تريد أن تكتبَ لكن لا تجد الوقت؟ اِقرأ إذًا هذا المقال

مساء الكتابة!

إذًا أنت تقرأ هذا المقال مع أنك لا تجد وقتًا للكتابة؟ لا بأس. سأسألك سؤالًا:

لو وضعت المسدس على جمجمتك الآن وقلت لك إن لم تكتب لي 5 صفحات في ظرف ساعة سأقتلك

هل ستستطيع كتابتها؟

غالبًا سيكون جوابك نعم… الفكرة -تقول لي- أنه دون تهديد لن أكتب.. لهذا -تقول لي- أنا بالفعل بالحاجة لمسدّس فوق رأسي كي أكتب!

أولًا أمنحك هذه المعلومة: سُميّ المسدس مسدسًا باللغة العربية لأنه وفق أحد الأقوال في نوعه التقليدي يحشى بست رصاصات أي سداسي. ولهذا سيكون المقال سداسيًا هو كذلك… وكما ترى كتابة المقالات ليست صعبة كثيرًا.

تابع معي كيف كتبت هذا المقال بالذات الذي تقرأه الآن:

  • سألتُ الناس سؤالًا وهو:

ما هو العائق أو المانع أو العقبة التي تحول بينك وبين أن تصيرَ الكاتب الذي حلمتَ أن تكونه؟

  • أتتني الأجوبة
  • اخترت موضوعا من الأجوبة
  • ضربت مثلًا خياليًا (فكرة المسدس)
  • ثم هندست المقال وفق المسدس (سداسي وطلقات)…

والآن.. إلى الطلقات أو توصياتي التي ستوفّر لك وقتًا لكي تكتب.. يا أستاذ مشغول!

الطلقة الأولى: الناس -بمرور الزمن- سيعاملونك أنت وهواياتك وفقَ ما تعامل به نفسك (قانون ثابت)

الكتابة أو أيًا كانت هوايتك مثلها مثل الوقت، الناس ستعاملها وفق ما تعاملها به أنت نفسك. إن كان أي شخص يمكنه سرقة 30 دقيقة من وقتك فيما لا نفع فيه. فسينتهي بك المطاف لأن يكون وقتك لا قيمة له.

وهي حقيقة مرّة لكن لما تحترم نفسك وتقدّر قيمة وقتك بنفسك وتضع حدودًا لمن هم حولك بشأن وقتك وتعامل وقتك على أنه مورد ثمين. حتى لو قاوم الناس والثقلاء والطفيليون ذلك ردحًا من الزمن سينتهي بهم المطاف أن ينصاعوا لما حددته بنفسك على رغمهم وهذا ما أريده لك.

نفس الشيء مع الكتابة. إن كنت تعاملها كهواية جانبية أو شيء زائد في حياتك، وتعدّ ما تقضيه فيها من وقت أنه ما هو إلا قضاء وقتٍ لا يأتي لك بأي عائد مادي ولا معنويٍّ، ولا قيمة لحروفك. فالآخرون سيعاملون كتاباتك على هذا الأساس.

لكن إن كنت تحترم الكتابة وتقدّر بالفعل قيمة حروفك حقّ قدرها فحتى لو قاوم من حولك ذلك أول الأمر سينتهي بهم المطاف -كما في حالة الوقت- إلى معاملة حروفك بالاحترام الذي تعامله بها أنت.

وإليك خصائص الكاتب الذي يحترمُ كتاباته:

  1. يقرأ كثيرًا لأنه يعرف أنه لا يعرف كل شيء ويرغب بالتعلّم
  2. يخصص وقتًا للكتابة لأنها مثلها مثل أي عمل نافع آخر في الحياة تحتاج وقتًا يُخصص لها
  3. ينظر لحروفه بعين التقدير ويعرف مستواه.
  4. يستثمر في مهنته: مالًا بشراء الكتب والأدوات وما يلزم ليُكتب. ووقتًا: بتخصيص ما يكفي ليمارس هوايته/مهنته

الطلقة الثانية: فعل الكتابة نفسه لا يأخذ في الحقيقة كثيرَ وقتٍ

لو تأملت شخصًا يكتب أو يرسل رسائل لشخص آخر سترى أن الوقت الذي سيستغرقه معتمد على سرعة طباعته للحروف على الجهاز.

من هنا نستنتج أن فِعل الكتابة لوحده لا يأخذ كثيرَ وقتٍ حتى لو كنت تكتب 10 كلمات فقط في الدقيقة.

