لماذا؟ @جمانة حداد

لماذا؟  @جمانة حداد

في امان الله كنت اطالع كتاب لصوص النار لجمانة حداد ..ومن الممتع ان تقرأ لاحد لا تعرف عنه شيئا فيكون الابداع كبيرا ..انه يربي فيك الامل ان هناك بضع كتب جيدة متبقية في هذا العالم -السيء غالبا- او يقول البشرعنه انه كذلك ..

لكن في عصر النت فانه يمكنك ان يشغفك الفضول فتحب تعرف من هي جمانة حداد …على كل كتاب لصوص النار -ابتداء من العنوان المقتبس من المتشرد الشاعر رامبو ومتشرد ليست للاهانة لاني في روايتي الغرائبية منحت الاسم لشخصية محببة لي- ..يحكي عن لقاءات الشاعرة بكتاب عالميين كبار ومن وزن ثقيل ودعني اضف قبل ان يتفضل ويدعوهم هاديس للعالم السفلي ..

لكن نتائج النت ( مع ما تاتي به من فجائع لاصحاب الباكالوريا والبورصة ) ..اتتني بمقال جيد وممتع الحقيقة ..بعنوان لماذا انا ملحدة .لجمانة ..(اسم جميل ) ..هذا بعد ان قرات سريعا انها مولودة في السبعينيات وتتكلم بطلاقة ثلاث لغات وشاعرة وصحفية بجريدة النهار اللبنانية ..
قرأت المقال كاملا متكاملا …ودعني اقل ان انطباعي الاول لاي انثى هو انني كيونس بن عمارة لا يمكن ان اتخيل ان هناك امرأة في هذا العالم -مهما كانت- لا تؤمن بالله .(ليس الله الذي يتصوره الليبراليون او الملاحدة او غيرهم ..) اعني بعبارة سيوران بالمطلق ….ومن ناحية لا يمكن لاي انسان الا ان يؤمن بالمطلق ..الحاجة للمطلق لا تسد ..حتى لو كان هذا المطلق “كتابة” ..هناك دائما شيء لا مرئي نؤمن به ..وهو مهما كان :الله باسمه الباطن ..زد مع انني لا اؤمن انه يوجد نساء كهؤلاء وبالاخص بحساسية ادبية ورهافة فكرية مثل جمانة ..فانه من الصعب على قلبي تلقي مقال مثل “لماذا انا ملحدة” ..ليس لانني احب الله فقط ..بل لان قلب الانثى هو نفسه محل وجود الله . فالانكار هنا يتخذ الما لي لان مكان المحل هو الذي ينكر الوجود ..

وبعيدا عن ادبها الرفيع الصحفي والادبي والشعري ..فانها في مقالها هذا ..اتت بعدة ادلة من الديانات ..تنتمي الى كتابات مراهق فكري يستعرض معلوماته …عسى ان يحضى بالصدمة اللذيذة وفغر الافواه التي تتمتع بالجهل وعسى ان يحدث ضجة فكرية في ادمغة لم تفكر مطلقا بمثل هاته الاسئلة ..اقدر لك ذلك ست جمانة ..لكن الامر هو ان هذا المستوى ليس مستواك بغض النظر عن الردود.

من الجميل ان تحدد وبدقة اسباب لادينيتها وعدم ايمانها بالله ..وهي انها كانت تحس بالمهانة ان انتمت لهاته الاديان ..اعتبرت ان انتمائها لدين ما يلزمها ضرورة بكل اقواله بكافة طوائفه …وهذا ما تناسته عندما قامت بمقابلة مع باولو كويليو الذي قال بصراحة انا انسان كاثوليكي ..لكن لست كاثوليكي بالمعنى الذي تظنينه …لِمَ تعتقد جمانة ان كافة المسلمين يرون ان حديث الحصول على الحور العين ملزم ؟.. ابدا …الفقهاء تكلموا عن ان من ينكر وجود الجن يبقى مسلما كذلك الملائكة واختلفوا في من انكر نبوة نبي لم يرد ذكره في القرآن ..وفصلوا تفصيلا شديدا ..قد يتكلم هنا البعض من المتدينين عن دين بالمقاس او اتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض ..ألرد: ليس الامر كذلك هاته الامور محل اتفاق …انكار بعض الامور ليست من الاسس في الدين لا يفضي للكفر بالله ..والايمان ببعضها ايضا لوحدها لا يؤدي للايمان …فامساك حديث واحد مثلا كالحور العين -ودائما ما يجلب الجنس على اساس انه الموضوع المفضل والامثل وان العرب يعانون بشدة بالغة من الامر -..قلنا جلب حديث كهذه والتكلم عن وصف الجنة لابن كثير وعن الذَكر الذي لا يكل ولا يمل ..والمئة من النساء التي لم تحدث حتى في اكثر الافلام البورونوغرافية خيالا وفنتازيا ..جَلْبُ مثل هذا وسحبه على الدين كله ونسبه اليه يولد في نفسي الاسى ..

