كيف تكسب من الكتابة بالإنجليزية؟ مقابلة مع الكاتب زاهر طلب

مرحبًا بكم، بين الحين والآخر أجري حوارات نصيّة مع شخصيات تستحق كل تقدير ودعم لإنجازاتها الممتازة، واليوم معنا الأستاذ زاهر طلب؛ ودون إطالة إليكم الحوار:

حواري مع الأستاذ زاهر طلب:

السؤال الأول: من هو زاهر طلب؟ ماذا درس؟ وكيف وصلت إلى ما وصلت إليه الآن؟

الحقيقة أولاً أشكرك أستاذ يونس لإتاحتك هذه الفرصة لي للحديث والحوار معك في مدونتك الرائعة، اسمي زاهر بشير طلب، من الأردن وأصلي من سوريا، وقد انتقل أهلي للعيش في الأردن منذ الثمانينات. منذ طفولتي عشقت الكتب والمكتبات، وكنت أطمح لأكون مفكراً أو دكتوراً جامعياًً، ولكن كما تعلم، فإن مثل هذه المهن لم تعد مطلوبة في سوق العمل بداية القرن الحادي والعشرين، بل حتى أن الطب والهندسة اللتان كانتا مطلوبتان تقليدياً لم يعد يُنصح بهما كثيراً، وبسبب حبي للثقافة وقوة لغتي الإنكليزية فقد حاولت التسجيل في كلية الترجمة، لكن أيضاً كانت شروط القبول فيها كانت صعبة للغاية، وفي النهاية سجلت في الكلية الطبية وتخرجت منها وعملت كفني تصوير بالأشعة.

أحببت العمل في هذه المهنة لفترة ليست بالقصيرة، ولكن لم يوجد فيها كل ما يشبع رغبتي بالعلم والثقافة، كما أنها وللأسف ضعيفة المردود المادي والاجتماعي في العالم العربي، ولهذا بقيت على تواصل وثيق بعالم الكتب والثقافة والمجالس الثقافية وخاصة منها السياسية، وفي سنة حوالي 2009 أطلقت مدونة “مجلة العمق” المختصة بفقه الواقع السياسي، والتي تحوي تأصيلات وتحليلات سياسية مبنية على وجهة نظر معينة مستقاة من دراسة الواقع السياسي والتاريخ، بالإضافة إلى السياسة الشرعية وشيء من أصول الفقه، وقد نجحت المجلة إلى حد ما في جذب اهتمام جمهور لا بأس به بالنظر إلى طبيعة طروحاتها التي لم تكن شعبية ولا تساير رغبات الجمهور، بقدر ما كانت تهدف لتقديم رسالة توعية حول الخطر الفكر الأيديولوجي وما شابه من قضايا.

ومنذ ذلك الحين وإلى غاية سنة 2019 بقيت أكتب في مجلة العمق وأستزيد من قراءة الكتب، ثم سجلت في مساقات أون لاين باللغة الإنكليزية في العلوم السياسية سنة 2018 في محاولة لتحويل هذا الشغف أو الرسالة إلى مهنة جديدة أتفرغ لها، وتشكل لدي مشروع حلم بفتح مركز أبحاث، وحاولت فعل الكثير للبدء به دون ما فائدة، ثم انتبهت إلى حقيقة أن العلوم السياسية والصحافة والتاريخ وما شابه من تخصصات قد أصبحت مشبعة بسبب كثرة من يعملون بها بعد الربيع العربي، ولكثرة دورات الصحافة التي أجرتها القنوات الفضائية خاصة معهد الجزيرة، ولأن أمور السياسة شائكة جداً فقد سئمت الجماهير منها، وأصبحت تريد أمور مفيدة لها اقتصادياً، هنا انتقلت إلى فكرة العمل ككاتب محتوى مستفيداً من خبراتي وخلفيتي الفكرية ولغتي الإنجليزية.

