اضافة: قبل حتى ان تشرب القهوة كي تصحصح فلربما تنتبه وتستغفر ربك قبل ان تسب التراث!
ان لم تقرأ التراث العربي حتى مجرد مجموع رسائل طريفة و قصص مضحكة او ملهمة لنقل مثلا مستطرف الابشيهي او الفرج بعد الشدة فقد يفوتك الكثير.
لكن ان لم تقرأ حرفا من مئات المجلدات التي كتبها المفكرون العرب المحدثون في التراث والفلسفة ولماذا تخلفنا فلن يفوتك شيء اطلاقا –ابدا وعلى الاطلاق- في رايي الشخصي عدم القراءة لهم آمن على صحتك الثقافية من القراءة لهم لماذا؟ لانهم مزيفون. التراث العربي أصيل حتى السنسكريتي كذلك والامازيغي والالباني مثلا لكن الفكر العربي الحديث مزيف ولا انساني وهذين التركبيتين هي سم زعاف لو سقيته امة انهارت.
اعتقد انك لا تتعجب اذن لماذا وصلنا الى هنا.
انه لمن المثير للأسف حقا أن تقرأ كتابا لمفكر مثل زكي نجيب محمود لتجد ان اجاباته كلها خطأ في قضية التراث وملخص الامر كي لا تتعب في القراءة هو انه يدعو –حتى ان لم يسمي ذلك برغماتية – الى التعامل مع التراث بالمنهج العلمي البرغماتي.
وهو يعترف بالخطأ وانه استيقظ متاخرا كما ترى في الاقتباسات وفي الحقيقة ازيد ان استيقاظه كان متاخرا جدا.
في الحقيقة ودون فخر ومع المامي بالعلوم الحديثة دون الاهتمام باخذ شهادة فعصرنا وعصره مختلفان في عصر زكي نجيب محمود فعلا كانت الشهادة لها معنى (على الاقل نسبيا) لكن لو طالعت كتاب سيرة حياتي لعبد الرحمن بدوي ورايت التلاعب الحاصل في السربون ثم كتبت “فضيحة + جامعة” في غوغل ثم استمعت راي صلاح الراشد في مذكرات التخرج الحديثة ثم عملت مثلي في المجال الحر لكتابة المذكرات الجامعية ثم فضائح كتابة المذكرات الجامعية حسب تقرير الفنار ستعرف ان الشهادة لم يعد لها معنى فلا داعي للرد عليه انه يقول وكيف نرى من اخذ شهادة علمية لازال يؤمن بخرافات التراث. الجواب: لانها اي الشهادة لا تعني شيئا وليست المشكلة في التراث.
عمري الان ستة وعشرون سنة واجزم دون فخر انما تحدثا بنعمة الله اني قرات من التراث العربي اكثر مما قرا زكي نجيب محمود طيلة عمره اذ كانت يقظته متاخرة جدا للاسف الشديد وما يزعجني في كتب من امثال ما الفها هو ان تحكم بتعميم دون ان تحيط او تلم الماما كافيا بالموضوع
الاحاطة بالتراث كما يعرف كل عاقل مستحيلة عمليا.
لكن لو كان لك المام بسيط جدا بتدريب الذكاء الصناعي ستعرف ان الشاملة مثلا كنز لكل باحث في الذكاء الصناعي –وهو احدث المجالات العلمية اطلاقا اي تعليم الالة ومن اكثرها نموًا- انه كنز حقيقي ان تمت رقمنته حتى بنظرة زكي النفعية البراغماتية التراث (داتا بيس) قاعدة بيانات مهولة ضخمة رائعة جدا لتدريب الذكاء الصناعي. وهذا بالذات هو الجواب للسؤال الذي طرحه الوردي في احد كتبه لما قال ساخرا لقريب له قدم للمكتبة العربية العديد من الكتب المحققة تحقيقا رائعا: ما فائدة العرب من تحقيق ديوان شاعر جاهلي مغمور؟
الجواب العصري هو : خلق قاعدة بيانات يمكننا من خلالها تدريب خوارزميات الذكاء الصناعي والاستفادة منها في تعليم الالة دون الحقوق الفكرية انها يا عزيزي الوردي حقوق فكرية مجانية لمبرمجينا العرب لو فقهوا.
ان قال قائل: لا فائدة من قاعدة البيانات هذه.
نشتري له دورة مدفوعة في الذكاء الصناعي ونعطيه اياها ليتعلم منها فلعلها تفيده وتفتح مغاليق رأسه وفكره.
ان ايجاد قاعدة بيانات لتدريب الخوارزميات مشكلة حقيقة في وادي السلكون في وقتنا الحاضر لان الامر يتعلق بالحقوق الفكرية والوصول اليها وبعض الشركات الناشئة في مجال تعليم الالة والذكاء الصناعي تكبدت عرق القربة (وهو مصطلح تراثي يدل على العناء الشديد لم يعرف معناه حتى احد التابعين الذين رووا حديثا لعمر بن الخطاب رضي الله عنه يتضمن هذه الكلمة) حتى حصلت على قاعدة بيانات معقولة الى حد ما لتدريب خوارزميتها.
