سُتّون دقيقة من المحبة والمعرفة مع زهورٍ ناشئة .

حظيتُ بوقت ولا أروع مع هذه (الأكوان ) الممتعة الصغيرة والحديثة العهد بالله ، الأطفال الناشئون ، أكوانٌ لأنهم عوالم غنية وممتعة ومشعة ومليئة بالأمل يبتسمون لك و كأن ابتسامتهم رسالة ربانية يطمئنونك بها أن العالم – العوالم – كلها بخير لأن الله مولانا و لأنه ربنا ولأنه أفضل من أمهاتنا و آبائنا  و كما قال حاتمُ الأصم .. لن يتخلى عنا ..

كنت وقتها مع كتاب ، “زوربا اليوناني” وكما في هذه الرواية الماتعة ورد الآتي : ( إن المعلم الصالح لا يرجو مكافأة أروع من أن يتجاوزه تلاميذه )  فيحدو بي الأمل العميق أن يكون هؤلاء الأطفال  أفضل منا علما وأدبا وأخلاقا وأن يتجاوزونا بلا ما يقاس و إني أؤكد أني استفدت من جلستهم أكثر مما استفادوا مني .

يقول المتصوفة أن المحادثات والجلسات أمور قدرية مقضية من قبل كما هو كل شيء أصلا . لذلك لا أدري لماذا سيطر علي في هذا المجلس الجميل الحبيب : مقولة لبيكاسو كررتها أكثر من مرة  على مسامعهم الطيبة : ” كل ما يمكن تخيله هو حقيقي” و فتحنا في هذا الحوار أو الجلسة المواضيع الكثيرة والمثيرة والعميقة ، وقد لاحظت على هذه الوجوه الفتية بعد البشاشة والابتسامة والروعة المقدسة للطفولة أنهم اذكياء متخلقون نورانيون رائعون مجتهدون قارئون صغار ..مضئيون وبمصطلحاتٍ أحبها ( أكوانٌ جامعة من الألق والبريق والبراءة  )

كانت الجلسة في الأصل لمناقشة جزء من رواية هاري بوتر لجي كي رولنغ وقد تم سرد المعلومات التالية ومناقشتها :

  • أعظم كتاب كوني هو القرآن و تم ذكر أدونيس لأنه كتب كتابا حول الموضوع عنوانه (( النص القرآني وآفاق الكتابة )) من منظور أنه لا يؤمن به ككتاب منزل أو ككتاب ديني لكنه قال أن القرآن من ناحية أنه كتاب هو الكتاب اللانهائي الذي يحلم  أكابر وعظماء الأدباء ببلوغ روعته .. و هكذا ثبت أدبياً ودون دليل ديني – رغم أن الأدلة الدينية موجودة -أنه أفضل وأحسن وأروع الكتب اطلاقاً.
  • أن علينا ألا نتوقف عن التساؤل والبحث .
  • أن كونك أنثى – وكان هذا الجزء من الحديث موجهاً لفئة الاناث والتي كانت معتبرة في جلسة نادي القراءة هذه – . لا يمنع من الابداع والكتابة في هذا العالم .والمثال هو مؤلفة هاري بوتر .
  • ان سي كلارك ، كاتب الخيال العلمي والمشهور برائعة اوديسة الفضاء ،  كان محقا دوما في قوله ان التكنولوجيا غير المفهومة للبشر والتي بلغت من التعقيد مداه . لا يفرقها أي شيء عن السحر .
  • ان كل ما يمكن تخيله هو حقيقي . بيكاسو .

ومما لاحظته . أن لهؤلاء الناشئة المميزين ، باشراف ممتاز من الاستاذة جهان سمرقند  لاحظتُ أن لديهم حِسّا نقديا و عدم قبول للأعمال الأدبية كما هي .. تكلم بعضهم عن (الخيال المبالغ فيه  ) لهاري بوتر والأمير الصغير ، وعدم احتوائهما على حقائق علمية مثيرة وهذا ما أدى بنا للحديث عن كيف يمكن أن نُسقِط الأعمال الفتنازية على الواقع ونستفيد منها . ربما تتعجبون في جلسة بلغت الساعة فقط أن نتكلم عن الكثير من الأمور ، وأن براعم بمثل هذا السن تتكلم في قضايا أدبية بمثل هذا العمق ، تكلمنا عنها كلها واستفدتُ كما قلتُ ، تكلمنا عن القرآن وهاري وبوتر وعلاقة الخيال بالواقع والكتابة وكافكا  وسي كلارك وبيكاسو و علة وجود النقص في هذا  العالم ..

لا يسعني إلا أن أقول أنه  باشراف الكاتبة والمترجمة جهان سمرقند و بتفهم آباء هؤلاء الزهور الجميلة لأنه ولنفتح قوسين ( جيل الآباء هذا قد تبدل ولم يصبح كما كنا نحن من قبل أن كل قراءة خارج المنهاج تضييع للوقت بل أصبح الآباء المثقفون يشجعون و يدعمون و يساندون القراءة والمطالعة خارج المنهاج بالموزاة مع التركيز و الاجتهاد في المنهاج العادي )  أقول بفضل هذا كله بعد أفضالِ الله اللامتناهية طبعا : أصرّح أني سعيدٌ ومتفائل ويحدوني الأمل .

رجعتُ وقتها من قسنطينة بالحب والأمل وحلوى الجوزية اللذيذة !

نشر هذا المقال أولاً على موقع مقالة .


رأيان حول “سُتّون دقيقة من المحبة والمعرفة مع زهورٍ ناشئة .

شاركني أفكارك!