لماذا لا يوجد أفولاي جديد في الجزائر؟

مع أني متضامن معك ومع الحرية الأدبية لما تكتبه أيها العزيز أنور رحماني* إلا أنني استغرب حقا منك ومن الكتّاب العرب هذه الآونة المتحفزين على -استفزاز- الشعب والحكومة. أنا حزين من مدة ليس على الحكومة أو الشعب (لأني اعرفهما جيدا) انما على أدب لم ينتج مثل هذه الرائعة العالمية منذ قرون مديدة – والتي هي أولى الروايات في العالم ككل – “التحولات” لابوليوس لوقيوس افولاي الجزائري الطيب اكثرُ من قرأت له جودة من الجزائريين. يكتب لي فلسطيني عن قصة مثلية في الضفة الغربية (جريمة في رام الله) تكتب انت رواية سيعتبرها الكثيرون تدنيسا للثورة -حتى لو قلت العكس وانا هنا لا اقول رايي على كل حال- يكتب اخرون قصصا تبقى كتبنا التراثية دوما اقوى منها في الاستفزاز لكن لا احد يتكلم فلا يمكنك معاقبة الموتى..
القضية هي هنا والآن.. آمل ان نقتدي بالاذكياء من قبلنا الذين قال أحدهم وهو الكاتب الايطالي العظيم ايتالو كالفينو

“كانت للسياسة إذن أهمية كبيرة في حياتي بعد كبري. في الواقع، انضممت للحزب الشيوعي…ثم بدأ إحساسي يتزايد بتزايد صعوبة التصالح مع فكرة إقامة ديمقراطية حقيقية في إيطاليا بناء على النموذج ـ أو الوهم ـ الروسي. وتنامى التناقض إلى درجة أنني شعرت بالانفصال كلية عن العالم الشيوعي، ثم عن السياسة برمتها في النهاية. وكان ذلك من حسن حظي. ففكرة وضع الأدب في المرتبة الثانية، تاليا للسياسة، غلطة جسيمة، لأن السياسة نادرا ما تحقق مُثُلها. أما الأدب في المقابل فقادر في نطاقه أن يحقق على المدى البعيد جدا شيئا من التأثير السياسي. ولكنني الآن بت أومن أن الأمور المهمة لا تتحقق إلا من خلال عمليات بالغة البطء.” من حوار له ترجمه: احمد شافعي.

لطالما افسدت السياسة الادب والادب ليس موضةً. ليس لان هوليود والمجلات والمواقع الغربية والكتب العلمية التطورية تُدخل قضية (المثلية) -سواء كنا معها أو ضدها- في كل منتج لها فعلينا ان نقحم الموضة والتي هي المثلية في حالتك في تراث لا نعرفه (تاريخ الجزائر) كمثال كما ان دعواك الضخمة انك اتيت لتصححه انت ومن يكتب على الحركى أمر يُضحك أي اكاديمي متمرس يفهم علم التاريخ. فالحكماء يئسوا منذ كونفشيوس من “تصحيح الذاكرة”. اما موضة التجديف على الرب فقد انتهت منذ كتب الفرنسيون غارغانتوا وبانتاغرويل وكتب ديدرو المجيد (جاك القدري) لقد قُتل الموضوع بحثا وقلب على وجهه وبطنه وانتهى.. لا داعي للمزيد.. على الأقل ليس في هذا الموضوع.
مهمة الادب لا تتمثل في ان تصبح مناضلا ماركسيا او مناضلا سياسيا ذا اي توجه كان مع اني احترم النضال ايا كانت مرجعيته . الادب مختلف عن (استرجاع الحقوق) والمطالبة بالحريات تلك مهمة النقابات ومانيفسو الحركات التغيرية وكل ادب يعتمد او يتسلق على الفضيحة او استفزاز الاعراف -دون الافكار والاختلاف بينهما كبير- لا معنى له حقيقة وسيكون ‘لا أدبا” او في احسن الاحوال: ادبا رديئا جدا.
ما أود قوله لك وللكتّاب العرب الأعزاء: لديك دعوى سياسية او فكرية او مانفيستو نضالي؟. اكتب كتابا ليس روائيا واتركوا الروايات حبّا بالله.
لو فهمت ما كتبتُه للتو ستفهم لماذا لم تنتج الجزائر كاتبا عالميا مجيدا مثل افولاي مرة اخرى. وستفهم لماذا كتب سرفانتس ان روايته الأشهر دون كيخوته هي عن مخطوطة سيد احمد. كان لنا حكّاؤون وادباء جيدون فعلا. انا اسف لاني عشت لعصر تتحول في الرواية ذاك الادب الرفيع الى منشورات سياسية ودعاوى نقابية تطالب بالحريات وبضروريات الحياة.
مع مودتي.


  • أنور رحماني: يعرّف بنفسه على صفحته الرسمية بالفيسبوك كالتالي: كاتب وروائي، صاحب رواية مدينة الظلال البيضاء، رواية هلوسة جبريل، صاحب عمود هيلولة بجريدة elwatan.

شاركني أفكارك!

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s