سلفية وأشاعرة وإماميّة وبعض الروابط…

اقتباس اليوم:

“إذا أحببت النجاح فلا تلقِ بأذنك لما يقال فيك من خير وشر، وارمِ ببصرك إلى الهدف الذي يعنيك، وإذا وضع في طريقك حجر فتنحَّ عنه، وعُدْ إلى سلوك محجتك”.

طاهر الجزائري، المجلة السلفية العدد الرابع -السنة الأولى – صفر 1441 هـ ص 17.

في نفس العدد، هناك مقال (قد يفيدك): من السياسة الآن ترك السياسة؛ ومقال مثير للاهتمام ويردّ على الأشاعرة بقوة عنوانه: هل أكثر علماء الأمة أشاعرة؟

بطبيعة الحال المجلة سلفية التوجه حتى النخاع، بمقاييسها أنا ضالّ ولا شك وكثير من الناس كذلك، من المؤسف أن أرى الفكر السلفي لا يتطور ولا يقدم الجديد فما زال يدندن في خطابه وفق ما بدأ عليه (أليس هذا الهدفُ يقول أحدهم مؤيد للمذهب: أن نتمسك بما كان عليه السلف؟) نعم روحًا، لكن من ناحية الماديات والشكل: ليس بالضرورة بل أصبح ذلك في بعض الوجوه لا يمكن أصلاً، وما لم نتبع طائفة الأميش لا أعتقد أن منهج السلف (كما يعتقدونه) يمكن أن يطبق.. لا أود أن أضرب أمثلة عملية من الدولة التي لطالما دافعت بنفسها عن هذا المذهب.. مشكلتهم أنهم ظنوا أنفسهم أنهم هم “الإسلام الحقّ”..لكن بكل أمانة إن كنت كارهًا للأشاعرة ولست إماميًا فغالبًا لن تخرج من شبهة التشبيه، ناهيك أنه دون فكر كلامي أشعريّ أو إمامي يستحيل علينا مواجهة حجج ما بعد الحداثة التي تتطلب فهمًا عميقًا للغاية للفلسفة الحديثة، فكلما طالعتُ حجج السلفية في الرد على حجج الملاحدة انتابني الضحك من أناسٍ لطالموا حرموا المنطق والفلسفة فأتتهم في عقر دارهم تُدرّس قسرًا. لو كنتَ لا تعتبر المنطق علمًا يا عزيزي، لا يمكنك أن تردّ على من يعتبره “الآلة العاصمة للفكر من الخطأ”، والأدهى أنه كما قيل في الأمثال: لا يمكنك نقض الفلسفة دون أن تتفلسف.. وها هو شيخهم الأكبر ابن تيمية يكتب مئات الصفحات في الفلسفة ردًا عليها!

على ذكر ابن تيمية: قرأت هذه الأيام أيضًا كتاب: الأئمة الإثنا عشر في كتاب منهاج الكرامة للعلّامة الحلّي و نقد كلام إبن تيمية حولهم – السيد علي الحسيني الميلاني، وهو كتاب طبعًا شيعي للنخاع أيضًا ولا ضير في ذلك.. محلّ الشاهد هنا، أن ابن تيمية مثلًا يقول بعد أن يورد الحليّ معلومة عن أحد الأئمة ما معناه: لم يرد هذا في أي كتاب حديث ولا رواه أحد… فيأتي السيد علي الحسيني الميلاني ويأتي له بمن رواه من الشيعة والعامة (السنة) على حدّ سواء.. وتتوالى سقطات ابن تيمية في الكتاب الذي يعتبره السلفية ضربةً قاصمة حاسمة للشيعة (وهو للعين الأمينة لا قاصمة ولا حاجة) مما يجعلني الآن أفكّر مرتين قبل أن أصدّق دون تمحيص ما يكتبه ابن تيمية… أبسط مثال ليس كل ما حكاه عن الإجماع صحيح.. يعني كلامه (وأجمع أهل العلم أو وأجمع المسلمون)… ليس دائمًا صحيحًا ويمكن تأليف مذكرة علمية كاملة بهذا الصدد. أي عن ما حكاه ابن تيمية عن الإجماع وليس بذلك.

