لا نريد أن نشارك في لعبة الحياة والوجود.. هل من حلٍّ؟

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

عساكم بخير وعافية، وصلني هذا السؤال عبر البريد الإلكتروني:

لو تكرمتم لو فسرتم لي كيف نجيب من يقول اننا ولدنا دون ارادتنا وبعدما كبرنا علمنا انه فيه جنة ونار وانا لا اريد ان ادخل هذه اللعبة. كيف نجيب بالعقل لشخص لايؤمن بالدين اصلا؟

اعذرني على كثرة اسئلتي

أحد المتابعين

لو اتخذنا المنطق فقط مسارًا للإجابة على هذا السؤال، فالأمر واضح: الجهة التي ينبغي أن تلام (منطقيًا) على جلبك لهذا العالم هي الوالدين؛ ولماذا لم نقل الله؟ لأن السائل قال أن المستفسر لا يؤمن بالدين وبما أننا لا نؤمن إلا بالمادة فالمتسبب هنا واضح وهم الوالدين.

لكن من ناحية عقلية هل الوالدان حقًا ملومون على إنجاب أطفالهم للعالم؟؛ هل المعريّ محقّ في لومه أبيه؟ الجواب (للأسف) جزئيًا نعم. لكن دعني أذكرك أن العالَم لا يمضي وفق المنطق فحسب ولا العقل فقط (قبل أن تتسرع) لا سيما ضمن العلاقات الاجتماعية.

الدينُ يفترض قبل أن يأمرنا بالطاعة أن الوالدين مصدر للرحمة، لكن في عصرنا تشوه هذا المفهوم، ولم يعد الوالدان يمضيان (إلا من رحم ربي) وفق هذا المفهوم إلا من ناحية الغريزة فقط (يعني غريزة الحفاظ على الأطفال)، ولهذا أصبحوا يغذون أطفالهم بالخوف ولما تغذي الطفل بالخوف تتشوه نفسيته. إننا لا نشطح كثيرًا لما نقول أن الأطفال الذين أصبحوا شبابًا الآن هم ضحايا ولا شك.

لكن لا أقول أنهم ضحايا والديهم إلا في حالات جنائية واضحة وهي استثنائية، وينبغي معالجتها قانونًا وبعلم النفس، أما الأغلبية فالأطفال هم ضحايا الخوف الذي غذّاهم به آبائهم دون وعي. ولأنهم فعلوا ذلك دون وعي دخلوا في حكم من ارتكب جرمًا خطأً أو جهلًا وارتفع اللوم عنهم.

لماذا لا تصلحُ المقاربة المنطقية لوحدها إجابةً عن هذا السؤال؟

لأنه لما نضع الدين جانبًا ونحاول تعقّل الورطة التي نحن فيها لن نجد حلًا منطقيًا. بل ستزداد المشاكل وتواجهك صعوبات وأسئلة أكثر وعورةً من هذا الذي بين أيدينا. فكّر معي. لو أقررنا تمامًا أن الوالدين ‘مخطئون’ خطأً فادحًا في جلب أطفال لهذا العالم. السؤال الآن ذو طبقتين كل طبقة لها حلان وجميع مخرجاتها (عدا واحدة فقط) لا تشرح النفس.

السؤال الجوابالمخاطر المحتملة
لقد وُجِدت الآن: ما الحل؟ ماذا نفعل؟ الحل الأول: الانتحار في محاولة للعودة للعدم اللذيذ قد تكون الأديان محقة ولن تعود للعدم. وهذا خطر.
//الحل الثاني: المضي قدمًا في الحياة ودراسة الحقائق واتباع ما أوصلني له عقليمن الوارد أن تصل للحقيقة والسلام النفسي، وهذا المطلوب
ما هي العقوبة المناسبة لمن جلب أطفالًا لهذا العالم؟الحل الأول: الإخصاء وإجراءات العقم الإجباري جميع (وليس بعض) التجارب والمشاريع التي أجريت في هذا الميدان انتهت بفظائع أكثر من كون المرء موجودًا.
//الحل الثاني: معاقبتهم مثلًا بالحبس، الأشغال الشاقة، الخدمة الاجتماعية إلخ من العقوبات المتوفرة فعليًا لا أظن أن عاقلًا في الدنيا سيسمح بأن تعاقب أمه أو حتى أبوه لأن ما فيهم (لمن له قلب) يكفيهم لا سيما بعد كبرهم في السنّ. فضلًا عن هذا حتى لو أردنا تطبيق مثل هذه العقوبات سنرى أنها لا إنسانية. تصوّر امرأة عجوز مريضة بالسكر تعاقبها مثلًا بالسجن؟