السؤال الثاني: احك لنا عن تجربتك بالكتابة باللغة العربية الفصحى، احكِ لنا عن انتقالك من بعض التخصصات إلى أخرى، وما الفرق بين الكتابة البحثية والتقارير والمقالات وغيرها من أنواع المحتوى التي كتبتها؟

في هذه المرحلة بدأت بالبحث عن وظائف في كتابة المحتوى في موضوعات السياسة والتاريخ، حيث لم أعد أركز كثيراً عن الأبحاث ولكن عن الكتابة نفسها، مع ذلك أدركت فرصة بحثية وكتابية نادرة في التاريخ، وكتبت فيها بحثاً تاريخياً اجتماعياً من الواقع، ثم أدركت أنه لا يمكن لتخصص كتابة المحتوى في السياسة والتاريخ للمبتدئ أن يكون عملاً مستداماً يكسب منه رزقه بشكل مستمر، ومع ذلك بقي لدي الأمل في ذلك بأن أعثر باللغة الإنكليزية على مثل هذه الفرص، خاصة أن العالم الغربي من المعروف عنهم الاهتمام بالعلوم الاجتماعية، وبالرغم من صحة هذه الفكرة، لكن الحقيقة أنه أيضاً لديهم ما يزيد عن حاجتهم من الباحثين وكذلك من كتاب المحتوى في هذه المجالات، فلم أكد أعثر سوى على فرص ضئيلة متفرقة هنا وهناك للكتابة في التاريخ والسياسة.

في أثناء ذلك ولبناء أساس مهني جيد في كتابة المحتوى، لم أكن أرفض في البداية فرص الكتابة في التخصصات المتنوعة، وذلك أيضاً لأخذ فكرة أكبر واكتساب مزيد من الخبرة، فكتبت لبعض المواقع عن السيارات والسياحة والرياضة وغير ذلك بشكل عابر بدون تعمق، ثم جاءتني فرصة الكتابة لموقع كفيل بالنشرات البريدية، وهذه كانت نقطة التحول النفسية عندي، والتي أقنعتني أن فرص العمل بكتابة المحتوى موجودة بكثرة ولكن للتخصصات ذات العلاقة بالتجارة والخدمات المطلوبة، فقررت البحث من جديد عن تخصص جديد لاتخذه تخصصي الرئيسي بعدما ما كنت أعتبر نفسي حيراناً بين اختيار عدة تخصصات، السياسية، التاريخ، العلوم، الخ، فجاءت هذه الانعطافة لتعيدني إلى نقطة الصفر، وأن جميع التخصصات السابقة التي احترت فيها لا تصلح! فكان هذا أيضا بمثابة حل لمشكلة لحيرتي، وبالفعل فقد اخترت بداية من سنة 2021 تخصص الكتابة في التقنيات الرقمية الناشئة مثل الحوسبة السحابية والذكاء الصناعي، نظراً لشغفي وخبرتي الكبيرة بالتقنية الرقمية عموماً.

أما عن الفرق بين الأبحاث والكتابة، فإن الأبحاث تصل فيها لنتائج جديدة غير مسبوقة في العلم أو الفلسفة، ولكن الكتابة تكون في صياغة هذه الأفكار دون إضافة شيء علمي جديد، وإنما بإضافة زاوية نظر جديدة، كما يصح إضافة أفكار وآراء جديدة في بعض الأحيان، لكنها لا تعتبر نظريات علمية أو فكرية حقيقة. أما محتوى السوشيال ميديا فلم يعجبني كثيراً بعد أن عملت فيه لبعض الوقت، فهو محتوى قصير وفيه جوانب تثقيفية لكنه في الغالب دعائي، ويمكن لأي شخص تقريباً احترافه حتى ولو لم يكن كاتباً بالضرورة.

السؤال الثالث: احكي لنا عن تجربتك في الكتابة بالإنكليزية، كيف تعلمت الإنكليزية؟ ما هي الأدوات تستخدمها للكتابة بلغة إنكليزية صحيحة؟ وما هي المواقع التي تدفع مقابل الكتابة باللغة الانكليزية؟ وكيف تواصلت معها؟ وما هي تفاصيل الأسعار؟ ومدة إرسال الدفعات المستحقة؟ وما إلى ذلك…