الفقرة السابقة ليست دفاعًا عن الكتاب الشيعي دون تثبت فطبعًا الجانب الشيعي من الكتاب فيه بعض النقاط التي تحتاج التأمل.. لكن ما يهمني هنا أن ابن تيمية يقول ما معناه لا يوجد أي خبر حديثي عن هذا في أي كتاب ولا رواه أحد، ليأتي لك علي الميلاني بمن رواه وهذه خصلة مزعجة جدًا في ابن تيمية (نبرة التأكيد والتعالي المطلق التي يتحدث بها ويدعيها)..

تمتلأ المجلة -وأعتقد أن يومية اليوم ستكون شبه مراجعة لهذا العدد- بابن تيمية وابن القيم وابن باز طبعًا.. ولهذا أتينا على ذكر ابن تيمية هنا… وهناك أيضًا الألباني الذي ويا للعجب العجاب يقول ضمن المجلة -طبعا هو اقتباس منه لأن الرجل انتقل لما نتمنى أن يكون رحمة الله-:

واقع كثير من شباب الصحوة المزعومة -اليوم- الذين يرد بعضهم على بعض، ويطعن بعضهم في بعض، للضغينة لا النصيحة، ووصل تعديهم وشرهم إلى بعض العلماء وأفضالهم، ونبزوهم بشتى الألقاب، غير متأدبين بأدب الإسلام “ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا ويعرف لعالمنا حقه” ومغرورين بنتف من العلم جمعوه من هنا وهناك

الألباني، نفس المجلة، ص 12

مشكلة هذا الشخص، وهو من الأسباب التي تجعلني لا أؤمن بمذهب السلفية أساسًا، أنه من كثرة وقاحته وسفاهته على علماء الأمة، جمع له بعضهم قاموسًا للشتائم استلم: قاموس شتائم الألباني.

ولأن التناقض مما يستفيده المرء من المنطق ودراسته، لا يرى -للأسف- السلفيون مدى تناقضهم.

يأتي شعار المجلة كما يلي: منبر أهل السنة والجماعة في زمن الغربة، الغربة تذكرني بزمن الغيبة لدى الشيعة الذين أقرأ لهم هذه الأيام بالذات الكشكول للشيخ يوسف البحراني (المجلد الأول)، وأقرأ هناك كثيرًا من القصص التي أعرف لو طالعها أصحاب المجلة السلفية لقالوا أنها حديث خرافة…

بكل أمانة الكتاب يحوي بالفعل قصصًا لا تصدق وأخبارًا لا أظن أن حتى الإمامية أنفسهم يؤمنون بها..
إن هذه المراجعة ليست دفاعًا عن الإمامية أو غيرها لأني قرأت لأحدهم كتابًا عن أبي هريرة وفيه من المغالطات والتدليس الشيء الكثير، في ذات الوقت الكتب السنية عن الإمامية تزخر كذلك بالمغالطات…والحكم بين الفريقين يبدو أنه مهمة ليست مقدرة لأمثالي.

وبينما تقول المجلة في مقال “من السياسة الآن ترك السياسة”:

ماذا سيقول من ينكر مقولتنا هذه وهو يرى أولئك الحركيين الذين تلطخوا بالانتخابات، ودارت بهم عجلة البرلمانات، كيف كان حالهم؟ وكيف صار مآلهم؟ وكيف خيبوا آمال قواعدهم الشعبية؟ ورفعوا الراية البيضاء أمام الدولار واليورو والباوند.

من السياسة الآن ترك السياسة.

يضعون آخر المجلة نداءً يقول:

نهيب بإخواننا الأفاضل ممن وسع الله عليهم بالمال الحلال: أن يمدوا يد العون والمساعدة للمجلة؛ لنتمكن من تحقيق اقتراحات القراء الكرام.

هل من مجيب؟

الباوند واليورو والدولار مهمة جدًا كما يبدو.. يتبقى ما يحيرني هو ما هي معايير السلفية ليكون المال حلالاً هل المداولة بالعملات ضمنها؟ أو التداول على منصات البتكوين حلال؟.. الله أعلم..ما حال الموسيقى؟ ألا زالت حرامًا لديهم؟ ماذا عن موظف لدى شركة أنغامي.. هل ماله كله حرام في حرام؟…ماذا عن صنّاع البودكاست مثلي الذي قد يضطر أحيانًا لوضع خلفية موسيقية لحلقته؟..

من الممتع جدًا قراءة مختلف المذاهب والتعلّم منها ورؤية شتى وجهات النظر (الأمر الذي لا يفعله السلفية فالإمامية مثلاً أكثر إطلاعًا على مذاهبنا من اطلاعنا على مذاهبهم أو مذهبهم إن شئنا الدقة).

