خمسة طرق تربح بها من التدوين باللغة العربية

مساء الخير،

اقترح عليّ الأستاذ عصام حمود بارك الله فيه وهي فرصة طيبة لتذكيركم بالاستماع لحواري معه: عددُ متابعيك لا يعكسُ أبدًا مستوى إبداعك وأصالتك: حوار مع المُصمم عصام حمود؛ هذا الموضوع:

وهو موضوع هام بالفعل ويطلبه الكثيرون، لكن قبل أن نشرع في الإجابة علينا أن نصحح فكرة معينة وهي أن

التدوين باللغة الإنجليزية يدرّ دخلًا لكن بالعربية لا.

وهي معلومة خاطئة لسببين. وهما:

  • أنه لو كان الأمر صحيحًا فهناك كثير من العرب الذين يجيدون -بل ويدونون باللغة الإنجليزية- ولا يربحون أموالًا طائلة كما يتصور البعض
  • أنه ووفق متابعتي للويب الإنجليزي هناك شكاوى كثيرة ومتعددة من ناحية قلة حيلة الكتّاب هناك. وغالبًا عندما يشكون يقولون أن الكتّاب ذوي الثمن الرخيص (من وراء البحار مثل الهند وباكستان وغيرهما) أفسدوا عليهم عملهم وقطاعهم

بعد تفنيد هذه المعلومة نذهب إلى لبّ السؤال الذي بين يدينا الآن وهو:

هل التدوين العربي يدر دخلا؟

وللإجابة عليه، لا بد أن يعرف المرء نقطة هامة هنا ألا وهي أنه في عصرنا وحتى العصور السابقة لا يجب أن نضع شرطًا لحصول المطلوب.

ما معنى هذا؟

معناه أن بعض الناس يتصورون عندما تقول له مثلا أن البرمجة بالبايثون مربحة، ينبغي على ذلك المبرمج ألا يربح إلا -وفقط من- البايثون ولا يربح من أي لغة أو إطار عمل أو مكتبة برمجية أو أي مجال آخر في البرمجة. ونفس الشيء مع التسويق. فمن يربح من التسويق قد يربح من إدارة إعلانات غيره على المنصات، وقد يربح كذلك من دورة أو كتيّب أو أداة طورها. ولا ضير في ذلك.

لكن عندما نتحدث عن الكتابة هناك تصوّر عجيب غريب تكلمت عنه من قبل نقلًا عن أوستن إل. تشرتش وما نريد الكلام عنه هو هذه النقطة:

أن تجني فقط رزقك من الكتابة ولا شيء آخر أمر فاتن ولا شك. لكن هل هو واقعيّ؟ سأقول: لا

يرغب بعض الناس بلعب الغولف كوظيفة بدوام كامل. آخرون يرغبون بأن يصيروا أطباء لكن دون دراسة كل تلك السنوات. من جهة أخرى، يرغب كثيرون بلعب ألعاب الفيديو حتى وقت متأخر من الليل ثم النوم.

مع ذلك لا تجد أحدًا يصرخ: أتيحوا لمن يرغب لعب الغولف أن يحصل على وظيفة تدفع له جيدًا فقط للعب الغولف! وكذلك لا تجد النواح والعويل والرثاء على لاعب ألعاب يعاني في كسب لقمة عيشه من لعبه مثلما تجدها للكتّاب.

بل نحن إن التقينا هذه الحالات (عاشق الغولف، وراغب الطب دون دراسة، ولاعب الألعاب الإلكترونية) نضرب عنهم صفحًا ونقول لهم: هل فكرتم في إيجاد عمل حقيقي؟

هناك الكثير من الفنانين الحقيقيين الذين لديهم وظائف أخرى وتجاربهم في عملهم اليومي أضفت على فنّهم قوامًا وغنىً وعمقًا.

أيها الكاتب! المالُ يسلّم عليك ويقول لك تعالَ أصالحك…

بعد أن عرفنا هذا. أنه عندما نقول:

  • الربح من التدوين
  • الربح من بايثون
  • الربح من التصميم
  • الربح من تطوير الويب

لا يعني ذلك ما يلي:

  • ينبغي أن يربح المدون فقط من التدوين ولا شيء آخر
  • ينبغي أن يربح مبرمج البايثون من لغة بايثون ولا شيء آخر
  • ينبغي أن يربح المصمم من برنامج فوتوشوب فقط ولا شيء آخر
  • ينبغي أن ينبغي مطور الويب من تطويره المواقع فقط ولا شيء آخر

عندما نستعرض هذه الفكرة بهذا التفصيل تبدو سخافتها، لأن مطور الويب مثلًا مع أنه يربح من تطويره المواقع إلا أنه يربح كذلك من روابط الإحالة إلى مواقع الاستضافات التي تعامل معها لسنوات وهي مُجزية وهذا حقه مع أن ما يفعله هنا هو تسويق بالعمولة وليس تطوير ويب.