الكثير فعلا,,, يجب التنبه (ليس من باب الانذار بالخطر بل من باب التفهم ) اصبح ملحدا…هناك اصدقاء واناس نعرفهم لا يؤمنون بالله وفقط يتعاملون مع المظاهر الاجتماعية التي غالبا ما يصفونها بالمنافقة والمزيفة ..في نظري تقبلهم واجب ..وعددهم فعلا في ازدياد في ظل الحاجة الى المطلق وعدم وجود اجوبة عن التساؤلات، هاته حقيقة لا يمكن للمتدينين المسلمين وغيرهم ان يغضوا عنها الطرف وفي عصر النت صدح الكل برأيه واصبح الرأي متاحا ونفّس عن الكثيرين وهذا في نظري حسن جدا ..ففي الاخير لن ينتصر الا العلم والمعرفة …
يظن الملاحدة والكثير منهم ان القضية قضية معرفة وجنس من عهد ادم وهي ليست كذلك ..القضية يا اصدقائي هي قضية علم من اول لحظة ..علم الله اللانهائي اخبر بخلق ادم ثم خلقه ..رجم الملائكة بالغيب .كذّب الله ظنهم ..علم ادم الاسماء كلها ..وانزله للارض فقط كي يتعلم ما لم يكن يعرفه ..في رحلة نهايتها العودة الى الله ..

سواء كنت تتبع ماركس او غيره او اي منهج ثوري ليبرالي شيوعي ..لا يمكن الا تؤمن بالمطلق سميت ذلك ديالكتيك ..(هيغل ) او قضية الوجود ( هيدغر ولافتح هنا قوسا ..طبل الكثيرون لهيدغر حتى تورم رأسي منه انه اتى بقضية الوجود الفلسفية والتي تسمى بالاسم المزخرف الكريه الدزاين … بينما بن عربي والجيلي (كفلاسفة …احكي كفلاسفة ! ومفكرين وليسوا كافراد من النسيج الاسلامي ..تحدثوا عن قضية الوجود بدقة كبيرة ولم يذكروا بهكذا ذكر على نحو ما فُعل بهيدغر ..فأين الامانة العلمية؟ ..) الايمان بالمطلق أياّ كانت تسميته لا يمكن ان يتجاوزه أي انسان مهما كان ..وهذا هو الرد على انكار وجود الله ..ولما نثبت المطلق فان أي شيء بعده يمكن اثباته به ..لانه السابق ولانه اللاحق لانه ما سيبقى …

سؤالكِ لباولو كويليو عن سبب المجاعات ، موت الاطفال وغيره ..؟ اجاب عليه توما الاكويني المسيحي وقبله الغزالي وبن رشد ..ودعينا نقل انه موضوع قديم لكني اجبت عليه انا في شكل حديثٍ ومعاصر في القصة الغرائبية ( نوفيلا ) وتم الاجابة عليه قبلي في كتاب ديني مغربي اسمه جواهر المعاني ان بعض الافراد والاحداث ما هي الا صور الهية لا حقيقة لها ..فنحن احيان نعترض على اللاشيء .ولا يمكن للانسان ان يثبت –فلسفيا وتجريبيا وماديا – سوى وجود نفسه ..اما الاخرين فبالتعدية فقط أي انه لا يثبت وجودهم بل يتقّبل فحسب وجودهم رغم انه لا اثبات له عليهم ..وقد يقول البعض ان الامر عبثي اذن ..من جهة ما الامر كذلك فعلا الم تقل الديانات ..باطل الاباطيل . وانما الحياة الدنيا لهو .. لكن من جهات اخرى لا ..وكل شيء متواجد في كل شيء وكل مونادة في هذا العالم تحتوي العالم بأسره بكل تناقضاته ..قد يتعب البعض من هاته الافكار ويقول لا جدوى اذن من العيش ..الجواب ان العالم جُبِل على هاته الشاكلة وكما يقول العزيز هيوم الذي هو من انكلترا لا يمكننا الا –و بالاسف والاسف من عندي – التعامل معه .

لا يمكنني الا ان اؤمن بالمطلق . لانه لا يمكنني ان أؤمن بعشوائية الاحداث . لم تسافري صدفة لكل اولئك الواردين في كتابك لصوص النار . .. ولم تجدي صدفة الوقت والمال لكل ذلك .. ولم تقرري انت كذلك… وفي لحظة من حياتك هناك صوت قال انك لم تقرري كل ذلك ..واننا نسير في سكة حديد لقطار محدد سلفا الي اين يذهب ..كذلك ابتسمتُ لاني قرأتُ من كتابك ان هانديكه كان يدرس العربية سرا ويقرأ لابن عربي ..الامر مجددا ليس صدفة ايضا ..

