لو كان النيهوم حيًا… لربما ذهب لكوريا الجنوبية وزيّف جنازته وردّ على منتقديه!

حيّاكم الله، وعساكم بخير وعافية

في عدد  18 نوفمبر 2019 من النشرة البريدية لموقع heynishi المتخصص في صناعة المحتوى، والذي يديره ميغيل فيريرا (رائد أعمال وخبير تسويق إستراتيجي برتغالي)، وجدت هذه التدوينة القصيرة حيث رأيت أنها تستحق الترجمة:

في كوريا الجنوبية، هناك شركة جنائز تتيح لك تزييف جنازتكَ أو جنازتكِ (بعد طول عمر). الخبر السعيد أنها تقدّم خدماتها مجانًا. وحسنًا قبل أن تتسرع وتكتب “خدمة الجنائز الوهمية أو المزيفة في كوريا الجنوبية” للتأكد من الخبر بنفسك، طالع بقية المقال أولًا.

يقدم مركز هايو وون هيلنغ (Hyowon Healing Center) الواقع مقرّه في سيؤل خدمات الجنائز الوهمية منذ العام 2012م. يذكر أن 25,000 كوريٍّ وكورية جرّبوا هذه الخدمة بالفعل.

لكن ما الغرض من هذا؟ تعطيك هذه التجربة الإحساس بالبداية الجديدة في حياتك (فرصة أخرى مستقبلًا، وفسحة لتأمل ما مضى). ذلك أنه “ما إن تعي بحقيقة الموت، وتختبره -وإن جزئيًا بإقامة جنازة وهمية-؛ ستعمد ولا ريب إلى انتهاج طريقة جديدة للحياة”.

من هذه الناحية تعدّ هذه الخدمة بديلًا عن الانتحار. قد تبدو لك هذه الفكرة غريبة، لكنها في حقيقة الأمر طريقة مبتكرة لمحاربة مشكلة خطيرة تهدد الصحة العامّة لا سيما العقلية والنفسية. ولكي نفهم حدة هذه المشلكة يكفي أن نعرف أن معدل الانتحار في كوريا الجنوبية مرتفع حقًا، وفق منظمة الصحة العالمية. كما أن هذا المعدّل يحتل الرتبة العاشرة عالميًا.

في هذا السياق، مثّل تقرير مجموعة هافاس (Havas Group) المعنون “العلامات التجاريّة ذاتُ المُثُل” (Meaningful Brands) صدمةً للعاملين في قطاع التسويق. حيث أزاح التقرير الستار على أن المستهلكين لن يلقوا بالًا إطلاقًا حتى لو اختفى من الوجود غدًا 74% من العلامات التجارية التي يستخدمون منتجاتها. وقد ازداد الأمر سوءًا في تقرير العام 2019م.

حيث خلصت الدراسة إلى أن المستهلكين لا يبالون إن اختفى بين ليلة وضحاها 77% من العلامات التجارية التي يستخدمون منتجاتها.

السبب؟ يكمن السبب في حقيقة أن معظم العلامات التجارية (والشركات التي تديرها) كيانات بغيظة. والشركات كيانات بغيظة لأن المسوّقين والمُعلنين يعشقون الحيل الدعائية لجلب الأنظار مثل “أهداف الشركة العُليا ومُثُلها”.

لهذا -مثلًا- يطلق المسوّقون والمعلنون الإعلانات عن كيف ستساعدك منتجات تنظيف الزجاج على رؤية جمال أطفالك وهم يتربون في عزك ويكبرون تحت كنفك!

أو تلك الإعلانات التي تعرض كيف ستساعد شفرات الحلاقة الرجالَ على أن يصبحوا أكثرَ لطفًا وأن يقللوا من ذكوريتهم الحادّة.

لا ننسى أيضًا إعلانات السيارات التي تدعيّ بأن السيارة الجيدة بمقدورها حقًا خلق علاقة حبّ وطيدة تدوم ثلاثين عامًا. (تعليقي: صدق المغني مارون إذ يقول One more fucking love song, I’ll be sick, oh)

صحيح أنه لا مشكلة إطلاقًا في أن تحمل الشركات “رؤىً” ومُثلًا عليا لها. لكن من السخافة والصفاقة (الصفاقة من عندي أنا المترجم) أن تُملي هذه الشركات على المستهلكين ما تعتقدُ تلك الشركات أنها تُمثّله. ذاك أنه مثلما قال ديف تروت “المنتجات تبني العلامات التجارية لكن العلامات التجارية لا تبني المنتجات”.

