قبل أن تنوح على اللغة العربية: لماذا لا تقوم ببعض البحث؟

حدِّثت اليومية بتاريخ: 25 فبراير 2020م

أكره العويل الدائر في اللغة بالأخص القائم على ملاحظات شخصية يتم تعميمها لتصبح فجأة حقائق كأن الكاتب أو الكاتبة قامت بدراسات واستخلصت النتيجة المخزية. العرب مؤسفون لانهم يقولون دون ان يجروا اي دراسة (لكننا نحن نعرف  مسبقا) وهذه هي المشكلة الحقيقة انه لا يعرفون مسبقا اي شيء.

من المقالات النائحة على حالنا هذا المقال ولأني لم اعد اثق في مواقع غير مدونتي وقد تعبت في التعليق الذي يصلح مقالا اعيد نشره هنا. مع زيادات روابط مثبتة لما اقول.

السخرية من مجمع الخالدين (مجمعات اللغة العربية) قام بها بشكل رائع غازي القصيبي في روايته العصفوية فهو قد فجر اللغة العربية بشكل ساخر ولاذع جدا لذلك من يريد التهكم عليهم فليطالع الرواية الممتعة.

لكن دعني اذكرك انه لما بدأت المطبعة بانتشار في البلاد العربية واجه العرب نفس المشكلة التي نواجهها الان. (من المؤسف انه لا توجد دراسة تجعلنا نستفيد من هذه التجربة) كان المترجمون يترجمون من الجرائد الفرنسية والايطالية والانجليزية بشكل مكثف ومهول وغير مسبوق.

وقد يدهشك هذا لكن الكثير من الامور التي اقحموها في اللغة العربية خطأ مثل اسماء المخترعات الجديدة وغيرها عادت واصبحت عربية الان مثلا الاوتومبيل اصبحت سيارة كمثال بسيط واحد. (هناك مثلة رائعة لو قرات مجلة لغة العرب للكرملي)

كان هناك في عصرهم اب جليل اسمه انستاس الكرملي اسميه قديس اللغة العربية وهو يقول ان المشكلة ليست في العجز كم تقول بل في عجزك انت. وهو يقول انه لا ينبغي عليك ان تقول بعجز اللغة لانه لا يمكن لواحد ان يحيط بها. نحن كامة عاجزون فاشلون؟ بالتاكيد اللغة ؟ لا ابدا.

ان شعرت بالاستلاب فهو شعور فردي لا تعممه على الاخرين.

قرات الكثير جدا عن اللسانيات واللغة انبهك قبل ان تتكلم عن تطور اللغة كانه حقيقة علمية الى انها ليست حقيقة علمية اصلا. هي نظريات ولها (علميا) ما يناقضها والحديث في هذا المجال متشعب النظرية الحالية لعلم اللغات سائدة لان لها دعم وليس لانها صحيحة وكما يقول عبقري اللغة العربية الفارسي الجليل ابن جني “الناس قد يجمعون على الخطأ” وهذا ما هو حاصل في كثير من النظريات. التي اصبحت بقدرة قادر حقائق غير مشكوك فيها ان نوهت او لمحت باحتمالية خطاها اصبحت من الرجعيين. فكرة مثلا اللغة كائن متطور مشروحة بدقة قبل الغربيين لو طالعت المزهر للسيوطي مثال بسيط اخر قبل قرون من ان تعلن الاكاديمية الفرنسية ان البحث في اصل اللغة ممنوع في بحوثها قال احد النحويين والمتكلمين ان هذه المسالة بلا فائدة -يمكنك ايضا الرجوع للمزهر للسيوطي- لكن لماذا بحوثها اذن لان لديهم عقولا. هم يكتشفون المنطق وقد قاموا بواجبهم من الذي لا يقوم بواجبه الان هو نحن.

اين المشكلة من جمدها اذن؟

باختصار كثيرون منهم:

  1. القومجية العرب
  2. المستشرقون الحاقدون (راجع الاستشراق لادوارد سعيد)
  3. التخلف العام الذي طال كل شيء.
  4. التدخلات الاجنبية التي اجهضت عن عمد مشاريع جليلة.

