حسب المجلس البريطاني ستجد في هذا الرابط أجمل 70 كلمة في اللغة الإنجليزية. وقد وجدتها فرصة لأكتب خواطري حول العشرة الكلمات الأولى الأفضل في اللغة الإنجليزية.
تناولنا أمس كلمة الابتسامة، واليوم ستنتاول كلمة الحب Love
الحب
إن أردنا أن نكون موضوعيين ونعطي الخبر للخبّاز، الذي أصبح لا يتعب كثيرا هذه الأيام ويستعمل الآلات، فإن الوجدانيات والمشاعر من اختصاص الشعراء العشّاق والصوفية.
الصوفية يرون الحب كشعور يتسامى طبعاً فوق كل المفاهيم السائدة والرائجة عنه، على سبيل المثال أغنية عن الحب لدى الصوفية تمثل فقط ملمحاً بسيطا عن المفهوم الأصلي لهذا المعنى. وهي مفيدة للعامة لأن مفاهيمهم لا تتجاوز ذلك المستوى؛ الحب في أساسه “حركة تشوّق نحو هدف سامٍ” ولا بد من الحركة ولهذا لا تتم أفعال الحبّ إلا بها، لا يوجد فعل حبّ دون حركة، مهما حاولت لن تجده، حتى الاهتمام حركة (حركة في دماغك على سبيل إشارات وكهرباء وذرات) وحركة في أفعالك عبر شراء ورد أو عطر لمحبوبتك. إننا لا نقصد هنا فعل الحب المعروف وهو العلاقة الحميمة فهذه ولا بد مكونة من حركة ويقول ألبرتو مورافيا فيما أذكر أن هذه الحركات دون “حبّ حقيقي” تضحي رياضة مرهقة لا طائل من ورائها. لكننا بقولنا فعل الحب نقصد كل أفعال الحب: الحضن، قبلة على الجبين، مسكة اليد، النظرة الحانية الودودة، وآه طبعا الابتسامة.
اختزالك الحب في العلاقة بين ذكر وأنثى، وبعضهم حتى يضيقها أكثر لتكون العلاقة الحميمية بين ذكر وأنثى يدل على شيئين:
– أنه غير مثقف لانه لم يقرأ رواية احدى عشر دقيقة لباولو كويليو فبعد ان فاض البركان وانفجرت الالعاب النارية في غضون احدى عشر دقيقة طيب ما الذي ستفعله مع ‘محبوبك’ فيما تبقى من الوقت. فكر في ذلك جيدا قبل ان تحصر العلاقة في هذا الموضوع فحسب.
– أنه لا يفهم الحب بمعناه الاوسع وفي الحقيقة نحن لا نقصد الاوسع هنا لان معنى الحب الاصلي يعني بحجمه الطبيعي هو بالضبط –كما يقول الصوفية- بحجم الكون.
نعود للحركة التي تشكل مكونا أساسيا من مكونات الحب لا يكون إلا بها، الكون معروف أنه بدأ من خلال حركة ما (الانفجار مثلا عبارة عن تحرك الذرات بعيدا عن بعضها طبعا مع بعض المعادلات الفيزيائية التي توجع الراس والذي تتضمن قطعا الحركة وهذا مقصودنا هنا) فخلق الكون لدى العرفاء هو “حركة محبة” أو “تعبير عن حبّ” يمكن القول بالانجليزية انه Act of Love لأني أرى أن لفظة أكت هنا تؤدي المعنى المطلوب.
أما الاعتراضات التي ستنشأ مثلا: ما هو الحب الموجود في إعصار كاترينا وموت وليد بشلل الاطفال فهو خارج مجال بحثنا هنا (لقد طرحنا حججنا في قضية معضلة الشر في حسوب في مجتمع حوار الأديان)، لكن بسرعة هذا السؤال يفترض تحديدا ضيقا للحب كما قلنا وهو نمطي لذلك لا يمكن الإجابة عنه كما يريد السائل. لأن السائل وقتها غاضب ولا يفكر بعقله هو يفكر بقلبه وبالتالي هو يشعر (بقلبه) بشعور مناف للشعور الأصلي (par default) الذي يأتي به القلب الا وهو الحب. لهذا هو يشعر بالانزعاج والغضب من “القوة العظمى” دون أن يدري.
ما هو الهدف الأسمى؟ أن يكون الجميع سعداء!، للمتشائمين والعدميين تبدو هذه القضية تجديفا ضد الجوهر الحقيقي للـ “الكون والواقع” ألا وهي ‘باطل الاباطيل وكل شيء باطل’. لكن الحبّ يرد عليهم: ما المشكلة في الباطل واللاجدوى يعني؟ لماذا نجبر انفسنا على تعليق السلبية باللاجدوى. لماذا اللاجدوى والباطل بمعناه ‘أنه لا فائدة منه’ أمر سيء وسلبي؟
الجواب التاريخي هو أن الفلسفة البرغماتية أفسدت أفكار الناس بفكرة “لا بد ان يكون لاي شيء في الوجود فائدة والفائدة تعني الايجابية وما لا فائدة منه او منفعه فهو سلبي” وهذا خطأ وقد بيناه في مقالنا الثاني المتخصص في دحض حجج اللاإنجاب.
وأنت ليش متمسك بالبرغماتية والنفعية وقابض عليها كالقابض على الجمر؟ يا عدمي يا متشائم؟ الم تترك الدين؟ اترك الايديولوجيا ايضا واغرق في الحبّ، كن هيبياً على سفوح بوهيميا، لأن الايدولوجية كما يقول الحكماء المعاصرون هي ضرب من الدين بل وأسوأ منه في الغالب.
فلتمتلأ أيامكم بالحب والمحبة. ولتصادفوا في شارع باريسيّ خبازا لا يستخدم الآلة يهديكم خبزا على شكل قلب.
رأيان حول “الحب”