كيف تتعامل مع الكسل في الكتابة ومتلازمة الصفحة الفارغة؟

هو الحقيقة الكسل في الكتابة شيء ومتلازمة الصفحة الفارغة (التي تسمى أحيانًا حبسة الكاتب شيء آخر). لذلك سنحاول الإجابة هنا على المقطعين:

الكسل في الكتابة:

للتغلب على الكسل في الكتابة النصية. لا بد أن تعرف أنماط سلوكياتك. مثلًا.. ما الذي حفزك آخر مرة كتبت فيها شيئًا ذا أهمية… قد تجدها رحلة بالدراجة (هاي فرزت) أو التحدث مع صديق معين أو التنزه في منطقة ما أو عمل كوب شاي بالنعناع أو قراءة كتاب تحبه أو مشاهدة وثائقي أو الدردشة مع شخص ذكي ومثقف لم تتحدث له منذ الحقبة الطباشيرية إلخ… المهم أن تعرف ما الذي حفزك ومن ثم تعيد ذلك الجو لعل وعسى.

  • عليك أن تعي أنه ليس ضروريًا أن تكتب كل يوم حتى لو كانت صناعة المحتوى مهنتك. بل ولا سيما إن كانت مهنتك. بل يجب عليك أن ترتاح
  • فكّر في نوع المحتوى الأسهل لديك، مثلاً لنقل أنك لا مشكلة لديك في الحديث العادي. سجّل المحتوى ثم وظف أحدهم أو إحداهن للتفريغ (وليحيا اقتصادُ العمل الحرّ)
  • تخلّص من عقدة “الكمالية” ليس نسبةً لكمال أتاتورك وإنما للسعي المحموم وراء أن تكون كل قطعة من المحتوى تصنعها ‘تحفة في مجالها’ هذا غير ممكن (حقيقة مُرّة) وكل ما عليك أن تفعله هو أن تحاول.. لذا ليس غريبًا أن ترى معظم مقالات الأقدمين تدعى essays ذلك أنها تعبّر عن حقيقتها الفعلية: مجرد محاولات… يا لتواضع أجدادنا!

المختصر المفيد هنا هو أن تغيّر أحد هذه العوامل أو أكثر:

  1. المكان (وتختار مكانًا وجدت نفسك أن لك إنتاجية عالية فيه من ناحية الكتابة)
  2. الزمان (نفس الشيء)
  3. الأشخاص (الرفقة)
  4. الحالة (اللباس، وضعية الجلوس، صوم أو إفطار -هناك مثلًا من تزيد إنتاجيتهم لدى الصوم وهناك العكس-)
  5. الأفكار (تخلص من فكرة الكمالية، ضرورة أن تكتب يوميًا أصلًا، ضرورة أن تصل لرقم معين لحجم المقالة إلخ).
  6. لا تتردد من الاقتباس وليكن فنيًا، طالع اسرق مثل فنان (مترجم للعربية).

القضاء المبرم والتدمير المحترم لمتلازمة الصفحة البيضاء

أجدادنا كانوا يسمون هذا المشكل في الكلام البشريّ “العيّ” أو “الحصر”، أما في الكتابة فيسمى أحيانًا متلازمة الصفحة البيضاء أو حبسة الكاتب أو قفلة الكاتب، ومن الحلول التي جرّبتها:

حلول ناجعة -بإذن الله- لمكافحة الكسل في الكتابة، ودواء فعّأل لمتلازمة الصفحة الفارغة
  1. اترك شيئًا ما يتخمّر (كي لا نقول يتعفن): ومعنى ذلك أن ما استهلكته أنت من محتوى أعطه فرصة ليتخمّر في ذهنك لفترة. وكي تترك محتوى ما يتخمّر عليك أن تتوقف وإن جزئيًا عن استهلاك محتوىً جديد وهنا ينفع إجراء عزلة “جزئية”، إغلاق مؤقت لأكبر منفذ تقني تستخدمه (مثلًا فيسبوك أو سناب شات) إلخ. تابع طريقة المستر راسل في البند 3.
  2. مارس شيئًا تكرهه (غسيل الصحون -حيّاك الله أغاثا كريستي-، تمرين رياضيّ، زيارة لقريب تبغضه، انتظار في طابور -فعالة جداً-، إلخ) طبعًا لن تعدم الأمور التي تكرهها. ويجب أن تكون مدتها الزمنية تفوق النصف ساعة كي تكون مجدية وكلما كانت أكثر كان ذلك جيدًا لأنه في خضم انتظار طابور في عيادة طبيب أسنان سينبثق في ذهنك مقال ساخر أو ناريّ أو قصيدة شعر أو شيء ما يكتب.. وطبعًا.. لا تفسد الأمر باستخدام جهاز إلكتروني تحدّق فيه. لأن هذا خارج قواعد اللعبة.

3. ما أسميه طريقة راسل وهي كما يلي وفق راسل نفسه: (طالع المقال كاملًا فهو أروع ما يكون هنا)

وبمرور الوقت، تعلمت بعض الطرائق للكتابة بأقل قدرٍ من القلق والتوتّر، خلاف ما كان عليه الأمر عندما كنتُ شابًا…وبدا لي بعيد إنعامي النظر في كتاب كان يعالج قضية معينة وأوليت طرحه اهتمامًا جادًا؛ أني كنت بحاجة إلى فترة من الزمن لاستيعابه ووعيه جيدًا…وذلك أني كنت أستلهم المسألة وأعالجها في ذهني خلال فترة من التركيز الشديد وعلى حين غرة تبرز لي أبعاد تلك المسألة متضحة وضوحًا شديدًا، بحيث لا يتبقى علي فقط إلا أن أكتب ما كان قد ظهر لي كما لو كان وحيًا…

وكان ما حدث لي في بدايات عام 1914م أحد أكثر الأمثلة إثارة حول هذه الطريقة، مما دفعني لاعتمادها فيما بعد، فقد تعهدت بأن ألقي محاضرة في مركز “لويل” للمحاضرات في بوسطن..

ومع بقاء الصعوبات التي واجهتها بلا حل، ولضيق الوقت المتبقي، اتخذت ناسخة (تعليقي: المسكين لم يكن يملك هاتفًا نقالًا، لا هو ولا كافكا.. لحظة أم نحن المساكين؟) كي أملي عليها أجود ما استطعت تدوينه. في صباح اليوم التالي، عنّت لي الأفكار التي كنت أرتقبها فجأة! ثم شرعت في إملاء نص المحاضرة كاملًا دون لحظة تردد (ترجمة: حمد الدريهم-أغدق الله عليه الكثير من الدراهم!).

تعليقي: وعاش الجميع سعداء؟ والمحاضرة كانت فُل؟

لا.. لندع المستر راسل يكمل حديثه:

لا أقصد نقل انطباعٍ مبالغ فيه حول ما حدث لي. كان نص المحاضرة شديد القصور، وأظن أنه يحتوى أخطاء قاتلة، لكنها كانت الطريقة الأجود التي استطعتُ تنفيذها في ذلك الحين.

وهذا بالضبط متفق مع ما ذكرناه أعلاه عن تجنب الكسل: تخلص من عقدة الكمالية.

طاب يومك!

الصورة البارزة: جزيل الشكر: Photo by Daniel McCullough on Unsplash

رأيان حول “كيف تتعامل مع الكسل في الكتابة ومتلازمة الصفحة الفارغة؟

شاركني أفكارك!