سنُيَيِّم في هذه اليومية شطر الجنوب؛ السنغال تحديدًا إذ أجريت الأمس حديثًا وديًا مع محمد حبيب أنجاي الذي سيعرفنا أكثر على السنغال بصفته أحد المقيمين فيها لا من غوغل أو ويكيبيديا.
ولد محمد حبيب أنجاي شهر نوفمبر سنة 1992، وحفظ القرآن الكريم سنة 2000، ودخل المدرسة الابتدائية بعد ذلك، وفي سنة 2014، وفقه الله فحصل على الباكالوريا الأدبية، والآن هو طالب في جامعة دكار، في ماستر 2، تخصص الحضارة العربية الإسلامية.
ولما سألته لماذا هذا التخصص بالذات؟ أجاب محمد بأن الكلية تضم تخصصات متنوعة مثل: الآداب، واللسانيات، وعلم الكلام والفلسفة…. لكنه اختار الحضارة العربية الإسلامية لرغبة صادقة منه في هذا العلم ولكون الحضارة العربية الإسلامية أكثر انفتاحًا على الثقافات الأخرى وعلى العالم ككل، ومما شجعه على ذلك تأييد أستاذه لاختياره هذا.

وعندما سألت الأستاذ محمد لماذا اللغة الفرنسية هي اللغة الرسمية للسنغال مع أنكم مستقلون أجابني أن السبب هو أن السياسيين الذين تولوا الحكم إبان الاستقلال جميعهم كونتهم فرنسا فقد درسوا في معاهدها وتخرجوا على يديها.
من جانب آخر، تُعدّ الولوفية اللغة الأكثر انتشارًا في السنغال مع ذلك يقول محمد أن الولوفية القحة تمامًا تندثر تحت وطأة التأثيرين الكبيرين للغة العربية والفرنسية ولما سألته أيهما أكثر تأثيرًا على الولوفية قال أن الأثر متعادل. أي أن الفرنسية مؤثرة في الولوفية بنفس القدر تقريبًا الذي تؤثر به عليها اللغة العربية بل ويرجح أن أثر الفرنسية أشدّ.
في هذا السياق، من الكلمات التي دخلت للولوفية من العربية: هدية، بركة، قفطان، جلباب…إلخ
ولما طلبت منه ثلاثة أمثال شعبية من اللغة الولوفية قال أن الترجمة صعبة منها لكنه قدّم محاولات، وفيما يلي صياغتي لها (يمكنك قراءة محاولاته الأصلية في ملف المحادثة الكاملة المتاح للتحميل أدناه):
- أحبب المرأة لكن لا تأتمنها على أسرارك: وهويشير إلى أن المرأة لا تحتفظ بالسرّ وإن بلغ حبها لك ما بلغ.
- صحيح أن العين لا تحمل الأثقال، لكنها تدرك جيدًا ما يستطيع الرأس حمله وما لا يستطيع حمله: وهو مثل يستعمل في حالات تقدير العواقب وأعطى الأستاذ محمد مثالًا عنه برجل يريد الزواج بإمرأة ثانية مع أنه لا يستطيع ذلك من ناحية ماديّة.
- تركل الأتان ولدها لكنها لا تكرهه: ويُضرب لمن ينزعج من توجيهات أبيه وأمه حيث يقال له تصبيرًا ومواساة ودلالة على أنهما لا يفعلان ما يفعلانه (مثل الضرب أو الكلام القاسي) إلا لمصلحته.
ويقول الأستاذ محمد أيضًا أن السنغال بلادٌ الظلم فيها قليل لا سيما ضد الأجانب فالشعب السنغالي يحترم الأجانب ويدافع عنهم حتى ولو على حساب أبناء الوطن، ويقول محمد أنه وعلى الرغم من الطبيعة القبلية للنسيج السكاني للسنغال إلا أن التمييز العنصري غير موجود بينها فيتزوج الكثيرون من قبائل خارج قبائلهم كما أن الكثير من الناس أبناء عمومة وخؤولة وهم من قبائل مختلفة؛ ويضيف الأستاذ محمد أنه بإمكانك معرفة قبيلة المواطن السنغالي انطلاقًا من لقبه، ذلك أن كل لقب تعود أصوله لقبيلة معينة، وأكبر القبائل السنغالية هي: ولوف، تكلور، سيرير، جولا، بل، ماندتغ، ليب، وأكثر ألقاب قبيلة الولوف انتشارًا هي: أنجاي، جوب، أتيام، فال، دم، أنيانغ وأكثر ألقاب قبيلة تكلور انتشارًا هي: باه، جالو؛ فمن هنا ندرك أن محمد حبيب نفسه ينتمي لقبيلة ولوف لأن لقبه أنجاي.
ولما سألته لقب سل أو صل أو سال لأي قبيلة ينتمي قال: قبيلة سيرير.
ويواصل الأستاذ محمد كلامه بأن السنغاليين لا يحبون من لا يحترم العادات المحلية ولا يبجلها، ومن يسفهها يقاطعونه مجتمعيًا فلا يتواصل معه أحد من القبيلة؛ ويقول الأستاذ محمد أن السنغاليين يحبون الأعياد والمناسبات كثيرًا مع أن معظم هذه المناسبات تقام ليلًا ويصحبها ضجيجٌ موسيقي عالٍ قد يزعج البعض لكنهم لا يجرؤون على النبس بكلمة لأن ذلك مخالف للتقاليد والعادات.
أرجو أن تكون هذه الدردشة القصيرة مع الأستاذ محمد أفادتكم، وقد نُشرت بإذنه هي وملف الدردشة الكامل الجاهز للتحميل من هذا الرابط.
دمتم بخير
حقوق الصورة البارزة: Photo by Francesca Noemi Marconi on Unsplash
حقًا دردشة مفيدة، أتمنى أن تنشر نسخ متنوعة منها مستقبلًا..
إعجابLiked by 1 person
كيف نسخ يعني مقابلات أخرى مع أشخاص آخرين؟
إعجابإعجاب
نعم..
إعجابLiked by 1 person
تكرم عيونك إذا أتيحت لي الفرصة سأفعل إن شاء الله
إعجابإعجاب
شكرًأ لك ولمحمد على هذا الحوار الثري.. لثقافة لا نعرفها ..
إعجابLiked by 1 person
العفو يا طيب
إعجابإعجاب
حوار شيق جداااا….ايه مزال العالم صغير
إعجابLiked by 1 person
شكرًا لقرائتك وأدعوك لمشاركته على مختلف المنصات فضلًا لا أمرًا
إعجابإعجاب
فكرة الدردشة هذه جميله جدا ، واصل
إعجابLiked by 1 person
مكملين
إعجابLiked by 1 person