بعد توضيح هذه النقطة نقول أن التدوين مثل غيره من المجالات يمكن بطرق شتى أن تجني منه المال شرطَ أن تزيح عن ذهنك أيها القارئ الفكرة السخيفة التي ذكرناها أعلاه والمتمثلة في اشتراط أن يكون من التدوين فقط.

سنتحدث عن بعض هذه الطرق وليست جميعًا لأنها كثيرة بعد أن أحكي لكم قصتي مع التدوين.

في الحقيقة والذي قرأ قصتي الشخصية التي فصّلت فيها هنا: رحلتي من جحيم البطالة والتيه إلى فردوس العمل الحرّ ووضوح الرؤية – حمّل قصتي الشخصية (إن لم تقرأها بعد فطالعها) سيرى أني لما بدأتُ التدوين بمقالات ساخرة على فيسبوك جمعتها لاحقًا في كتيبات باسم سلسلة كانسل، وهي متاحة على الإنترنت مجانًا، سيرى أنه لما رغبت بأن أطلق مشروعي لم يسلّفني أحد المال.

أول عدد من كتيبات كانسل صدر العام 2011 – حمّل مجموعة كانسل
أول عدد من كتيبات كانسل صدر العام 2011 – حمّل مجموعة كانسل

من سلّفني المال؟

قارئان من قرائي وكل شيء صنعته حتى الآن بدأ من هناك.

كما ترى عَمِل التدوين هنا بمثابة أصل ثمين لاستدانة المال. كما تفعل البنوك عندما تُقرضك وتطلب ضمانات. كان التدوين هنا ضمانة. لأني في الحكاية أعلاه قلتُ أني ذهبت لعائلتي وأصدقائي وجميع من أعرف ولا أحد دفع لي شيئا أبدأ به مشروعي.

القرّاء هم من مولوا مشروعي. وقد أرجعت لهم مالهم وشكرتهم كثيرًا وانطلقت بحمد الله وها نحن الآن كما ترون.

إذن للتدوين قيمة وإن كانت غير مباشرة ولا تظهر للجميع.

حتى لما عملت عن بعد بصفة موظف ومترجم لاحقًا. ذهبت لأفتح حسابًا في بعض البنوك فرفضوا جميعًا. ودون مبرر. كلهم رفضوا لأنهم يفتحون الحسابات هنا في منطقتي بالواسطة وهو تخلف فظيع فالمفترض أن البنوك تسعى لزيادة عدد عملائها إلا أن ذلك ما يفترضه العقلاء غير البنوك التي في منطقتي وفي بعض المناطق الأخرى من العالم.

إذن التدوين لفترة في فيسبوك (كتابة منشورات على هيئة مقالات ثم جمعها في كتب بتصميم بدائي وغير احترافي ونشرها مجانا) كوّن لي جمهورًا وإن كان قليلًا جدًا وقتها مكنني من إطلاق عملي التجاري.

لماذا ذكرت البنوك أعلاه؟ كي أوضّح لك أن جمهورك أحيانًا كثيرة بل ودائمًا هو أفضل حتى من البنوك. لأن الأخيرة غالبًا لن تهتم لك ولن تؤمن بما تفعله.

والآن إلى طرق الربح من التدوين باللغة العربية.

الطريقة الأولى: الإعلانات

وهي أسهل طريقة ولكن كلمة أسهل لا تعني أنها ستكسبك الكثير. بل قليلًا فقط خاصة لو كان عدد مقالاتك قليلًا.

وهي نوعان:

الشبكات الإعلانية

مثل أدسنس وهو الأكثر شهرة، أو وورد آد (WordAds) من ووردبريس وهو الذي أستخدمه مع ذلك كما قلنا دون إنتاج وفير لن تربح الكثير. لأن الربح بهذه الطريقة يتعلق بالإنتاج واستهداف كلمات مطلوبة وخدمة ما يبحث عنه الناس.