بعدما حللنا السؤال منطقيًا ورأينا أن حله بالعقل لن يجدي لأنه إما أن يزيد الوضع سوءًا أو يدخلك في مخاطرة بنفسك وروحك أن يكون الدين بالفعل صحيحًا لنلقي نظرة على الدين.

يطيب لي هنا أن أفتح قوسين. بما أننا تكلمنا عن الخوف أعلاه. من المؤسف جدًا بروز تيارات تحسب على الدين لا تحفظ إلا كلمات الشرك ومنكر ونكير وعذاب القبر والشجاع الأقرع إلخ. والتي تصوّر النبي عليه السلام أنه محب للدماء والعقوبات وأن الله جل علاه يبحث عن أدنى ذنب أو خطأ ليوقع بك أقسى العقوبات.

وهنا دعني أخبرك بما أسميه بيني وبين نفسي معيار سيدنا علي رضي الله عنه لفهم الأحاديث (دواء لكي يريحك) فبدل أن تنكر السنة رأسًا (أي مباشرة) أو تقول أن الحديث ضعيف: أوِّل. من التأويل وأحسن ظنك:

إذا حُدِّثْتم عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بحديثٍ، فظُنُّوا به الذي هو أَهْدى، والذي هو أَتْقى، والذي هو أَهْيا.

باب مدينة العلم: سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه

وتأمل معي إن كنت أنت شخصيًا تقدّر أحدًا جدًا وتعرفه جيدًا جدًا وتعرف أنه يستحيل أن يفعل (سواء أكان مراعاة للدين أم لا) أمرًا من الأمور فيصلك عنه خبر أنه فعله فتؤوله أو تقف فيه حتى تتثبت فما بالك بالمصطفى عليه السلام؟

إن الدين الذي يبث الخوف، وينشر الرعب، ويعطي صورة مشوهة سيئة عن النبي عليه السلام وصحابته الكرام وأهل بيته العظام كل ذلك خاطئ. وغير صحيح. الدين يسر ومبني على “الرحمة” ومن باعك فكرة أخرى فهو يريد أن يُضلك لا أن يرشدك.

بهذا الصدد تعجبني ممارسة يمارسها أهل الحديث بتعلمهم أول ما يتعلمون من الأحاديث قوله عليه السلام:

الرَّاحمون يرحَمُهم الرَّحمنُ ارحَموا من في الأرضِ يرحمْكم من في السَّماءِ

سيد الوجود محمد بن عبدالله عليه الصلاة و السلام

ركّز معي: من في الأرض. ولم يقل المسلمون فقط.

وفسّر ذلك بعضهم (مؤلف فهرس الفهارس) بما معناه: أن أهل الحديث اختاروا هذا الحديث لكي يدرك الطالب أن الرحمة هي أسّ الدين الإسلامي وأن الغرض من الشرع ليس إيقاع العقوبات وتعذيب الخلق بل العكس من ذلك تمامًا: نشر الرحمة في كافة ربوع الكون. ولكي يكون هذا الحديث هو المسطرة (الإمام) أي المعتمدة التي ينبغي على كل من يشتغل بالحديث قياس الأحاديث بها: الرحمة أولًا وآخرًا.