كما قلت آنفاً، فقد كنت أحب الإنكليزية منذ أيام المدرسة الثانوية، وقد حاولت دراستها في الجامعة، ثم بقيت لدي كهواية، ثم تركتها لمدة عشر سنوات حتى جاءتني منحة للتسجيل بمساقات أون لاين لدراسة العلوم السياسية بالإنكليزية، وهي تعطي من يسجل فيها إمكانية دراسة كورسات معظم كورسيرا مجاناً مع الشهادات، وهي تقدم مسارات دراسة مقترحة، وقد أتممت العديد من هذه الكورسات، ثم انتقلت للتركيز على كورسات اللغة الإنجليزية والتاريخ، ثم مؤخراً إلى كورسات التقنيات الجديدة التي اجتزت أيضاً عدداً منها، وكان لمجمل هذه الكورسات التي كانت باللغة الإنكليزية بالإضافة إلى كورسات أخرى خاصة لدراسة القواعد النحوية وعلامات الترقيم الفضل الكبير بعد الله في إجراء نقلة توعية كافية من مجرد فهم اللغة الإنكليزية الى إمكانية الكتابة فيها.

ومع ذلك فلا زلت أحتاج إلى كثير من الأدوات والتطوير في الكتابة، من أهمها كثرة استمرار القراءة ومطالعة المقالات والمواقع بالانكليزية وتعلم المفردات المستعملة في الكتابة فيها، وأيضاً أستعمل برنامج ترجمة جوجل، فهو يصلح عند عدم معرفتي بكلمة معينة أو جملة واحدة كحد أقصى، ولكنه لا يصلح لاستخدامه لترجمة المقال كاملًا من العربية، بل ولا حتى جملتين، لأن الأسلوب سيكون خليطاً من أسلوب عربي وأسلوب إنكليزي، وسوف يكون مستهجناً وصعب الفهم على القارئ الأجنبي، كما أن معظم قواعد علامات الترقيم وأسلوب الجمل والفقرات في الإنكليزية مختلفة عنها حتى في العربية الحديثة.

أما المواقع التي تدفع مقابل الكتابة، فكان غالبها من موقع اسمه Freedom with writing، وهو موقع يجمع أسماء كثير من المواقع أسبوعياً والتي تقدم فرصاً في كتابة المحتوى، وغالبها مواقع نشر إلكتروني ومدونات وليست شركات تجارية، كما أنه يقدم بعض التدوينات والنصائح والكورسات في كيفية مراسلة المواقع والاتفاق معهم فيما يسمى عادة العرض التقديمي لفكرة مقال (pitch)، وقد فشلت لفترة طويلة في إقناع هذه المواقع بتوظيفي بعمل حر بسبب عدم كفاية مستوى لغتي الإنكليزية، ولكن السبب الأهم كذلك كان أن الكتابة في التاريخ غير مطلوبة بكثرة، فلما انتقلت إلى الكتابة عن التكنولوجيا مع التحسن أكثر في إنجليزيتي أصبح الأمر ممكناً، وقد أخذ هذا أيضاً بعضاً من الوقت، فالنجاح في مهنة كتابة المحتوى هو نتاج شهور من العمل الصبور وليس نتائج قرار أو عمل يُتخذ في يوم وليلة.

السؤال الرابع: كيف تسوق خدماتك ككاتب للكتابة باللغة الإنكليزية، أرجو التفصيل في هذه النقطة لأن التسويق مهم للغاية

في الواقع لا يزال التسويق لدي في الأغلب الأعم عند مرحلة تقديم العروض (pitch) للمواقع التي تطلب خدمات كتابة، وفي بعض الأحيان بالطلب من عملاء أنهيت خدمتهم أن يخبروا معارفهم عني، كما أن من أهم الأدوات التسويقية هو رابط فيه ملف لمعرض أعمالي السابقة، والذي يحتوي على روابط مقالات وموضوعات لي منشورة بالعربية والإنكليزية، وكان سبباً لكثير من الفرص بحمد الله وتوفيقه، كما أنوي البدء بإجراء طرق تسويقية أخرى بحيث أجعل العملاء يأتون إلي بدلاً من أن أبحث عنهم، مثل زيادة النشاط على صفحتي في موقع لينكدان وافتتاح موقع الكتروني أعلن فيه عن خدماتي.

