كان يا ما كان -ليس في سالف العصر والأزمان- كاتب محتوى غلبان…

مرحبًا بكم، حان وقت القصص:

كان يا ما كان، ليس في سالف العصر والأزمان، بل في هذا الوقت والأوان

كاتب محتوى غلبان…

سمع أن كتابة المحتوى مهنة مُجزية…تجعل حسابه البنكي ملآن…

لكنه لم يرَ شيئًا من ذلك…

تخبّط يُمنة… فلم يُحرز في كيسه سوى شّق تمرة

تخبّط يُسرة…فلم يُحرز في كيسه سوى نصف بُسْرَة

صرخ الكاتب الغلبان: لا أريد تمرًا

أريد مالًا مقابل حروفي فضلًا لا أمرًا

أريد عملاءَ يفهمون ما أقدمه، ويقدّرونه…

لا عملاء يتصلون بك عن تعديلٍ في الساعة الثالثة فجرًا

واُحبط الكاتب المسكين…

ورأى أن لوحة المفاتيحَ في عصرنا لا تدرّ دخلًا مثلما تفعل المقلاة والسكين*

وبينما هو مُحبط…

ويائس… يلعن من أداه لمثل هذا الوضع البائس

إذ كلما مشى في درب تحقيق حلمه يسقط..

ولا يقوى على النهوض إلا بمشقة

وأصبح في أمسّ الحاجة لتربيتة حانية تتسم بالرقة

وتمدد في شارعٍ في الفضاء الافتراضي وألصق خده بالأرض

ومرّ عليه مارّ أشفق عليه فانحنى كي يتحقق من حالته فلعلّ ألمّ به مرض!

فغمغم الكاتبُ الغلبان: أتعرفُ يا غريب أني أكتب المحتوى من سنين

ولم أصادف عميلًا حتى الآن يطلب محتوى أستطيع فيه

استخدام كلمة حنانيك!

فهزّ الغريب رأسه وأجاب: وأنا أستاذ حسابٍ ولم أجد حتى الآن

أين أستخدم مبرهنة فيثاغورس في حياتي

لكن طالعك طالع سعدٍ إذ هناك مجتمع رقميّ للكتّاب

ولا وجود لمجتمع رقميّ -عليه القيمة- لمعلمي علم الحساب

وأشار الغريبُ إلى لافتةٍ نهايةَ الطريق

فرمى الكاتب الغلبان ببصره حيث أشار الأستاذ وأمعن التحديق

فرأى من بعيد لافتة ضوئية في هذا العالم من الإنترنت

تعلن عن مجتمع رديف، الذي يُنهض بخت الكتّاب من رقدةٍ وسبات

فاشترى الكاتب الغلبان تذكرة دخول

واستعاذ من الشيطان الرجيم وصلّى على الرسول -صلى الله عليه وسلم-

وانخرط في المجتمع بهِمة وحماسة متأججة

قاصدًا -مستعينًا بالله- تحقيق ما يصبو إليه:

إرسالَ حروف لأحدهم في ملفٍ، فيرسل له السفتجة***

آه من حلاوة السفتجة!

