ألعاب تمرين الدماغ ليست إلا هراء!

نزّل المقال بهيئة PDF من هنا:

“عصر الدماغ: مرّن دماغك لدقائق معدوداتٍ كل يوم!” هذا ما يَدَّعِيه تطبيق تدريب الدماغ نينتاندو الذي أُنشئَ قبل 15 سنةٍ، والمشهور أيضًا باسم “تمرين الدكتور كاواشيما الخاص بالدماغ”.  يتمثل التطبيق في عددٍ من الألعاب البسيطة المصممة خصيصًا لتنشيط أجزاءٍ معينةٍ من الدماغ ولمساعدته على محاربة الآثار الطبيعية للتقدم في العمر. وقد أُطلِقت آخر نسخةٍ في وقتٍ مبكرٍ من السنة الجارية 2020 بأستراليا وأوروبا. وبالرغم من أن عمر التطبيق يشهد له بالنجاح، إلا أن فيه إشكالًا جوهريًّا يتمثل في أن ألعاب تدريب الدماغ غير فعالة.

طغيان العلوم الزائفة

يُنفق المستهلكون ما يقارب ملياري دولار سنويًّا على تطبيقات تدريب الدماغ مثل ليموسيتي Lumosity (أكثر من 100 مليون مستخدم من كل أنحاء العالم)، وإليفيت Elevate، وبيك  Peak، وكوجنيفِت CogniFit. وكل هذه التطبيقات تكرّر نفس الإدعاء: سيُحسِّنون من لياقتك الذهنية، وسيقللون من التراجع الطبيعي للقدرات المعرفية المرتبط بالعمر، كما سيساعدونك في تحسين ذاكرتك. وبلغ الأمر ببعض التطبيقات أن ادّعت قدرتها على منع الخرف أو الألزهايمر ذاته.

لكن العلم لا يوافق على هذه الادعاءات. فقد بينت دراسةٌ واسعةٌ شملت أكثر من 11000 مشارك، ونُشرت في مجلة نيتشر Nature، أن قدرات المشاركين تحسنت في أداء الألعاب التي تدربوا عليها، لكن لم يكن هنالك أيُّ تطورٍ ملحوظٍ في قدراتهم المعرفية خارج هذه الألعاب. وبعبارة أخرى، فإن مُمارسة ألعاب تمرين الدماغ تجعلك أحسن في ألعاب تمرين الدماغ، لا أكثر ولا أقل. حتى أنها لا تجعل الناس بالذكاء الكافي الذي يمنعهم من إهدار ثرواتهم على الإضافات والألعاب المدفوعة داخل هذه التطبيقات!

وفي 2014، وقّعت مجموعة من 69 عالمًا في الأعصاب على رسالةٍ مفتوحةٍ، يصرحون فيها بعدم وجود أي دليلٍ علميٍ على أن ألعاب تمرين الدماغ تزيد من القدرات المعرفية للناس.

إننا نعترض على الإدعاء القائل بأن ألعاب تمرين الدماغ تُتيح لمستخدميها تقليلَ أو عكسَ تدهورِ القدرات المعرفية، في ظل عدم وجود أي دليلٍ علميٍّ مقنعٍ. إن هذا الوعد الزائف بوجود هذه العصا السحرية يستنقص من قيمةِ أفضل البحوث العلمية القائمة حدّ الساعة، والتي تنص على أن القدرات المعرفية في المراحل المتأخرة من العمر تعكس الآثار الطويلة المدى لأنماطٍ صحيّةٍ نشيطة سابقة. وعلى ذمة الموقعين أدناه، فإننا نشهد بأن الإدعاءات المضخمة والمضللة تقوم باستغلال مخاوف كبار السأن بشأن التدهور المعرفي المحتّم. من ناحية أخرى نشجع على استمرار البحوث الدقيقة والمزيد من المراجعة في هذا المجال

من جهتها، قامت لجنة التجارة الفيدرالية الأمريكية في 2015، بتغريم شركاتٍ تبيع برامج تمرين الدماغ بتهمة الإشهار المضلل – وعلى وجه الخصوص إدعاءاتهم بأن منتجاتهم تعالج أو تخفف الاضطرابات العقلية. وعلى سبيل المثال فقد غُرّمت شركة ليميونيسيتي بمبلغ قدره خمسون مليون دولارٍ، خُفضت لاحقًا إلى مليوني دولارٍ.

