الفعالية الرهيبة للالتزام اليومي: قصة نجاح تايب سَنس

مساء الخير، أعجبني هذا المقال الذي يحكي عن قصة برمجية تايب سنس، وحكمتها أن الصبر والالتزام اليومي لهما ثمارٌ حلوة طيبة. ودون إطالة إليكم المقال:

تُرجم المقال بإذنٍ من كاتبه الأصليّ كيشور نالان (Kishore Nallan)

قصة نجاح تايب سَنس

يقول كيشور نالان (Kishore Nallan): عندما شرعتُ في العمل على مشروع تايب سنس (Typesense) لأول مرة منذ 6 أعوام، فرضت على نفسي قاعدة بسيطة ألا وهي:

لا بد أن أكتب بعض الأكواد البرمجية كل يوم قبل العمل النظامي أو بعده.

هذا كل ما هنالك. لم أضع لنفسي مواعيد نهائية ولا أهداف فصلية ولا مراحل إنجاز.

في واقع الأمر لم يكن ذلك متاحًا لي، ذلك أني كنت على وشك الزواج، وكان لدي عمل نظامي بدوام كامل ومنصبي كان كثيرَ المطالب. وكما لا يخفى على حضرتك فإن بناء محرك بحث (والذي هو مشروع تايب سنس) من الصفر ليس مهمة سهلة، لذا كان سَنّْي لتلك القاعدة طريقتي الخاصة لعدم ضغطي نفسي زيادة عما لدي بالفعل.

في ظل عدم فرض ضغط زمني على نفسي، تمكنت من التركيز على شيء واحد فقط ألا وهو: الالتزام اليومي المستمر وكتابة بعض الأكواد. دون انقطاع. هكذا كانت بعض المزايا لا تستغرق إلا ساعة من الزمن لتنفيذها، فيما أخذ بعضها الآخر عدة ساعات توزعت على أيام، بل أن حتى بعضها امتد لبضعة أسابيع، لكن هذا لم يكن ذا بال لأنه لم يكن هناك مواعيد نهائية -أيًا كانت- في خطتي.

وبالتأمّل فيما جرى، لا أستطيع أن أصدّق ما تمكنتُ من إنجازه برمجيًا على مدار السنوات الست الماضية فقط بالالتزام بهذه القاعدة.

يظهر الرسم البياني فترة توقف لكن المشروع نجا واستمر.

ما فتئت الحياةُ ترميني بشتى العقبات والمشاغل: فقد تزوجتُ ورُزقت بطفلة، وفقدت أحد أحبائي بعد معركة طويلة، وتعرضت لمشكلات صحية خطرة، وكافحت فيروس كورونا…

مع ذلك، وعلى نحو لا أدركه تمامًا، تمكنت أنا وجيسون من بناء محرك بحث مفتوح المصدر، من الصفر وذلك بمجرد العكوف عليه والتشبث بالمشروع بصفته مشروعًا جانبيًا على مدى فترة زمنية طويلة أكثر من اللازم.

وإليكم فيما يلي موجز لرحلتنا الريادية حتى الآن:

  • 2015: وضع النموذج الأولي للمشروع واعتماد أنواع هياكل البيانات التي سنستخدمها (هل هي وصفتنا السريّة؟)
  • 2016: أول التزام رسميّ بالعمل على المشروع، بناء لُبّ محرك البحث النصيّ.
  • 2017: إدراج HTTP API، ودعم الترشيح وفق الأرقام، والبحث مُتعدد الأوجه.
  • 2018: إدراج مكتبات العميل، وتوفير نسخ طبق الأصل قابلة للقراءة فقط، وإطلاق المشروع على هاكر نيوز لكنه إطلاق مُني بالفشل.
  • 2019: جني أول دولار من المشروع، إدراج الكثير من المزايا الصغيرة في المشروع التي يظنّ الجميع أنها بديهية ومفروغ منها.
  • 2020: توفير ميزة التجميع (Clustering)، وخدمة تايب سنس كلاود (Typesense Cloud)، وإجراء عدة عروض توضيحية للمنتج، وإطلاق المشروع على هاكر نيوز لكن هذه المرة نجح الإطلاق.
  • 2021: الانغماس في العمل على تايب سنس بدوام كامل، كتابة أول مقال في مدونتنا 🙂

إن الدرب الذي سلكناه يتعارض مع الكثير من الأفكار التقليدية السائدة بشأن كيفية إطلاق الشركات.