السؤال الخامس: ما هو رأيك بهذه الفكرة: شخص لا يجيد اللغة الإنكليزية، لكنه يكتب بالعربية بشكل جيد، وتشارك مع شخص خريج ترجمة إنكليزية ويعرف الإنكليزية بشكل ممتاز جداً، فما رأيك لو تعاون الشخصين معاً، الأول يقوم بالبحث ويكتب المحتوى بالعربية، ثم يترجمها الشخص الثاني بشكل احترافي، ثم يرسلونها إلى المواقع، فيحدث تعاون جميل. هل هذا مجدي؟ هل سيحصلون على المال أم لا؟

الحقيقة كان يمكن لأي كاتب آخر أن يقول أن الجواب ببساطة هو لا، ولكن مع ذلك أحث كل من أعجب بهذه الفكرة على تجربتها، لأن عالم الأعمال وعالم كتابة المحتوى يعلماننا أنه لا شيء حقاً مستحيل، ولا يمكن لنا التأكد صراحة حتى تتم التجربة بكامل احتمالاتها، فقد كانت حتى مجرد تجربة قيام شخص عربي بالكتابة بالإنكليزية من داخل العالم العربي ربما كانت فكرة صعبة التصور. 

وسبب صعوبة تخيل نجاح الفكرة هو أن الأمر ليس مجرد قيام كاتب عربي بكتابة بحوث حصرية، فإن أغلب البحوث الأجنبية متفوقة للغاية على البحوث العربية، وفي الغالب ستكون هذه البحوث العربية في حالة ترجمتها سطحية أو قديمة بالنسبة للجمهور الأجنبي، ما عدا طبعا الموضوعات التي يختص العالم العربي بالتفوق بها مثل الإسلام والتاريخ العربي وما شابه، ولهذا يصعب تخيل قيام شخص عربي من خلال قراءة المحتوى العربي أن يقوم بإنتاج موضوع جديد وملفت للنظر للجمهور الأجنبي بعد ترجمته في موضوع التقنية مثلاً، إلا إذا كان المترجم يترجم له آخر المستجدات بشكل جيد واحترافي، وهنا بعد فترة قد يجد المترجم أن العملية غير مجدية بهذا الشكل، ولم لا يقوم بالعمل كله بنفسه؟ إلا أنها تظل تجربة ممكنة في حالة وجود اتفاق جيد كلا الشخصين وتوفر الثقة بين كليهما معاً على تقاسم أعباء العمل لأنه حقاً عمل كثير وثقيل.

السؤال السادس: ما رأيك بالعمل الحر ككل؟ وما الذي تفضله فيه؟ أن تظل مستقلاً وتعمل بالقطعة وتدير أمورك الخاصة؟ أم تتوظف كموظف لديك دوام ولكن لديك دوام عن بعد؟ وما هي مميزات وعيوب كل صنف من الأصناف؟ وإذا كانت لديك تجربة في هذا المجال فليتك تخبرنا عنها بأقصى كمية من التفاصيل

الحقيقة أن هذا السؤال مهم جداً، فلقد أصبح الشباب العربي في السنوات الأخيرة يأنفون من الوظائف التقليدية، لأسباب كثيرة، منها تضييق الحرية وتيبّس سياسات الشركات وتعاملها مع الموظفين بطريقة قد تكون غبية في بعض الأحيان، وفي نفس الوقت بدأ العمل الحر يصبح مطروحاً بشكل متزايد عالمياً مع توسع انتقال الاقتصاد إلى العالم الرقمي، وبالرغم من أن فكرة العمل الحر قديمة قدم الإنسان نفسه، إلا أننا ربما نكون على أعتاب مرحلة تحرر جديدة، فإذا كانت الوظيفة هي أشبه بالعبودية المؤقتة لمدة ساعات دوام الموظف، وإذا كان عصر العبودية الرسمي قد انتهى، فقد نكون أيضاً على أعتاب نهاية عصر العبودية المؤقتة المتمثل بالوظيفة.

ومع ذلك تبقى بالطبع هناك وظائف مرموقة لها امتيازات وظروف عمل مميزة ومرتبات عالية، فمن شأن هكذا وظائف أن يشعر المرء حقاً فيها بإنسانيته وحريته بشكل مماثل لما في العمل الحر، مع إضافة فائدة بأن العمل فيها مستمر وشبه مضمون في المدى المنظور، ويبقى أنه من المهم لكاتب المحتوى المستجد أن لا يهمل أي فرصة تأتي في طريقه، سواءً كانت عملاً حراً أم وظيفة، لأنه يريد بناء خبرة وسمعة ويؤسس لمعرض الأعمال، وسواءً أكان يريد في نهاية المطاف الاستقرار في العمل الحر أم في وظيفة مرموقة، فالوظيفة جزء مهم من مشوار كاتب المحتوى المستقل إن وجدت.