وبعد نقاشي للعديد من العدميين والعدميات ومن يستفسر مثل السائل أعلاه لاحظت أن لديهم هوسًا بالكمالية وعدم ارتكاب أي خطأ. ويقيسون الخالق على المخلوق. يمضون بفكرة مفادها “إن كان الخالق لا يخطئ -على فرض وجوده- إذًا لماذا هناك أخطاء في هذا العالم”؟، والجواب هو أن الخطأ لا ينسب إليه مباشرة إذ كل ما هنالك من أخطاء سببه الحرية البشرية، والحرية التي منحنا إياها الخالق لا يمكن سحبها لسبب بسيط: أن سحبها ثم الأمر بافعل ولا تفعل ظلم، والله بدأ الخلق وكتب عدة أمور على نفسه من بينها “حرّم الظلم على نفسه”؛ فإن خفت وقلتَ (وعدنا للخوف لأنني كما قلت غُذينا به طوال سنوات)؛ لكنه سيعاقبني تأتيك معلومة وأنه كتب على نفسه الرحمة وحدد مسبقًا نتيجة السباق بين غضبه ورحمته بإعلان فوز الرحمة.

قد يقول قائل: لكن لماذا وُجد ستالين في هذا العالم؟ وعذّب الملايين.

الجواب: حرية الإرادة.

السؤال: من أفرز ستالين وفق هذا التشويه المرعب؟

الجواب الحقيقي: المجتمع البشريّ وليس الرب.

يقول قائل: لكن الرب سمح بذلك.

الجواب: الرب سمح (ويسمح) بكل ما تتعلق إرادة البشر به. وهذا معنى حرية الإرادة. لو منحك الربّ حرية إرادة وقال مثلًا: يمكنك فعل كل شيء إلا الشرّ، فهذه أدنى فيلسوف يعرف أنها بلاغة وخدعة وهي ليست حرية بأي شكل.

لكن لما يسمح الله للجميع أن يستعبد البشر في فترة ما إخوانهم (بل وهي موجودة حتى الآن بصور أخرى)، يسمح أيضًا بقيام ثورات مثل ثورة الزنج وثورة سبارتاكوس وغيره. ولم يقل مثلًا: إن عبادي هؤلاء النبلاء لا يستحقون الذبح والإهانة لأن دمائهم ملكية. أن تركز فقط على سماح الرب بحدوث الشرور وتتناسى أن الأمر عامّ يشمل الجميع يعني أنك لا تفكّر منطقيًا بما يكفي.

الله بعدله منح للجميع حرية الإرادة. ما اختار البشر أن يفعلوه لا ينبغي عليك أن تلقي فيه اللوم على الله.

لا أريد أن أدخل في هذه اللعبة

من يقول هذا يفترض بداية عدة مُسلّمات (لا نُسلّم له بها) منها:

  • العدمُ خيرٌ من الوجود

وهنا محلّ الخلاف كله، لأن العدم لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون خيرًا من الوجود لأنه مصدر الشرور كلها، لتقريب الفهم سنحكي قصة رمزية عن أحد العارفين (لا يهم مدى صحتها إنما ركز على معناها) أن الله سيُخيّر من في النار بين العدم والنار. فلما يرون العدم يختارون النار مباشرة.

العدم لو تدرسه فلسفيًا ومنطقيًا سترى أنه سبب الخواء والجفاء وجميع الشرور الموجودة حاليًا، وأقرب تصور بشري له هو أنه أسوأ من الثقب الأسود، العدم الحقيقي يستحيل تخيله ذلك أنه حتى لو تخيلته أسود حالك السواد فذلك خطأ لأن اللون الأسود لون موجود وهو جميل، العدم ليس أبيضًا ولا أسود هو فقط عدم لا لون له وهو كون مليء بكلمة “لا” البغيظة. كل شيء فيه أمامه لا… لا أمل، لا نجاة، لا رحمة، لا خلود، إلخ.

ولأن العدم المحض هو الشرّ المحض ولأن الله خيّركامل الخيرية لن يعيد فيه حتى من خالفوا منهجه، بل كل من خلقه خالد وهي نعمة ما فوقها نعمة.

  • العدم لذيذ مُبهج

وهذه من مبتدعات سيوران وصحبه، فكما قلنا العدم مصدر الشرور كلها، ولو فرضنا أن فيه إدراكًا ووعيًا بصورة ما لكان كلما وضعنا فيه شيئًا صرخ بأعلى صوته “أوجدوني. الرحمة! أوجدوني” أبد الآبدين، ولن يقول كما يتخيل العدميون “إننا لنشعر بالسعادة البالغة”. لأن السعادة بينها وبين العدم ما لا نهاية له من السنوات الضوئية.