من هنا لربما من المستحسن أن نفكّر نحن المسوّقون والمعلنون في السفر لكوريا الجنوبية، وتجربة الجنائز المزيفة لنا. إذ بهذه الطريقة نصبح أكثر وعيًا بحقيقة الموت لعلنا نشرع في اتخاذ سُبل أخرى لتسويق العلامات التجارية وبنائها.

ارعَ واحدة من هذه اليوميات بشراء نسخة أو أكثر من روايتي إيفيانا بسكال
لو كنتَ جزائري أو جزائرية -ولا تملك طرقَ دفعٍ إلكترونية- راسلني على
me@youdo.blog

روابط

مبادرة جميلة (كما تبدو لأول وهلة؟): بالفيديو: مؤثرون مغاربة يطلقون مبادرة لإغناء المحتوى الرقمي بالعلوم (طالع أيضًا تعليق أحد المستخدمين عنها في حسوب)

مهم للاطلاع (لا سيما إن كانت صلتك بالثقافة الليبية ضعيفة فهذه فرصة لتقويتها): الصادق النيهوم… قصة مثقف ليبي جامع

من المقال: مثير للاهتمام:

القضايا التي أثارها النيهوم مازالت تثير الجدل بين مؤيديه ومنتقديه وحاسديه أيضا خاصة من بني وطنه الذين يجتهدون بشتى الطرق للتقليل من قيمته ونسب نجاحاته إلى ظروف أخرى غير إبداعه الفكري ومثابرته وجهده، كدعم العقيد القذافي له ماديا وتمويل مشاريعه القافية كالموسوعات التي أصدرها أو البرنامج التلفزيوني الذي كتبه عن الحرب العالمية وبثه التلفزيون بصوت الفنان عبدالفتاح الوسيع أو مجلة الناقد التي ترأس تحريرها لتتصدر كل المجلات والصفحات الثقافية في العالم العربي حيث يبدأ ربيعها الإبداعي بالصادق النيهوم وأنسي الحاج لتحقق نجاحات في كل الوطن العربي … ومن بين التهم التي تواترت كثيرا عن الرجل نذكر اتهامه بكتابة الكتاب الأخضر، ونفي حصوله على درجة الدكتوراه، فقط لأن أحد الكتاب في طرابلس لم ير الشهادة بعينيه ليتأكد من حرف الدال الذي صار في الندوات الأخيرة يباع ويشترى بل تحول من محل فخر إلى محل إساءة حيث تمتع به حاليا كل من هب ودب دون بذل أي جهد علمي فعلي ليناله، لكن عموما كل كتاب من كتب النيهوم يمكننا أن نعتبره شهادة دكتوراه، واعتقد أن انتقاد النيهوم من خلال مناقشة ما قدمه من أفكار أفضل من انتقاد الظروف التي عاش فيها أو الشهادات التي تحصل عليها، لكن دائما القشور تبحث عن القشور وتبتعد عن اللب الذي سيحرقها.

من المقال: (رواه الكونيّ وحديث الكونيّ لديّ ضعيف لذا وجب التأمّل):

لو كان النيهوم حيا لتمكن من حل المشكلة، ولقفز إلى السلطة التي يسعى إليها كما ذكر الروائي إبراهيم الكوني في سيرته الذاتية “عدوس السُرى”، بطريقة ديمقراطية سهلة أريحية. يقول الكوني في سيرته: “قال لي يومها إن غايته دوما كانت السلطة، كل ما هنالك أن العسكر ذهبوا إليها من أقصر طريق، وخسرها هو لأنه سعى إليها من أبعد طريق!”.

حقوق الصورة البارزة: Photo by Kerri Shaver on Unsplash

4 رأي حول “لو كان النيهوم حيًا… لربما ذهب لكوريا الجنوبية وزيّف جنازته وردّ على منتقديه!

  1. لكل مجتمع حياته الخاصة ورغم إنب اتفق معك في أن بعض الإعلانات تبلغ درجة من الغلاظة والقبح لدرجة من الممكن أن تنقلب الإعلان إلى مفعول عكسي على الشركة ، ورغم إني لم أفهم معنى النيهوم إلا إنني أؤيد أن يكون هناك اختصاصيين لكتابة نص الإعلان، وليكن عملاً جديداً لك ولأمثالك ولصانعي المحتوى وليكن اسمه صناع المحتوى الإعلاني …تحياتي الصباحية لك

    Liked by 1 person

شاركني أفكارك!