فنحن مثلًا لم نستقل من وظائفنا لنعمل على تايب سنس بدوام كامل وفورًا. كما أننا لم نسعَ لجذب استثمارات أو نحاول أن نهيمن على السوق بمطاردة النمو المفرط. كما لم يكن لدينا علامات تجارية شخصية أو شبكات مهنية واسعة النطاق نستغلها لصالحنا. بل أننا لم نجنِ دولارنا الأول من المشروع إلا في العام الخامس منه.

مع ذلك كان لدينا سيرورة عمل لا نهائية تقريبًا لأننا كنا متفوقين في وظائفنا النظامية حتى مع استمرارنا في تطوير مشروع تايب سنس. إن لعب اللعبة طويلة المدى، مكّننا من التفرغ لمشروع تايب سنس بدوام كامل فقط عندما استطعنا أن نُحيّد مخاطر هذا القرار -قرار التفرغ- بقدر كافٍ.

إن رغبت في إحراز بعض النجاح والاستقلالية بإطلاق مشروعك الخاص، وتمنيت أن تفعل ذلك دون عظيمِ خطرٍ، أدعوك لتجربة هذا الدليل الإرشادي المُوجز:

اختر فكرة في قطاع كبير شرط أن تكون تلك الفكرة مطلوبةً دومًا، ثم اعمل على تطوير منتج يلبي احتياجات فئة معينة من حالات استخدام تلك الفكرة شرط أن يكون ذلك الحلّ جيدًا للغاية.

إن اختيارك لفكرة ليست اتجاهًا رائجًا حاليًا وسريع الزوال؛ وانتماء الفكرة لقطاع كبير ويُفضّل أن يكون آخذًا في النمو، يُمكنك من سلوك درب تطوير بطيء للغاية. طالما أنك مستمرٌ في العمل على حلّ المشكلة، سيتراكم لديك لا محالة في إحدى المراحل، ما يكفي من مزايا المنتج والتي تستطيع بيع استخدامها مقابل المال.

واجهة موقع برمجية محرك البحث مفتوحة المصدر: Typesense

لنأخذ حالة تايب سنس على سبيل المثال.

بدأنا بفكرة بسيطة مفادها أن نجعل عمليات البحث الجيدة متاحة للجميع على وجه عادل من خلال بناء محرك بحث يبهج استخدامه المستعملين ويعمل بمنهج خارج الصندوق. حتى عندما بدأنا العمل على المشروع، كنا على يقين أن التطبيقات والمواقع ستظل دائمًا في حاجة لميزة البحث، وكنا نعلم أنه سوق كبير وآخذ في النمو.

وأثناء عكوفنا على تطوير تايب سنس ببطء، شاهدنا انبثاق بعض الشركات الأخرى وسعيها بشراسة للحصول على حصة من هذا السوق بالذات (هذا يعني على أية حال جدوى الفكرة، فوجود منافسين علامة جدوى تجارية طيبة). مع ذلك استمررنا في عملنا على المنتج بهدوء وعن قصد واستغللنا الوتيرة البطيئة التي نمضي بها لنتعلم أكثر ونعرف السوق على نحو أعمق.

بعد ست سنوات من العمل على تايب سنس، ها هي قصتنا قد بدأت للتو، وإنه لتحدوني الحماسة كما كانت تحدوني فيما مضى العام 2015. وبما أنني أنا وجيسون نعمل كلانا بدوام كامل على تايب سنس، نتطلع قُدمًا لإنماء المشروع وفق شروطنا ورؤيتنا.

لا تستسلم.

في كل مرة يحوّل فيها أحد العملاء تجربة بحث منتجه إلى تايب سنس، يذكرنا ذلك بالفعالية اللامعقولة والرهيبة للالتزام اليومي.

والآن سنعمل بجد لستّ سنوات قادمة أخرى!

رابط المقال الأصلي.

اشترك في نشرة تايب سنس البريدية لمتابعة مستجدات رحلتهم الريادية.


حقوق الصورة البارزة: Photo by Marek Piwnicki on Unsplash

شاركني أفكارك!

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s