حُدّث المقال بتاريخ 24 يونيو 2020م
جمعة مباركة في ظلّ الحجر الصحي!
عساكم بخير،
قرأتُ اليوم هذا الخبر فيسبوك توسّع برنامج تدقيق الحقائق في الشرق الأوسط بالتعاون مع “فتبينوا” – وبهذه المناسبة نهنئ مؤسسة فتبينوا على حصولهم (أو ما سيحصلون عليه إن شئنا الدقة) على دولارات خضراء من مارك زوكربيرغ. لكن لا أظن أبدًا أن مؤسسة فتبينوا الإعلامية “المستقلة؟” جهة محايدة! نقرأ في الخبر:
إلى جانب توفير التمويل الضروري لتمكين الشركاء من الحفاظ على أو زيادة قدراتهم في هذا التوقيت، يمكن أيضاَ للمنح أن تدعم المقترحات مثل ترجمة الأخبار المدققة من اللغة الأم لعدة لغات…
أتمنى فقط أن تتمتع فتبينوا بروح الشفافية وتخبرنا كم ستتلقى بالضبط وكيف ستصرف المنح المالية. لكن ذلك لن يحدث!

لماذا الشفافية المالية مهمة أساسًا في وكالة تدقيق الأخبار؟
وكالة تدقيق الأخبار هي بالأصل هيئة مستقلة محايدة مهمتها التحقق من مصداقية الأخبار، ولأن “الفلوس تغير النفوس” كما يقول إخوتنا السعوديين فهي تغير أيضا تقييم الأخبار وفق ما تدفعه إحدى الجهات. لهذا تُعدُّ الشفافية المالية “كم تلقى ومن وكيف صرف المبلغ” نقطة غاية في الأهمية في أيّ وكالة لتدقيق الأخبار.
طيب السؤال الآن كيف أفتح وكالة تدقيق أخبار عربية؟
أونو أي واحد بالإسبانية:
1. دُون أن يطلب منك أحد ذلك، أنشئ مبادرة للتحقق من الأخبار، صمم شعارًا، افتح صفحات وحسابات في جميع الشبكات الاجتماعية التي تصل يدك لها.
2. اجمع متطوعين لا تدفع لهم فلسًا يتحققون لك من الأخبار مجانًا وينشرونها على حسابات مبادرتك “غير الهادفة للربح” لا تنس أن تختار من بين المتطوعين مصمم جرافيكي. اُطلب منه أن يصمم لك قالبًا جاهزًا تغير فيه الخبر فحسب وأصرّ على أن يسلمه لك بصيغة psd كيما تتخلص من المصمم حال يسمع أن فيسبوك تدفع لك “لتتحقق من الأخبار” ولا يصله شيء!
3. بعد نشاط 6 أشهر، تقدم بطلب اعتماد وكالتك من هذه المنظمة: الشبكة الدولية للتحقق من الأخبار (سيكلفك طلب الاعتماد 200 دولار لا غير وهي للأسف غير قابلة للاسترداد وسيُقيِّم طلبك للاعتماد مُقيّم مستقل. وهو للطلبات العربية السيد صرفان أزونوغلو من الجامعة الأميركية في بيروت). أنظر الصور أدناه: وكما يظهر فإنّ السيد صرفان قيّم 6 طلبات حتى الآن مما يعني حصوله على 2100 دولار حتى الآن (إذ تدفع الشبكة الدولية للتحقق من الأخبار (IFCN) ثلاثمئة وخمسون دولارًا للمُقيِّم على كل عملية تقييم أيًا كانت النتيجة) هكذا ندرك أن هذا المجال عربيًا بدأ يكتسب زخمًا فهناك الكثير من “فاعلي الخير” الذين يريدون التحقق من الأخبار وتدقيقها لصالحك أيها المواطن العربي! (طبعًا مع ضمان كمشة جيدة من الدولارات يدفعها السيد مارك).


كما ترون في الصور أعلاه يعجبني تصريح الشبكة الدولية للتحقق من الأخبار بالمبالغ التي تدفعها للمُقيّمين “المستقلين”، وكم تتلقى لكل طلب اعتماد، وهو الأمر الذي لن تكشف عنه فتبينوا (التي نسيت في موقعها أن تضع فريق العمل + قسم الشفافية) والقسم الأخير أي الشفافية ينبغي أن يتضمن أمورًا مثل كم تدفع المؤسسة للمتطوعين أو الفريلانسرز وكيف تصرف تلك “المنح المالية” وعلى ماذا، بعد الشروع في استلام الأوراق الخضراء من فيسبوك وغيره.
4. انتظر رسالة من فيسبوك وتويتر وتيك توك تطلب خدماتك كجهة تدقيق أخبار “محايدة ومستقلة”. وستأتي الرسالة لأن مثل هذه الشبكات لما تريد توظيف وكالة تدقيق للأخبار في إحدى المناطق (وهي في حالتنا الشرق الأوسط وشمال أفريقيا) تذهب مباشرة للشبكة الدولية للتحقق من الأخبار فتجدك في قائمتها (بعد حصولك على الاعتماد طبعًا ودفع المئتي دولار) فتتصل بك تلك الشبكات الاجتماعية.
5. وقِّع العقد مع فيسبوك أو غيرها من الشبكات الاجتماعية وانتظر أول دفعة مالية منها! (يمكنك تجاهل قسم الشفافية في الموقع الإلكتروني لوكالتك… فأنت دفعت رسوم الاعتماد ومن حقّك أن تستعيد ما صرفته من استثمار… مع الأرباح! صح؟!)
تحديث #1 [بتاريخ 4 مايو 2020] عبر هذا المقال الذي نشره موقع تك كرنش وباستخدام شات بوت على واتساب للتحقق من الأخبار طورته شركة پوينتر Poynter عرفت بوجود هذه الوكالة العربية “المعتمدة” للتحقق من الأخبار. اسمها مسبار. تُعرّف بنفسها على أنها “منصّة عربية لفحص الحقيقة وكشف الكذب في الفضاء العمومي”.
حقوق الصورة البارزة: Photo by Kayla Velasquez on Unsplash
رأيان حول “كيف تفتح وكالة تدقيقِ أخبارٍ مثل "فتبينوا" وتتلقى الدولارات من الأخ الكبير زوكربرغ؟”