اضافة الى ان قواعد النحو الاعراب (عدا الاملاء وهذا تحتاجه ان كنت تعمل في مجال المحتوى فقط) كلها ليست من العلم الضروري مشكلتي ليست مع اللغة الانجليزية مشكلتي في اقتصار بعض العرب عليها مع ان هناك علوما روسية وصينية واسبانية وبرتغالية لذلك لما يقول العرب الاجنبي فهو يقصد الانجليزي عادة وانا عادة ما ارثي لمن يرى العالم بالانجليزية فقط.

اضف ايضا الى انه لا يوجد لدينا اي احصاءات عن معدل استيعاب اللغة العربية لكني قمت بتجربة صغيرة كما حكيت في بعض يومياتي في الجزائر هنا والاستيعاب الغوي للعربية الان (من 2008 الى 2017) كمثال مرتفع جدا جدا عما كان عليه قبل عشر سنوات. انا اجزم انه مرتفع للغاية في كل البلدان العربية الان لكن لا دراسات عن ذلك للاسف.

استعملت ترجماتي وقدمت عدة مقالات مترجمة واخرى اصيلة لفئات عمرية مختلفة وخلفيات مختلفة من البناء حتى مدير محل قطع غيار (بعضهم كان يتعامل بالفرنسية طيلة حياته) مع طرح اسئلة عليهم والاجابة وكان متوسط معدل استيعابهم تسعين الى خمس وتسعين في المئة. سيدهشك مثلا حسب دراستي ان الرسوم المتحركة المعربة كان لها اثر كبير جدا في التنمية اللغوية العربية.

انظر مثلا احصائية المطالعة العربية كلها خطأ والاحصائية الحقيقية ستدهشك.

حقيقة المشكلة ليست في اللغة ابدا المشكلة فينا. شخصيا لا املك اي مشكلة مع اي لغة او لهجة لو قرأت مثلا نشوار المحاضرة لرايته يستعمل العامية ومنذ قديم الزمان كتب التراث مليئة بالاخطاء لدرجة يتعذر تصحيحها تابعي جليل يروي حديثا عن عمر الفاروق ويقول وكنت رجلا عربيا لكني لا اعرف ما عرق القربة ما هي بينما عمر نفسه يقول لاادري ما ضيزى.

ابن عمر يقول لجاريته كلمة اجنبية تعني حسن وهي قالون قالها ايضا علي كرم الله وجهه ويقول النبي عليه السلام “يا أهل الخندق إن جابرا قد صنع سورا، فحي هلا بكم” والسور هو المأدبة بالفارسية ومخاطبته الجمهور بما يفهم يدل ان العربية تقبل وتتوسع في اللغات بلا اي مشكلة ابدا (الخندق ايضا ليست عربية ويقول انستاس انها يونانية فيما اذكر). كما ان سيدنا علي يكتب علي بن أبو طالب مع انه معروف ان الصحيح ان تكتب بن أبي طالب وهذه حيرت اصحاب العقول المغلقة -بعد قرون- لكن من فقه وعلم يرى انها صحيحة تماما (وشرحها يطول وهي موثوقة وموجودة).

مشكلتنا اننا نضخم المشاكل

اعلن لك من هنا ان العربية بخير وان كانت لديك مشاكل معها فالارجح انها مشاكل شخصية لا عامة. لان العام لا نعرفه لاننا لا نملك دراسات والعينات الصغيرة التي قمتُ بها اثبتت عكس ما تقوله وكما قلت ادعوك لعمل تجربة صغيرة وسترى بنفسك وادعوا الكل لذلك. وسيرون بانفسهم.

تحديث مهم: بعد كتابتي هذه التدوينة قرأت المقال الرائع للأستاذة سوسن الأبطح عبر مدونة بلال عبد الهادي (العالم يطالب بالعربية)  وهو مقال رائع أنصحكم به لكن اليكم منه رؤوس أقلام مهمة. للعلم الأستاذة سوسن الأبطح باحثة أكاديمية ولا تعتمد على مصادر مشكوك فيها أو مريبة:

  • «المجلس الثقافي البريطاني»، ينشر تقريراً جديداً، يؤكد فيه أن اللغة العربية ستكون ثانية في المملكة المتحدة بعد سنوات، وأن الفرنسية ستأتي متأخرة بعدها.
  • ليس من اعتراض، وإنما تساؤل عن سرّ التركيز المتزايد على ضعف العربية ولا جدواها، فيما العالم أجمع يرسل بإشارات حول أهميتها، وتمددها والحاجة المتصاعدة لتعلمها. أمر ينعكس سلباً على طلابنا الذين باتوا يتوهمون بأن إجادة لغتهم مجرد عبء لا طائل تحته. مع أن القاعدة الذهبية تقضي بأن عدم إتقان لغة أولى يعني الفشل في معرفة عميقة بغيرها. وهذا رأي لخبراء في التعليم لهم باع دولي، وليس اجتهاداً شخصياً.
  • يبدو بعض كتاب الجيل الجديد متعطشاً للشهرة، مستعجلاً الوصول، والإحساس بالدونية أمام الغرب تفعل فعلتها. محمد شكري ترجم إلى 38 لغة دون أن يزعج نفسه بتنازلات لا طائل تحتها، ونجيب محفوظ حصل على نوبل دون أن يغادر القاهرة أو يتكلم لغة أجنبية، ووجد ألف سبيل ليتحايل على اللغة والأسماء والأحداث، ليقول أخطر ما يمكن أن يعبر عنه أديب. ولم يقل محفوظ كما كمال داود عن العربية بأنها «مكبلة، ومفخخة بالمقدس ومقيدة بالآيديولوجيات» وعاجزة، بينما الفرنسية هي «لغة الحلم، والتعبير عن الأخيلة».
  • بعد عشرين سنة من هجرته إلى فرنسا حكى أمين معلوف «أنه يرى أحلامه بالعربية» بلغته التي تكلمها وتعلمها وتنفسها بطبيعة الحال. أن تعتبر سليماني «الفرنسية هي لغة الحرية والانفتاح والتشارك» فهذه مهمتها الرسمية التي ارتضتها، ولا بدّ أن تخلص لها. لكن العربية يجب أن تجد أيضاً من يدافع عنها من أبناء جلدتها، وألا تترك المهمة للآخرين، فهذا أمر مشين.
  • تركيا تعيد العربية إلى المدارس، وتعزز مكانتها التاريخية في البلاد. للأمر دوافع سياسية بطبيعة الحال، وربما آيديولوجية أيضاً. لكن السويد أيضاً باتت لغة الضاد هي الثانية فيها بدل الفنلندية. وصفوف تعليم اللغة العربية تتزايد في كل مكان، لحاجة لها في تلك البلدان وليس بتشجيع من أحد، فهؤلاء يتحسسون التغيرات المقبلة. إضافة إلى اللاجئين، ثمة مصالح وعلاقات تجارية يتم التحضير لها.
  • ألمانيا تريد إدماج جحافل المهاجرين السوريين ولا تجد وسيلة سوى إدخال العربية كمادة إلزامية في المدارس. لكن هناك أيضاً المسلمين من الأتراك الذين يجدونها مناسبة لتعلم لغتهم الدينية، أما في الصين فامتد تعليم لغة الضاد إلى 13 جامعة غير المراكز الصغيرة المتفرقة.

ما يمكن قوله هو شكرا للدكتور بلال عبد الهادي وزميلته المثقفة سوسن الأبطح ويشرفني أن أضيفهما للوحة امتناني التي تنمو يوما بعد يوم.

تحديث مهم آخر 2:

أوضح مسؤولو «لَبلِب» أنّ ظاهرة «عربيزي» أخذة بالتلاشي، وفقاً لإحصاءات متنوّعة متو فرة لديهم. وأشاروا إلى أن تلك الظاهرة نجمت عن إقبال الجمهور على الكتابة باستعمال الخليوي، قبل أن ينتقل إلى الكتابة المتوسعة على صفحات الـ «سوشال ميديا». ولسنوات طويلة، كان يتعذر تقديم لوحة مفاتيح للحروف العربيّة، وهو أمر صحّحته التقنيّات الرقميّة في السنوات الأخيرة، ما جعل كتابة الـ «عربيزي» تتضاءل بسرعة. المصدر.

روابط قد تفيدك حول لبلب: 

  1. احدى مسؤولات لبلب تناقش المحرك على حسوب.
  2. تحديثات المحرك ونقاشها على حسوب.
  3. تقنية 24 أول موقع تقني عربي يغطي خبر اطلاق محرك البحث لبلب.

تحديث آخر: مدير معهد العالم العربي في كتابه الجديد: “حان الوقت لإعطاء اللغة العربية مكانتها في مدارسنا” جاك لانغ: العربية… كنز فرنسا!

6 رأي حول “قبل أن تنوح على اللغة العربية: لماذا لا تقوم ببعض البحث؟

شاركني أفكارك!

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s