من هنا، يقول العارفون أن العالَم كان عدمًا وقال إما بلسان الحال (أي الحالة نفسها تعبّر) أو بلسان المقال (أي قول حقيقي وهذا يسير على الله إذ بإمكانه إنطاق أي شيء بما فيه العدم): أوجدني يا الله.

ووفق الرواية الدينية: الله قبل إيجاده العالم، أي مجموع البشرية أخبر مجموع البشر أنه ربهم، ولأنه يعلم أنهم سينسون بعد خروجهم من العدم أرسل الرسل للتذكير وهي ما يسميه إخواننا الشيعة من الفلاسفة بنظرية اللطف. فالله لطيف.

لنركّز الآن كي نلخص الأمور:

وفق اللادين وبما أنه ما من رب ولا نؤمن إلا بما أثبته العلم. الوالدان هما السبب في ورطة الوجود. لكن حتى مع تسليمنا بذلك لا حلّ إلا اتباع المناهج الدينية أو العقلية، والسبب: راجع الجدول أعلاه.

وفق الدين. الله عز وجل يخلق بالآباء ودونهم، وكما يقول النبي عليه السلام:

لوْ أنَّ الماءَ الذي يكونُ منهُ الولدُ أهرقتَهُ على صخرةٍ؛ لأَخرَجَ اللهُ تعالى منها و لدًا، و لَيَخْلُقَنَّ اللهُ نفسًا هوَ خالقُها

أخرجه السيوطي وصححه.

وقال عليه السلام أيضًا لما سُئل عن العزل: لا عليكم أن لا تفعلوا؛ إن يكن مما أخذ الله عليه الميثاق، فكانت على هذه الصخرة أخرجها الله. وفي لفظ “لنفخ فيها الروح”. (سنن سعيد بن منصور وأمالي ابن بشران، وإسناده جيد). ولهذا ذكرنا أعلاه الميثاق بين الخلق وهم في العدم وبين واجب الوجود: الله عزّ وجلّ.

وفي حديث آخر شبيه يقول عليه السلام لأحد سأله عن العزل ما قُدرَ من الرَّحمنِ سيكونُ (صحيح)، وانتبه لكلمة الرحمن فهي مهمة كوصفٍ، لأن الرحمن على العرش استوى وما سيكون يمضي وفق هذا. أي وفق الرحمة.

ولهذا قد تتطور الأوضاع ويصبح في قدرتنا إنجاب أطفال عبر آلات خاصة وليسَ (صخرة) مثلًا، ومع ذلك لن يتغير شيء من ناحية علم الأخلاق منطقيًا ومن ناحية المنهج دينيًا، قد تلوم الآلة ومشغلها ذلك الوقت لكن الحقيقة ها هي مباشرةً:

كل من أخذ الله عليه الميثاق هناك سيكون ويُخلق. حتى لو نبت نباتًا كالثمرة من إحدى الأشجار ولم يخرج من رحم امرأة من البشر.

مراجع وكتب للاستزادة:


حقوق الصورة البارزة: Photo by Chayene Rafaela on Unsplash

12 رأي حول “لا نريد أن نشارك في لعبة الحياة والوجود.. هل من حلٍّ؟

  1. أضيف لهذه التحفة الفنية شكرًا وإضافة واعتراضًا واستفسار
    الشكر لهذه الإجابة التي ١- تحترم السائل أيما احترام وكأنها حديث بين صديقين حميمين ٢- تحترم العقل وتعطي إجابة فلسفية مرتبة ومتسلسلة ٣- تحترم الدين وتعلي من شأنه وجماله.. ولم تقل له “هذا الرأي الدين وإذا لم يعجبك فانطح رأسك في الحائط” .. وقد رأيت بعضًا من المتصدرين للدعوه فهذا الأسلوب الوقح والمتعالي جدا..

    الإضافة: وهي أن الوجود أعلى من العدم لأننا بالوجود ندلل على العدم ولا يمكن العكس .. استفدت هذا من كلام الجاحظ مفضلا الكلام على الصمت في قوله “أنك بالكلام تخبر عن الصمت وفضله ، ولا تخبر بالصمت عن فضل الكلام”.