فلو كتبت 10 كلمات في الدقيقة فإنك في 30 دقيقة ستكتب 300 كلمة وهو مقال صغير. وطبعًا أنت تكتب أكثر من 10 كلمات في الدقيقة صح؟

ميم عن البطء في الكتابة. صُنع بموقع Imgflip
ميم عن البطء في الكتابة. صُنع بموقع Imgflip

الطلقة الثالثة: عدم إيجادك الوقت ليس إلا عذرًا يُخفي سببًا حقيقيًا آخر

وعليك هنا أن تنبش عن العذر الحقيقيّ وراء عدم إيجاد الوقت. فهناك من سببه الحقيقي ليس في الوقت بل في إيجاد مواضيع مثلًا، وهناك آخر سببه الحقيقي أنه يعاني من حبسة الكاتب وهناك من سببه الحقيقي هو قلّة العائد المادي والجدوى (وسنتكلم إن شاء الله عن هذا الموضوع تحديدًا في مقال مخصص له)، وهناك من لا يكتب لأنه لا يجد جمهورًا يقرأ ما يكتبه وهكذا (ونفس الشيء عدم وجود جمهور سنخصص له مقالًا بذاته أيضًا إن شاء الله).

وأنا لا أظن أنك لا تجد 30 دقيقة من يومك تكتب فيها، فكما قلنا لو كنت تكتب ببطء شديد (10 كلمات في الدقيقة) ستكتب 300 كلمة في نصف ساعة وهي كافية يوميًا. ودليل ذلك أن الثلاثين دقيقةً هذه لو تتبعت وقتك ستجدك تقضيها في أمور أخرى كثيرة والكتابة أولى منها.

الطلقة الرابعة: ما يُقلّص فترة الكتابة هو استخدامك لنظام فعّال لكتابة الملاحظات

كما قلنا في الطلقة الثانية. فعل الكتابة بحد ذاته لا يأخذ كثيرَ وقتٍ. ما يأخذ وقتًا هو التحضير لها. ولتقليص وقت التحضير: من إجراء البحوث اللازمة إن كان الموضوع جديدًا عليك، وكتابة رؤوس الأقلام والهيكل العام للمقال (العناوين الفرعية أو أقسامه) إلخ.. ينبغي أن يكون لديك نظامُ تسجيلِ ملاحظاتٍ فعّال.

وإليك هذه التوصيات بخصوص تسجيل الملاحظات.

الخواطر التي تعنّ لك في ذهنك

  • سجّل الفكرة وقت ما تخطر لك. ولا تقع في فخّ سأسجلها لاحقًا. أرجوك. كم مرة خطرت لك فكرة ثم قلت سأسجّلها لاحقًا وسجلتها؟ بالضبط! الجواب ولا مرّة!! لذا رجاءً سيد مشغول، سجّل أفكارك وقت ما تخطر لك وأنا أقول وقت ما تخطر لك.. إن كنت تقود السيارة اركنها وسجّل… إن كنت تمشي وخطرت لك توقف وسجّلها…هذا ما كان يفعله أوليفر ساكس.
صورة لأوليفر ساكس وهو يكتب ملاحظاته وسط الطريق. أمام الناس. 
من مقال: نظرة عن كثب على العملية الإبداعية التي ينتهجها أوليفر ساكس [The Marginalian]
صورة لأوليفر ساكس وهو يكتب ملاحظاته وسط الطريق. أمام الناس.
من مقال: نظرة عن كثب على العملية الإبداعية التي ينتهجها أوليفر ساكس [The Marginalian]
  • هناك مسألة أصعب هنا. أو هذا ما يظن مستر مشغول أنه سيعجزني عن إجابته وهي: أن الأفكار اللامعة والرائعة تأتيه في أماكن غير لامعة ولا رائعة مثل بيت الراحة…ويصعب كتابتها. لا أدري لكن الكثيرون يدخلون معهم هواتفهم للحمام…مع ذلك إن لم تكن من معشر هؤلاء يمكنك أن تخفف المكوث هناك وتكتبها أول ما تخرج منه… النقطة الأخرى: تأتيني الأفكار في مرحلة سقوطي في النوم تمامًا فلا أستطيع تسجيلها ..الحل؟ مارس تمارين الأحلام الواعية. وستستطيع تسجيل أحلامك حتى داخل النوم نفسه… شيء آخر سجّل أحلامك أولَ ما تستيقظ وبوتيرة دورية لأنها مواد خام ممتازة لتكتب عنها واجعلها في قسم أفكار خام أو استلهامات تعود إليه كلما ضربتك نوبة من حبسة الكاتب.
  • الحيلة في تذكّر حلمك قبل أن تنساه حالما تستيقظ هو ألا تحرك ساكنًا عندما تستيقظ. وتفكّر بقوّة حتى تتذكر الحلم فتسجله في ذهنك ثم مباشرة أول حركة تفعلها هو كتابته.