فاُستقبل في رديف بودٍّ وحبّْ

وزادوه علمًا وحماسًا وغمروه بالترحاب

ولاقى خبراءَ ومُنجزين أضحوا له نِعم الصحبْ

وآخرينَ صاروا له من أعزّ الأحباب

وتعلّم سبكَ ضُروب كثيرة من المحتوى

وضَرَبَ العوزَ وقلّة القراء وانعدام الزبون على الخدود والقفا

وأسَّس لنفسه سمعةً راسخة

وأصبح اسمه بصفته كاتبًا: محفوفًا بالانطباعات الباذخة

وعزَّز علامته التجارية الشخصية

وصنعَ اسمًا لنفسه يهفو للعمل معه أرباب المشاريع الريادية

ونظّم وقته وزادَ إنتاجه

وذاع صيتُه وكَثُر من يحتاجه

ولم يغني يومًا: آه لو لعبت يا زهر

لأنه عَلِم أن العاجزَ وحده من يلوم القدر

وبذل ما في الوسع متوكلًا على الحي الذي لا يموت

وسارَ -في تحقيق ما يرغبُ- يسعى

فأصاب نُجحًا ولم يلقِ بالًا لأقوال صنف البقروت**

وتكلل -فضلًا من الله- بالربح ذاك المسعى


يونس يسأل: احكِ لي عن نظامك الغذائي؟

***ما معنى سفتجة؟ وما مقابلها في عصرنا الحالي؟


حقوق الصورة البارزة: Photo by Owen Michael Grech on Unsplash

*جماعة قنوات الطبخ

**البقروت كلمة اخترعها حد علميّ جمال الدين الأفغاني (الذي هو ليس أفغانيًا) لوصف صنف مزعج من الناس تعرفهم بسيماهم ومن الكلمة ذاتها المحتوية على حيوان برئ نصف به كل بليد ألا وهو البقر

11 رأي حول “كان يا ما كان -ليس في سالف العصر والأزمان- كاتب محتوى غلبان…

      1. حسبتها أكلة لما قرأت “يا لحلاوة السفتجة”😂
        وجدتها الآن في موقع الجمهرة
        “أَنْ يُقْرِضَ شَخْصٌ غَيْرَهُ مالاً في بَلَدٍ ويَطْلُبَ مِن الـمُسْتَقْرِضِ أَنْ يَكْتُبَ لَهُ كِتاباً يَسْتَوْفِي بِهِ بَدَلَ القَرْضِ في بَلَدٍ آخَرَ.”
        هذا رابط المصطلح
        https://islamic-content.com/dictionary/word/5605

        إعجاب

  1. هناك اختلاف في نسبة جمال الدين الأفغاني هل هو من أفغانستان أو إيران.. والذي أميل إليه أنه أفغاني لأنه ينتسب إلى أسد آباد القريبة من العاصمة الأفغانية كابول، وانتقل بعدها إلى مجلس الحكم الأفغاني فترة من عمره بعد الانتقال من الهند.. ثم انتقل إلى مصر.. وأرجح أفغانيته لأسباب:
    – لأنه تسمّى “بالأفغاني” ولها دلالة والإيرانيون أو الفرس لا يتخفّون من عرقيتهم ويفخرون بها
    – اتصاله بالعالم السني في مصر واسطنبول وغيرها ومن الصعب أن يكون متخفيا تحت رداء التشيّع مثلا طوال هذه المدة
    – اتصاله بأحد أكبر رموز السنة في الأزهر: الإمام محمد عبده، والمديح الذي كان يكيله له لا يصدر عن خلاف عميق بل تقارب فكري كبير
    – لم يكن للشيعة في ذلك الوقت نظرية سياسية عالمية التوجه حينها والتي كان يتبناها الأفغاني ويكتب عنها
    – مقالات جمال الدين نفسه الذي دافع في أحدها عن ترتيب الخلفاء الراشدين بالمنظور السني، وهذه قضية محورية في الخلاف مع الشيعة، علما أن نسبته الإيرانية أو الأفغانية لا تحتّم تشيّعه في الأولى ولا تسننه في الثانية..
    – أن العداء السني الشيعي لم يكن في أوجه حينها ولذلك يستبعد أن يكون منكرا لمذهبه أو جنسيته والأرجح بقاءها كما يقول عن نفسه..

    والله أعلم.

    Liked by 1 person

    1. حياك الله
      بالفعل هناك جدل حول جنسيته لكن قرأت في مكان ما دلائل أنه ليس أفغاني ونسيت المصدر على كل أنا شاكر لك هذه الإضافة لأنها تجعل كلامي عنه متوازن بدلائل أخرى منك ✅

      Liked by 1 person

      1. وعموما.. أنا أؤمن بعدم أفضلية أي جنسية أو عرقية (من حيث هي) على الأخرى إطلاقا.. ولكن من أجل البحث والاطلاع..

        Liked by 1 person

شاركني أفكارك!