قبل ذلك وتوضيحًا لمن يقرأ أو يتابع السؤال والجواب لنضع تعريفات سريعة.
الفهم الفلسفي: وأعتقد السائل يقصد به المَلَكة العقلية التي يطوّرها المرء بعد أن يفهم منافع الحكمة (الفلسفة) على سبيل المثال يصبح إدراكه أعمق للأشياء، ولا يكتفي بالظواهر ويمضي ‘ميلًا’ أبعد مما يمضيه الناس عادة عند سبرهم لموضوع ما.
التفكير الناقد: والمعنيّ به العمليات الذهنية التي تنطوي على عدم قبول المعلومات التي تقدم للمرء المفكّر على أنها حقائق مباشرةً بل يمحّصها بعقله ولا يُدخل في ذهنه إلا ما حقّق في أصوله وتحرّى عنه جيدًا.
الحاجات الإنسانية: هي الأمور التي لا يستطيع الإنسان الاستغناء عنها إلا لفترة محدودة جدًا، وهذه الفترات أقصرها ما لدى التنفس (إذ لا يمكن أن يتحمل الإنسان وقتًا طويلًا دونه)، يليها الشرب، ثم الطعام، وغيرها. هناك من وضع الجنس ضمن الحاجات الإنسانية مثل ماسلو لكن لا أوافقه في ذلك. فالجنس ليس حاجة.
من هنا الجواب عن سؤال: هل يمكن إعتبار الفهم الفلسفي والتفكير الناقد من الحاجات الإنسانية؟
هو: لا.
إذن ما هي؟ هي من الكمالات الإنسانية، والمقصود بالكمالات أمور زائدة مُستحسن أن تكون في الإنسان لكن إن لم تكن فيه لم تنقص من إنسانيته شيئًا.
من هنا: تلك الأم التي تطهو الرغيف ولم تسمع قط بالمنطق أو هيدجر أو أرسطو. إنسانيتها لا شية فيها.
لكن الإنسان إن كان في مقدوره فعليه (من باب الاستحسان لا الوجوب) أن يسعى لطلب الحكمة (الفلسفة) التي تنطوي على ما ذكره السائل أعلاه (من الفهم والتفكير الناقد) ذاك أن الحكمة فيها خير كثير، والمرء مجبول على حبّ الخير.
حقوق الصورة البارزة: Photo by Artem Kniaz on Unsplash