الملاحظات التي تودّ تسجيلها من الكتب والمواد المتاحة عبر الإنترنت

هذا عن الأفكار التي تخطر لك في بالك، أما ما تقرأه في الكتب والمواقع وغيرها، فيمكنك تسجيله بمختلف التطبيقات والطرق. البعض يستخدم Notion والآخر يستخدم Roam ستجد كذلك تطبيقات عربية مثل دوّن. الخيار خيارك.

💎 إن رغبت ألا تُنهي يومك أو ليلتك إلا باختيار التطبيق الأمثل لك لتسجيل الملاحظات طالع هذا المقال واشكرني لاحقًا: كيف تختار التطبيق الأنسب لك لتسجيل الملاحظات + سطح مكتب عبر الإنترنت لتنظيم حياتك الرقمية: في عدد هذا الأسبوع من نشرة Creativerly (أوصيك بالاشتراك بها) ستعرف كيف تلتقط بسهولة ويسر أي نص من شاشة حاسوبك ماكنتوش، وأداة تنظم لك ما تنسخه في لوحة مفاتيحك على لوحة تحكم تشبه بنترست، وخرافة العصف الذهني وغير ذلك الكثير..[Creativerly]

الطلقة الخامسة: العُذر الذي يمنعك عن الكتابة يمثل موضوعًا ممتازًا تكتب عنه

لو سألتك ما منعك أن تكتب اليوم؟ أو بصيغة أخرى ما منعك ألا تكتب اليوم؟ (وهناك فرق بين صيغة السؤال ما منعك وبين ما منعك ألا) فلربما تقول:

  • انهمرت الأمطار سيولًا اليوم وتسرّبت من سقف بيتنا وتبلل كل شيء …. جوابي: موضوع ممتاز تكتب عنه لا سيما إن كان ساخرًا وسيريحك نفسيًا صدقني.
  • حَبَسني (حبس باللغة العربية معناها أمسكني لفترة) أحد معارفي الثقلاء وضيّع وقتي وذبحني بسيف الحياء (أي استحيت أن أتركه وأمضي)…جوابي: موضوع ممتاز تكتب عنه ولربما يصلح قصة عن ثقيل بليد…
  • تعطّل هاتفي وذهبت لإصلاحه… جوابي: اكتب عنه… عن كل الموضوع الحوارات وكيف اشتريته أساسًا -أو من أهداك- إلخ ستتدفق منك الكتابة وتتشعب المواضيع لوحدها.

الطلقة السادسة: قلة التحفيز… تابع من يضخ في قلبك الحماسة وتغبطه على غزارة إنتاجه

يثير التنافس الشريف، ورؤية من يفعل ما تتمنى فعله الحماسةَ في قلوبنا نحن البشر ويجعلنا نجد الوقت فعلًا لندلي بدلونا.

وأنا يأخذني العجب فالبعض يجد وقتًا ليكتب 500 كلمة كتعليق عن منشور فيسبوك تافه عن موضوع جدلي (وضعه صاحبه ليسرق وقتك) مثل عمل المرأة أو الحجاب والنقاب أو نظرية التطور. ثم يقول: لا أجد وقتًا لأكتب تدوينة أو مقالًا! مع أنه كتب ما مقداره مقال أو تدوينة في ذلك الموضوع الجدلي.

في هذا السياق، يتمثل أحد الأمثلة التي طالعتها من قريبٍ والتي أثارت حماستي للكتابة هو الكاتبُ بايرن هوبارت (Byrne Hobart) فقد قرأت مؤخرًا أنه

ينشر 5 مرات في الأسبوع كل أسبوع، وكل أسبوع مُذ أطلق نشرته ذا ديف؛ وآخر مقالات نشرها كان عددُ كلماتها على التوالي: 1968، و2281، و3352، و2535، و2586 كلمةً. أي أنه يكتب نحو 12722 كلمة في الأسبوع. إن ضربنا ذلك في 52 أسبوعًا. سنعلم أن بايرن يكتب 661544 كلمة كل عام.

أحد أعداد نشرة Applied Divinity Studies

وهذا المقال الذي تقرأه الآن يناهز 1500 كلمة. اُكتب يا مستر مشغول!