    الاعتراض: على أن العدم أسوأ من العذاب.. لأن الكافر يتمنى أن يكون ترابا بدلا من العذاب “ويقول الكافر ياليتني كنت ترابا” ولقول من في جهنم “ونادوا يا مالك ليقض علينا ربّك”.

    الاستفسار: ما وجه وضع كتاب “فهرس الفهارس للكتاني”؟

    Liked by 1 person

    1. بخصوص الاستفسار سبب وجوده هو حديث الراحمون يرحمهم الرحمن لأني نقلت تفسيره للحديث كما أذكره وهو موجود بذلك الكتاب.
      شكرًا لكلماتك الطيبة.
      قصة العدم أسوأ من العذاب شائكة وسنتحدث عنها في وقت لاحق إن شاء الله

      Liked by 1 person

  2. شكرا لك عزيزي يونس على هذا المقال القيم،

    ولكنني بصراحة لست مقتنع بنقطة جوهرية في مقالك وهو ما يتعلق بفلسفة حرية الإرادة.

    ففي الحقيقة، نحن لا نمتلك حرية تطبيق ارادتنا في جميع الأحوال، فعلى سبيل المثال

    المرء الذي يألم شخص جسديا لديه حرية الاختيار في ذلك.

    ولكن لا توجد حرية الاختيار بعدم الشعور بالألم لمن يتعرض له.

    فهنا حرية الاختيار بين أمرين متاحة لشخص، وغير متاح للآخر.

    اذا كانت الحرية حق، فلن يكون أحد حر. لأن بها نفت حرية الشخص حرية الآخر في دور لا نهائي، والدور محال.

    ____________

    أما عن سبب وجود العذاب في العالم، فأنا أعتقد أن العذاب هو من الخالق وهو من صفات الرحمة والعناية.

    يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَٰنِ

    فلسفة الاستحقاق في نظري تبرر وجود الآلام في العالم. وغايتها الرحمة لأنه به يرى المرء اثر ما اعتقد أو قال أو فعل.

    الجنة والنار
    السعادة والشقاء
    كلاهما محض خير، والخالق لا يخلق شر ابدا.

    Liked by 1 person

    1. سرني تعليقك طبعًا الآية التي استشهدت بها جميلة وتتفق مع منظورك أن العذاب من مقتضيات الرحمة. لكن شخصيًا لا أرى ذلك أنا أرى أي نوع من الشر هو عدم خير فعلي سبيل المثال وجود الألم هو انعدام الراحة. ووفق هذا أفسر الآية التي ذكرتها وفق ما يلي:
      1. يا أبت أنت مخالف لما أمر به الله.
      2. اسم الله يحمل معنى الألوهية التي تتطلب عابدًا يطيع
      3. من حيث هذا الاسم من لم يطع يعاقب.
      4. لكن الاسم المهيمن على الأكوان هو الرحمن
      5. بالتالي من أطاع قطعًا سيثاب أما من عصى فهو في المشيئة
      6. المشيئة نفسها تمضي وفق الرحمة.
      7. ألا يعذب العاصي هو الغالب.
      أما ما تراه أن العذاب ذاته رحمة فهو يخالف العقل إذ شخصيًا لا أرى أي رحمة في إصابة إصبع لي بالدحاس عافاك الله حتى تشوه.
      لهذا أراه أنه عدم عافية أوقعها الله طبعًا لحكمة. والحكمة لا تساير الرحمة دومًا. وأن كانت الأخيرة تشملها.

      إعجاب

      1. سلامتك عزيزي، اتمنى لك الشفاء العاجل.