لو لم تكن الصدفة موجودة عم يونس .. لماذا اسمها موجود اذن ؟ هل نسمي ما لا يوجد .. الجواب .. ان الوجود اعظم قوة واعظم تجلي للمطلق(سواء سميناه الله او براهما او يهوه او أي اسم اخر )ولما كان اعظم تجل ..فانه اوجد هاته الاشياء العدمية في الاصل مثل الشمس الثانية والقمر الثاني ( في رواية من روايات هاروكي ) والاله الثاني في عقائد الكثيرين وفي نبوة بعد مولانا محمد عليه السلام كعند البهائيين فهاته الامور رغم عدميتها موجودة وجودا سماه ابن عربي “وجودا رقميا” أي انه ليس فعلي ..حتى لو كُتبت الكتب وامنت الوف بل ملايين الناس بالامر ..فالامر يتعلق بما هو عليٍه الامر ( أي تطابق الفكر مع الواقع بعبارة فلسفية ) فهي عدم ولرحمة الوجود المطلق فانه اوجدها ولو حتى في مستوى من المستويات ..

لما كنتِ تنتظرين في محطة القطارات في انتظار الذهاب للكاتب هانديكه ..كان الرب موجودا ويرعاكِ..

1- صحبة لصوص النار . جمانة حداد .

2- لماذا انا ملحدة ؟ . مقالة لـ : جمانة حداد .

حقوق الصورة البارزة: Photo by Gilberto Olimpio on Unsplash

رأيان حول “لماذا؟ @جمانة حداد

  1. مرحبا شكرا لمشاركتك لنا أفكارك ولن لدي بعض الملاحظات
    بداية ورغم أني شخصيا لا أستسيغ الإلحاد ولكن هذا لا يجعلني قادرا على توزيع الاستحقاق الديني لمن أردت ومن لم أرد فذلك يخضع لشخصية من يختاره فهو
    أي أن الاختيارات الشخصية هناك من ضمنها خيار الاختيار للديانة والمذهب
    بغض النظر عمن يكون ذلك الشخص فله اختياره الشخصي
    ويستفزني مصادرتك لحق المرأة وحق كل النساء في الاختيار فقط لأنك تقدس المرأة بصفتها الكائن المقرب من الإله !!
    ما علاقة ذلك بذلك والمرأة لا تختلف عن الرجل إلا في الوظائف النفسية والهرمونات..
    لا يستحق ذلك أن تجعل حبك المبالغ فيه للمرأة يساوي شكلا إلهيا أو يقارب ذلك حتى!
    قلبك وحواسك لا يعني عدم تقبلها لشيء ما أن ما يعارضها يكون هو الشاذ أو الخارق لإرادة قلبك
    أما بالنسبة لقولك” انكار بعض الامور ليست من الاسس في الدين لا يفضي للكفر بالله”
    فهذا الشيء أين هو على أرض الواقع؟ ربما ستجده في كتب إسلامية مطمورة من آلاف السنين
    ولكن هل هو حقا متوفر في المنطقة؟
    لا أعتقد ذلك وأنه إن كان موجودا فسيكون محدودا خاصا محبوسا عند الغارقين في كتبهم
    أجزم أنه خارج الثقافة الدينية والاجتماعية في المشرق العربي ولو كان موجودا فأين أمثلته الواقعية حتى!
    فهو كنظرية عند المتخصصين ولكن عند حصول أمر له علاقة بذلك تختفي النظرية وتنمحي ونرجع لما تعودت مجتمعاتنا عليه

    إعجاب

    1. شكرا لتعليقاتك التي تسرني وتعطيني أفكارا جيدة حقا… أنت محق لكن العديد من الافكار التي استخرجتها من بطون الكتب طبقتها فعلا في حياتي لربما لن اغير العالم لكن ما اؤمن به ساطبقه في بيتي أولا المقال ليس عقلانيا بشكل دقيق كما هو ظاهر انما هو مقال يبدي رأيا شخصيا. حاليا العزيزة جمانة تشارك الانتخابات على امل تغيير لبنان نحو الأفضل لكني لست من الحالمين لتلك الدرجة ولا ارى ان المثقفين سيغيرون أي شيء على ارض الواقع لعدة اسباب ربما فصلتها في مقالي الاخير عن المثقفين النواحين. لاحظ ان جمانة من بين الاقلام القليلة جدا العربية التي لا اراها مزيفة مع ان كتبها الاخيرة اصبحت تشبه كتب التحفيز العادية جدا بلا اي جديد للاسف الشديد. كلها اذواق على كل حال ومن نحن لنحاكم الاشخاص انا احاكم الافكار وقد عرضت فكرتي تلك ما تحكي عنها هي فكرتي لكنها ليست فرضا على الاخرين واحييك مجددا وامل ان اجد تعليقات منك اخرى على مواضيع اخرى.

      إعجاب

شاركني أفكارك!

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s