الملخص:

  • سيعامل الناس كتاباتك كما ستعاملها به أنت. إن كنت لا تحترم كتاباتك فغالبًا لن يحترمها أحد لذا احترم الكتابة وأعطها حقّها من التقدير.
  • الكتابة بحد ذاتها كفعلٍ فيزيقي (أي حركة ونقر على لوحة المفاتيح) لا تأخذ كثير وقت. إن كنت تستطيع إيجاد وقت لمكالمة أو تمرين رياضي أو فلم فلديك وقت للكتابة. ووصفتي: 30 دقيقة كتابة تكفي يوميًا.
  • في 100 بالمئة من الحالات ليست قلة الوقت هي ما يمنعك من الكتابة بل سبب آخر. جده واستأصله من جذوره: تَجد وقتًا للكتابة.
  • كتابة الملاحظات والخواطر والأفكار حالما تأتيك في ذهنك أو تقرأها في أحد المصادر في وقتها وفورًا يسهّل عليك الكتابة لاحقًا ويقلّص وقتها.
  • حَوِّل الأعذار والموانع التي تعيقك عن الكتابة إلى مواضيع….تكتبُ عنها!!
  • تابع من يحفّزك على الكتابة فالحماسة تجعلك تجد وقتًا حتى إن لم يكن لديك -كما تدعيّ-

أعجبك ما أصنعه من محتوى؟ تواصل معي الآن عبر واتساب. اضغط على الزرّ الأخضر


هذا المقال ضمن سلسلة مقالات سميتها: تجاوز العقبات التي تواجهك لتصير الكاتب الذي تحلم به وكتبت منها جزئين حتى الآن، وهذا المقال الذي تقرأه الآن هو الجزء الثالث منها. شاركها جميعًا ولك الأجر أو اشترك في رديف ولك أجران!


حقوق الصورة البارزة: Photo by Thomas Def on Unsplash

17 رأي حول “تريد أن تكتبَ لكن لا تجد الوقت؟ اِقرأ إذًا هذا المقال

    1. مقالة رائعة، حقًا ليس ما يعيقني هو ضيق الوقت، فأنا حاليًا أعيش في فراغ يمتد لأربعة وعشرين ساعة، لكن ما يعيقني حقًا هو قلة الأفكار، فـ حضرتك قد ذكرت أنه إذا حدث طاريء مثل المطر علي سبيل المثال، أكتب عنه موضوعًا فوراً، لكني أعتقد أني لا أمتلك هذه الميزة، أو علي الأقل لم أكتسبها بعد، وربما تأتي الأفكار بكثرة القراءة، فـ أنا حديث عهد بالقراءة، ولكني سأخوض تحديًا قريبًا يبدأ في 1/11/2021 وسيكون عبارة عن 60 يومًا، وما أود تحقيقه حقًا هو:
      1- قراءة 60 كتابًا في 60 يوم.
      2- كتابة اليوميات لمدة 60 يومًا متواصلة.
      والسؤال هنا هل تطبيق “دون” أو هل هناك تطبيقات تشـجع علي التدوين؟
      فمثلًا لدي في هاتفي تطبيق مفكرة، لتدوين اليوميات ويوجد به قسـم بعنـوان، [إذا لم تجـد ما تكتبـه فقم بالضغط علي زر ابـدأ]، وحالما تقوم بالضغط عليه، يرسل لك أسئلة من نوع :
      1- كيف هو الطقس اليوم
      2- أكتب ثلاثة أشياء ممتـن لها
      3- أكتب ثلاثة أهداف تود العمل عليها
      فسـؤالي هنا، هل تطبيق “دون” لديه هذه الميزة، كأن يقترح علي مواضيع أكتب فيها، أو يقوم بإعطائي أفكارًا للكتابة ، وهو ما يسمي بـ[قوالب التدوين]؟

      Liked by 1 person

      1. أهلا بك ووفقك الله في تحديك.

        أظن أن هذه الأداة من ملهم ستساعدك على تحديك
        https://molhem.com/templates
        بخصوص تطبيق دون هو لتسجيل المقاطع التي تعجبك من الكتب وليس فيه تلك الميزة
        وهدفك بقراءة 60 كتاب في 60 يوم صعب جدًا. أقترح تجعل التحدي بخصوص الكتابة فقط. وقرءاة كتاب أو كتابين في الشهر يكفي.

        إعجاب

        1. شكراً لك على هذه الأداة، أعلم أن التحدي صعب، لكن ستكون كتيبات من فئة المبتدئين، فـ الكتاب منها لا يتعدي الـ 100صفحة، وأخبرتك آنفًا أني لدي وقت فراغ كبير، لكن بالمقابل إن لم أستطع تكملة التحدي، فسيحاوطني اليأس والبؤس كعادتي، علي كل سأركز علي الكتابة.

          Liked by 1 person

شاركني أفكارك!