الجاحظ ولوتريامون وانتشار الكُتب .
دعوة الصديق محمد الوكيل الكريمة للتدوين اليومي جعلتني أفكر .. لماذا لا ادون يوميا ؟ .. هناك العديد من الأسباب من بينها أني لا احب ان اكتب دون مراجع والمراجع ‘ وجع دماغ ‘ كما يقول المصريون اما الجزائريون فيقول ‘ تكسار الراس ‘ اعتقد ان المراجع تكسر الراس فعلا كمطرقة تور .. وقت يتكسر –يتحطم دماغك فهو يصبح لاموجودا . اما ان وجعك دماغك ، فالدماغ نفسه يبقى وبالتالي يمكن علاجه .. ما الغرض من كل هذا التداعي الحر ؟ تيار الوعي كما يقول النقاد . الغرض منه اننا سنخرج بنتائج مفيدة جدا على الصعيد اللغوي : و من الفوائد الفائدة التالية :
” كل العبارات الشعبية الفلكلورية انما تعبر عن ثقافة الشعب الذي يتكلم بها ” . انها تعكس تفكيره ، احلامه وافكاره الجَمْعية و الى ما ذاك ..
لنعد الى الكلام عن التدوين ..ولنأخذ موضوعا وهو معلومة وجدتها على تويتر كالتالي ووضعها في ضوء الحقيقة الادبية والتاريخية.
الجاحظ لم يشتهر الا بعد نحو 3 قرون ؟؟
الجواب : دليلان على انتشاره في عصره هو والذي يليه بشكل كبير جداً.
الدليل الأول :
وقد قيل للجاحظ: غيّر هذا في كتابك فإنه قبيح، فقال: افعل، ولكن كيف لي بما سارت به الركبان ؟ . المصدر : أدب الكاتب : الصولي . رابط
الدليل الثاني : قصة ممتعة من كتاب نشوار المحاضرة للتنوخي :
امرأة تدعي أن زوجها كان يعشق السراويلات
حدثني أبو علي الحسن بن محمد الأنباري الكاتب، قال: مات عندنا بالأنبار، فلان، وأسماه، وكان عظيم النعمة، وافر المروءة، كثير الثياب، وكان لكثرتها، يحصل كل فن منها في عدة صناديق.
وكانت دراريعه الدبيقية مفردة، والدراريع الديباج مفردة، وكذلك القمص، والسراويلات، والجباب، والطيالس، والعمائم.
قال: وكان له بنو عم ورثوه، وأم ولد قد تزوجها.
فلما مات، أخرجت جميع آلاته، وقماشه، وثيابه، إلا اليسير، من الدار، فخبأته.
وذهب عليها صناديق السراويلات، فلم تخرجها، وجاء بنو العم، فختموا على الخزائن.
فلما انقضت المصيبة، فتحوها، فوجدوها أخلى من فؤاد أم موسى، فخاصموها إلى قاضي البلد، فلم تنقطع الخصومة.
فدخلوا الحضرة، وتظلموا منها فأشخصت، وحملت إلى القاضي أبي جعفر بن البهلول، ووقع إليه بالنظر فيما بينهم على طريق المظالم.
فحضروا عنده وأخذ يسائلهم عن دعواهم، وهي منكرة جميعها.
فقالوا له: أيها القاضي، فلان أنت أعرف الناس بعظم مروءته وثيابه، وما كنت تشاهده له، وكله كان في يدها له.
وساعة مات ختمنا خزائنه، وهي كانت في الدار، ولما فتحناها لم نجد له فيها إلا عدة صناديق فيها سراويلات، وقطعاً يسيرة من ثيابه.
فأين مضى هذا؟ ومن أخذه؟ وما السبب في عظم السراويلات وقلة الثياب؟ قال: فأقبلت الجارية محتدة، كأنها قد أعدت الجواب، فقالت: أعز الله القاضي، أما سمعت ما حكاه الجاحظ من أن رجلاً كان يعشق الهواوين، فجمع منها مائتي هاون، هذا كان يعشق السراويلات.
قال: فضحك القاضي أبو جعفر، وانفض المجلس من غير شيء.
فما انتصفوا منها بعد ذلك. المصدر : نشوار المحاضرة . التنوخي : المصدر .
الشاهد في الاقتباس الثاني : ( وبالمناسبة لا تسألوني عن السر في جمعه للسراويل .. فانا لا ادري والاجابة لا توجد في الكتاب فالله اعلم !! ) الشاهد يا اصدقائي هو ان جارية بسيطة تعرف كتب الجاحظ فضلا على أن القاضي صدقها . وهي لم تقرأ الجاحظ وحسب بل استشهدت به ووافق القاضي مما يجعلنا نعرف أن كتبه كانت من صميم الثقافة العامة وشديدة الانتشار وقتها .
لوتريامون :
تقول الويكيبيديا : ” مات وترك ورائه كتابا طبعه على نفقته الخاصة ولم تقبل به اي دار نشر كما ترك بعض الرسائل، وصلتنا كتابات لوتريامون بعد ذلك بسنين عن طريق صديق مخلص له حافظ عليها في أحد بنوك الودائع في سويسرا، واحتفي بكتابه بعد وفاته بعشرات السنين، يعتبر لوتريامون أول من كتب قصيدة النثر على وجه المطلق.”
وكما يقول كتاب السوريالية في عيون المرايا إعداد وترجمة: أمين صالح ، فان لوتريامون بقي مغمورا في أوروبا الى أن اتت الحركة السريالية الثقافية وبيانها الاول والثاني والتي اعتبرت لوتريامون احد آبائها ومن ثم أعادت له بقوة الاعتبارات ونشرته ونشرت عنه واحتفت به فظهر للعالم فيما ظهر للعالم من آثار السريالية كاعمال اندريه بريتون وسلفادور دالي وأضرابهم .
ونحن لا نعارض الحقيقة التي تقول ان لوتريامون أسس لعهد شعري جديد بل نوافق عليها تماما ، نحن فقط هنا نتكلم عن قضية الانتشار .
ملخص فوائد التدوينة :
1- هناك أناس لهم هوس غريب بالأشياء !!
2- التاكد من المصادر يعرفك على كتب ممتعة كنشوار المحاضرة وغيرها .
3- لا تجعل ثقافتك تقتصر على التويتات او بوستات الفيسبوك .