وقد كان لي تجربة واحدة بالوظيفة من بين الكثير من الفرص، ولكني لم أرتح كثيراً فيها من ناحية ضرورة الالتزام يومياً بالعمل رغم حرية اختيار وقت العمل، فهي تذكرني بالوظيفة التقليدية، ولكني استفدت منها كثيراً بالخبرة، وكإثبات عمل للناس والمؤسسات بأنه يوجد حقاً عمل حقيقي عن بعد، لكون معظم الناس لا تزال لا تصدق بوجود العمل الحر، وتريد أن ترى أن معك نسخة من عقد عمل حقيقي ينص على حقوق الموظف مثل الإجازات وما إلى ذلك، وقد كان عقد عمل مع شركة في السعودية، ولم يستمر لأكثر من شهر للأسف، لكنها رائعة كتجربة للمرور بها.

السؤال السابع: كيف يبدو يوم عمل بالنسبة للأستاذ زاهر؟ كيف تنظم وقتك؟ ما هي الأدوات التقنية التي تستخدمها في عملك؟ من ناحية البحوث ومن ناحية تنظيم الوقت والفوترة مثلا؟ وما إلى ذلك

الحقيقة أيضاً أن هذا السؤال جداً مهم، وذلك بسبب كثرة اللغط حول قضية تنظيم الوقت والمهمات اليومية، ففي العمل الحر لا يوجد دوام يومي من ساعة محددة إلى أخرى، ولا يوجد مشرف يحثك على إتمام العمل، فأنت مسؤول عن تنظيم وقتك ومهمات يومك بنفسك. الحقيقة الأخرى أيضاً أن هذا النمط يأخذ وقتاً طويلاً للاعتياد عليه إذا كنت موظفاً قبل ذلك، ولكنه أسهل نسبياً للطلاب الخريجين الجدد على ما أتوقع إذا كان ناجحاً في تنظيم وقته أثناء الدراسة. بالنسبة للتقنيات فقد كنت أعتمد على بعض التطبيقات البسيطة في ذلك، ولا أفضل التعامل لغير ضرورة مع تطبيقات رائجة تبدو نوعاً ما معقدة، بل وأحث إذا أمكن على استخدام دفتر ورقي بسيط، ففي النهاية مهما تغول العالم الرقمي سيظل العالم الطبيعي هو الأصل، ولا ننسى أن هذه مهمات عمل مدفوعة الأجر، فذلك ورغم اعتيادي في سنوات سابقة على التطبيقات فقد استعملت الدفاتر الورقية تحديداً للتعامل مع تنظيم الوقت بخصوص العمل الحر.

أما يوم عملي الاعتيادي، فقد تمكنت ولله الحمد من تجاوز الشعور النفسي بالفراغ نتيجة ترك الوظيفة والتفرغ الكامل للعمل الحر في المنزل، فبالرغم من كل شيء، يظل المرء معتاداً أنه يجب عليه أن يخرج من بيته يومياً في الصباح أو قبل الظهيرة كي يشعر أن أنجز شيئاً. لا بأس، كنت في البداية أخرج قبل الظهيرة لشراء بعض الأغراض لمدة ساعة وأعود وأكمل عملي في المنزل، وتغلبت بذلك على الشعور بالفراغ، ومع الزمن لم أعد بحاجة إلى ذلك، وأصبح دفتر الأعمال والتشييك يومياً على إنجازها هو البديل، ولكن يظل من الضرورة الخروج يومياً للمشي ووالحفاظ على مخالطة الناس بشكل طبيعي، وما إلى ذلك.

