صباح الكهرباء،
يقول عالم الفيزياء بريان سكينر:
لو سألتَ مُعلمًا “ما الكهرباء؟”، فإن الجواب المعتاد الذي ستتلقاه هو أن “الكهرباء هي حركةُ الإلكترونات”. ولكن هناك مشكلتان صارختان في هذه الإجابة.
أولاهما هي أنه إن كنت ستقول لأحدهم أن “الكهرباء هي حركة الإلكترونات” فمن الأحرى أن تخبره ما هو الإلكترون أساسًا. وقد تبين أن حتى العلم نفسه يكابد عناءً في منح إجابة شافية لهذا السؤال الواضح.
ذلك أن الإلكترون، بالنسبة لأي طالب علوم في مستوى الكلية أو أقل، يُرسم دائمًا على صورة نقطةٍ سوداء، ويُقال لنا أن هذه النقطة السوداء تتمتع بخاصية غامضة تدعى “الشحنة”. ووجود مثل هذه النقاط السوداء ذات الشحنات يُفترض أنه معطىً بديهي، دون أيّ شرح إضافي مثل من أين أتت أو مما صُنعت؟
في حال تابعت طرح مثل هذه الأسئلة حتى الدراسة الجامعية لعلم الفيزياء، سيرتفع المستوى درجةً، ويقال لك أن الإلكترون ما هو في الحقيقة إلا نوع من الاستثارة أو الاضطراب في “مجال إلكتروني” عامٍّ يملأ كلّ الفضاء (الفضاء بمعنى المكان هنا). لكن لا تحاول أن تسأل “ما هو هذا المجال؟” أو “مما صُنع؟” لأنك إن فعلتَ لربما يقال لك أن هذه الأسئلة لا معنى لها، وأن مجال الإلكترون ما هو إلا كائنٌ رياضيّ (من الرياضيات).
لذا، وإن كنت لا زلت تذكر، فإنه وبعد مستويين فقط من الحفر الفكريّ بحثًا عن إجابة السؤال “ما الكهرباء؟” وصلنا إلى إجابة مفادها “أنها كائنٌ رياضيّ”. لكن هذا الجواب بصفته جوابًا شافيًا مُفهومًا لن يُرضي إلا نوعًا غريب الأطوار من الناس.
أما المشكلة الكبيرةُ الثانية مع جواب “الكهرباء هي حركة الإلكترونات” فتكمن في أن هذه الإجابة ليست صحيحة في الحقيقة، إلا إن كنت ترى هذه الجُملة صحيحة هي كذلك:
ليسَ ماراثون بوسطن إلا حركةً للخلايا حقيقية النوى (eukaryotic cells)
والإجابة أعلاه عن الكهرباء غير صحيحة لأنه داخل الأسلاك النحاسية التي تمدّ كل أجهزتك الإلكترونية بالطاقة، هناك بالفعل العديد من الإلكترونات، لكنها توجد في ما يشبه حساءً كميًا مُضطربًا مُكوّنًا من عدة إلكترونات سريعة الحركة وشديدة التفاعل. وهذا الحساءُ مُعقّد لدرجة أن أي عالم كيمياء أو فيزياء ذا خَطَرٍ سيخبرك أنه ما من أملٍ لتوصيف هذا الحساء على وجه التحديد والدقة (حتى لو سلّمت بوجود الإلكترونات بصفتها نقاطًا سوداءً).
الكهرباءُ، إذًا، لا يمكن أن تحدث بمجرد “حركة الإلكترونات”، لأن الإلكترونات لا تتحرك كما يحلو لها من تلقاء أنفسها.
طالع المزيد في هذا المقال المطوّل والرائع إليك لمَ لا ندرك ماهيّة الكهرباء؟ [ribbonfarm] والمدونة بحد ذاتها كنزٌ معرفيّ.
ادعم استمرارية هذه اليوميّات برعاية المحتوى الذي أصنعه، طالع تفاصيل الرعاية في هذا الملف؛ أو تصفّح هذا الرابط.
أعجبك ما أصنعه من محتوى؟ تواصل معي الآن عبر واتساب. اضغط على الزرّ الأخضر
يونس يسأل: هل صعقتك الكهرباء من قبل؟ احكِ لنا عن تجربتك.
حقوق الصورة البارزة: Photo by American Public Power Association on Unsplash
نعم صُعقت بالكهرباء حمانا الله من شرها .. كان عندنا في البيت تلفاز مفتوح الغطاء لأنه لا يعمل سوى بالضغط على قطعة الكترونية داخله اكتشفناها بالصدفة بعد أن عجز الفنيّون عن اصلاحه .. كنا نمسك بمفك ونضغطها مرة واحدة فيعمل التلفاز .. كان عمري لا يتجاوز الخامسة عشر عندما أمسكت المفك لأضغط القطعة وسهوت وأمسكته من المعدن .. شعرت بأنني أسبح ضمن بحر عميق لثوان قبل أن أصحو من الصدمة .. لولا ستر الله لأكملت السباحة الى ما شاء الله .
أما بالنسبة لتعريف الكهرباء فأعتقد أن أبسط وأكثر تعريف منطقي لها هو ما عرفها به الناس عند وصولها لسوريا حين كان يسمونها : القوة .. القوة المفرطة التي جعلت ماري شيلي تعتقد أنها قادرة على إحياء الموتى فتكتب رواية : فرانكنشتين وتجعل صانعي السينما يربحون مبالغ طائلة من وراء خيالها .
إعجابLiked by 2 people
❤️ سلامتك يا طيب.
تأملك بشأن الكهرباء جميل.
إعجابLiked by 1 person