كما قلتُ في لو كان كافكا يملك هاتفًا نقالاً: لنقرأ ونطفئ حرائق الجهل.. ثم نحكم.

روابط

أسلافٌ مجرمون: هل أزمة المناخ تنتهك حقوق أولئك الذين لم يولدوا بعد؟ (إنجليزي)

مقال طويل عن العلامات التجارية اللامركزية (عديمة الرأس المُشرف): يحوي أيضًا مفهومًا ممتازًا للعلامة التجارية عمومًا. مفيد للمسوقين وصنّاع المحتوى. (إنجليزي)

حاضنة حرابئ تفقد اسمها، وتطلب مساعدتكم لإيجاد اسم جديد لها.

مقبرة منتجات غوغل (2.0) مفيد لاسيما في ظل انضمام عدد جديد من المنتجات لهذه المقبرة مع خاصية اقتراح بدائل لها.

مثير للاهتمام: مانويل تيكسيرا غوميز.. قصّة حبّ لرئيس برتغالي لاجئ إلى بجاية

ميم اليوم:

بائع المخدرات لا يتعاطى…

9 رأي حول “سلفية وأشاعرة وإماميّة وبعض الروابط…

  1. للإنصاف، فالسلفية ليست مذهبا واحدا، وإنما سلفيات كثيرة. للمهتمين هناك كتاب “ما بعد السلفية – قراءة نقدية في الخطاب السلفي المعاصر” لأحمد سالم وعمرو بسيوني. يعرّف الكثير عن السلفية حاضرها وماضيها مع تناول نقدي ذاتي لها من كاتبين سلقيين.

    ورأيي أنهم بدأوا بالاضمحلال، فالدولة التي تبنت دعوتهم سنينا طويلة بدأت تتخلى عن ذلك، ووجود العديد من الجماعات المتطرفة التي تنتسب للسلفية ولها جذور مشتركة معها وعلى رأسهم (تنظيم الدولة) كانت الشعرة التي قصمت ظهر البعير.

    أما حديثهم عن ترك السياسة فليس لأنهم يريدون نبذ الخلاف، بل لأنهم يرفضون كل ما آلت إليه الدولة الحديثة ويعتبرون الديمقراطية كفرا ولذلك فأنا أقول من الأفضل لنا ولهم تركهم للسياسة!

    ولكن عند الحديث عن العلماء الكبار كابن تيمية وغيره، علينا أن نقوم بعدة أمور، أولا: بنقدهم بهدوء وروية عندما يخطئون، وثانيا: بالاستفادة من علمهم الغزير والمبهر وهو كثير وأن نفخر به، وثالثا: ألا نكون أسرى لخلافاتهم القديمة فنقوم نحن باجترارها بل نسدد ونقارب ونحن حاليا كثيرو الخلاف والوضع السياسي المعاصر يشهد بذلك، ورابعا: إلا نتكلم إلا بعلم، وهذا مهم جدا، فكم من مسألة قد تحتاج سنينا من البحث حتى نقول كلمتنا فيها.

    وأنا أرى، والله أعلم، أن ابن تيمية يشتابه مع ابن حزم، في ذكائه وإنتاجه وهجومه على غيره من العلماء، إلا أن أتباع ابن تيمية الجدد (السلفيون المعاصرون) اتبعوه حرفيا وأساؤوا له كثيرا بتصرفاتهم لكن ابن حزم كان تناول تراثه استشراقي أو علمي أكاديمي أكثر من كونه اتباع له كلية في فكره وطبعه وهذا لم يجعله في موضع التهجم عليه.

    Liked by 1 person

    1. تسلم على هذا الإثراء، أنا لم أرد أن أتحدث في هذا الموضوع لكن صادف وأن وجدت المجلة فاعتبرتها فرصة ..وطبعا كما قلت لست مؤهلاً لأن أحلّ أي خلاف بين الطوائف لكن الواضح أن من أدنى حقوقي إبداء رأيي فيما أقرأ هنا وهناك.

      إعجاب

  2. ملاحظة شخصية : أظنك تتفق معهم جدا في ترك السياسة XD
    لكن لم لا نطبق نفس مبدا ترك السياسة لترك علوم الدين ؟؟
    لم لا يحتمل الاول حرية الراي ولكن الثاني يحتمل ؟
    مجرد رأي شخصي وشكرا

    Liked by 1 person

شاركني أفكارك!