الأستاذ زاهر طلب في نزهة في البرية - نُشرت الصورة بإذنه
الأستاذ زاهر طلب في نزهة في البرية – نُشرت الصورة بإذنه

أما برنامجي اليومي فهو بسيط جداً، فمن الصباح للظهيرة أعمل بدراسة بعض الكورسات، سواءً في مجالي الذي أتخصص فيه وهو التقنيات الناشئة مثل الحوسبة السحابية، أو أدرس كورسات في تقوية اللغة الإنجليزية، وكذلك كورسات أخرى متنوعة في المهارات حول نصائح في تحسين العمل الحر، بالإضافة إلى مطالعة بعض الأخبار والمستجدات، وأخيراً القيام بتخطيط عمل اليوم، ثم بعد الظهر أبدأ بالعمل على المهمات التي يجب القيام بها للعملاء، وإذا بقي بعض الوقت مساءً أقوم بالتقدم إلى وظائف وفرص عمل أخرى، نظراً لأن طبيعة العمل الحر تقتضي الاستمرار بشكل دائم بالبحث عن فرص عمل حر أو وظائف.

السؤال الثامن: ما هي الخدمات التي يقدمها الأستاذ زاهر حالياً؟ وكيف يمكن الوصول إليه للتعاقد معه وطلب مثل هذه الخدمات؟ 

نعم شكراً، لدي العديد من الخدمات المتعلقة بكتابة المحتوى، من أهمها كتابة التدوينات والمقالات الطويلة والقصيرة، وكذلك كتابة المحتوى المتوافق مع محركات البحث، حيث كتبت للعديد من المواقع العربية مثل موسوعة سطور وأيضاً لشركة السوق المفتوح وغيرها، وكذلك عملت بكتابة النشرات البريدية لفترة لدى أحد المواقع التجارية، كما أكتب المحتوى باللغة الإنجليزية بطلاقة كافية لتقبلها بعض المواقع الأجنبية، كما يمكنني الكتابة في أي موضوع تقريباً إذا توفرت المراجع، ولكني أميل مؤخراً للتخصص بشكل رئيسي في الكتابة عن التقنيات الرقمية، وخاصةً حديثة الظهور منها، مثل الذكاء الصناعي وإنترنت الأشياء والأمن الرقمي وما شابه.

يمكن لمن أراد الوصول إلى شرح مفصل عن خدمات كتابة المحتوى التي أقدمها أن يتصفح موقعي الشخصي Copying digital ويراسلني إلى الإيميل المذكور في صفحة الموقع، ويتصفح بعض نماذج من أعمالي السابقة أيضا في هذه الصفحة على موقع خاص بعرض أعمال كتاب المحتوى. أما من يرغب بمشاهدة كتاباتي السياسية والتاريخية ويطلب مثلها فهي موجود في موقع مجلة العمق، الذي أعمل مشرفاً ومحرراً فيه.

السؤال التاسع: هذا السؤال مهم جداً، كيف تعلمت اللغة الإنجليزية منذ بدايتك بالتعرف عليها؟ أخبرنا بكامل القصة، وكيف تعلمت بعض المهارات الأخرى المطلوبة في السوق؟ أخبرنا عن كل مهارة كيف تعلمتها

كما تعلم، فإن المدارس الأساسية تعلم اللغة الإنكليزية في العالم العربي، ولكن هذا غير كافٍ، فقد كنت أحرص بنفسي على حفظ الكلمات وتعلم اللغة بواسطة الكتب والقصص قصيرة، ولكن كان التحول النوعي الفعلي منذ بدأت أدرس في موقع كورسيرا، حيث درست الكثير جداً من الكورسات المنوعة باللغة الإنجليزية بالإضافة إلى كورسات قواعد لغة إنجليزية نحوية، وكورسات أخرى عن كيفية الكتابة، بالإضافة إلى كورسات من بعض كتاب المحتوى الأمريكيين مثل موقع Writinglaunch، وفي النهاية تطلب الأمر قدراً كبيراً من المثابرة والعمل الصبور للوصول ليس فقط إلى مستوى فهم الإنجليزية بمستوى قريب من فهم العربية، ولكن أيضاً بناء إمكانية الكتابة المهنية فيها، عبر كثرة القراءة وكثرة التدريب على الكتابة بها.

