم العقلية المُحكمة التي ينبني عليها الفكر السليم. والإنترنت -وهي من أعظم نعم الله علينا الآن- لم تترك حُجة لأحد في السعي لكسب المعرفة وتحرّي الحقيقة ونيلها.
بمعرفة هذا إليك هذه المقترحات.
مقترحات لجعل المدارس الحالية تعمل عملها وتواكب العصر
هذا المخطط لن يتمّ في عام أو عامين بل لا بد له من جيل كامل أي على الأقلّ 3 عقود كاملة. وكما يقول المثل أفضل وقت للبدء هو الأمس. لذا ثاني أفضل وقت للبدء هو الآن. وهذه المقترحات هي:
- العودة للمتون التعليمية الأولى مثل الأجرومية والسلم المنورق والخريدة ومتن ابن عاشر لكن مع شرحها وتيسيرها على عامة هذا العصر. مع ضرورة امتلاك المنصّة التي تنشر فيها وليس مجرد رفعها في يوتيوب فلا أمان للمنصات التي يملكها غيرك
- إدراج مناهج أخرى في المدارس مثل:
- التربية المالية للأطفال
- التفكير الناقد* مع مساق فرعي فيه هو:
- حسن الخُلق وآداب الطعام والشراب
- البرمجة والتقانات الحديثة
- رخصة قيادة الحاسوب
- رخصة قيادة الهاتف الذكي
- التربية الجنسية
- النظافة الشخصية
- أساسيات ريادة الأعمال وإدارة المشاريع التجارية
- تشريع قوانين ولوائح تنظيمية تتيح للمرء تعليم أطفاله منزليًا دون أن يزجّ في السجن
- إعلاء شأن التدريب المهني والاستفادة من تجارب الأمم الناجحة مثل سويسرا في هذا القطاع وإطلاق حملات توعوية على مستوى الدولة كلّها لخلع وصمة أن المهن اليدوية أقلّ شأنًا من المكتبية
- من الأولِ وفي المدرسة توجيه الأطفال للخيارات المتاحة أمامهم وهو أن الوظائف الحكومية ليست هي الخيار الوحيد ولا حتى الأمثل في مسيرتهم الحياتية المهنية**
💡 *في التسجيل الصوتي أدناه ستسمع ملمحًا من تصوّري لكيف من المفترض تدريس التفكير الناقد في المدارس العربية 👇
طالع أيضًا في هذا السياق
لماذا لن يجدي تدريس مادة التفكير الناقد في المدارس العربية نفعًا؛ ولن ينجح أبدًا
ما رأيك بإدراج التفكير الناقد في المناهج الدراسية؟
**طالع إن شئت: العمل الحر ومحمد كرد علي وعلي الوردي والتحذير من الوظائف منذ 1921م وفي المقال ستجد دلائل أن محمد كرد علي وع. ج. فهمي حذّروا الناس من عواقب التوظف على المجتمع منذ 1921 وإنه لوقت طويل جدًا (101 سنة منذ تحذيرهم) ألا نعي نحن العرب هذا حتى الآن.
أعجبك ما أصنعه من محتوى؟ تواصل معي الآن عبر واتساب. اضغط على الزرّ الأخضر
يونس يسأل: ما مقترحاتك لتحسين النظام التعليمي في الوطن العربي والرقيّ به؟
حقوق الصورة البارزة: Photo by Ivan Aleksic on Unsplash
كتبت تعليقا طويلا عريضا.. ولكن حذف أثناء النقر على إضافة التعليق، 😦
إعجابLiked by 1 person
لا حول ولا قوة إلا بالله
المرة المقبلة اكتب في مفكرة الهاتف ثم انسخ والصق هكذا أفعل مع هكذا مواقف كي لا تتكرر
إعجابLiked by 1 person
كما تعودنا منك دائما الاحترافية والاتقان
موضوع شيق ونافع باذن الله
بارك الله عملك
إعجابLiked by 1 person
شكرًا لك ساعدونا بمشاركة المحتوى على أوسع نطاق بارك الله فيكم
إعجابإعجاب