ومع ذلك، فقد قامت شركة نينتاندو Nintendo بإطلاق أحدث نسخةٍ من تطبيق تمرين الدماغ الشهير، كما ذكرنا آنِفًا. ولأن فكرة اللياقة الذهنية تعد فكرةً مغريةً – فإن الدليل العلمي والحزمة القانونية للجنة التجارة الفيدرالية لم ينجحا في منع هذا القطاع من الازدهار. ولأنك تعرف أن هذه الألعاب غير فعالة، فلعلك تتساءل عن البديل!

خمس بدائل لألعاب تمرين الدماغ

بدايةً عليّ الاعتذار من كون الطرق الأكثر فعاليةً للاعتناء بدماغك طرقًا مملةً. فما عليك فعله في المجمل، هو اتخاذ قراراتٍ صحيةٍ، وأن تظل نشطًا دومًا، على المستوى البدني والعقلي. وإليك قائمةً من خمس أساليبَ مثبتةٍ علميًّا لتمرين دماغك فعليًّا.

  1. احصل على قدرٍ كافٍ من النوم. رغم أن الغاية الوظيفة الدقيقة للنوم لا تزال مبهمة، إلا أن أحد البحوث يقترح أن النوم يلعب دور “عامل الصيانة” الذي يُزيل السموم التي تشكلت في دماغك أثناء استيقاظك. وذلك لأن تراكم هذه السموم قد يُساهم في الإصابة بالألزهايمر.
  2. تناول الأطعمة المناسبة. من المحتمل أنك سمعت بمصطلح “أغذية الدماغ” – وأول شيءٍ يتبادر إلى ذهنك حين سماع المصطلح هو صورة سمكةٍ بدينةٍ، تحمل بداخلها الكثير من أحماض أوميغا-3 الدهنية. ومع ذلك فهناك الكثير من الأطعمة غيرها، وقد وضعت كلية هارفرد للطب قائمةً مفيدةً تحتوي على هذا النوع من الأغذية.
  3. مارس الرياضة. بجانب كون الرياضة مفيدةً لصحتك النفسية، فقد اتضح أن ممارسة التمارين الهوائية (الأيروبيكية) باستمرار يزيد من حجم الحُصيْن – وهي منطقة في الدماغ لها دور في الذاكرة اللفظية والتعلم-. في المرة القادمة التي تهُم فيها باستعمال تطبيق تمرين الدماغ، ارمِ الهاتف جانبًا واذهب في جولة جريٍ بدلًا من ذلك.
  4. لا تشرب الكثير من الكحول. معظم الناس يدركون مخاطر الكحول على الدماغ، فهي تُسبب اعتلالًا في الذاكرة، واضطراباتٍ دماغية، وتلفًا في الأعصاب، وبالطبع فهي تُسبب أضرارًا لباقي أعضاء الجسم أيضًا مثل أمراض الكبد. وبالتالي فإن الإقلاع عن تناول الكحول أنفع لدماغك من لعب تطبيقات تمرين الدماغ.
  5. تعلم مهارةً جديدةً. إن التعلم طويل المدى (مثل: تعلم الموسيقى، الفنون، الشطرنج..) يُنشئ أنماطًا جديدةً من النشاط في دماغك، كما تظهر إحدى الدراسات. وبالطبع تعلم مهارة جديدة أصعب من لعبةٍ سريعةٍ على هاتفك وأصعب من التسلي بالنينتندو سويتش، لكن قد تكون هذه الصعوبة هي سبب فعالية هذا الأسلوب!

كنت قد نبهتك أن هذه الأمور بديهية، وكان بإمكانك تخمينها. ولكن حتى إن أخبرك حدسك بنجاعةِ طريقةٍ ما، فمن المستحسن دومًا تفقد ما يقوله العلم. لأنه عادةً ما يوقعنا حدسنا في الزلل. وفي حالة تمارين الدماغ، فإننا نعتقد أن تكرار هذه المهام التي من المفترض أن يكون قد صممها علماء أعصابٍ سيساعدنا في الاعتناء بصحة دماغنا. وها قد اتضح في النهاية أن أكثر تمارين الدماغ فعاليةً تمارينٌ مجانيةٌ!


رابط المقال الأصلي

تُرجمت هذه القطعة من المحتوى بإذن كاتبتها الأصلية:  آن لور لو كانف.

 ترجمها للعربية: مصطفى بوشن.

نُشرت لأول مرة بالعربية في مدونة يونس بن عمارة.


حقوق الصورة البارزة: Photo by Natasha Connell on Unsplash

4 رأي حول “ألعاب تمرين الدماغ ليست إلا هراء!

شاركني أفكارك!

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s