ولأني أنتهج منهج البناء علنًا سأكشف إحصائيات ما تراكم لي من إعلانات WordAds منذ تفعيلها (وهي غير مبهرة وأكشفها لتعلم الحقيقة)

أرباحي غير المبهرة من شبكة إعلانات وردبريس حتى الآن
أرباحي غير المبهرة من شبكة إعلانات وردبريس حتى الآن

الإعلانات المباشرة

وهي أكثرُ نفعًا وفائدة، ولو تلاحظ أن حتى من لديه مواقع بملايين الزيارات مثل قصة رائد الأعمال التركي كُلوتش التي سردتها كلها في ثريد سابق، أدركَ أن الإعلانات المباشرة أكثر قيمة من الشبكات الإعلانية. ونقرأ ذلك في تغريدة من الثريد الذي سأشكرك لو أعدت تغريده:

وبالفعل حسب تجربتي كسبتُ من الإعلانات المباشرة أنا كذلك في مدونتي سواءً بوضع لافتة إعلانية أو كتابة مقال عن منتج المُعلن (أحيانًا هو من يكتب المقال)، والأسعار غالبًا تكون:

  • وضع اللافتة لشهر السعر يبدأ من 15 دولار، ونشر المقال يصل إلى 35 دولار وأكثر.
  • وفي بعض الحالات قد تنشر مقال وتربح 100 دولار عليه. كما فعلتُ في مدونتي مرتين. أي 200 دولار. والمعلنون هنا وجدتهم في موقع Intellifluence [رابط إحالة سجّل عبره من فضلك دعمًا لي] الذي حكيت عليه من قبل في إحدى نشراتي البريدية.

الطريقة الثانية: الرعايات

الرعايات هي مبالغ مادية تقدّم من أحد الأفراد أو الجهات إيمانًا بجدوى ما تصنعه من محتوى والنفع الذي تقدّمه وأيضًا للحصول على وصول لجمهورك الذي بنيته من سنوات. وهي منفعة متبادلة. وهي تختلف عن التبرعات لأن التبرع منح للمال دون توقع مقابل لكن في الرعايات هناك منافع تسويقية متبادلة بين الطرفين كما قلنا مثل الوصول لجمهورك والحصول على روابط خلفية قيّمة من ناحية تحسين محركات البحث، وتعزيز سمعة الشركة مثلًا بأنها تقوم بما يجب عليه من المسؤولية الاجتماعية.

تلقيت كذلك والحمد لله الكثير من الرعايات من الأفراد والشركات، ولا زلت بحاجة المزيد للاستمرارية لذا من هم مهتم برعاية المحتوى الذي أصنعه فليتصفح ملف رعاية يونس بن عمارة ويتواصل معي.

الطريقة الثالثة: بيع المنتجات الرقمية والمادية

وهذه واضحة. حيث يمكنكَ أن تصنع كتيبات أو تسجل فيديوهات أو تصنع أشياء مادية (مثل كتب ومجلات منزلية الصنع بالطابعة العادية مثلا) وتبيعها عبر الإنترنت.

وقد حكيت عن تجربتي في إطلاق روايتي الرقمية إيفيانا باسكال وتحقيق دخل جانبي منها صافي قدره 500 دولار وهي حتى الآن لا زالت تُشترى بين الحين والآخر وتدرّ علي دخلًا سلبيًا والحمد الله.

الطريقة الرابعة: بيع خدماتك في الكتابة

بما أنك تكتب لنفسك في مدونتك، ففي الغالب في مقدورك الكتابة لغيرك، مثل أن تكتب لهم مقالات موافقة لمحركات البحث لمدونتهم، أو أعداد نشرتهم البريدية أو منشورات لحسابات عملائك على شبكات التواصل. وهنا يمكنك أن تقدم خدماتك لأكثر من عميل وجني ما تستطيع جنيه منهم حسب خبرتك وميزانيتهم وطبيعة العمل. وها هنا المدونة ستساعدك جدًا على جذب العملاء لا سيما إن كنت تشارك ما تنشره فيها على الشبكات الاجتماعية وتتفاعل مع الآخرين وتسوّق لنفسك باستمرار.