ما هو الخبر السعيد؟ كل التراث العربي في الملكية العامة ويحق استعماله بكل بساطة.
لدي كلام كثير لأقوله على هامش هذا الكتاب المتسرع المجحف والقاسي على تراثنا. لكني قلت معظمه في مقالات اخرى في حسوب وتقنية 24 كتاليف وترجمة يمكنك العودة اليها هناك.
انا من رايي ان نتوقف ونعيش وحسب. ان نتوقف عن اللعب بالثنائيات الدين العلم والتراث والمعاصرة والتقنية والادب والغرب والشرق دعوا اللغة دعوا الامور تمضي كما هي
والامر الوحيد في نظري الذي يحسب لزكي في كتابه هذا هو اعترافه بالخطا مما يدل على شجاعة ادبية كبيرة جدا فانا لم اصادف ان رايت من يخطأ نفسه في المقدمة من مفكرينا العرب فمفكرونا العرب الرائعون يولدون من بطون امهاتهم مكحلين مختونين معلمون كل العلوم من حساب الجمل والتنبؤ بالرمل حتى علوم الكوانتم والذرة وتعليم الالة والذكاء الصناعي بالتالي هم معصمون من الخطأ وفي حال وقع سهو فهو من عند امريكا (في رواية الشيطان الاكبر) واسرائيل (في رواية البنت المفضلة للشيطان الاكبر او في رواية اخرى يقولون انها امها).
مفكرونا الحاليون منفصمون عن الواقع الا من رحم ربي ولا تربطهم صلة بالشباب ومذهولون بالتكنولوجيا ومنذهلون عنها.
في عصرنا يرد عليك الفيلسوف الاجنبي والتقني الاجنبي والعالم الاجنبي العامل في اعرق الجامعات على بريده الالكتروني ولا يرد عليك نصف مفكر الف ورقتين كلها نسخ لصق.
في عصرنا بقول احد اهم المواقع لتنزيل المخطوطات العربية بحسرة:
لقراءة النداء المؤسف كاملا اضغط هنا.
في عصرنا يعرف العربي الجواب عن السؤال ولا يكتبه قط خوفا من ان تتفوق عليه وحسدا منه وخوفا على نفسه من اللاشيء.
في عصرنا لا يوجد أبخل من عربي بعلمه.
بينما يشارك الجميع من كل الجنسيات كل ما تعلموه في حياتهم من صغير وكبير وتافه وجليل. عبر كل طريقة وبكل وسيلة صورة كتابة وفيديو مفصلا.
لا احب ان احلل امور الامة كما قلت مرة لان الامة مجموع على كل فرد ان يعمل بما يتستطيع لتطوير نفسه مع نصيحتين سريعتين مفيدتين:
– انفتح على الاخر دون تضييع هويتك
– شارك معلوماتك بحق السماء ما دامت تلك المعلومات لا تضرك.
وانا فعلا محتار جدا جدا لدرجة يعجز عنها الوصف هل الاحاديث التي تتكلم عن نشر العلم والتحدث عن الفضائل العظيمة جدا التي ينالها من فعل ذلك وجهت للغرب ونزلت على نبي منهم فعلموا بها وتطوروا ام انها عربية وموجهة للعالم ككل قالها الرسول الاكرم صلى الله عليه وسلم؟
حالنا تصلح عليه ثلاثة اوصاف: محيّر ومؤسف ومؤلم.
وانا كشاب عربي اترجم التقنية واترجم الادب اطالع كثيرا لم يحدث لي مغص وانا اقرأ التراث العربي لاقرا بعده نابوكوف مثلا او هاروكي او مييكو كاواكامي.
اتعرف ما الذي يضر فعلا ؟ ليس قراءة الجاحظ او بدر العيني او ابن رشد
الذي يضر القلب فعلا هو قراءة المفكرين –وهم مفكرون فقط دون اي عمل- مزيفين مفتقرين للانسانية.
حلت المشكلة .
اني اعلن بهذا المقال ان مشاكل الجيل الأسبق مع التراث لا تعنينا كشباب عربي.
اعزائي شيوخ الفكر العربي ارجوكم لا تورطوا الشباب العربي في مشاكلكم الوهمية. بيكفي الله يرضى عليكم. خلوا بينهم وبين التراث ان اهملوه فقد وافقوا فريقا ارعنا منكم بعمل بتر (كما يقول باللفظ زكي قبل توبته من هذا الراي) أو كما يقول بالقطيعة كعبد الله العروي وان احتضنوه فقد اخذوا براي الاخرين منكم ممن يعارضونكم وان وفقوا بينه وبين عصرهم بأسلوب لم يخطر لكم ببال (وهذا ما اراه سيحصل ويحصل لكن دون الحديث عنه بل هو عملية تلقائية لا تتطلب الكلام عنها بل مراقبتها دون تعليق) فهذا راي جماعة اخرين منكم والمحصلة اتركوا لهم الخيار.
5 رأي حول “زكي نجيب محمود: أن تستيقظ متأخرا لتسب التراث!”