        سوف أرد عليك إنشاءالله في بضع ايام، ولكن المضحك اني شاهدت منذ ايام فيديو لصلاح الدين التيجاني يتكلم فيه عن الانتحار، وفيه قال ما قلته انت ايضا… هل شاهدته أيضا 🙂

        Liked by 1 person

    2. بخصوص قولك هذا
      “المرء الذي يؤلم شخص آخر جسديا ..” في الحقيقة الإنسان دوما وأبدا له خيار وهو المتمثل في حالات الاضطرار القصوى الانسحاب من الحياة كما يقول الرواقيون أو الانتحار كما نعرفه راجع قصة
      “وهاجَرَ معهُ رَجُلٌ مِن قَوْمِهِ، فاجْتَوَوُا المَدِينَةَ، فَمَرِضَ، فَجَزِعَ، فأخَذَ مَشاقِصَ له، فَقَطَعَ بها بَراجِمَهُ، فَشَخَبَتْ يَداهُ حتَّى ماتَ، فَرَآهُ الطُّفَيْلُ بنُ عَمْرٍو في مَنامِهِ، فَرَآهُ وهَيْئَتُهُ حَسَنَةٌ، ورَآهُ مُغَطِّيًا يَدَيْهِ، فقالَ له: ما صَنَعَ بكَ رَبُّكَ؟ فقالَ: غَفَرَ لي بهِجْرَتي إلى نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ” صحيحة.
      أنا لا أدعو للانتحار والانسحاب ولا أدعو لفعله أنا أنبهك فقط لحقيقة أنه دومًا موجود ومتاح لأي إنسان عاقل ومجرد وجوده -حتى مع الترهيب الشديد من استخدامه- من أعظم النعم. لذلك بنظري حتى في ظل الألم العظيم الموقع بالإنسان من قبل غيره إلا أنه يظل مخيرًا.
      لو مثلا أمسك معذب مجنون شخصا وقطعه تقطيعا بآلام لا تطاق وتفنن في تعذيبه وتركه لليوم التالي…بنظري ولأنه مضطر جدا يُسمح له بالانسحاب من الحياة وليعذب ذلك المجنون الجثة كما يريد. تماما مثلما قالت الصحابية الجليلة لابنها إنه لا يضر الشاة سلخها بعد ذبحها.

      إعجاب

      1. ردا على تعلقك، سأبدأ بنقل أحد مقالات كلام فلسفة، نقلا عن حوار دار في فيلم God on trial.

        “ازاى يكون كامل القدرة والعدل؟ .. اما انه كامل القدرة ووقتها هينهى المأساة دى او انه قادر وغير عادل، او انه عادل لكن غير قادر .. هيرد الحاخام ” الاجابة على السؤال ده بسيطة، حرية الارادة! نعم فى شر فى العالم، لكن ده لان الله اعطى الانسان حرية ارادة اختار بيها الشر! احنا مش مجرد دمى، عندنا حرية ارادة، دائما ما هناك اختيار” .. هيقوم بسرعة واحد من المعتقلين ويقول “كدب، مافيش حرية ارادة، ليبول قوم احكى قصتك” .. القاضى هيستدعى ليبول، هيقول “النازين وصلوا قريتنا، دمروا المعبد، حرقوا التوراة، وحبسونا داخل حطام المعبد، اعتقدنا انهم هيحرقونا، لكنهم جمعوا الاطفال واخدوهم، كان عندى 3 ابناء، حطوهم فى شاحنة، جريت وراهم واتوسلت وانا بصرخ، اعطونى اولادى، الظابط سمعنى وقف الشاحنة وقالى فين ولادك، كنت فاكر انه هيرجعهملى، شاورت عليهم، قالى شكلك راجل طيب، انا هكون طيب معاك، اختار واحد من اولادك تاخدة! الاولاد سمعوة، شدوا ايدى وهما بيبكوا كل واحد فيهم بيقول اختارنى انا، الحاخام بيقول حرية ارادة، اى حرية او ارادة كانت لدى؟!” القاضى هيقول “واختارت مين” .. هيكمل “قلى مين اختار، الكبير ولا الصغير، الضعيف ولا المريض؟ .. بتقول دائما فى اختيار .. اى اختيار كان عندى؟ .. الضابط كان عندة اختيار” .. هتقول “المحكمة بتسأل ان كان عندك حرية ارادة” .. هيقاطعك “اى حرية ارادة، مش عاوز حرية ارادة، انا عاوز اولادى” .. هتقول “كلنا بنسرق الاكل هنا ونخبية، علشان نقدر نعيش، مع ان التوراة بتقول ما تسرقش” هيرد ابوك “ايوة علشان مضطرين مافيش اختيار” هتقول “بالظبط مافيش اختيار، احنا ما اختارناش نكون هنا، هما اللى بيقرورا مين يعيش، مين يموت، يعذبونا، يحولونا لمجرمين بنسرق الاكل علشان نعيش يوم اخر، لو فى حرية ارادة فى العالم فالله باع ناصيبنا منها للنازيين!” ..  هيسأل القاضى “هل يوجد احد عاوز يقول دفاع عن الله؟!” .. هيخيم الصمت على الزنزانة والحزن بيعترى الوجوة!