أما المهارات الأخرى مثل تنظيم الوقت وطرق العمل الحر، فهناك الكثير من الكورسات العربية المجانية التي ساعدتني كثيراً مثل كورسات موقع إدراك، والقراءة بشكل عام في المدونات التي تنصح كتاب المحتوى مثل مدونتك هذه وغيرها، وفي الواقع هناك عشرات من المهارات التي يحتاج لها المرء للعمل الحر، والتي للأسف لم تكن المدرسة ولا الجامعة على كثرة ما علمتنا من معارف قد اهتمت بها، وسوف تندهش ربما عندما ترى كل هذه المهارات المهمة للعمل في القرن الحادي والعشرين والتي معظمها تقليدياً لا يعرف الكثير عنها، مثل مهارات الاتصال، وريادة الأعمال، وإدارة المهام والمشاريع، وإدارة الوقت، والإدارة المالية، وهذه الأخيرة مهارة في غاية الأهمية للخروج من عقلية الفقر والوظيفة التقليدية بشكل عملي وتطبيقي، ولا ينتهي الأمر عند ذلك، لكن في النهاية المطلوب هو فقط أن تظل يومياً تدرس وتتعلم مهارات جديدة، لأنك عملياً لن تتمكن من تعلم كل شيء في وقت قصير.

السؤال العاشر: ما هي نصائحك لكي يروّج الكاتب العربي لخدماته ويكسب أعمالاً ويحصل على مقابل مجزي لما يقدمه؟

الحقيقة أن بضاعتي وخبرتي قليلة بالنسبة للكتابة بالعربية بشكل مجزي، يمكن القول بأنه يتعين على الكاتب العربي عدم التنافس مع غيره على أسعار منخفضة وأن يحاول رفع مستوى مهاراته ورفع أسعاره مع تبرير ذلك بزيادة جودة أعماله، وأن يخرج من قوقعة التفكير بالمنافسة على السعر، وأن يبحث في المواقع والمنصات التي تحرص على استقطاب العملاء الجيدين الذين تهمهم الجودة وليس السعر بالدرجة الأولى، هذه نصائح نظرية وعملية أيضاً كنت قد طبقتها في الكتابة الإنجليزية، وأحسب أنها تنطبق على عالمنا العربي، فإذا وجدت أنك لم تجد عملاً مجزياً فلا تأخذ الأسعار الرديئة، وعليك بالصبر وبمزيد من البحث، وأن تغير أماكن البحث عن فرص، وأن تكون على يقين بأنه قطعاً يوجد عملاء يبحثون عن أعمالك الرائعة ويقدّرون قيمتها وهم مستعدون لدفع السعر الذي ترى أنه يستحقه عملك، كما أنهم قادرون على الاستفادة منها لدعم أعمالهم.

ومن أهم النصائح أيضاً في هذا الباب هو الكف عن البحث عن وظائف وفرص كتابة في تخصصات يوجد كثير من الكتاب فيها، مثل غالبية التخصصات الأدبية والبلاغية والروائية والتاريخ والصحافة والسياسة وما شابه، حيث أنها مطلوبة بالطبع في الانترنت، لكن أعداد الكتاب الموجودين فيها كثيرون جداً، بحيث تحتاج لأن تصبح مشهوراً بعد سنوات من العمل المجاني لتتمكن من البدء بتحصيل شيء من الدخل. في حين أنه في المقابل، بمجرد البدء بالبحث عن فرص كتابة في تخصصات مطلوبة جداً مثل التسويق أو العملات الرقمية مثلاً، فسوف تفاجأ من السرعة النسبية في العثور على وظائف وفرص، ولا شك أنه يمكنك متابعة حلمك بأن تصبح كاتباً سياسياً أو روائياً، أو إلخ على مهلك، كما وتحصل على الدخل المادي والخبرة أيضاً أثناء ذلك من كتابة المحتوى في تخصصات تجارية مطلوبة، وكل ذلك يساعدك في زيادة شهرتك وخبرتك نحر طموحك الأصلي.

شكراً جزيلاً لك أستاذ زاهر لمشاركتنا معارفك، أنا سعيد جداً لنشر هذا المقال أو المقابلة في مدونتي وشكراً لك.


حقوق الصورة البارزة: محفوظة للأستاذ زاهر طلب © 2021.

6 رأي حول “كيف تكسب من الكتابة بالإنجليزية؟ مقابلة مع الكاتب زاهر طلب

شاركني أفكارك!

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s