عن نفسي مثلًا من آخر ما كتبت وسعره (لكن لن أذكر العميل ولا المقال لأن العميل لا يسمح)

  • عددان لنشرة بريدية كل عدد 900 كلمة = 100 دولار

تختلف هنا أسعار المقالات حسب الخبرة والعمل والعميل. لمعرفة السعر المناسب أدعوك لشراء حاسبة أسعار كتابة المحتوى وهي منتج رقمي صنعته رفقة الأستاذة عائشة أو الاشتراك في رديف والحصول عليه مجانًا حيث تجده في المكتبة الحصرية.

الطريقة الخامسة: النشرات البريدية والاستشارات والتدريب

تُعدّ النشرات البريدية، التي تزداد شعبيتها أيامنا هذه يومًا إثر آخر، نوعَ محتوى ممتاز لترويج منتجاتك وخدماتك وللربح منها هي ذاتها، الجميل أنني فصّلت في الربح منها وذكرت 4 طرق في هذا العدد من النشرة البريدية كيف تربح من نشرتك البريدية؟

لكن ما سأضيفه هنا هو إيصالات الأرباح من الموقع الذي أخبرتكم Letterwell أنهم يمنحكم إعلانات تضعونها في أعداد نشراتكم البريدية وتربحون منه:

أما الاستشارات فإن كان لك خبرة في مجال بعينه حتى لو كان التدوين ذاته فيمكنك تقديم استشارات (جلسات مدفوعة) للمهتمين، تستطيع تقديم ذلك في مدونتك ذاتها بعمل صفحة أو قسم للموضوع مع توضيح لما سيحصل عليه طالب المشورة، أو أن تنضم لموقع يوفر ذلك مثل منترني. حيث تفتح حسابًا هناك وتفعّل الاستشارات المدفوعة وتستقبلها عبر التطبيق.

بخصوص التدريب فيمكنك أن تقدّمه على هيئة تدريب بأفواج تجمع فيه عدد من المتدربين وتدربهم في نفس الوقت على امتداد أسابيع أو أيام وفق خطتك التدريبية مثلما يفعل الأستاذ محمود عبدربه في منصة الكتابة لتجربة المستخدم؛ أو تسجّل دورة مسبقة وتتيح شرائها لمن يرغب ولا تكون مباشرة. أو تفتح مجتمعًا مدفوعًا بالاشتراكات فقط مثل رديف الذي أدعوك للاشتراك به.

اكتمل المقال ولله الحمد.

وهو أول مقال أكتبه علنًا حيث يرى الحضور عبر الزوم كيف أكتبه وأنسّقه.

شارك المقال ولك أجر أو اشترك في رديف ولك أجران

تسجيل وأنا أكتب التدوينة علنًا بحضور مجموعة من الرائعين


أعجبك ما أصنعه من محتوى؟ تواصل معي الآن عبر واتساب. اضغط على الزرّ الأخضر


يونس يسأل: هل ربحت من التدوين من قبل؟ كيف؟ وكم؟ احكِ لنا قصتك

8 رأي حول “خمسة طرق تربح بها من التدوين باللغة العربية

  1. ربحت بطريقة غير مباشرة.. حيث عٌرض علي الترجمة لصالح موسوعة حسوب وأكاديمية حسوب.. بسبب “جودة المقالات” بحسب قولهم..

    Liked by 1 person

      1. بالنسبة للتدوين حصلت على بعض العروض ولكن لم أهتم لأنني مهتم بالكتابة هواية في الأساس..
        لم أستمر في الترجمة مع حسوب لأنني كنت مشغولا فاعتذرت.. ولو توفر لي الوقت سأرجع بالتأكيد..

        Liked by 1 person

          1. فعلت هذا.. أحيانا يقبل الزبائن هذا وأحيانا لا… يريدون شخصا يعرفونه هم وليس عبر وسيط (في الكتابة والبرمجة وغيرها).. وهذا مهم في أن لكل إنسان بصمة وروح في عمله تميّزه عن غيره.. لذلك لا خوف من ناحية كثرة المقبلين .. هذا أحد النواحي…

            وأحيانا فعلا يقبلون.. وأنا أحيل لأصدقائي دوما.. عندي تدوينة لكنها في حالة وقف التنفيذ عن استلام الأرباح للعمل الحر إلى اليمن.. لكن للأسف لم أستطع إكمالها حتى أستلم المبلغ من بايونير.. وقد وجدت صعوبات كثيرة بهذا الأمر.. وإن شاء الله إن استطعت سحب المبلغ سأنشر التدوينة..

            Liked by 1 person

شاركني أفكارك!