الفتى الذي تعهّد بقراءة الكتب حتى اخر نَفَسٍ له

الفتى الذي تعهّد بقراءة الكتب حتى اخر نَفَسٍ له

محمود حسني ورواية طلال فيصل

كتبت هذا النص حول رفيقي وصديقي محمود حسني : الفتى الطيب الاصيل من ارض مصر العزيزة :

 “في اي صورة تحتل العيون مركزا اساسيا للانتباه البشري .. وطبعا المثيل يلتجئ الى مثيله (العين للعين ) واعتقد ان العين البشرية لما ترى صورة فأنها اول ما تركز عليه ولو لثواني هو العين ثم تذهب لتمسح باقي الصورة .
محمود عيونه كبيرة ..جميلة وقولي كبيرة تعني انها عربية من الشرق الاوسط ..الذي يقول لك الجغرافيون القدامى انه الاقليم الرابع ، والاوسط وهو الذي جمع كل المزايا من جميع الامم ، ولذلك كانت ملامحه جميلة ومتناسقة وربما راى في عينيه الناس التعب لانها تخفي من ورائها اعمالا فكرية عميقة ..وهذا يدل عليه اللحية الخفيفة والابتسامة الجميلة غير المتكلفة والعفوية المرافقة له دوما ..
الان اضف للمشهد كتابا ..لو نزعنا الكتاب من يده لكانت يده كأنها تقدم قسما امام قاض قُدّام محكمة لا مرئية .. ولنتخيل الامر الان : انزعوا الكتاب من الصورة وسيكون الاتي : انا اقسم واتعهد ان اقول الحق ولا شيء الا الحق .. اضيفوا الكتاب الان واتركوا محمود يكمل كلامه :” ان احب الكتب لآخر رمق من حياتي ..”
المكتبة التي في الخلفية واللباس البسيط و الهادئ والهدوء المفكر –ان جاز هذا الوصف – الذي يحيط به كلها هالة قاريء عتيد ..ليس قارئا عاديا .. بل قارئ ذو عيون جميلة وكبيرة وشرق اوسطية يتمنى الكُتاّب ان يحظوا بمثلها .
يقول بول اوستر انه ليس المهم عدد النسخ من كتاب ما .. المهم ان تجد قارئا وقارئ واحد فقط حقيقي يكفي..
هناك اذن : محمود وعيونه ولباسه المتواضع وابتسامته الهادئة والجميلة ، ويبدو من شفتيه واسنانه انه غير مدخن وهذا امر جيد ..وتوجيه لامثالي وغيري انه لا تحتاج للسيجارة كي تكون مثقفا ..
هناك الرفوف من خلفه والنافذة وزجاجة الماء الفارغة ..ثم الكتاب. الكتاب “سيرة مولع بالهوانم” لطلال فيصل .الكاتب الجيد العميق الموهوب ..
ما يمكن قوله بما اني لم اقرا الكتاب لكني اعرف موهبة طلال فيصل ..هو الاستقراء اللغوي : النافذة التي بالخلف توجد في الكتاب في اسم طلال ..فالنوافذ نطل بها على العالم . الكتب كذلك . فيصل : الكتب تفصلنا عن الواقع الذي يحاصرنا ولا نفهمه .. وهكذا نمجد الرب لمنحنا الكتب :التي تشكل جدار برلين الخيري التي يفصلنا بين الساعات اليائسة التي نقضيها ونحن في الواقع وبين عالمنا التخيلي الرحب .
الماء .او زجاجة الماء الفارغة مدلول على عطش القاريء الابدي لبحر الكتب ومائها ..لاغترافها ..تشبيه العلم بالماء ليس جديدا بل وارد في الادبيات والتواريخ .. ونتذكر معا تلك القصة الجميلة في الاثر التي اكملت لنا القصة القرآنية التي اثارت فضولنا جدا .. لما كان الخضر مع سيدنا موسى وراوا طائرا نقر من البحر نقرة قال له ما علمي وعلمك الا مثل تلك القطرة التي اخذه العصفور من اليم .
لي رجاء اخير وهو الا تكون حظوظك مع النساء يا رفيقي العزيز مثلما ورد في ذلك الكتاب الذي بين يديك . وليهبك الله ما تريده وتتمناه من فضله هو سبحانه لا من حسناتك .وليتجلى عليك باسمه الرحمن فيعطيك من حيث لا تحتسب.وكما ينشد اهل المغرب في كتبهم بعد كل دعوة هذا البيت المفرد اليتيم :


آميــــن آميــــن .. لا أكتــفي بــواحــدةٍ ***حــتــى أرددهـــا ألفـــيــن آميـــــــــنـــا ” 

 

وهو بكرمه المعتاد ارسل لي بنص يقابله ويناظره .. وسانشره في التدوينة القادمة بحول الله .

 

رأي واحد حول “الفتى الذي تعهّد بقراءة الكتب حتى اخر نَفَسٍ له

شاركني أفكارك!