        اذا فهمت كلامك بشكل صحيح فهذا هو التسلسل:

        الله حرم الظلم على نفسه
        تقييد الحرية ظلم
        بالتالي الله أعطى كامل الحرية للبشر
        البشر منهم من اختار الشر
        ولهذا الشر موجود

        حسنا فلنأتي بالمثال الذى طرحته فمن يتعذب من شخص سادي لديه حرية الانسحاب من الحياة، ولكن قد لا يكون له الحرية على الهروب من السادي.

        حتى الانتحار قد لا يكون ممكن، ففي فيلم Million dollar baby.. حاولت الفتاه الانتحار بقطع لسانها باسنانها حتى تنزف وتموت، ولكن عندما فعلت هذا، قام الأطباء بتخديرها حتى لا تكون قادرة على فعل هذا مرة أخرى.

        وما قولك في اختيار أحد الأبناء ؟

        حرية شخص في فعل ما تحدد حرية الآخر، وبالتالي من الصعب بحكم أن حرية الاختيار حق.

        لانه من المستحيل أن تتواجد ارادتان ضد بعض معا في نفس الوقت.

        بالتالي السؤال هو لماذا يسمح الله بإرادة الشر أن تنتصر على إرادة الخير على الأقل ( زمنيا ) ؟

        ———-

        شكرا لك على مشاركتك لي الشيخ الذي تتابعه، سأستمع إلى ما يقول.

        انا بايعت شيخ من الطريقة النقشبندية، ولكنني مبتدأ في الطريقة ولا اعلم الكثير بعد، لازال يتبقى في بعض العدمية بسبب ما مررت به من تجارب، ولكنني احاول القضاء عليها سريعا 🙂

        ولكن بعيدا عن الامثلة التى حاليا ليست في حياتي،

        شخصيا فلسفة الاستحقاق حسنت من حياتي على شكل شخصي. كان دائما يكرر شيخي عبارات مثل

        لا يغير الله ما في قوم حتى يغيروا ما في أنفسهم.
        إن احسنتم احسنتم لانفسكم، وإن اسأتم فلها.

        جعلت مني مسؤولا بعض الشئ عن اعتقادي وأفعالي، لكن قد يكون هناك أسباب أخرى للآلام في الوجود.

        ولكن روحي تستنفر كثيرا فكرة أن الشر الواقع علي سببه أن شخص اختار الشر، اراها عبثية كثيرا.
        لأنه ( وذنبي أنا ايه انه اختار الشر ) ؟

        وفي آلام الطفولة ( التى لا أرى لا ذنب فيها )
        أنا اتبع فلسفة ال surrender, وانا اعتقد أنها ممكنه ولكنها صعبة حقا ولكنها الحل الوحيد لهذه المعضلة.

        يقولون أن الآلام تطهر الشخص ( وتقلل من الأيجو ) .. ولكنها فلسفة صعبة الهضم بالتأكيد.

        ومن يبتغي غير الإسلام دينا، فلن يقبل منه…

        أن تسلم نفسك للألم شئ صعب فعلا، اتمنى انت تكتب في هذا الموضوع.

        دمت بخير.

        Liked by 1 person

        1. تلقيت تعليقك وشكرًا لك لكن كما تعلم ونظرًا للانشغالات سيأخذ الرد وقتًا قد يطول لإعداده حتى ذلك الحين يسعدني رؤيتك هنا وتهانينا على اختيارك طريق التصوف

          إعجاب

شاركني أفكارك!